يمتاز الفنان التشكيلي الجزائري الدكتور هواري حمو بقدرته على الجمع بين مجالين قد يبدوان غير متوافقين للوهلة الأولى، وهما الرياضيات والفن التشكيلي. لكن في الواقع، يلتقي هذان المجالان في خدمة اللوحة الفنية، مما يمنحها الدقة والحرفية المطلوبة في مثل هذه الأعمال.

تُصنَّف أعمال هذا الفنان، المعروف لدى جمهوره باسم “حميد”، ضمن المدرسة الواقعية، حيث تركز لوحاته إما على تصوير المناظر الطبيعية أو الطبيعة الصامتة.

وفي حديثه لوكالة الأنباء العمانية، يؤكد الفنان التشكيلي الجزائري، د. هواري حمو، أن موهبته ترجع إلى سنوات طفولته المبكرة، حيث تأثر بأخ له كان يمارس الرسم. وقد تطورت موهبته بفضل حبه للطبيعة والتأمل، مع قليل من التأثير بالفنان التشكيلي الأمريكي بوب روس (1942-1995).

يتحدث الفنان عن بداياته قائلاً: “أذكر أنني اتجهت إلى هذا الأسلوب، وأعني المدرسة الواقعية، عندما كنت في منزل صديق وشاهدت لوحة لمنظر طبيعي معلقة على الجدار. أعجبت بها وقلت لنفسي: لماذا لا أرسم مثلها؟ سرعان ما طلبت من صديقي إعارة اللوحة لي لأعيد رسمها، وهو ما حدث بالفعل. ورغم أن تقليدي للوحة لم يكن بمستوى عالٍ، إلا أن الأهم بالنسبة لي هو أنني أعدت رسمها، ومنذ تلك اللحظة تشكلت لدي رغبة مستمرة في تطوير أدواتي الفنية.”

ويعتمد حمو في أعماله الفنية على ثلاث خطوات رئيسية تبدأ بتجهيز اللوحة، تليها مرحلة تخطيط وضبط الأبعاد، وهي خطوة أساسية يستفيد فيها من خلفيته الرياضية. ثم تأتي مرحلة التلوين، حيث يفضل استخدام ألوان الأكريليك لسهولة استخدامها وسرعة جفافها، مقارنة بالألوان الزيتية التي تتطلب وقتًا أطول للجفاف.

ويؤكد الدكتور هواري حمُّو أن:” الرياضيات تَقوم بدور كبير في إتقان الرّسمة بدءًا بضبط الأبعاد؛ فهي تسهّل عليّ هذه المهمّة، وأنا لا أقول إنّ الفنانين الذين لم يتلقّوا تكوينًا في الرياضيات لا يُمكنهم إتقان مسألة الأبعاد في اللّوحة الفنيّة، لكنّني أرى أنّهم يعرفون ذلك بالممارسة ودقّة الملاحظة”.

ويعتمد هذا الفنان التشكيليُّ المولع بالطبيعة على إعادة إنتاج المناظر الطبيعيّة التي يُصادفُها في يومياته، كما أنّه ينزل أحيانا عند رغبات زبائنه الذين يطلبون أحيانًا تصوير مناظر بعينها، مثل: رسم طواحين الهواء المنتشرة عادة في البيئة الأوروبية، أو رسم باقات من الزهور المختلفة؛ وهي لوحاتٌ كثيرا ما تُطلب منه لتزيين المحالّ التجارية أو البيوت أو مكاتب الإدارة.

وتُشكّلُ لوحات الزينة جانبًا مُهمًّا من يوميات هذا الفنان التشكيلي، غير أنّها لا تقتصر عليه، إذ بحوزته أكثر من 400 عمل فنّي، تختلف موضوعاتها بين الطبيعة الصامتة، ورسم العمارة والأحياء القديمة (كحيّ القصبة بالجزائر العاصمة مثلا)، وبعض أحياء وحارات ولاية مستغانم (غرب الجزائر)، التي تُشكّل مسقط رأس هذا الفنان، إضافة إلى أعمال أخرى تجمع بين سحر الطبيعة وجمال العمارة القديمة. وليس مستغربًا والحال هذه أن تكون الألوان الأثيرة إلى قلبه الأخضر والأزرق لأنّهما لونا أوراق الشجر وزرقة الماء والسّماء.

