دكتور مصطفي ثابت يكتب: الفتاوى الجدلية وتضييع الأولويات.. تربية القطط وتحريمها نموذجًا
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
في وقت يعيش فيه العالم، خصوصًا إقليمنا العربي، أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية متشابكة، يظهر بين الحين والآخر من يُصدر فتاوى تتعلق بمسائل هامشية وغير هامة، مما يثير جدلًا واسعًا ويُشغل الرأي العام بقضايا ثانوية لا تمس جوهر التحديات الكبرى التي تواجه الأمة. من بين هذه الفتاوى تلك التي تُحرم تربية القطط، وهي فتوى أثارت الكثير من التساؤلات والانتقادات.
يطرح هذا الموضوع تساؤلًا كبيرًا حول مفهوم "فقه الأولويات"، وهو المفهوم الذي يُعنى بترتيب الأولويات في الفقه الإسلامي بما يتناسب مع احتياجات الناس والمجتمع وظروف الزمان والمكان. في ظل الأوضاع الراهنة التي تتطلب توجيه الجهود نحو قضايا كبرى مثل مواجهة الفقر، والبطالة، والجهل، والإرهاب، يُصبح من الضروري أن يوجه العلماء والدعاة تركيزهم نحو القضايا التي تعالج هذه المشكلات الجوهرية وتُسهم في تقدم المجتمع واستقراره.
إن التحدث عن تحريم تربية القطط في هذا السياق يُعتبر إهدارًا للوقت والجهد، وتشتيتًا لانتباه الناس عن القضايا الأكثر أهمية وإلحاحًا. فقد أصبحت هذه الفتاوى تثير الشكوك حول دور بعض الفقهاء في قيادة المجتمعات نحو النهوض والتطور، بل وتحولت إلى مواضيع مثيرة للسخرية لدى البعض، الذين يرون فيها انفصالًا عن الواقع وابتعادًا عن جوهر الدين الإسلامي الذي يدعو إلى العدالة والإحسان والتعامل مع المخلوقات برفق.
إن "فقه الأولويات" يجب أن يكون المنهج الذي يتبعه العلماء في توجيه الناس، فالأولويات اليوم تتمثل في توحيد الصفوف، والتصدي للأزمات التي تعصف بالأمة، والعمل على تعزيز القيم الإسلامية التي تدفع بالمجتمع نحو التقدم والرقي. الفتاوى التي تثير الجدل حول مسائل تافهة يجب أن تكون آخر ما يشغل العلماء، لأن مثل هذه الفتاوى قد تسهم في إشاعة الفتنة والفوضى، وتُشغل الناس عن القضايا المصيرية.
في الختام، يتطلب الوضع الراهن من العلماء والدعاة أن يُركزوا على ما ينفع الأمة ويُسهم في علاج مشكلاتها الحقيقية، وألا يتورطوا في إصدار فتاوى حول مسائل جانبية لا طائل منها. ففقه الأولويات هو مفتاح النهوض بالمجتمعات، وعلى الجميع أن يدرك ذلك ويسير في هذا الطريق.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مصطفى ثابت
إقرأ أيضاً:
صقر غباش: الحكمة والمسؤولية تقتضيان معالجة القضايا في المنطقة عبر التفاوض
أبوظبي - وام
عقد المجلس الوطني الاتحادي، برئاسة صقر غباش، رئيس المجلس، اليوم جلسة خاصة «إماراتية – أوروبية» من الدور الثاني للفصل التشريعي الثامن عشر، بحضور روبيرتا ميتسولا رئيسة البرلمان الأوروبي، وعدد من الوزراء، وكبار المسؤولين، وسفراء دول الاتحاد الأوروبي المعتمدين لدى الدولة.
