دعم العشائر الكردية للأحزاب الحاكمة.. تأثير العلاقات العشائرية على السياسة المحلية
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
بغداد اليوم - السليمانية
أكد الباحث في الشأن السياسي حسين كركوكي، اليوم الأربعاء (4 أيلول 2024)، أن البعض من شيوخ العشائر يبحثون عن الامتيازات والهبات والحمايات، مبينا أن هذا ما يدفع هؤلاء الشيوخ الى الوقوف مع الأحزاب الحاكمة في الإقليم، في وقت الانتخابات.
وقال كركوكي في حديث لـ "بغداد اليوم" إن "هنالك عشائر تقف مع الحاكم أيا كان اسمه، ولها جذور تاريخية، والكثير من العشائر انسلخت من المبادئ الاجتماعية والعشائرية، وأصبحت تبحث عن المنافع المادية".
وأضاف أن "العشائرية تشكل ثقلا كبيرا داخل المجتمع الكردي، ولكن الآن الكثير من العشائر والشخصيات الاجتماعية يبحثون عن منافعهم ومصالحهم الخاصة، ويتركون مصلحة الشعب"، داعيا العشائر الى أخذ دورها الفعال في الأزمات".
وأشار إلى أن "وقوف العشائر مع الأحزاب الحاكمة في وقت الانتخابات هو لغرض نفعي ومادي، ولغرض الحصول على الامتيازات والحمايات والنفوذ".
ودعم العشائر الكردية للأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان لأجل المنافع الشخصية يعكس جوانب متعددة من العلاقة بين السياسة والعشائرية في الإقليم. هذه العلاقة ليست فقط سياسية بل أيضا تتضمن تبادل المنافع الشخصية والاقتصادية.
الوظائف والمناصب
الأحزاب الحاكمة قد تقدم وظائف ومناصب حكومية لأفراد من العشائر الداعمة، مما يوفر لهم فرصة للحصول على دخل ثابت وزيادة نفوذهم داخل المجتمع.
وتوفر الأحزاب المنافع الشخصية للعشائر مقابل الدعم السياسي والمشاركة في الانتخابات. هذا التبادل يعزز الولاء ويساهم في استقرار الحزب في السلطة.
ويحذر معنيون من مغبة دعم الأحزاب الحاكمة في مقابل المنافع الشخصية يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الفساد والمحسوبية، وإهدار الموارد العامة وتفضيل الأفراد القريبين من الأحزاب على حساب المصلحة العامة.
وأيا ما كان الامر، فإن الدعم السياسي الذي تقدمه العشائر للأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان لأجل المنافع الشخصية يعكس العلاقة المعقدة بين العشائرية والسياسة، وبينما يمكن أن يوفر هذا الدعم مزايا للعشائر، فإنه أيضا يطرح تحديات تتعلق بالفساد والتوترات الاجتماعية.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الأحزاب الحاکمة الحاکمة فی
إقرأ أيضاً:
بين السياسة والدهاء.. أسرار علي ماهر باشا في إدارة مصر
علي ماهر باشا، ذلك الاسم الذي يرن صداه في صفحات التاريخ المصري، ليس مجرد سياسي عابر أو موظف حكومي، بل رجل عصامي وفذ، جمع بين الحنكة السياسية والدهاء الاستثنائي، حتى صار يعرف بين معاصريه بلقب "رجل الأزمات" و"رجل الساعة".
علي ماهر، ابن أسرة الشراكسة، ووريث إرث أبيه محمد ماهر باشا، الذي كان مثالا للشخصية القوية والمثابرة، تعلم من نشأته الأولى معنى الانضباط والمسؤولية، وكيفية الاعتماد على الذات منذ الصغر.
فقد كان والده، رغم انشغاله الواسع بالمناصب الحكومية والعسكرية، يحرص على تربية أبنائه تربية واعية، يغرس فيهم الأخلاق الفاضلة، ويشجعهم على الاجتهاد الفكري والعملي، بل ويمنحهم فرصة إدارة شؤون المنزل كتمرين على القيادة والمسؤولية.
ومن هذه البيئة المميزة خرج علي ماهر رجلا قادرا على مواجهة التحديات، ورئيسا وزراء مصر لأربع مرات، كان أولها في عام 1936 وآخرها في أعقاب ثورة يوليو 1952، حين كلف بتشكيل أول وزارة مصرية بعد الثورة.
