تهديد سخيف، وطريف أيضاً، بـ«تفكيك السلطة الفلسطينية وحلِّها إذا استمرت تحركاتها ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، نقلته عدة صحف عبرية، أمس الأول، الأحد، عن وزير الخارجية الإسرائيلي.
وكان لافتاً، أن يلتقي سفيرنا في رام الله، مساء اليوم نفسه، رئيس الوزراء الفلسطيني، ويؤكد اعتزام الدولة المصرية تقديم كل سبل الدعم لإنجاح حكومته، مشدداً على وقوف مصر الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى ينال حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة، على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.السلطة الوطنية الفلسطينية، تعدّ تجسيداً مبدئياً لدولة فلسطين، وتستمد شرعيتها من إرادة الشعب الفلسطيني، والقانون الدولي، وليست رهينة لدى دولة الاحتلال. غير أن هناك مخاوف فعلية من احتمال انهيارها، ليس لاستمرار تحركاتها الأممية ضد إسرائيل، لكن بسبب «انهيار في المالية العامة» مع «نضوب الإيرادات»، حسب تقرير أصدره «البنك الدولي»، كما أشارت بيانات وزارة المالية الفلسطينية إلى أن الديون المتراكمة على السلطة تجاوزت 11 مليار دولار، نتيجة الإجراءات العقابية الإسرائيلية، أحادية الجانب، وغير القانونية، التي لا تستهدف السلطة فقط، بل تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية.
في هذا السياق، جدّد سفيرنا في رام الله، إيهاب سليمان، تأكيد الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن مصر تواصل جهودها من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وتتابع، عن كثب، ما يحدث في الضفة الغربية من تصعيد خطير. وخلال لقائه، مساء أمس الأول الأحد، مع الدكتور محمد مصطفى، رئيس الوزراء الفلسطيني، وزير الخارجية، تناول جهود الحكومة الفلسطينية إزاء التصعيد الإسرائيلي الخطير في محافظات شمال الضفة الغربية، والجهود المبذولة لمواجهة الأزمة المالية التي تتعرض لها السلطة الفلسطينية، منذ بداية الحرب بشكل خاص، وأيضاً دورها في إغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتقديم بعض الخدمات الأساسية له، على الرغم من التحديات المفروضة، خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي يعيشها سكان القطاع.
المهم، هو أن تهديد وزير الخارجية الإسرائيلي جاء رداً على مشروع قرار تقدمت به السلطة الفلسطينية للجمعية العامة للأمم المتحدة، من المقرر أن يتم التصويت عليه، خلال أيام، يطالب بإجبار إسرائيل على تنفيذ قرار «محكمة العدل الدولية»، الذي يطالب بإنهاء الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وإنهاء المشروع الاستيطاني، و«عودة الفلسطينيين إلى أرضهم»، ومنع بيع الأسلحة إلى إسرائيل إذا كان من الممكن استخدامها في المناطق الفلسطينية، و... و... وعدم إنشاء مزيد من السفارات في القدس المحتلة.
القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية، في 19 يوليو الماضى، قال إن سياسة إسرائيل الاستيطانية بالضفة الغربية تنتهك القانون الدولي، وطالب بوقف هذه السياسة والاستيطان الجديد، وإلغاء «جميع التشريعات والتدابير التي تخلق أو تحافظ على هذا الوضع غير القانوني»، بما في ذلك تلك التي قالت إنها «تميّز ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، مع تقديم إسرائيل تعويضات عن أي ضرر ناجم عن «أفعالها الخاطئة». وفوق ذلك، قالت المحكمة إن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مُلزَمة بعدم الاعتراف بالتغييرات في وضع الأراضي الفلسطينية، وملزمة، أيضاً، بعدم مساعدة أو دعم حكم إسرائيل لتلك الأراضى، وضمان إنهاء أي عائق «لممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير».