واستُهلت الجلسة التي عقدت في قاعة زايد بمقر المجلس في أبوظبي بكلمة لـرئيس المجلس صقر غباش، رحب فيها بروبيرتا ميتسولا، رئيسة البرلمانِ الأوروبيِّ، والوفدِ المرافقِ لها، وبعبدالله بن سلطان النعيمي وزير العدل، والدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التجارة الخارجية وأحمد الصايغ وزير دولة، ولانا زكي نسيبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، وعمر عبيد الحصان الشامسي وكيل وزارة الخارجية، وبسفراء دول الاتحاد الأوروبي، وبرجال الأعمال الأوروبيين الذين اختاروا الإمارات لإقامة شركاتهم ومشاريعهم، وبالحضور من أكاديمية أنور قرقاش، وبممثلي مجلس الإمارات للشباب، وأعضاء برلمان الطفل الذين حضروا الجلسة.
ورحّب رئيس المجلس بروبيرتا ميتسولا والوفدِ المرافقِ على أرض دولةِ الإمارات مشيراً إلى أن هذه الزيارة تؤكدُ أنَّ الحوارَ البنّاء، والانفتاحَ الصادقَ على العالمِ، والتسامحَ بين البشرِ تمثلُ مفاتيحَ الخيرِ والسلامِ في العالم.
تكريس السياسات النبيلةوأضاف: «إننا ونحن سعداء بوجودِكم بيننا ضيوفَ شرفٍ، فإننا أيضاً نحتفي بكم شركاءَ في حوارِ القيم البرلمانية التي هي تعبيرٌ حيٌ عن توافقِ الضمائرِ في رحابِ الإنسانية، وعن سعيٍ مشتركٍ بيننا لتكريسِ السياساتِ النبيلةِ التي تضعُ الإنسانَ في صدارةِ الأولويات، كما رسّخَها مؤسسُ دولتنا الشيخُ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب اللهُ ثراه، وسارت على نهجِها قيادةُ دولتنا الرشيدة برئاسةِ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخويهِ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهِما أصحابِ السمو أعضاء المجلس الأعلى حكامِ الإمارات، وسموِ الشيخِ منصور بن زايد آل نهيان، نائبِ رئيس الدولة، نائبِ رئيس مجلس الوزراء، رئيسِ ديوان الرئاسة.
وقال:«ننظرُ إلى زيارتِكم هذه بأنَّها تأكيدٌ وترسيخٌ لمسارٍ أرحبَ من التعاونِ البرلمانيِّ بين المجلسِ الوطنيِّ الاتحاديِّ وبين البرلمانِ الأوروبيِّ، مسارٍ يتجاوزُ حدودَ الجغرافيا ليمهّدَ لمبادراتٍ مستقبليةٍ في قضايا يشتركُ فيها ضميرُنا السياسيُّ والإنسانيُّ: مثل قضايا السلامِ، والتنميةِ المستدامةِ، والسلامةِ المناخيةِ، وحمايةِ المجتمعاتِ من خطابِ التطرفِ والكراهيةِ».
وأكد أنه انطلاقاً من تلك القيمِ والمبادئ التي يشترك فيها مجلسُنا الوطنيُّ الاتحاديُّ والبرلمانُ الأوروبيُّ، والتي تضعُ السلامَ وكرامةَ الإنسانِ وحقوقَه في صدارةِ الأولويات، فإننا نؤكدُ أهميةَ إيجادِ حلٍّ عادلٍ ودائمٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ، يضمنُ للشعبِ الفلسطينيِّ حقَّه المشروعَ في إقامةِ دولتِه المستقلةِ على حدودِ الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتُها القدسُ الشرقية، وفقاً للمرجعياتِ الدوليةِ ومبادئِ القانونِ الدولي، ومبادرة السلام العربية.
تعزيز صوت الحكمةوقال إن ما نشهدهُ اليومَ من تدهورٍ إنسانيٍّ مأساويٍّ في قطاعِ غزة يدعونا جميعاً إلى تعزيزِ صوتِ الحكمةِ، والدعوةِ إلى وقفِ التصعيدِ، وضمانِ حمايةِ المدنيين، والتوصلِ إلى تهدئةٍ تُفضي إلى حلٍ سياسيٍّ يُعيدُ الأملَ بالأمنِ والسلامِ للشعب الفلسطيني.
