موقع النيلين:
2025-08-02@20:06:14 GMT

المؤرخ مارتن دالي يكتب عن نهاية سلطنة علي دينار

تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT

هذا تلخيصي لنص عن احتلال الإنجليز لسلطنة دارفور في 1916 ونهاية سلطنة على دينار عليها بقلم المؤرخ مارتن دالي. وما اطلع أحد على وثائق الإنجليز في السودان مثل دالي. وجاء ذلك في كتابه بالإنجليزية “إمبراطورية على النيل” (1986). وكنت لخصته لكتابة مقالي عن لماذا تأخر انضمام دارفور للسودان المصري الإنجليزي حتى 1916.

وكتاب دالي استحق التعريب يوم صدوره لأنه مما يقطع ألسنة التبرج بالحكائيات التي هي المعلوم بالضرورة عن تاريخنا. فإلى تلخيصي:

بعد القضاء على دولة المهدية في 1898 أسرع علي دينار، من أسرة كيرا التي توارثت سلطنة دارفور منذ أواسط القرن السابع عشر، ونصب نفسه سلطاناً على دارفور. وبذل دينار قصاراه ليطمئن كتشنر، قائد الحملة لاسترداد السودان للخديوية، على ولائه للنظام الجديد. فتركوا له أمر دارفور بشرط التباعة لدولة السودان الجديدة (vassalage) ودفع الجزية. وظل الأمر على تلك الحالة حتى بدا لهم من علي دينار انحيازاً لتركيا التي تحالفت مع المانيا وإيطاليا ضد إنجلترا وفرنسا وغيرهما في الحرب العالمية الأولى (1916-1919). فاحتل الإنجليز دارفور في مايو 1916. واضح من تباعة دارفور والجزية المفروضة عليها (500 جنيه سنوياً) أنها لم تكن كياناً مستقلاً. كانت فقط مما تأخر الإنجليز لظرفهم الخاص من احتلاله من ممتلكات الخديوية في السودان.

ما كان ذلك الظرف الخاص؟ اصطرع حيال الموقف من دارفور اللورد كرومر، قنصل بريطانيا في مصر، ورولاند ونجت مدير مخابرات الجيش المصري، الذي كان يرى، خلافاً لكرومر، غزو دارفور في الحال بعد نهاية المهدية كما غزا غيرها. وكان رأي كرومر، صاحب الكلمة العليا في السودان، أن مثل تلك الحملة على ذلك الإقليم النائي مكلفة ستستنزف موارد مصر. فإذا أحسن دينار، في تقديره، في إدارة دارفور بغير أن يكلف مصر ولا بريطانياً مالاً فلا غضاضة وليحفظوا معه “شعرة معاوية”. فستكون دارفور في قوله تابعة أفريقية مما اتفق له. وتركوا لدينار سلطانه في دارفور مع علمهم أنه مما يصعب الاطمئنان إليه ناظرين إلى شأنه مع المهدية. وأمطروا دينار بالألقاب في رسائلهم معه مما عكس عجز ونجت عن بلوغ غرضه بأكثر من معزتهم لدينار. فصاروا يخاطبونه من “وكيل ونجت” إلى “حاكم” إلى “الأمير على دينار القائم بحكومة دارفور” إلى “الأمير علي دينار” وأخيراً “السلطان علي دينار”.

وكان ما يؤرق على دينار من الإنجليز هي سلامة حدوده. فالبقارة في جنوبه في ثورة عليه والفرنسيون ابتلعوا الممالك الغربية التي كانت في حكمه وهزموه في 1910 واستردوا تلك الممالك بعد نكسة هزيمتهم بواسطة المساليت. واستاء دينار من امتناع الإنجليز كبح جماح فرنسا. وكانت المعاهدة الفرنسية الإنجليزية بعد فشودة في مارس 1899 رسمت الحدود بين سلطنة واداي ودارفور بحسبان الأخيرة من أملاك مصر. وفي لجاج المفاوضات العاقبة كانت فرنسا تريد للإنجليز احتلال دارفور وإزاحة على دينار الذي كان شوكة بجنبهم. ولم تقبل إنجلترا متعللة بضعف مواردها، وأنها علقت إدارة المديرية بإدارة دينار.

