آخرها قضية ميمان.. كيف جندت إيران جواسيس لها في إسرائيل؟
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
القدس المحتلة – بعد إعلان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنها اعتقلت مواطنا إسرائيليا جنّدته الأجهزة الأمنية الإيرانية للقيام بعمليات أمنية وجمع معلومات، يعود إلى الواجهة مجددا سعي طهران لتجنيد عملاء وجواسيس داخل إسرائيل.
وكان جهاز الأمن العام (الشاباك) أعلن أن طهران نجحت خلال الحرب على قطاع غزة في تجنيد رجل الأعمال الإسرائيلي موتي ميمان (72 عاما) من بلدة عسقلان للتعاون مع الحرس الثوري الإيراني ومخابراته، مما يعكس جهود المخابرات الإيرانية لاختراق المجتمع الإسرائيلي وإنشاء مجموعات من المرشحين المحتملين للتجنيد.
وتثير قضايا التجسس من قبل إسرائيليين لصالح المخابرات الإيرانية القلق للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، لأن هناك من اليهود من هم على استعداد للعمل في مهام سرية مقابل أموال لدولة معادية، مما يعدّ صدمة للمجتمع الإسرائيلي وسط حالة الاستقطاب والانقسامات التي تفككه، بحسب قراءة للمحلل الاستخباري والإستراتيجي في صحيفة "هآرتس" يوسي ميلمان.
وقدر ميلمان أن جهود المخابرات الإيرانية المتواصلة على مدى سنوات طويلة والتي تصاعدت خلال العام الأخير، تعكس تطلع طهران لتوسيع دائرة شبكة العملاء والتجسس التي تعمل لصالحها داخل إسرائيل، قائلا إن "اقتراح طهران في السابق على أحد المجندين من أصل إيراني تأسيس ناد للإسرائيليين هو مثال كلاسيكي، حيث يمكن أن يتحول الكم إلى نوع".
ويقول ميلمان "صحيح أن القدرات المضادة للشاباك، إلى جانب عمليات الاستخبارات العسكرية والموساد، تشير إلى أن المخابرات الإسرائيلية لها اليد العليا، وأنها توغلت في إيران بشكل أعمق بكثير مما توغلت في إسرائيل، لكن الإخفاقات لا تردع المخابرات الإيرانية التي تعمل بلا توقف ولا ينبغي الاستهانة بها".
وأوضح المحلل الاستخباري والإستراتيجي أنه لا ينبغي التقليل من محاولات أجهزة المخابرات الإيرانية لتجنيد عملاء للنشاط داخل إسرائيل، خاصة عندما يكون جل نشاطها واهتماماتها اليهود الذين يعيشون في إيران.
وقال إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تستخف بهذا النشاط الإيراني، حيث تم توسيع نشاط وكوادر الوحدة المخصصة التي تتعامل مع مراقبة الاستخبارات الإيرانية وحزب الله، والتي تعمل ضمن قسم مكافحة التجسس والجهات الخارجية.
أحدث قضية تجسسيستدل من لائحة الاتهام التي قدمتها النيابة العامة الإسرائيلية أنه تم تهريب رجل الأعمال الإسرائيلي موتي ميمان، وهو المتهم بارتكاب جرائم أمنية خطيرة ومكث فترات طويلة في تركيا، عبر شاحنة ذهابا وإيابا أربع مرات عند المعبر الحدودي بين تركيا وإيران، حيث أجرى لقاءات بقيادات في أجهزة الاستخبارات في طهران والحرس الثوري.
وأظهرت التحقيقات الإسرائيلية أن عملاء استخبارات إيرانيين اقترحوا على ميمان تنفيذ مهام أمنية واغتيالات وجمع معلومات استخباراتية داخل إسرائيل، ووجهت النيابة العامة له تهم الاتصال بعميل أجنبي خلال الحرب، والدخول إلى دولة معادية دون تصريح، حيث تسعى النيابة العامة إلى حبسه حتى انتهاء الإجراءات القانونية بحقه.
وبحسب المزاعم الإسرائيلية، تضمنت المهام التي طلبت من ميمان نقل أموال أو مسدسات وأسلحة إلى مواقع محددة، وتصوير أماكن مكتظة بالسكان في المدن الإسرائيلية وإرسالها إلى الجهات الإيرانية، وتهديد مواطنين إسرائيليين آخرين جندوا كعملاء لصالح النظام الإيراني داخل إسرائيل، لكنهم لم ينفذوا المهام المطلوبة منهم.
