الأورومتوسطي .. إسرائيل تصر على تقويض حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
#سواليف
قال المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن #إسرائيل تعيق #عمليات #تطعيم_الأطفال ضد #شلل_الأطفال في قطاع #غزة، من خلال استمرار هجماتها العسكرية في مناطق التطعيم، إلى جانب عرقلة وصول #قافلة تابعة للأمم المتحدة كانت متجهة لتنفيذ حملة التطعيم شمال غزة.
ووثق الأورومتوسطي في بيان له قصف طائرات حربية إسرائيلية في حوالي الساعة 7:30 من صباح اليوم الثلاثاء مجموعة من الفلسطينيين قرب كشك للطعام في “ساحة الشوا” في مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص، أحدهم طفل.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أن القصف جاء بالتزامن مع انطلاق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي تنفذها وزارة الصحة الفلسطينية بالشراكة مع الأمم المتحدة ومؤسسات محلية شمال وادي غزة، منبهًا إلى أن القصف استهدف محيط كشك للطعام في “حي التفاح” الواقع بين ثلاثة مراكز تم تحديدها على أنها آمنة لتقديم التطعيم ضد شلل الأطفال.
وبحسب معلومات جمعها فريق الأورومتوسطي الميداني، فإن بسطة المواد الغذائية المستهدفة في حي التفاح شرق مدينة غزة تبعد عشرات الأمتار فقط عن مراكز التطعيم الآمنة المخصصة في أحياء “التفاح” و”الدرج” و”البلد” في مدينة غزة.
وواصل الجيش الإسرائيلي هجماته العسكرية على كافة مناطق قطاع غزة، الجنوبية منها والشمالية، بالتزامن مع بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال، في الأول من سبتمبر/أيلول الجاري، متجاهلًا كل النداءات لتنفيذ هدنة إنسانية أو وقف مؤقت للهجمات خلال الساعات المحددة للتطعيم. وسبق أن شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية عشرات الغارات قرب مراكز التطعيم جنوب ووسط القطاع.
وأشار الأورومتوسطي إلى احتجاز جيش الاحتلال الإسرائيلي قافلة تابعة للأمم المتحدة كانت في طريقها إلى شمال غزة لأكثر من ثماني ساعات يو أمس الإثنين، على الرغم من التنسيق المسبق.
ووفق وكالة الأمم المتحدة (الأونروا)، كانت القافلة تضم موظفين محليين ودوليين متوجهين لتنفيذ حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في مدينة غزة وشمال قطاع غزة، وجرى إيقافها من الجيش الإسرائيلي تحت تهديد السلاح مباشرة بعد حاجز وادي غزة، مع تهديدات باحتجاز موظفي الأمم المتحدة. وتسببت الجرافات بأضرار كبيرة للمركبات المدرعة التابعة للأمم المتحدة. فيما أفرج لاحقًا عن جميع الموظفين والقافلة وعادوا بأمان إلى قاعدة الأمم المتحدة.
وقال الأورومتوسطي إن هذه الحادثة الخطيرة هي الأحدث في سلسلة من الانتهاكات ضد موظفي الأمم المتحدة رغم الإبلاغ المسبق، بما في ذلك إطلاق النار على القوافل، واستهداف وقتل المئات من موظفي الأمم المتحدة، واعتقال عدد منهم، ما يؤكد على وجود خطة منهجية لعرقلة الجهود الإنسانية والإغاثية في القطاع الذي يعاني من كوارث إنسانية وصحية خطيرة ومتفاقمة.
وجدد المرصد الأورومتوسطي تحذيره من أن تعمد شن هجمات عسكرية مكثفة في مناطق وأوقات حملات التطعيم من شأنه عرقلة وصول العائلات الفلسطينية إلى المراكز الصحية إلى هذه المراكز، وزيادة خوفهم وترددهم، ما قد يدفعهم إلى الامتناع عن التوجه إلى هذه المراكز، خاصةً وأنهم يكونون برفقة أطفالهم، مشيرًا إلى أن هذا يعكس نية واضحة ومتعمدة لدى إسرائيل لعرقلة جهود مكافحة الفيروس وتقويض حملة التطعيم.