ودار خلاف فرنسي إنجليزي حول تبعية شعبي التاما والمساليت لدارفور. ولم تكن لندن متجاوبة مع حكومتها في الخرطوم حول دارفور. وتوقفت بالحرب العالمية المحادثات الإنجليزية-الفرنسية حول دارفور التي تمسكت فيها بريطانيا بعدم احتلال درافور، وأنها ستلتزم بأمن مستعمرات فرنسا متى اتفقا على الحد الفاصل. وستضع إنجلترا ارتكازات عسكرية على الحدود بين دارفور وواداي وإن لم يقبل بها دينار. وشابت الفترة التي سبقت الحرب العالمية الشكوك في ميل علي دينار إلى تركيا كردة فعل لخذلان الإنجليز له. فكاتب السيد علي متظلماً من الإنجليز لأنهم لا يبيعون له السلاح، ولعدم لجمهم الفرنسيين دون تغولهم على سلطنات غربية تابعة له، واستقبالهم عرب البقارة المتمردين عليه، ولدين له على الحكومة.
وفي رسالة أخرى للحاكم العام كتب دينار غاضباً قال إنه سيرد كل حملة تريد به سوء. وتمسكت الحكومة بشعرة معاوية وإن لم تخل من سوء ظن به إنه ربما مال لتركيا. وكان الرأي أنهم سيتفرغون لدينار بعد الحرب إن لم يكن أعجل. وكان ما أزعج الحكومة من الوضع في دارفور ما شاع من أن الحكومة لن تصمد بعد تلك الحرب وأن تغييراً يطل في الأفق. فدبرت الحكومة ترتيبات عسكرية في كردفان في حالة جنح دينار لتركيا. ولكن بدا للإنجليز خطر دينار من رسالة كان بعثها لناظر الكبابيش يدعوه للنهوض ضد الحكومة. لم يعلق ونجت كبير شيء على الرسالة ودعوة الجهاد ضد حكومته. وواصل شعرة معاوية وإن كان يستعد بغير إعلان لما قد يأتي من على دينار. وكان تلقى هو نفسه رسائل مسيئة من دينار. وكانت الخشية أن ينتشر خبر هذه الرسائل بين القبائل فتضعف من موقف الحكومة.

ومن رأي ونجت أنه متى غزا دارفور كان الأمثل أن يغزوها باسم أهلها أو العرب منهم أقله. وعرض ونجت فكرة أن يُزال دينار ويحل محله الأمير عبد الحميد وأن تتصل بالمتمردين عليه مثل الرزيقات ليوم المواجهة. وعين ونجت هارولد مامكمايكل، السكرتير الإدراي لاحقاً، استخباراتياً في كردفان يتشمم أحوال دارفور. وكان ونجت يخشى التورط في حملة على دارفور من شاكلة حملة هكس باشا على المهدي. وكانت مخاوفه من أنهم مسيحيون في بلد يزبد تطرفاً دينياً. فسلحت الحكومة الرزيقات والكبابيش ضمن الاستعدادات لحملة دارفور. وتواترت الدلائل بعد نهاية 1915 عن ضلوع على دينار مع تركيا والمحور وبالذات عن طريق السنوسية الخاضع بلدها للاستعمار الايطالي التي كانت أعلنت الجهاد مع تركيا. وكتب دينار نفسه رسالة عن أنه بصدد الهجوم على النهود. فرتب الإنجليز حملتهم للهجوم عليه. وانتهز ونجت دخول فرقة صغيرة من دارفور إلى جبل الحلة في فبراير 1916 ليبدأ الغزو في مارس. ومع ذلك استمر الإنجليز في القاهرة يحذرون ونجت من التوجه للفاشر لأن الفرنسيين خشوا أن يتراجع علي دينار من وجه الحملة إلى مستعمرتهم واداي التي ليس لهم فيها قوة تصده. وشكت فرنسا من ونجت وقالت بأنه لا يعرف ما يفعله. وقالت إن أمر دارفور لا ينبغي أن يقرر في الخرطوم مع مثل ونجت، بل في لندن لتقاطع مصالح مصرية وإنجليزية وفرنسية فيها أيضاً. وكانت النفقة على الحملة على دارفور بنداً كبيراً في جدل الخرطوم والقاهرة. ولكن لندن أجازت أخيراً ونجت في الزحف على الفاشر. واستمر احتجاج الفرنسيين وصرفه ونجت كمجرد ذريعة لخوفهم من أن يفقدوا دار تاما والمساليت المتنازع عليها في نهاية الأمر. فوزع الإنجليز مناشيرهم بالطائرة على السكان في دارفور للاستسلام. وفيها وعد بحكومة عادلة وتوقير للإسلام، وتثبيت رجال القبائل العادلين في مواقعهم، مع وعد إنصاف القبائل العربية التي عانت من دينار. وفي 23 مايو 1916 احتل الإنجليز الفاشر التي غادرها علي دينار. فتعقبوه وقتلوه.