وتبقى الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الفلسطيني أعرب خلال لقائه سفيرنا في رام الله، أمس، عن تثمينه الدور المحوري، الذي تضطلع به مصر، منذ بداية الأزمة الراهنة، ورآه استمراراً لدورها التاريخي بشأن القضية الفلسطينية. كما أثنى على جهود الدولة المصرية، رئيساً وحكومةً وشعباً، في دعم الشعب الفلسطيني، وأشاد بدعمها للقضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية، مقدراً موقفها الحاسم لمنع تصفية القضية، برفضها تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وجهودها الكبيرة لوقف إطلاق النار، وإغاثة الفلسطينيين في قطاع غزة، واستقبالها الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وتوفير الخدمات الأساسية لهم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل السلطة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی
إقرأ أيضاً:
إلى أين يتجه الصراع بين إسرائيل وغزة؟ محررون بواشنطن بوست يجيبون
في حوار سياسي وفكري معمّق، ناقش 3 من كتّاب صحيفة واشنطن بوست البارزين، وهم دامير ماروشيك، وماكس بوت، وشادي حميد، مآلات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وأسباب تعثر وقف إطلاق النار، وخيارات الخروج المتاحة من صراع بات يحمل طابع العبث والمأساة الطويلة.
واستهلت الصحيفة الأميركية تقريرها الذي تناول تفاصيل ما دار في الحوار بين الكُتّاب بالقول إن الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تُظهر أي مؤشرات على قرب نهايتها، في وقت تؤكد فيه تقارير دولية حدوث مجاعة على نطاق واسع في القطاع المحاصر.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون: هذه حكاية محتال انتحل صفة وزير دفاع دولة نووية وسرق الملايينlist 2 of 2كاتب إيطالي: لماذا محادثات روسيا وأوكرانيا ليست مفاوضات حقيقية؟end of listوأضافت أن تلك التقارير دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إصدار أمر بوقف القتال مؤقتا في بعض المناطق لإفساح المجال لوصول المساعدات.
لكن المتحاورين الثلاثة يرون أن هذا التراجع من قبل نتنياهو لا ينطوي على نية إسرائيلية حقيقة لإنهاء الحرب، بل يعكس محاولة للتهدئة أمام ضغط دولي متصاعد.
انهيار المسار السياسي وتفاقم الكارثة الإنسانية
ويؤكد شادي حميد -الذي يعمل أيضا أستاذا باحثا في الدراسات الإسلامية في كلية فولر اللاهوتية بولاية كاليفورنيا- أن دوافع استمرار الحرب لم تعد عسكرية، بل سياسية بحتة، حيث يقاتل نتنياهو من أجل بقائه في السلطة وحتى لا يفقد دعم حلفائه في اليمين المتطرف.
وينتقد حميد الدور الأميركي، معتبرا أن واشنطن -رغم امتلاكها النفوذ الأكبر على إسرائيل- ترفض استخدامه بفعالية. ويرى أن تعليق الرئيس دونالد ترامب على صور الأطفال الجائعين كان لافتا، لكن التعويل على تقلبات مزاجه غير المتوقع ليس إستراتيجية جادة.
لكن ماكس بوت -وهو زميل أول في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي- يقول إنه لا يشعر بالتفاؤل إزاء الصراع لأن ديناميكياته الجوهرية لم تتغير، ذلك أن نتنياهو يعتمد على وزراء متشددين للبقاء في السلطة، وهؤلاء يطالبون باستمرار الحرب في غزة دون رحمة، بغض النظر عن التكلفة البشرية.
إعلانوأضاف أن معظم الإسرائيليين باتوا مستعدين لإبرام صفقة تنهي الحرب مقابل استعادة الرهائن المتبقين. لكن نتنياهو يرفض ذلك، سعيا وراء "هدف خيالي" يتمثل في القضاء التام على حركة حماس، دون تقديم أي خطة واقعية لما بعد الحرب.