ولا يرى الفنان هواري حمُّو تركيزه على رسم الطبيعة خيارًا نهائيًّا، إذ يقول “لا أمانعُ في إنجاز أعمال تجريديّة، وقد قمتُ ببعض الأعمال التي تنتمي إلى المدرسة التجريديّة، لكن يبدو أنّ الطبيعة تأسرُني أكثر بجمالها لأنّها تذكّرني ببديع صنع الخالق، ولهذا فأنا أحاول إعادة تشكيلها في أعمالي الفنيّة لتبقى ماثلة أمام العين تتحدّث بلغة الألوان وفرشاة الرسم ما بقيت اللّوحة معلّقة على الجدار”.

يُشار إلى أنّ الفنان التشكيلي الجزائري هواري حمُّو، مولود عام 1976 بمدينة مستغانم (غرب الجزائر)، وهو حاصلٌ على شهادة دكتوراه في مجال الرياضيات (2013)، ويشتغل حاليًّا أستاذا لهذه المادة بجامعة عبد الحميد بن باديس بمستغانم، كما يزاول نشاطه في ميدان الرسم الذي عُرف به داخل الجزائر وخارجها.

جريدة عمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الفنان التشکیلی هذا الفنان

إقرأ أيضاً:

«الإمارات للإبداع» تُنظم «ملتقى ثقافة البحر التشكيلي الإبداعي»

الشارقة (وام)

أخبار ذات صلة «إيقاعات فراتية» في «النادي الثقافي العربي» توثيق التراث بالفن التشكيلي

تنظم جمعية الإمارات للإبداع يومي 2 و3 من ديسمبر المقبل «ملتقى ثقافة البحر التشكيلي الإبداعي»، بمشاركة نخبة من الفنانين التشكيليين من مواطني الدولة والمقيمين على أرضها، في أجواء فنية مفتوحة تُجسّد روح البيئة البحرية الإماراتية.
وأكد الشيخ الدكتور خالد بن حميد القاسمي، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للإبداع، أن الملتقى يمثل توجهاً جديداً في تنظيم الفعاليات الفنية، حيث ارتأت الجمعية الانتقال بالعروض التشكيلية من القاعات المغلقة إلى المساحات المفتوحة القريبة من البحر في تناغم بصري يجمع بين الفنون والبيئة والثقافة، مضيفاً أن الجمعية تسعى لكسر النمطية وخلق مساحات إبداعية تعبّر عن هوية الإمارات وثقافتها وتاريخها البحري الأصيل، وتُبرز جماليات الفن التشكيلي من خلال عناصر الطبيعة والبحر والضوء.
وأشار إلى أن تنظيم الملتقى في هذا التوقيت يُعد رسالة وفاء لرموز الوطن، وتكريماً لمن أسهموا في بناء نهضته، كما يأتي ليُجسد مشاعر الفخر والاعتزاز بمسيرة الاتحاد، التي أرسى دعائمها المؤسسون، ويُعزز القيم الوطنية في قلوب الأجيال الجديدة.
وأوضح أن الفنانين المشاركين سيقدمون أعمالاً تعبّر عن علاقة الإنسان بالبحر، وتجسد ملامح البيئة الساحلية، وتُسهم في تعزيز الوعي الجمالي والفني لدى الجمهور، مشيراً إلى أن الجمعية تستهدف من خلال هذه المبادرة إلى إحياء الروح الإبداعية في الفضاء العام، وتحويله إلى معرض مفتوح يتناغم مع المناسبة الوطنية.

مقالات مشابهة

  • حتى الفجر.. أعمال مُكثفة بمحطة محولات جسر الذهب لإعادة التيار الكهربائي كاملاً للجيزة
  • «صُنّاع الفرق» فرق ميدانية تقود جهود التجميل الطبيعي في أبوظبي
  • «الإمارات للإبداع» تُنظم «ملتقى ثقافة البحر التشكيلي الإبداعي»
  • التمثيل التجاري يبحث تشكيل مجلس أعمال مصري دنماركي
  • وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها
  • لحود ينعى زياد الرحباني: فنان الوطن والمقاومة
  • الموت يفجع المخرج المسرحي خالد جلال
  • بالصور.. هذه هي كنيسة رقاد السيدة التي سيشيّع فيها زياد الرحباني
  • كيف يعيد النظام السوري تشكيل الاقتصاد؟.. صلاحيات غير رسمية لشقيق الشرع
  • فنان جزائري: أحاول بلوحاتي إنقاذ أرواح شهداء غزة من النسيان