حسن الظن بالله تعالى؛ هو قوة اليقين بما وعد الله تعالى عباده من سعة كرمه ورحمته، ورجاء حصول ذلك.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي.
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:
" قيل: معناه: بالغفران له إذا استغفرنى ، والقبول إذا أناب إليّ ، والإجابة إذا دعانى، والكفاية إذا استكفانى، لأن هذه الصفات لا تظهر من العبد إلا إذا أَحسن ظنه بالله وقوى يقينه " انتهى، من "اكمال المعلم" (8 / 172).
ثانيا:
حسن الظن بإجابة الدعاء، يكون بقوة اليقين بأن الله تعالى يجيب الداعي؛ حيث قال عزّ وجلّ:
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ البقرة /186.
لكن إن تأخر جوابه ، فلا يقنط من رحمة الله تعالى وسعة كرمه؛ فإن في القنوط سوء ظن بالله تعالى، وهو أمر محرم.
قال الله تعالى: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ الحجر /56.
وقال الله تعالى: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ يوسف /87.
وسوء الظن هذا : مانع من الإجابة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي .
فإذا تأخر جواب دعوته بأمر من أمور الدنيا؛ فإحسان الظن بالله تعالى، هو أن يرجو أن الله تعالى قد خار له في ذلك ، وقدّر له ما هو خير.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا.
قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ رواه الإمام أحمد في "المسند" (17 / 213)، وقال محققو المسند اسناده جيّد.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" فإن الراجي ليس معارضا، ولا معترضا، بل راغبا راهبا، مؤملا لفضل ربه، محسن الظن به، متعلق الأمل ببره وجوده، عابدا له بأسمائه: المحسن، البر، المعطي، الحليم، الغفور، الجواد، الوهاب، الرزاق، والله يحب من عبده أن يرجوه، ولذلك كان عند رجاء العبد له وظنه به " انتهى، من "مدارج السالكين.
فمن حسن الظن بالله تعالى أن لا يعترض الداعي على عدم تحقق المطلوب فلعل الخير له في عدم تحقق مطلوبه، ولعله قد أعطي بدعوته ما هو أفضل له من مطلوبه وهو لا يشعر.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" بل الذي ينافي الرضا: أنه يلح عليه، متحكما عليه، متخيرا عليه ما لم يعلم: هل يرضيه أم لا ؟ كمن يلح على ربه في ولاية شخص، أو إغنائه، أو قضاء حاجته، فهذا ينافي الرضا، لأنه ليس على يقين أن مرضاة الرب في ذلك " انتهى، من " مدارج السالكين .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الله تعالى
إقرأ أيضاً:
العمل الصالح طريق السعادة.. ندوة توعوية لخريجي الأزهر بكفر العرب بكفر الزيات
أقامت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف فرع الغربية برئاسة الدكتور سيف رجب قزامل رئيس فرع المنظمة بالغربية والعميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بطنطا، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية فعاليات الندوة العلمية والتثقيفية بقرية كفر العرب مركز كفر الزيات بدعوة من محمد عبد الغني عيسى، والدكتور محمود عيسى نائب محافظ الغربية، وأهالي القرية.
حاضر باللقاء رئيس فرع المنظمة بالغربية، الشيخ محمد عبد الموجود وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، والشيخ محفوظ المداح مدير عام وعظ الغربية الأسبق، و الدكتور حسن عيد مدرس الفقه المقارن بشريعة طنطا، وسعيد صقر مدير عام سابق بالأزهر الشريف، بحضور الشيخ رمضان علام إمام مسجد القرية، وقدم للحفل دكتور حمدي الفارة الموجه بالأزهر الشريف، حيث دار اللقاء حول العمل الصالح طريق السعادة في الدنيا والآخرة.
وأشار علماء خريجي الأزهر إلى أن العمل الصالح هو الطريق إلى السعادة في الدنيا والآخرة، حيث يجلب رضا الله تعالى والراحة النفسية في الدنيا، ويُفضي إلى الجنة في الآخرة. والسعادة الحقيقية في الإسلام لا تقتصر على ملذات الدنيا، بل هي تحقيق رضا الله تعالى والتقرب إليه بالعمل الصالح. والعمل الصالح في الدنيا يشمل كل ما يحبه الله تعالى من قول وفعل، سواء كان عملاً قلبياً كالإيمان والخشوع، أو عملاً ظاهراً كالصلاة والصدقة.
وأشار علماء خريجي الأزهر إلى ثمرات العمل الصالح في الدنيا.. راحة البال وطمأنينة القلب والتوفيق في الأمور والنجاح في الحياة محبة الناس والقبول.. الحياة الطيبة والعيش الكريم، العمل الصالح في للآخرة، الفوز برضوان الله قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ومن هنا تتحقق السعادة في الدنيا من خلال إحسان العمل، وتحقيق التوازن بين متطلبات الحياة والعبادة، والرضا بما قسم الله.
وقد لاقت الندوة قبولاً وإستحسان الجميع وتم الرد علي اسئلة وإستفسارات الحضور وفق منهج الشريعة السمحاء وأحكام الدين الحنيف ورسالة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر في الوسطية والاعتدال.