وكشف التحقيق مع ميمان أنه وافق في أبريل/نيسان الماضي على لقاء رجل أعمال إيراني من أجل الترويج لأنشطة تجارية لهذه الغاية، كما أنه التقى داخل الأراضي الإيرانية برجل أعمال إيراني وشخص آخر تم تقديمه على أنه مسؤول في الأجهزة الأمنية في طهران.
المساعي الإيرانيةوزعمت النيابة العامة الإسرائيلية أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية جنّدت ميمان الذي أعتقل في أغسطس/آب الماضي لتنفيذ عمليات اغتيال تستهدف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الشاباك رونين بار، وذلك ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية في يوليو/تموز الماضي.
وأفضت تحقيقات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى أن ميمان الذي طلب سلفة من طهران بقيمة مليون دولار لتنفيذ مهمة الاغتيالات، أبلغ الاستخبارات الإيرانية أنه لا يمكن تنفيذ الاغتيالات المطلوبة بسبب إجراءات الحراسة المشددة، فطلبت منه طهران التوجه لاغتيال رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، أو تجنيد "عميل مزدوج" من الموساد، بيد أن الخطة لم تؤت ثمارها بسبب عدم توفير السلفة.
ولم يقتصر نشاط أجهزة المخابرات الإيرانية والحرس الثوري على تجنيد العملاء والجواسيس، بل وسعت طهران، من الحرب على الجبهة السيبرانية ضد إسرائيل منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحسب تحقيق للموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل".
وبحسب تحقيق أعده الصحفي ديفيد ديموليتا، فإن الجمهورية الإسلامية وضعت معيارا جديدا لإستراتيجيتها السيبرانية، التي تمتد إلى ما هو أبعد من ساحة المعركة وتشمل أيضا عمليات التأثير وجمع المعلومات الاستخبارية، حيث قام "الهاكرز" (القراصنة) الإيرانيون والجماعات المرتبطة بالنظام الإيراني بتصعيد الهجمات السيبرانية على البنية التحتية الحكومية والقطاع الخاص في إسرائيل.
وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة، كشفت القناة 12 الإسرائيلية عن حملة خاصة أطلقتها أجهزة المخابرات الإيرانية لتجنيد عملاء لصالحها داخل إسرائيل، مستخدمة مواقع ويب مزيفة ورموزا إسرائيلية لإغراء المواطنين الإسرائيليين والإيرانيين والسوريين واللبنانيين الذين يشتبه في عملهم مع أجهزة استخبارات أجنبية، حيث كشف المحققون استخدام العشرات من المواقع الإلكترونية الملفقة وصفحات على شبكات التواصل وكذلك أرقام هواتف إسرائيلية.
محاولات تجنيد سابقةخلال الحرب على غزة في أغسطس/آب الماضي، كشفت النيابة العامة الإسرائيلية عن لائحة اتهام في قضية تجسس وصفتها بـ"الخطيرة"، حيث زعمت أن إيران حاولت الترويج لـ"انقلاب عسكري" في إسرائيل.
وكشف تحقيق الشاباك أن عملاء إيرانيين تمكنوا من تجنيد الشاب الإسرائيلي عدن ديفس (30 عاما) من سكان "رمات غان" من أجل الترويج لأهداف إيرانية في إسرائيل، وتشير لائحة الاتهام المقدمة ضده إلى أن إيران تحاول استخدام الاحتجاجات لتفكيك المجتمع الإسرائيلي.
ولم تقتصر الجهود الإيرانية لتجنيد الجواسيس داخل إسرائيل خلال الحرب على غزة، فقد سبق أن أعلن جهاز الشاباك والوحدة الوطنية للتحقيقات الدولية، في يوليو/تموز الماضي، اعتقال ثلاثة إسرائيليين من اليهود الحريديم للاشتباه في قيامهم بأنشطة أمنية بتوجيه من مسؤولي المخابرات الإيرانية، حيث تشعر إسرائيل بالقلق من توجهٍ طهران لتجنيد اليهود الحريديم المتشددين بحكم أنهم أقل وعيا بالمخاطر أو أن ولاءهم ضعيف ويطمعون في المال.
كما كشفت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في ديسمبر/كانون الأول 2023 عن وجود شبكة تجسس إيرانية تجند عملاء في إسرائيل عبر الإنترنت مقابل المال، وقال الشاباك إن "مسؤولي الأمن الإيرانيين اتصلوا بإسرائيليين عبر عدد من المنصات، وتظاهروا بأنهم وسطاء عقارات، أو مهتمون بتسويق الطائرات من دون طيار، أو بالمواعدة عبر الإنترنت، أو بالبحث عن محققين خاصين، وخدمات البريد السريع".