وأشار الأورومتوسطي أن هذه الهجمات تأتي ضمن خطة أوسع ترمي إلى تعميق الأزمة الإنسانية القائمة في القطاع، ومنع تخفيف معاناة الفلسطينيين هناك، وتعريض حياة الأطفال الفلسطينيين والمجتمع بشكل عام لخطر أكبر، ويعكس إمعانًا في جريمة الإبادة الجماعية الشاملة التي ترتكبها هناك.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها العسكرية فورًا، لضمان تنفيذ حملة التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال على وجه السرعة والشمولية المطلوبين، مؤكدًا على تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حماية حياة وسلامة الأطفال الفلسطينيين من خطر تفشي الفيروس، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة تعود بشكل رئيس إلى جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين في القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي، والتي شملت تدمير البنى التحتية الأساسية والقطاع الصحي والتهجير القسري المتكرر، والحصار التعسفي الشامل المستمر، والحرمان من كافة مقومات الحياة الإنسانية.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الأورومتوسطي إسرائيل عمليات تطعيم الأطفال شلل الأطفال غزة قافلة التطعیم ضد شلل الأطفال حملة التطعیم ضد الأمم المتحدة مدینة غزة
إقرأ أيضاً:
حرب إسرائيل الأبدية ومنطق الإبادة الجماعية في غزة
منذ حدث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 الذي قوض مرتكزات الأمن القومي الإسرائيلي القائم على الردع، دخلت المستعمرة الصهيونية في حالة شك وقلق، وسوّقت للجمهور الدولي دور الضحية التي تخوض حرب وجودية بمنطق الدفاع عن النفس. وقد حرّض وزراء إسرائيليون وشخصيات سياسية وضباط عسكريون وخبراء إعلاميون على تدمير غزة وإبادة سكانها الفلسطينيين دون مواربة. ونظرا لخبرة الولايات المتحدة الاستعمارية الحديثة، نصح المسؤولون الأمريكيون نظراءهم المستعمرين الإسرائيليين بتحديد أهداف سياسية قابلة للتحقيق ودمجها في أي عمليات عسكرية قد تترتب على ذلك، ونصحت الولايات المتحدة إسرائيل بعدم الوقوع في الأخطاء التي ارتكبتها أمريكا في فيتنام والعراق وأفغانستان. لكن قادة إسرائيل لم يمتثلوا للنصيحة الأمريكية، وغدت حرب إسرائيل بلا نهاية وأصبحت الإبادة الجماعية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في غزة الهدف الجوهري للحرب والاستراتيجية الأساسية لطرد من يتبقى حيا من الشعب الفلسطيني، وذلك للحفاظ على مشروع المستعمرة الاستيطانية اليهودية في إسرائيل واستعادة التفوق الديموغرافي اليهودي المفقود في فلسطين، والذي تم تحقيقه عام 1948 من خلال عمليات القتل والتهجير الجماعية.
لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يؤكد في تصريحاته أنه لن ينهي الحرب في غزة قبل أن تحقق إسرائيل "نصرا مطلقا"، ومع ذلك، فهو يرفض توضيح الأهداف السياسية للقتال، فهل يعني هذا أن إسرائيل تشن حربا دون استراتيجية واضحة المعالم؟ وإذا لم تكن هذه الحرب امتدادا لسياستها بوسائل أخرى، فهل هي حربٌ لذاتها، أم حربٌ مطلقة، أم حرب إبادة؟ أم أن إسرائيل تمتنع عن الإعلان عن أهدافها السياسية لأن ذلك من شأنه أن يُقوّض ادعاءها بأنها منخرطة في الدفاع المشروع عن النفس؟ وفي حقيقة الأمر، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 تواترت تصريحات قادة المستعمرة بشن حرب إبادة جماعية، فالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ صرّح بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر بقليل بأن "الأمة [الفلسطينية] بأكملها مسؤولة"، ثم صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بالقول: "أمرتُ بحصار شامل على قطاع غزة. لن يكون هناك كهرباء، ولا طعام، ولا وقود، كل شيء مُغلق. نحن نُقاتل حيوانات بشرية، ونتصرف بناء على ذلك". ومع توالي التصريحات بإبادة الشعب الفلسطيني في غزة، كانت جنوب أفريقيا قد جمعت بحلول كانون الأول/ ديسمبر 2023 سجلا شاملا بهذه التصريحات لتقديمها إلى محكمة العدل الدولية، مؤكدة أن إسرائيل تنوي ارتكاب إبادة جماعية في القطاع الفلسطيني.
بات واضحا أن ما تقوم به إسرائيل من إبادة جماعية ليس مجرد رد فعل عاطفي انفعالي مؤقت، فهي تواصل إلحاق مستويات هائلة من الموت والدمار والتجويع والحرمان لا يمكن تبريرها بالضرورة العسكرية، فقد تحولت غزة إلى كومة من الأنقاض، حيث دمّرت آلة الإبادة الإسرائيلية الأحياء السكنية والمدارس والجامعات والمساجد والمكتبات والمستشفيات والشركات والمواقع الثقافية والتاريخية
منذ قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير الماضي ثم اقتراحه في شباط/ فبراير أن تسيطر الولايات المتحدة على غزة وتعيد تطويرها إلى "ريفييرا" بدون فلسطينيين، تحللت إسرائيل من أي ضوابط في تحديد أهدافها، وأصبحت الإبادة برنامجا علنيا، ولم تعد القيادة الإسرائيلية ملزمة بصياغة رؤية لما بعد الحرب، وتراجعت الخطابات الموجهة للجمهور الدولي والتي تحدد الأهداف العسكرية الأضيق المتمثلة في هزيمة حماس وإنقاذ الأسرى الإسرائيليين.
