هذا المقال بقلم سامية عايش، صحفية مستقلة تكتب عن السينما العربية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

علمتنى أمي منذ كنت طفلة صغيرة أن المثقف هو من لا يقطع الإشارة الحمراء حتى وإن كانت الساعة الثانية صباحاً. لكن أمي لم تقل لي أبدا أن المثقف قد يكون أيضا على هيئة ممثل يدعى جمال سليمان.

تابعت مؤخرا اللقاء الذي أجراه النجم السوري مع الإعلامي جاد غصن عبر بودكاست "هامش جاد". ثلاث ساعات من المتعة في الاستماع إلى رجل قدم من حياته 40 عاما قضاها في الدراما العربية، بين سوريا ومصر بالتحديد. استمعت إلى البودكاست وأنا أقود سيارتي، ولم أرد لهذه الرحلة أو لهذه الحلقة أن تنتهي. ثلاث ساعات ستطبع في ذاكرتي المعنى الحقيقي للفنان الملتزم، المثقف، الواعي، الذي خاض تجارب حياتية مختلفة، هي التي جعلت من موهبته في التمثيل أكثر عمقا ونضجا.

فكرت كثيرا بعد استماعي للقاء في معنى الممثل الحقيقي وما إذا كان من المهم أن يكون مثقفا، أي قرأ الكثير وشاهد الأكثر. كما قال سليمان في لقائه "القراءة والمشاهدة ليستا بالضرورة أفلاما وكتبا، وإنما تجارب حياتية يخوضها الممثل، فيعرف كيف يطوع الدور ويقدمه بشكل يحترم بداية ونهاية عقل المشاهد، وفي نفس الوقت يأخذه إلى مساحة جديدة لم تقدم سابقاً".

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: جمال سليمان دراما سورية دراما مصرية مشاهير

إقرأ أيضاً:

اسماء عبدالعظيم تكتب: «حين سبقنا التطوير.. ونسينا الإنسان»

في السنوات الأخيرة تغيّر شكل التعليم عندنا، تبدّلت المناهج، وتقدّمت التكنولوجيا، وظهر ما يسمّى بالمنظومة الحديثة، لكن شيئًا واحدًا لم يتغير… الإنسان. فالطفل الذي لم يُهَيّأ، والمعلم الذي لم يُدرَّب، ووليّ الأمر الذي فوجئ بما لا يفهمه، جميعهم وجدوا أنفسهم داخل تجربة أكبر منهم، تجربة تبدو متطورة على الورق لكنها متعبة على الأرض.

أردنا أن ندخل التعليم عصر الحداثة قبل أن نُدخل الإنسان نفسه في التجربة. أردنا أن نلحق بالعالم بينما نسينا أن الخطوة الأولى تبدأ من الداخل، من النفس، من التربية، من الوعي الذي يسبق كل تطور. وهكذا أصبح المشهد مضطربًا، كمن يبني بيتًا بأدوات ذهبية على أرض غير ممهدة… فيبدو البيت جديدًا، لكنه لا يصمد.

لم تكن المشكلة في الكتب ولا في الامتحانات ولا في شكل الفصول. المشكلة كانت في الفلسفة. يوم قررنا أن نغيّر طريقة التعليم بينما تركنا التربية تتآكل بصمت. المعلم الذي كان قدوة أصبح منهكًا، يواجه نظامًا لا يعرف كيف يحتويه. والطالب الذي كان يدخل المدرسة ليبحث عن معنى أصبح يدخلها ليواجه قلقًا لا يعرف سببه. ووليّ الأمر الذي كان سندًا أصبح يسير في طريق لا يرى بدايته ولا نهايته.

سقطت التربية قبل أن يسقط الدرس، وتاه التعليم لأنه فقد بوصلته. فما قيمة العلم إذا غابت عنه الروح؟ وما فائدة التطوير إذا دخل الطفل المدرسة حاملًا خوفًا بدلًا من شغف؟ وما جدوى المنظومة الحديثة إذا كان الإنسان القديم لم يُعَدّ لها بعد؟

التعليم ليس سباقًا في تغيير المناهج، ولا استعراضًا للأجهزة، ولا ضوءًا يلمع فوق منصة. التعليم هو الإنسان، وهو القلب الذي يحتضن الفكرة قبل أن تصل إلى العقل، وهو السلوك الذي يتربى قبل أن تُفتح أول صفحة في الكتاب. التعليم رحلة أخلاقية قبل أن يكون رحلة معرفية، وهو بناء للضمير قبل بناء الدروس.

إن خسارتنا الكبرى اليوم ليست في مستوى التحصيل ولا شكل الامتحان، بل في أننا نُخرج جيلًا يعرف الكثير ولا يشعر بشيء. جيلًا يحفظ المعلومات لكنه لا يعرف كيف يضعها داخل ضمير حي، ولا كيف يرى الإنسان قبل المادة، ولا كيف يفهم أن العلم رسالة وليس عبئًا.

وبداية الإصلاح لن تأتي من تعديل المناهج، بل من إعادة الروح إلى الإنسان نفسه: معلم يشعر بقيمته قبل أن يُطلب منه العطاء، وطفل يجد من يفهمه قبل أن يحاسبه، ووليّ أمر يعرف الطريق بدلًا من أن يسير فيه معصوب العينين. نريد مدرسة تُعيد تشكيل النفس قبل شرح الدرس، وتزرع الأخلاق قبل أن تقدّم المعلومة، وتُعيد للتربية مكانتها التي كانت أصل كل شيء.

وعندها فقط… حين يعود الإنسان إلى قلب العملية التعليمية، سيصبح الطريق واضحًا، وسيعود التعليم كما يجب أن يكون: بناءً للعقل، وتزكيةً للروح، وتأهيلًا لجيل يعرف أين يقف… وإلى أين يسير.

 

مقالات مشابهة

  • د. هبة عيد تكتب: نعيب زماننا والعيب فينا
  • اسماء عبدالعظيم تكتب: «حين سبقنا التطوير.. ونسينا الإنسان»
  • الفنان السويسري نيمو يعيد كأس يوروفيجن احتجاجاً على مشاركة إسرائيل
  • رسالة اللاغفران.. جحيم المثقف العربي وتكسير أصنام الثقافة
  • بعد فوزه بالمسابقة.. نيمو يعيد كأس يوروفيجن احتجاجاً على مشاركة إسرائيل
  • المفكر عادل نعمان: عذاب القبر ليس من المعلوم من الدين بالضرورة
  • القصة ستكون مختلفة| هاني رمزي يكشف مفاجأة عن الجزء الثاني من غبي منه فيه.. خاص
  • هند صبري تكتب تاريخًا جديدًا للسينما العربية.. وتتوج بجائزة “عمر الشريف” في شراكة عالمية تجمع الجولدن جلوب بمهرجان البحر الأحمر
  • مستشار الرئيس للصحة: المضادات الحيوية لا يكون لها دور في علاج الإصابات الفيروسية
  • عوض تاج الدين: المضادات الحيوية لا يكون لها دور في علاج الإصابات الفيروسية