كتب- محمد نصار:

قام الدكتور هشام سلام أستاذ علم الحفريات الفقارية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ومؤسس مركز الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة، بقيادة فريق بحثي من علماء مصريين ودوليين بتسجيل اكتشاف جديد لجنس ونوع من أسلاف الحيتان المنقرضة التي جابت المياه المصرية قبل نحو 41 مليون سنة.

ويعد هذا الحوت الجديد أحد أصغر وأقدم أسلاف الحيتان مائية المعيشة والتي تطورت من أسلاف برمائية، ووثق الفريق الاكتشاف في ورقة بحثية نشرت اليوم في دورية كوميونيكيشن بيولوجي "Communications Biology"، الصادرة عن مؤسسة نيتشر "Nature" العالمية، إحدى أبرز الدوريات العلمية في العالم.

وتمثل تلك الورقة البحثية طفرة علمية لعلماء الحفريات المصريين، إذ تُعد الدراسة الثانية من نوعها التي يقود فيها فريق مصري وصف وتسمية جنس ونوع جديد من الحيتان، بعد أن ظل هذا العلم حكراً على علماء الدول المتقدمة لفترة طويلة من الزمن، رغم ثراء التراث الطبيعي المصري بحفريات مهمة لأسلاف الحيتان. جدير بالذكر أن هذه الدراسة قامت بدعم كلا من: الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجامعة المنصورة، وهيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار.

وقال "سلام": "وجدنا أن هذا الحوت الجديد ينتمي إلى عائلة حيتان الباسيلوصوريات “Basilosauridae”، وهي مجموعة من أسلاف الحيتان المنقرضة التي تمثل أول مراحل المعيشة الكاملة للحيتان في الماء، بعد انتقال أسلافها من اليابسة الي الماء."

وأضاف: "رغم أن هذه المجموعة من أسلاف الحيتان كانت قد طورت خصائص تشبه الأسماك، مثل تحول الطرف الأمامي إلى زعانف واستطالة الفقرات ونمو زعنفة الذيل، إلا أنهم كانوا يمتلكون أطرافًا خلفية يمكن رؤيتها بما يكفي لتسميتها "أرجل"، والتي لم تكن تستخدم في المشي إطلاقاً لضآلة حجمها."

فيما صرح الدكتور محمد سامح، المؤلف الرئيسي للدراسة وخبير إدارة التراث الطبيعي باليونيسكو وعضو مجلس إدارة مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية: "عثرنا على حفريات الحوت الجديد -والتي تتألف من جمجمة وفكين وأسنان والفقرة العنقية الأولي وأجزاء من العظم اللامي (العظم الواقع عند قاعدة اللسان) - في صخور عصر الإيوسين من متكون وادي الريان الجيولوجي بمنخفض الفيوم، ويقدر عمر الطبقات التي اكتشف منها هذا الحوت بنحو 41 مليون عام، مما يساعد في استكمال صورة تطور الحيتان الأولى في إفريقيا في هذا العمر."

ويضيف سامح: "بعد دراسة أبعاد العظام المتحفرة واجراء المعادلات الحسابية لاستنتاج طول الحوت ووزنه، اتضح أن الحوت الجديد كان يبلغ طوله نحو 2.5 متر، بينما يصل وزنه إلى قرابة 187 كجم، وبذلك يعد الأصغر حجما بين كل أفراد عائلته من شتي انحاء العالم،" ويتابع سامح:" كان الحوت قادراً على السباحة بكفاءة وربما الغوص لأعماق متفاوتة بما يشبه أحفاده من الدلافين اليوم، مما يقدم لنا فهمًا غير مسبوق لتاريخ الحياة والتطور والجغرافيا القديمة للحيتان الأولى."