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: علی دینار دارفور فی على دینار دینار من

إقرأ أيضاً:

الأردن الأولى للاستثمار تكشف عن بيع أرض في جنوب عمّان بخسارة تقارب 176 ألف دينار

صراحة نيوز- أعلنت شركة الأردن الأولى للاستثمار، عبر إفصاح منشور على موقع هيئة الأوراق المالية، عن حدث جوهري يتعلق ببيع قطعة أرض مملوكة لإحدى شركاتها التابعة، ما أدى إلى تسجيل خسارة مالية بنحو 176 ألف دينار. وأوضحت الشركة أن عملية البيع جاءت بهدف تسديد جزء من الالتزامات المالية المترتبة عليها.

وأشار الإفصاح إلى أن شركة الطنيب للاستثمار العقاري، المملوكة بالكامل لشركة الأردن الأولى، قامت بتاريخ 29 يونيو 2025 ببيع قطعة أرض بمساحة 152 دونماً تقع في منطقة قرية حوارة جنوب العاصمة عمان.

وأكدت الشركة أن قرار البيع جاء نتيجة الحاجة إلى توفير السيولة اللازمة لتسديد الالتزامات والأعباء المالية التي تواجهها، مما استدعى بيع بعض الأصول العقارية.

يُذكر أن شركة الأردن الأولى للاستثمار شركة مساهمة عامة مدرجة في سوق عمان المالي منذ عام 2011، وتعمل في قطاع التمويل المتنوع مع تركيز على الحيازات متعددة القطاعات، ولها فروع في الأردن والولايات المتحدة، ويرأس مجلس إدارتها أيمن هواع المجالي.

مقالات مشابهة

  • مشروع مسام يعلن عن كمية الألغام التي انتزعها في اليمن منذ انطلاقته وحتى نهاية يوليو المنصرم
  • الأردن الأولى للاستثمار تكشف عن بيع أرض في جنوب عمّان بخسارة تقارب 176 ألف دينار
  • القبض على مطلوب في قضية اختلاس وسرقة نصف مليون دينار
  • متدربون في «لوكهيد مارتن»: تطوير المهارات في مجال التكنولوجيا والدفاع
  • ألونسو.. «الضوء الأخضر» في «جائزة المجر»!
  • «إصابة الظهر» تبعد ألونسو عن التجارب الحرة في المجر
  • فرص عمل في الأردن برواتب تصل إلى 550 دينارًا
  • سوق العراق يتداول أسهما بأكثر من 7 مليارات دينار خلال الأسبوع الأخير من الشهر
  • نينوى.. عودة الانسيابية لسيطرة سد الموصل وواردات المحافظة تبلغ 480 مليون دينار
  • مراسل القاهرة الإخبارية: مجلس السلم والأمن الأفريقي رفض الحكومة الموازية ويدعم استقرار السودان