في الخامس عشر من نيسان/أبريل، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وكان كلّ من الطرفين يعتقد  أنه سيفوز بها سريعا، ولكن بعد أربعة أشهر، فقد الجيش السيطرة الكاملة على الخرطوم وخسرت قوات الدعم السريع أي شرعية سياسية، وفق خبراء.

ويقول الخبير العسكري محمد عبد الكريم "الحرب في السودان امتدت لزمن أطول مما كان متوقعا لها بل أكثر من الزمن الذي قدّره من خطّطوا لها.

لم يكن أحد يتوقّع أن تستمرّ لأكثر من أسبوعين في أسوأ أحوالها". 

ويضيف أن الجيش كان يظنّ أن "الحسم سيتمّ في وقت وجيز على اعتبار أنه يعرف تفاصيل تسليح قوات الدعم السريع وأن لديه ضباطا منتدبين للعمل في الدعم السريع".

بعد أربعة أشهر، قتل 3900 شخص على الأقل، ونزح أكثر من اربعة ملايين، والحرب متواصلة. 

ويقول ضابط سابق في الجيش السوداني طلب عدم الكشف عن هويته إن قيادة الدعم السريع "أعدّت خطوط إمدادها ولذلك كانت أولوياتها السيطرة على مداخل العاصمة".

وتسيطر قوات الدعم على المدخل الغربي للخرطوم الرابط بين العاصمة وولايتي دارفور وكردفان عند الحدود الغربية لأم درمان (ضاحية الخرطوم). كما تسيطر علي الطريق الذي يربط العاصمة بولايات الوسط وشرق السودان. 

ويضيف الضابط السابق أن الجيش اختار حماية قواعده الأساسية، غير أن قوات الدعم السريع كسبت أرضا في الأحياء السكنية التي كانت أقامت مقارا فيها وباتت منذ بداية الحرب تسيطر على العديد من المنازل والمستشفيات ومؤسسات بنى تحتية أخرى.

ويشير عبد الكريم الى أن "هذه حرب بطبيعتها تفترض الاعتماد بشكل أساسي على قوات المشاة بما أنها حرب داخل مدينة".

غير أن الجيش "منذ سنوات طويلة لم يعد مهتما بسلاح المشاة الحاسم في مثل هذه المواجهات، إذ اعتمد خلال الحرب في جنوب السودان (الذي أصبح دولة مستقلة في العام 2011) على متطوعي الدفاع الشعبي. وبعد انتهاء حرب الجنوب وبداية القتال في إقليم دارفور، استعان الجيش بحرس الحدود، وهي قوات من القبائل العربية لا من الجيش النظامي، وبعد ذلك بالدعم السريع".

في الإطار ذاته، كتب الباحث أليكس دو وال أن قوات الدعم السريع "أثارت شكوكا في الطريقة التي يقدّم بها الجيش نفسه باعتباره ممسكا بالسلطة" عندما فاجأته بانتشارها في الخرطوم. وبدا البرهان مسيطرا على الوضع بعد الانقلاب الذي نفّذه في العام 2021 بمساندة نائبه آنذاك محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي.

غير أن "ما كسبه الدعم السريع عسكريا، خسر مقابله سياسيا"، إذ إن قواته "فقدت بشكل نهائي تعاطف الشارع بسبب الفظاعات التي ارتكبتها من إعدامات بدون محاكمة واغتصاب ونهب"، وفق دو وال.

ويؤكد الباحث أن الفريق أول "كسب سياسيا"، ولكن فقط بسبب الرفض الشعبي لخصومه، فالرجل "ليس شخصية سياسية ولا يمتلك كاريزما".

- عودة الإسلاميين - 

وإذا كانت الحرب بدت في أيامها الأولى وكأنها صراع على السلطة بين جنرالين، فقد باتت اليوم أطراف أخرى متداخلة فيها بعد أن دعا الطرفان الى التعبئة العامة. 