وأضاف أنه من المنطلقِ ذاته، فإننا «نؤكدُ الموقف الإماراتي الذي أعربت فيه عن قلقِها البالغِ من استمرارِ التوترِ في المنطقةِ ومن استهدافِ المنشآتِ النوويةِ الإيرانيةِ، لما لذلك من تداعياتٍ خطيرة وانزلاقِ المنطقةِ إلى مستوياتٍ غيرِ مسبوقة من عدمِ الاستقرار. ونشددُ هنا على الموقفِ الإماراتي الثابتِ بضرورةِ تغليبِ الدبلوماسيةِ والحوارِ لحلِ الخلافاتِ وضمانِ مقارباتٍ شاملةٍ تحققُ الاستقرارَ والازدهارَ والعدالة. فالحكمةُ والمسؤوليةُ في هذه الظروفِ تقتضيانِ الانخراط الجاد في معالجةِ القضايا المزمنةِ في المنطقة عبر التفاوض».
شراكة متجددةمن جانبها أكدت رئيسة البرلمان الأوروبي، في كلمتها أمام المجلس، أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودولة الإمارات تشهد مرحلة جديدة من الشراكة المتجددة، تقوم على ركائز السلام والازدهار والانفتاح على المستقبل، مشيرة إلى أن الإمارات تمثل نموذجاً عالمياً في التعايش والتقدم، وبناء شراكات قائمة على الحوار والثقة والمسؤولية المشتركة مشيدة بمكانة أبوظبي العالمية وما تمثله من نموذج للتعايش والاستقرار، مثمنةً جهود دولة الإمارات في تعزيز الحوار البرلماني والدبلوماسي، ودورها الريادي في دعم السلام العالمي.
وقالت: «أقف اليوم أمام المجلس الوطني الاتحادي ممثلةً لـ450 مليون مواطن أوروبي، وأحمل معي رسالة أمل وتفاؤل بأن هذه الزيارة ستشكل انطلاقة جديدة نحو تعزيز علاقاتنا الثنائية، وتوسيع آفاق الشراكة بين البرلمان الأوروبي ودولة الإمارات، من خلال الحوار والتعاون البنّاء».
وأضافت: «مالطا، وطني، تقع عند تقاطع ثلاث قارات، ولغتنا المالطية ترتكز على أصول عربية، مما يعكس الارتباط التاريخي والثقافي العميق بين شعوبنا. وهذا القرب الثقافي يعزز أهمية التعاون بين أوروبا والمنطقة العربية».
صون الأمن والاستقرارواستعرضت التحديات الأمنية والسياسية التي يشهدها العالم، مؤكدة أن السلام لم يكن يوماً خياراً سهلاً، وأن الأوضاع الإقليمية تتطلب مواقف حازمة وجهوداً جماعية لصون الأمن والاستقرار، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي يواصل دعواته لوقف إطلاق النار في غزة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الرهائن، ودعم حل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق سلام دائم في المنطقة، مشيدةً باتفاقيات السلام التي أطلقتها دولة الإمارات، ووصفتها بأنها «خطوة شجاعة أحدثت تحولاً تاريخياً نحو السلام».
وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يُعد ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات، حيث بلغت الاستثمارات المتبادلة 328 مليار يورو، مضيفة أن السياحة والتبادل التعليمي والثقافي يمثلان محاور رئيسية في تعزيز الشراكة الثنائية.
كما تناولت أهمية التعاون في قطاع التعليم، مشيدة بزيادة أعداد الطلبة الإماراتيين في الجامعات الأوروبية، إلى جانب وجود نحو 28 ألف طالب من دول الاتحاد الأوروبي يدرسون في دولة الإمارات، داعية إلى تعزيز برامج التبادل الأكاديمي والثقافي بين الجانبين.
وأكدت رئيسة البرلمان الأوروبي أن «الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ودولة الإمارات تدخل اليوم مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، وأن الإرادة السياسية الصادقة والتفاهم المشترك كفيلان بنقل هذه العلاقة إلى آفاق أرحب من السلام، والتنمية، والازدهار».