وقد تبنى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فكرة ترامب، واستخدمها كغطاء سياسي لإعلان غزة غير صالحة للسكن والدعوة إلى إعادة توطين سكانها الباقين على قيد الحياة بشكل دائم خارج القطاع. وسرعان ما استأنفت إسرائيل حرب الإبادة في آذار/ مارس، منهية وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين، وفرضت حصارا شاملا على الغذاء والمياه، مما أدى إلى حالة مجاعة في جميع أنحاء غزة. وقد صف نتنياهو العملية بأنها "خطوات ختامية"، تهدف إلى ضمان "اختيار سكان غزة الهجرة خارج القطاع". وأعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في أيار/ مايو أن غزة ستختفي من الوجود خلال ستة أشهر، وأضاف أن السكان الناجين سيُجمعون في "منطقة إنسانية" واحدة، وسيغادرونها -وقد حطمهم اليأس- "مدركين أنه لا أمل ولا شيء يُنتظر في غزة".
لقد بات واضحا أن ما تقوم به إسرائيل من إبادة جماعية ليس مجرد رد فعل عاطفي انفعالي مؤقت، فهي تواصل إلحاق مستويات هائلة من الموت والدمار والتجويع والحرمان لا يمكن تبريرها بالضرورة العسكرية، فقد تحولت غزة إلى كومة من الأنقاض، حيث دمّرت آلة الإبادة الإسرائيلية الأحياء السكنية والمدارس والجامعات والمساجد والمكتبات والمستشفيات والشركات والمواقع الثقافية والتاريخية، وارتفعت حصيلة العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 54 ألفا و772 شهيدا، بينهم أكثر من 18 ألف طفل، بالإضافة إلى 125 ألفا و734 جريحا بإصابات متفاوتة بينها إصابات خطيرة، غالبيتهم من النساء والأطفال، وسط أعداد كبيرة لا تزال تحت الأنقاض، وهو ما يذكرنا بما وصفه نائب رئيس البرلمان الإسرائيلي، عضو الكنيست نيسيم فاتوري، بأنه "الهدف المشترك الوحيد" للبلاد بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو "محو قطاع غزة من على وجه الأرض".
ثمة تصور شاع لدى العديد من المحللين والمراقبين بأن نتنياهو يرفض الاتفاق على وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن بالسجناء مع حماس بسبب خوفه من أن الوزراء المتطرفين على يمينه -بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير- الذين يدعمون احتلالا عسكريا دائما واستيطانا نهائيا لقطاع غزة، سيُسقطون حكومته، وأن ذلك قد يؤدي إلى إنشاء لجنة تحقيق في فشل 7 أكتوبر، واستئناف محاكمة نتنياهو بتهم الفساد، مما قد ينهي مسيرته السياسية ويدخله السجن، ومن هنا يأتي اهتمام نتنياهو بمواصلة الحرب في غزة والهجوم في لبنان وسوريا. وهي تصورات صحيحة جزئيا، لكن ذلك لا يجعل ديمومة حرب الإبادة مسألة شخصية، فنتنياهو يمتلك استراتيجية طويلة المدى، سعى إليها طوال مسيرته السياسية الطويلة، وهي استراتيجية تتشابه مع السياسات الصهيونية التي تعود إلى فترة ما قبل قيام الدولة، وهي الاستراتيجية التي تُحرّك حرب الإبادة الحالية.
فالهدف الجوهري من الإبادة الجماعية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، ومن المخططات المتنوعة لطرد من يتبقى منهم على قيد الحياة، حسب جوزيف مسعد، هو الحفاظ على مشروع المستعمرة الاستيطانية اليهودية في إسرائيل عبر استعادة التفوق الديموغرافي اليهودي المفقود، والذي تم تحقيقه أول مرة عام 1948 من خلال عمليات القتل والتهجير الجماعية. فمنذ بدايات مشروعهم الاستعماري الاستيطاني في فلسطين، أدرك الصهاينة أن فرصة بقاء كيانهم مرهونة بإنشاء أغلبية يهودية في البلاد، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون طرد الفلسطينيين. وقد وضع ثيودور هيرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية في تسعينيات القرن التاسع عشر، خططا مسبقة لهذا الغرض، سعت المنظمة الصهيونية إلى تحقيقها منذ عشرينيات القرن العشرين. ومع ذلك، لم يصبح الطرد والتهجير ممكنا إلا بعد الغزو الصهيوني العسكري لفلسطين. ومع تفوق عدد الشعب الفلسطيني على اليهودي رغم سياسات التفوق العرقي الصهيوني، شكل الواقع الديموغرافي صدمة لا يمكن احتمالها بالنسبة لدولة الفصل العنصري، وعلى هذه الخلفية أصدر الكنيست الإسرائيلي "القانون الأساسي الجديد: إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي" في تموز/ يوليو 2018، مؤكدا أن "أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، حيث تأسست دولة إسرائيل" وأن "ممارسة حق تقرير المصير الوطني في دولة إسرائيل هو حق حصري للشعب اليهودي".