جاءت تسمية هذا الحوت الجديد بطعمٍ ملكيّ، حيث يوضح عبدالله جوهر، عضو الفريق العلمي سلام لاب ومؤلف أساسي في كتابة الورقة البحثية: "لقد أطلقنا اسم "توتسيتس" على جنس الحوت الجديد على شرف الملك المصري الشهير "توت عنخ آمون"، ليس فقط لنقاط التشابه بينهما، إذ مات الحوت في عمر الصبا مثل الملك توت، وكان ملكًا للبحار القديمة في وقته، بل آثرنا أيضا إضفاء الطابع المصري القديم على هذا الاسم العلمي، إضافة إلى إحياء ذكري اكتشاف مقبرة الملك الصغير قبل قرن من الزمان، وتزامنا مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير بالجيزة". بينما تم تسمية النوع "رياننسيس"، علي شرف متكون وادي الريان الصخري بمنخفض الفيوم، التي اكتشفت حفرياته منها، ليكون الاسم كاملا (توتسيتس رياننسيس) .“Tutcetus rayanensis"

ويقول جوهر: "عاش ذلك الحوت الملك وقتما كان قطاعٌ كبيرٌ من الأراضي المصرية مغطى ببحر شاسع يعرف بـ "بحر تيثيس،" حيث عاشت حيوانات بحرية قديمة من بينها أسلاف الحيتان التي تعيش اليوم. وتبين من الدراسة التشريحية المفصلة لحفريات توتسيتس رياننسيس أنه يختلف تماماً عن كل أقرانه من الحيتان المعروفة من قبل اذ انه يمتلك نمطاً فريداً من الاسنان، مكنه من اكتشاف موائل مختلفة. ومن المثير للاهتمام، حسبما صرح جوهر:"أنه من خلال الفحص الدقيق لأسنان الحوت الجديد بالأشعة المقطعية، قد فتحت آفاقًا جديدة وفهمًا غير مسبوق لنمط حياة توتسيتس بشكل خاص وأقرانه من أسلاف الحيتان المنقرضة بشكل عام."

وتؤكد الدراسة أن هناك نمو سريع نسبياً للأسنان في هذا الحوت، ومع الوضع في الاعتبار حجمه الصغير، فإن ذلك يشير إلى نمط حياة متطور وسريع نسبياً. هذا النمط المتسارع من الحياة يدل على احتمالية إنجاب تلك الحيتان لجنين واحد سنوياً، مع القدرة على إنتاج الجنين الثاني بسرعة أكبر عند الحاجة إلى ذلك. نمط الحياة المتسارع هذا ربما كان سبباً في نجاح عائلة حيتان الباسيلوصوريات في تكيفها الكامل للمعيشة في الماء، وقدرتها على التفوق على أسلافها من الحيتان البرمائية، بل وقدرتها على التكيف بشكل استثنائي مع الموائل المائية الجديدة بعد قطع علاقاتها باليابسة ومن المحتمل أن يكون هذا الانتقال الكامل للماء قد حدث في المناطق المدارية وشبه المدارية، وتحديداً مصر."

وتعلق الدكتورة سناء السيد، عضو الفريق العلمي سلام لاب والمدرس المساعد بجامعة المنصورة والمبعوثة لجامعة متشيجان الامريكية: "فسرنا صغر حجم هذا الحوت بأنه ربما كان مرتبطا بطريقة أو بأخرى بالاحتباس الحراري الذي شهدته الأرض في ذلك الوقت والذي يعرف بـ "الحد الحراري الأقصى لعصر اللوتيتي المتأخر"، أو أن حوت "توتسيتس" ربما توارث تلك الصفة من أسلافه القدامى والأقل تطوراً."

وتضيف السيد: "تهاجر الحيتان اليوم إلى المياه الحارة والضحلة لكي تتكاثر وتتوالد في ظروف كتلك التي عاشتها مصر قبل 41 مليون سنة، الأمر الذي يؤكد على أن منطقة الفيوم كانت أحد أهم مناطق توالد وتكاثر الحيتان القديمة- وربما هاجرت إليها الحيتان القديمة من أماكن مختلفة- الأمر الذي بدوره جذب الحيتان المفترسة والأكبر في الحجم مثل باسيلوصورس."

