حذر وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف فى كلمته خلال جلسة الحوار الاستراتيجى السابع روسيا - مجلس تعاون دول الخليج العربية بالرياض قبل أيام من أن الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية كبرى، لافتاً إلى أن بلاده تعمل مع دول الخليج وجميع الأطراف من أجل منع نشوبها، لاسيما بعدما عجز المجتمع الدولى - بحسب تعبيره- عن وقف القتال فى قطاع غزة والموت الجماعى لسكانه مما أدى إلى تدهور حاد فى الوضع العسكرى والسياسى فى جميع أنحاء المنطقة، من حدود لبنان وإسرائيل إلى البحر الأحمر.
السؤال هنا فى أى سياق يمكننا قراءة هذه التصريحات؟ هل من منطلق أن روسيا تستشعر الخطر فعلا، أم فى سياق تسجيل روسيا لنقاط على حساب منافستها التقليدية الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة عندما ذكر لافروف أن واشنطن كانت السبب فى عرقلة كل قرارات الشرعية الدولية لوقف إطلاق النار فى غزة
تحدث لافروف بلغة متعاطفة مشابهة تماما للغة العرب عند الحديث عن القضية الفلسطينية، فقال مثلا إن السلام فى الشرق الأوسط مستحيل دون حل القضية الفلسطينية وهذا لا يتأتى من دون حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
فيما يخص الحرب فى غزة سأتوقف عند عبارة قالها لافروف وهى «إن العنف الحالى ضد الفلسطينيين غير مسبوق، ولم تشهده أى من الحروب العربية الإسرائيلية»، وهنا أسأل وهل هذا العنف مثلا منذ يومين أو أسبوعين أو حتى شهرين أم أنه الآن يقترب من العام؟ فهل ما فعلته روسيا كافٍ لوقف الحرب؟ قد يكون الرد أن روسيا وقفت فى مجلس الأمن مع القرارات الى تطالب بوقف الحرب لكن واشنطن استخدمت الفيتو، هذا صحيح، لكننا نقول وهل روسيا مثلا لا تعلم أن الفيتو قد أصاب مجلس الأمن بالشلل منذ عقود ولا يعول عليه لطالما وقفت الولايات المتحدة بجانب إسرائيل؟ ألم تكن لدى روسيا وسيلة أخرى للضغط على إسرائيل لوقف الحرب ولو بالحشد الدولى وتكوين جبهة عالمية قوية لمنع هذه المجازر فى أيامها الأولى أم كان عليها أن تنتظر 11 شهرا ثم تعود و تحذر من حرب اقليمية واسعة؟!
أنا أتفق مع أن روسيا لا تريد أن تتطور هذه الحرب إلى حرب إقليمية واسعة النطاق ولا حتى الولايات المتحدة تريد حربا إقليمية، ولكن روسيا وقفت فى الشهور الأولى للحرب موقف المشاهد والمستفيد اعتقادا منها أن هذه الحرب ستشتت انتباه الولايات المتحدة وتحول مواردها بعيداً عن أوكرانيا وهو ما حدث الفعل عندما أرسلت واشنطن وحدات إضافية من منظومة «باتريوت» إلى الشرق الأوسط، أخذتها من مخزون محدود من الأنظمة التى كانت كييف تسعى بشدة إلى الحصول عليها. وفى إبريل، وتحسباً لضربة انتقامية إيرانية ضد إسرائيل، قامت واشنطن بنقل مزيد من العتاد العسكرى إلى المنطقة للمساعدة فى الدفاع عن إسرائيل، ثم أرسلت فى يونيو مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله، سفناً وقوات من مشاة البحرية الأمريكية إلى المنطقة وهو ما رحب به الكرملين، علاوة على ذلك اعتقدت روسيا أنه من المرجح أن تؤدى الحرب فى الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط، مما سيعقد جهود إدارة بايدن للسيطرة على كلفة الوقود التى يدفعها المستهلك الأمريكى العادى قبل أشهر من الانتخابات الأمريكية وهو ما سيأزم الموقف الأمريكى وهو المطلوب لروسيا، ومن ثم فحسابات روسيا منذ البداية كانت براجماتية تنافسية، صحيح هى لم تكن مع الحرب وكانت تدين المجازر الإسرائيلية فى غزة، لكنها لم تضع الشرق الأوسط أو القضية الفلسطينية على قمة الأولويات.
الآن بعدما تعقدت الأزمة ولاح فى الأفق شبح الحرب الإقليمية لم تعد التصريحات أو الجهود الاعتيادية العادية من روسيا كافية، ولو أرادت أن تفعل شيئا فعليها مثلا أن تشكل جبهة عالمية قوية لوقف الحرب تضم مثلا إلى جوارها الصين والمجموعة العربية وتركيا، هذا سيضع الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل فى كماشة المجتمع الدولى وستنتهى هذه الحرب إلى أن يحين وقت إعادة هيكلة مجلس الأمن المشلول.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د حسام فاروق يا خبر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الحوار الاستراتيجي دول الخليج العربية الولایات المتحدة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية يبحث تطورات غزة ونووي إيران مع المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط
في سياق التحركات الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها مصر لتعزيز جهود التهدئة الإقليمية ومنع تفاقم الأزمات في الشرق الأوسط، بحث الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، مع ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، مساء أمس، تطورات الأوضاع في غزة ومستقبل المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين د. بدر عبد العاطي و ستيف ويتكوف ، في إطار استمرار التنسيق والتشاور بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية بشأن تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
تناول الاتصال الجهود المشتركة التي تبذلها مصر والولايات المتحدة وقطر من أجل سرعة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والإفراج عن الرهائن والأسرى، فضلًا عن النفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية إلى القطاع للتخفيف من معاناة المدنيين فى غزة.
وأكد وزير الخارجية على ضرورة التوصل إلى تسوية دائمة وشاملة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تلبى تطلعات شعوب المنطقة فى تحقيق السلام والامن والاستقرار المستدام في الشرق الأوسط.
كما تناول الاتصال تطورات المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني، حيث أكد الوزير عبد العاطي على أهمية استمرار المسار التفاوضى القائم، لما يمثله من فرصة مهمة لتحقيق التهدئة وتجنب التصعيد، ومنع انزلاق المنطقة نحو مزيد من عدم الاستقرار