لم يعد من الممكن الرهان على قدرة الولايات المتحدة على ضبط المنطقة وتطويع الأنظمة الاستبدادية العربية للإذعان لمشروع الإبادة والتهجير، فقد برهنت الشعوب العربية إبان انتفاضات الربيع العربي على أنها تمتلك القدرة على تقويض الواقع، والفعل والحركة في لحظات تاريخية
لم يعد بالإمكان تبرير تصريحات القيادات الإسرائيلية باعتبارها مجرد انفعالات عاطفية وخطابات انتقامية بعد تسعة عشر شهرا من حملة إسرائيل لتصفية وإبادة غزة، فقد بات واضحا للجميع أنها تعكس منطقا استراتيجيا ورؤية بعيدة المدى. وقد أوضح نتنياهو، في مستهل اجتماع الحكومة الإسرائيلية في 30 آذار/ مارس 2025، أن الضغط العسكري الإسرائيلي المرافق للضغط السياسي هو الأمر الوحيد الذي يعيد المحتجزين الإسرائيليين. وأضاف أنّ خطة الحكومة الإسرائيلية لليوم التالي للحرب هي: نزع سلاح حماس وإبعاد قادتها إلى خارج قطاع غزة، ووضع الأمن العام في القطاع تحت سيطرة إسرائيل، وتنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لـتهجير الفلسطينيين طوعيا من قطاع غزة. وفي آذار/ مارس 2025، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على إنشاء "هيئة لإدارة الهجرة الطوعية [للفلسطينيين] من غزة".
وقد وصف جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي السابق، هذه التصريحات الإسرائيلية بأنها "إعلانات واضحة عن نية الإبادة الجماعية"، مشيرا إلى أنه "نادرا ما سمعت زعيم دولة يحدد بوضوح خطة تتناسب مع التعريف القانوني للإبادة الجماعية". فوفقا لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، يشمل هذا التعريف الأفعال المرتكبة "بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، كليا أو جزئيا"، مثل قتل أفراد من الجماعة أو فرض شروط تهدف إلى تدميرهم جسديا. وعندما يتحدث المسؤولون الإسرائيليون صراحة عن جعل غزة غير صالحة للعيش بشكل دائم لتحفيز نزوح جماعي، فإنهم يصفون هذا السيناريو بالضبط.
خلاصة القول أن المستعمرة اليهودية لم تعد تخفي نواياها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، في ظل الخوف من تحول المستوطنين اليهود إلى أقلية ديموغرافية، ومع تواصل عجز إسرائيل عن تحقيق هدفها الجوهري رغم دعم ومشاركة الولايات المتحدة فإن حربها الإبادية في غزة مستمرة، وباتت أبدية بلا نهاية. لكن بوادر الانقسام بدأت تظهر حتى مع أقرب حلفائها غير الولايات المتحدة، 20 أيار/ مايو الماضي، حذرت المملكة المتحدة وفرنسا وكندا من أنها ستفرض عقوبات إذا استمرت إسرائيل في منع المساعدات الإنسانية وتصعيد عملها العسكري في غزة، وأصدرت ألمانيا وإيطاليا بيانات استياء. وتتخلى بعض الشخصيات في أروقة السلطة الدولية ووسائل الإعلام عن مواقفها، ومع تصاعد الانتقادات سوف تجد المستعمرة نفسها في عزلة على المدى البعيد.
فمع تصاعد الوقاحة الصهيونية وتقويض مبادئ القانون الدولي، أجبرت إسرائيل العالم على مواجهة حالة طوارئ أخلاقية وقانونية، ولم يعد من الممكن الرهان على قدرة الولايات المتحدة على ضبط المنطقة وتطويع الأنظمة الاستبدادية العربية للإذعان لمشروع الإبادة والتهجير، فقد برهنت الشعوب العربية إبان انتفاضات الربيع العربي على أنها تمتلك القدرة على تقويض الواقع، والفعل والحركة في لحظات تاريخية، وأن طاقتها الانفجارية استثنائية وغير متوقعة، وكما فشلت المستعمرة في تحقيق أهدافها في ظروف مثالية سابقة، فإن فشلها بديمومة الحرب والإبادة والتهحير في الظروف الحالية مصيره الفشل.
x.com/hasanabuhanya