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: تنسيق الجامعات فانتازي الموجة الحارة انقطاع الكهرباء سعر الذهب أمازون الطقس سعر الدولار الحوار الوطني تمرد فاجنر أحداث السودان سعر الفائدة جامعة المنصورة من الحیتان هذا الحوت

إقرأ أيضاً:

تنفيذ مشروع استثماري كبير ضمن أراضي الـ 1.5 مليون فدان.. تفاصيل

وقَّع اللواء  عمرو عبد الوهاب، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة تنمية الريف المصرى الجديد، عقد تخصيص مع المهندس أحمد السويدى، رئيس مجلس إدارة شركة "السويدى كابيتال القابضة"، قامت بموجبه "منصة الغذاء" (The Food Platform) - أحد الكيانات التابعة لمجموعة السويدى كالبيتال – بشراء إجمالى مساحة تقدَّر بـ ١٥ ألف فدان بمنطقتى إمتداد الفرافرة وسيوة، من المقرر أن يتم تمويلها وإدارتها من خلال احدى شركات "السويدى كابيتال"حيث من المقرر أن تبدأ الشركة الأعمال الهندسية وحفر الآبار خلال  أشهر قليلة، على أن تنتهى من كافة أعمال الاستصلاح والاستزراع طبقاً لدراسة الجدوى والمخطط الزمنى المطلوب خلال عامين.
وفى هذا السياق، أكد اللواء عمرو عبد الوهاب خلال مراسم التوقيع أن هذا التعاقد الجديد الذى تقوم به "شركة تنمية الريف المصرى الجديد" إنما يهدف إلى التكامل والتوظيف الأمثل للخبرات التى تتمتع بها الشركتان فى تطوير مشروعات التنمية وخاصة المشروعات الزراعية والصناعية القائمة على الزراعة وإرساء البنية الأساسية اللازمة لتوفير الكهرباء والطاقة لأراضى المشروع القومى لاستصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان.
وثَمِّن اللواء عمرو عبد الوهاب إنضمام "مجموعة السويدى" لجموع المستثمرين المنتفعين بأراضى "الريف المصرى الجديد"، وذلك بوصفها إحدى القلاع الصناعية والتنموية الوطنية الكبرى، مؤكداً على ثقته فى قدرتها على تحقيق معدلات الاستصلاح المقررة، وإحداث الفارق التنموى المطلوب فى أرضها وبما يعود كذلك بالنفع والخبرات على أراضى صغار المنتفعين المحيطين بمشروعها.
وأوضح اللواء عمرو عبد الوهاب أن هذا الاتفاق يأتى فى إطار تنفيذ توجيهات القيادة السياسية بضرورة تعزيز التعاون البنَّاء بين مختلف المؤسسات والكيانات بالدولة، واستغلال الخبرات والقدرات التصنيعية الوطنية من أجل تنفيذ المشروعات التنموية الكبرى بالدولة وفقاً لرؤية مصر 2030.
لافتاُ إلى أن "شركة تنمية الريف الجديد" تؤمن وتلتزم بالنهج الإيجابى الذى تقره الدولة وتعمل به حالياً، والذى يسعى إلى مزيد من الشراكات وجذب القطاع الخاص نحو المضى قدماً فى اقتحام العمل العام ومشاركته كافة قطاعات الدولة فى معركة البناء والتنمية التى يقودها فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بنجاح مشهود، يشيد به الجميع إقليمياً وعالمياً، ويرسم واحداً من أهم ملامح ودعائم "الجمهورية الجديدة".