نشأ علي باشا في القاهرة، متلقى تعليمه في المدارس الابتدائية فالتجهيزية، ثم الحربية التي كانت تعتمد النظام الفرنسي، ما أكسبه أساسا متينا من الانضباط والمنهجية.
وكان والده دائما يختبر ذكاءه ودقة ملاحظاته، حتى وصل الأمر إلى برقية بسيطة عن حالة ابنته المريضة، فأجاب علي بكلمات مختصرة لكنها دقيقة، ما أثار إعجاب والده وأكسبه مكافأة رمزية، لكنه أثبت بلا شك أنه فتى ذو وعي ورؤية ناضجة، كل هذه التفاصيل الصغيرة في نشأته شكلت شخصية سياسية محنكة، قادرة على إدارة الأزمات بحكمة وبصيرة ثاقبة.
مسيرته المهنية بدأت من القضاء، حين شغل منصب قاض بمحكمة مصر الأهليه، ثم تدرج في مناصب النيابة العامة، فكانت له تجربة واسعة في مجال العدالة والقانون، قبل أن يتحول إلى الحياة السياسية بشكل كامل، مشاركا في ثورة 1919، ثم شاغلا منصب وكيلا لوزارة المعارف، وأخيرا رئيسا لمجلس الوزراء.
لم تكن طريقه سهلة، فقد واجه محنا وتحديات جسام، منها توقيفه خلال الحرب العالمية الثانية بتهمة موالاته لقوى المحور، لكنه برهن دائما على صلابته وصلابة قناعاته، متمسكا بمبادئه الوطنية.
علي ماهر لم يكن مجرد سياسي متسلق للمناصب، بل كان رجل دولة بمعنى الكلمة، شغل منصب رئيس الديوان الملكي في عهد الملك فؤاد، وحصل على نيشان فؤاد الأول، وكان حاضرا في كل اللحظات الحرجة التي مرت بها مصر، يدير ملفات دقيقة بحكمة وذكاء.
عرف عنه قدرة غير عادية على معالجة المشكلات الصعبة، فتراه دائما في قلب الأحداث، مهيئا لحلول عملية وسريعة، ومراعيا لتوازن القوى ومصالح الوطن، لقد كان مثالا للقائد الذي يزن الأمور بعين سياسية، ويوازن بين الشجاعة والحكمة، بين الوطنية والدهاء، بين المبدأ والمرونة.
وعندما نتحدث عن علي ماهر باشا، يجب أن نتذكر أنه كان الأخ الشقيق لرئيس الوزراء أحمد ماهر باشا، وأن الأسرة كلها كانت مثالا للتفاني في خدمة الوطن.
فقد عاش علي باشا حياة مليئة بالتحديات، وترك بصمة لا تمحى في تاريخ مصر الحديث، فقد تولى قيادة الحكومة في فترات حرجة، وشهد على الأحداث الكبرى التي شكلت مسار الأمة، من ثورة 1919 إلى ثورة 1952، مرورا بمختلف المحطات السياسية والاجتماعية التي صاغت هوية مصر الحديثة.
وقد رحل عن عالمنا في 25 أغسطس 1960 في جنيف، لكنه ترك إرثا خالدا في القلوب قبل السجلات الرسمية، إرثا من الحكمة، الوطنية، والالتزام العميق بمصلحة مصر.
إن الحديث عن علي ماهر باشا هو الحديث عن روح مصرية صادقة، عن رجل تجسد فيه معنى الخدمة العامة والوفاء للوطن، عن شخصية توازن بين العاطفة والمنطق، بين العقل والوجدان، وتجعل من التاريخ شاهدا حيا على دورها العظيم في صياغة مصر الحديثة.
فكم نحن بحاجة اليوم، ونحن نعيد قراءة التاريخ، إلى مثل هذه الشخصيات التي لا تهاب الصعاب، وتضع الوطن فوق كل اعتبار، التي تعلمنا أن القيادة الحقيقية ليست مجرد منصب أو سلطة، بل رؤية، وضمير، وإصرار على العطاء المستمر، مهما عصفت بنا التحديات.