ويُشبّه بوت هذا المسار بسياسات ترامب وأنصاره الجمهوريين في الولايات المتحدة، الذين يتبنون قرارات غير شعبية لترضية قواعدهم الانتخابية. كذلك يفعل نتنياهو، الذي يستمد بقاءه السياسي من دعم قاعدته اليمينية، رغم أن سياساته باتت محل رفض متزايد داخل المجتمع الإسرائيلي.
ويُعقِّب حميد على هذا الحديث بأن المشكلة لم تعد محصورة في الحكومة وحدها، مشيرا إلى نتائج استطلاعات حديثة تُظهر أن غالبية الإسرائيليين اليهود يؤيدون الطرد الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، مما يعكس تحوّلا أكثر تشددا في الرأي العام.
يتساءل دامير ماروشيك، المحرر المسؤول عن تكليف الصحفيين بتغطيات إخبارية في قسم الآراء بواشنطن بوست، عما إذا كان هناك سيناريو يستطيع نتنياهو من خلاله إنهاء الحرب والبقاء بالسلطة في الوقت ذاته، معربا عن اعتقاده بأن ذلك هو أكثر الطرق ترجيحا لوضع حد للصراع في غزة.
ويرى أن السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء الحرب هو أن يجد نتنياهو طريقة تُمكّنه من الحفاظ على موقعه السياسي دون الاعتماد على اليمين المتطرف.
بوت: الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة
ويلتقط بوت خيط الحوار مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة.
لا استسلام من حماس.. ولا بديل جاهزويتفق المشاركون على أن الرهان على استسلام حماس أمر غير واقعي. فالحركة، كما يقول بوت، ذات طبيعة عقائدية لا تقبل الهزيمة، لكنها أيضا تستمد مشروعيتها من غياب البدائل السياسية، ومن تصاعد مشاعر الظلم والاضطهاد لدى الفلسطينيين.
ويعرض بوت تصورا لحل انتقالي يتمثل في نشر قوة حفظ سلام عربية، وتأسيس صندوق دولي لإعادة الإعمار، ومنح السلطة الفلسطينية دورا محدودا في إدارة قطاع غزة رغم ما تعانيه من ضعف وفساد. وهو حل لا يعد مثاليا، لكنه أفضل من استمرار الفوضى الحالية، من وجهة نظره.
دامير: حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين
ومن جانبه، يقول دامير إن حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين. ويصفها بوت بأنها قوة كبيرة في غزة، وأن من مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعالم العربي، أن يعملوا على استحداث بديل لها، خصوصا بعد أن بدأت تفقد الدعم العربي، على حد زعمه.
إبادة جماعية وصمة أخلاقية دائمةوفي أكثر فقرات الحوار إثارة للجدل، يصف شادي حميد النهج الإسرائيلي تجاه غزة بأنه يقترب من تعريف الإبادة الجماعية، قائلا إن القضاء على حماس كما يُصوَّر إسرائيليا يتطلب قتل كل من له أدنى صلة بالحركة، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون حرب مفتوحة بلا نهاية.
ويأمل حميد أن يدرك مؤيدو إسرائيل في الغرب أن ما يجري يُلحق وصمة أخلاقية دائمة بمشروع الدولة الإسرائيلية، ويطالبهم بإعادة النظر في مواقفهم قبل فوات الأوان.
إعلانواتفق ماكس بوت مع حميد في هذا الرأي، إلا أنه -وهو المعروف بتأييده لإسرائيل- يعبّر عن "اشمئزازه" من أفعال دولة الاحتلال في غزة حاليا، معتبرا أنها تجاوزت حدود الأخلاق والقانون الدولي.
ويختم ماروشيك الحوار بنبرة واقعية، قائلا: "أكره أن أُنهي الحديث بهذا الشكل، لكنه يبدو مناسبا، فلا جدوى من اصطناع أمل أكبر مما تسمح به الوقائع "المأساوية" القائمة، فالمسار للخروج واضح منذ زمن، ولنأمل في أن يُسلك قريبا".