كما أوضح رئيس مجلس إدارة "الريف المصرى الجديد" أن ما يستهدفه المشروع فى الوقت الحالى هو إقامة تعاون ناجح وشراكات إنتاجية وتنموية مع كبرى الشركات الوطنية، تقوم على فكر ورؤية علمية واضحة، مشدداً على أن الشركة تهدف بالأساس إلى التنمية المستدامة التى تقوم على أعمال الاستزراع والاستصلاح، والتى من شأنها خلق وإتاحة المزيد من فرص العمل الكريم لأبناء الوطن، وإفادة وخدمة جميع المنتفعين بالمشروع، خاصةً المنتفعين من فئة صغار المزارعين والشباب.
هذا، وقد أعرب المهندس أحمد السويدى رئيس مجلس إدارة شركة "السويدى كابيتال القابضة" عن سعادته بالتعاون مع شركة تنمية الريف المصرى الجديد، مشيراً إلى أنه يتم العمل لكى تصبح "شركة منصة الغذاء" "The Food Platform"، إحدى شركات السويدى كابيتال، لاعباً بارزًا فى مجال استصلاح الأراضى الصحراوية وكذلك الزراعة الحديثة والصناعات الغذائية العاملة فى مصر، خاصةً وأنها من المقرر أن تعمل وفق أحدث التقنيات ومهارات البحث والتطوير والتسويق، بما يسهم فى سد الفجوة الغذائية فى مصر وتوفير الآلاف من فرص العمل، فضلاً عن الإسهام فى تحقيق النمو الاقتصادى والتنموى لمصر، واستهداف توفير العملة الأجنبية من خلال التصدير بما يدعم الاقتصاد القومى.
كما أكد المهندس أحمد السويدى أن "شركة منصة الغذاء"The Food Platform تعد أحدث استثمارات مجموعة السويدى كابيتال، حيث تم إنشاؤها بغرض المساهمة الفعَّالة فى التنمية الاقتصادية، وتحديداً فى مجال استصلاح الأراضى الصحراوية واستزراعها بالمحاصيل المختلفة، بما يشمل محاصيل الحبوب كالقمح والذرة، والمحاصيل الزيتية مثل عباد الشمس وبذور الصويا، بهدف الاستهلاك المحلى وتقليل الفجوة الغذائية من خلال زراعة العديد من المحاصيل التى يتم استيرادها من الخارج، هذا بالإضافة إلى قيام الشركة بإنتاج العديد من المنتجات القائمة على محاصيل الخضر والفاكهة وزيت الزيتون بغرض التصدير. وتتطلع الشركة لأن تصبح "منصة الغذاء" من الشركات الرائدة فى مجال استصلاح الأراضى الصحراوية والزراعة الحديثة المستدامة، من خلال إتباع أحدث النظم العالمية لتوفير الطاقة والمياه، وتعظم إنتاجية وحدة المساحة

مقالات مشابهة

  • آرسنال يجهز عرضا لضم لاعب برشلونة
  • عرض أكبر هيكل ديناصور للبيع في مزاد بـ6 ملايين دولار (فيديو)
  • تنفيذ مشروع استثماري كبير ضمن أراضي الـ 1.5 مليون فدان.. تفاصيل
  • لهو الحيتان يهدد السفن في المحيط الأطلسي أرجعت دراسة لـ “اللجنة الدولية لصيد الحيتان”، سبب
  • حظك اليوم برج الحوت الأحد 2-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي
  • أستاذ تخطيط: مصر تتحول من دولة رعاية إلى تنمية بنظام رأسمالي
  • تلسكوب جيمس ويب يكتشف أبعد مجرة في تاريخ الرصد
  • أسعار سيارات بايك بعد إطلاقها مع وكيلها الجديد.. تبدأ من 800 ألف جنيه
  • مصدر أمني عراقي: السلطات نفذت حكم الإعدام بحق 8 مدانين بـ"الإرهاب"
  • تلسكوب جيمس ويب الفضائي يكتشف أبعد مجرة ​​تمت ملاحظتها على الإطلاق