من ناحية الجيش، "فتحت هذه الدعوة الباب أمام الإسلاميين وهم الأكثر استعدادا"، غير أن مشاركتهم وغيرهم في القتال "سيؤدي الى إطالة أمد الحرب وتعقيد العلاقات الدبلوماسية للسودان"، وفق الضابط السابق.

 أما قوات الدعم السريع فتعتمد على "تعبئة القبائل العربية في دارفور" للحصول على دعم، بحسب مصدر في هذه القوات.

وتشير بعض التقديرات الى أن تعداد قوات الدعم السريع يبلغ الآن 120 ألفا، في حين كان في بداية الحرب 60 ألفا.

ويشرح المصدر نفسه أن "البعض يقاتلون لدعم إخوتهم"، بينما "يقاتل آخرون من أجل المال"، وهو مورد متاح بين أيدي الفريق دقلو بفضل سيطرته على مناجم الذهب.

وبفضل التنقيب عن الذهب الذي يعدّ السودان ثالث منتح له في إفريقيا، اكتسب دقلو حلفاء مهمين على رأسهم مرتزقة فاغنر، وفق واشنطن.

ويؤكد دو وال أن الرئيس الإماراتي محمد بن زايد هو المشتري الرئيسي للذهب من دقلو وسنده الرئيسي، "ووفق بعض المعلومات ما زال يرسل له السلاح".

على الجانب الآخر، يضع الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان ثقليهما خلف البرهان.

كل هذه العواصم "تتحدث عن السلام فيما تستمرّ في تسليح حليفها".

في هذا الوقت، تتوسّع الحرب يوميا الى مدن جديدة في ظل انسداد أفق الحل السياسي.

ويرى دبلوماسي غربي أن "الحرب قد تدوم سنوات".

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع غیر أن

إقرأ أيضاً:

هل صنع التنظيم الكيزاني الحرب انتقاما من شعبنا وثورته؟

اللجنة الأمنية والتنظيم الذي تتبعه انحنت لعاصفة رد فعل الشارع بعد جريمة فض الاعتصام التي دبّرها وشارك في تنفيذها تنظيم الحركة الإسلامية، ومثّلت تلك الجريمة الصادمة أول محاولة للانقلاب على الثورة.
قاموا لاحقا بتوقيع الوثيقة الدستورية وهم يضمرون الانقلاب عليها رغم أنها (لأسباب غامضة) أعطتهم الكثير، كان التفاوض مع العسكر وتوقيع التسوية معهم خطأ قاتلا، لكن المواطن تجاوب مع رغبات قوى الحرية والتغيير في الاستجابة لمبادرات حقن الدماء، والمضي في طريق السلمية الذي اختارته جماهير الثورة سبيلا أوحدا للتغيير.
تواصل التنسيق بين التنظيم الكيزاني وقيادة الجيش لإفشال كل محاولات الحكومة المدنية لبسط نفوذها وتنفيذ اصلاحاتها وتفكيك النظام القديم. كانت هناك أكثر من خطة لإحباط الثورة واستعادة النظام القديم. بدأت بفض الاعتصام ثم الحرب على الحكومة المدنية، إخفاء السلع وعرقلة حصول المواطن على مختلف الخدمات (تم إخفاء حتى دفاتر جوازات السفر) أعطال امدادات المياه والكهرباء، المضاربة في الدولار، إحداث انفلات أمني من مجموعات متفلتة تمت صناعتها داخل جهاز المخابرات الكيزاني، وغير ذلك من العراقيل.
جهاز الدولة بالكامل يتبع للتنظيم الفاسد، التنظيم هو القلب الذي يضخ الدماء في دورة الفساد التي ابتلعت مؤسسات الدولة كلها بخدمتها المدنية وأجهزتها العدلية وقواتها النظامية، إضافة لمن تم ربطهم بدورة مصالح تشمل اعدادا هائلة من أصحاب الاعمال وسماسرة السياسة من حركات وقيادات قبلية وغيرها، ممن صار حرصهم على استمرار نظام الفساد أكثر من الكيزان انفسهم (كان لافتا أنّ شروط الناظر ترك لعدم اغلاق الميناء والطريق القومي انحصرت في إلغاء مسار الشرق و حل لجنة تفكيك التمكين!)
الجزء الثاني من الخطة كان الانقلاب، وبديل فشله المحتمل كان الحرب، بدأ تحويل قوات الدعم السريع إلى عدو قوي منذ لحظة خلع عمر البشير، بدأ ذلك بإلغاء البرهان للمادة 5 والخاصة بخضوع قوات الدعم السريع لأحكام قانون القوات المسلحة. ثم السماح لهذه القوات بزيادة اعدادها وتكثيف تسليحها. قد يعتقد البعض انّ البرهان كان يسعى بذلك للمضي في خطة عمر البشير لجعل قوات الدعم السريع حارسا وضامنا له من انتفاضات الشارع وغدر التنظيم، الذي كان ينظر للبشير كعائق في محاولات التنظيم لتنظيف وجه النظام وتسويقه دوليا ورفع العقوبات التي تُكبّل أعضائه. لكن التنظيم الذي كان يستجوب قيادة الجيش التابعة له حول ملابسات خلع عمر البشير هو الذي خطط ونفّذ كل شيء.
الحرب التي بدأ رموز التنظيم التبشير بها قبل التوقيع النهائي على الاتفاق الاطاري. لم تهدف ابدا الى هزيمة الدعم السريع بقدر ما كان هدفها هو هزيمة الثورة، إحداث اكبر قدر من الجرائم والفوضى، عقابا للشعب على ثورته رغم تحذيرات التنظيم المسبقة من قبل الثورة أن الفوضى والانفلات الأمني سيكون هو البديل في حال سقوط حكمهم. وثانيا جر المدنيين إلى ساحة الحرب لإحداث اكبر قدر من الخسائر وسطهم لردم الذاكرة بجرائم جديدة تغطي على جرائم الثلاثة عقود الإنقاذية، إنهم ينفذون عمليا فتوى قتل ثلث الشعب لإخماد أية روح للثورة في هذه البلاد.
انظر للانسحابات دون قتال من المدن، والى دفع الناس وإلهاب حماسهم للقتال ثم تركهم لمصيرهم دون تدريب كاف أو سلاح يستطيعون به مواجهة قوات الدعم السريع، أنظر الى ما يشاع حول تذمر في صفوف ضباط وجنود الجيش من القيادة التي تبطئ وتكبل قدرتهم على حسم المعارك وتصدر أوامر الانسحابات. فإطالة أمد الحرب هو الهدف الذي يمكن من خلاله دفن الثورة في غبار الجرائم الجديدة.
إنها حرب مصنوعة! صنعتها الحركة الإسلامية الطامعة في استعادة سلطة الفساد، ليكتوي هذا الوطن ومواطنيه الأبرياء بنارها!
#لا_للحرب
#نعم_لكل_جهد_وطني_لوقف_الحرب_العبثية

أحمد الملك

ortoot@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • يا مهاجري السودان في المنافي البعيدة: أوقفوا هذه الحرب بالقوة !!
  • لعبة غموض يمارسها رئيس أفريقيا الوسطى في تعامله مع السودان
  • السودان: إطلاق حملة تطالب بإعادة الاتصالات للجزيرة
  • معارك متفرقة في السودان والأمم المتحدة تحذر من “كارثة لا نهاية لها”
  • هل صنع التنظيم الكيزاني الحرب انتقاما من شعبنا وثورته؟
  • بعد معارك عنيفة.. خروج المستشفى الرئيسي في الفاشر السودانية عن الخدمة
  • السودان.. مستشفى الفاشر الرئيسي يخرج عن الخدمة
  • "الدعم السريع" تطلق سراح 537 من أسرى الشرطة السودانية
  • السودان.. الجيش يسقط مسيرات للدعم السريع واشتباكات بمناطق متفرقة
  • قوات الدعم السريع تطلق سراح المئات من أسرى الشرطة السودانية