وفي عام 2022، تم الكشف عن قضية معقدة تتعلق بمحاولة إيرانية لتجنيد جواسيس من المغتربين الإيرانيين في إسرائيل عن طريق حساب وهمي على موقع "فيسبوك" باسم رامبود نمدار، تظاهر بأنه شخص يهودي إيراني مهتم بالهجرة إلى إسرائيل، واتصل بعشرات الأشخاص، معظمهم من النساء اليهوديات من إيران، واكتسب ثقتهم من خلال محادثات طويلة.
وتدريجيا طلب منهم القيام بمهام مختلفة مثل تصوير المواقع والمنشآت الحيوية والإستراتيجية في إسرائيل وتحويل الأموال، ليتم القبض لاحقا على 5 مشتبه فيهم في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 ومحاكمتهم في المحكمة المركزية في القدس، مما أثار صدمة الجالية الفارسية في إسرائيل.
أما القضية التي أذهلت الجمهور الإسرائيلي أكثر من غيرها فحدثت عام 2018، عندما تم اعتقال وزير الطاقة السابق غونين سيغيف للاشتباه في تجسسه لصالح إيران، حيث تم تجنيده من قبل السفارة الإيرانية في نيجيريا، وأُدين بـ"التجسس الخطير وتقديم معلومات للعدو" بعد أن قدم معلومات عن المنشآت الإستراتيجية والمؤسسات الأمنية والمسؤولين الإسرائيليين، وحكم عليه بالسجن لمدة 11 عاما في إطار صفقة الإقرار بالذنب.
وفي عام 1997، أُلقي القبض على رجل الأعمال الإسرائيلي ناحوم منبر للاشتباه في وجود علاقات له مع إيران، حيث باع لإيرانيين أسرار إنتاج غاز الأعصاب وغاز الخردل، وزودهم بالمعدات اللازمة لإنتاج الأسلحة الكيميائية، لكنه ادعى أنه تصرف لأسباب تجارية فقط، في حين اعتبرت المحكمة أن أفعاله تعرض أمن الدولة للخطر، وأدانته بـ"مساعدة العدو" وحكمت عليه بالسجن 16 عاما.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المخابرات الإیرانیة الأمنیة الإسرائیلیة الأجهزة الأمنیة النیابة العامة الإسرائیلیة أن داخل إسرائیل فی إسرائیل خلال الحرب الحرب على
إقرأ أيضاً:
لا تتضمن برنامج تفتيش... عراقجي يعلق على زيارة نائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران
قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ماسيمو أبّارو، سيصل إلى طهران الاثنين، موضحاً أن زيارته "لا تتضمن أي برنامج تفتيش"، ومؤكدا أنه "لن يبدأ التعاون حتى نصل إلى اتفاق إطار جديد، وهذا الإطار سيكون بالتأكيد مبنيًا على قانون البرلمان الإيراني". اعلان
وقال عراقجي، في تصريح للصحفيين في طهران الأحد، على هامش اجتماع مجلس الوزراء، إن الاتصالات مع الأوروبيين "مستمرة"، موضحاً أنهم طرحوا مسألة "استعادة العقوبات فورا" عبر ما يُعرف بـ"آلية الزناد".
أوروبا لم تعد طرفاً
شدد على أن "هذه الآلية ليست من صلاحيات أوروبا"، وأن "أوروبا لم تعد من وجهة نظرنا طرفا مشاركا في خطة العمل الشاملة المشتركة"، مشيراً إلى أن هناك نقاشات فنية وقانونية بهذا الشأن، وأن "موعد الجولة المقبلة من المفاوضات لم يُحدد بعد".
وكانت إيران قد عقدت دورتين من المحادثات مع الترويكا الأوروبية في جنيف وإسطنبول، في وقت سابق، وذلك بعد تهديد بريطانيا وفرنسا وألمانيا بتفعيل "آلية الزناد"، التي تتيح إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران بشكل تلقائي في حال عدم التزام طهران ببنود الاتفاق النووي.
يذكر أن كلاً من إيران والولايات المتحدة كانتا عقدتا 5 جولات من المحادثات بوساطة سلطنة عُمان، لكن تم تعليق المفاوضات نتيجة حرب يونيو/ حزيران الفائت التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، والتي شاركت فيها الولايات المتحدة عبر استهداف المنشآت النووية.
فيما واجهت المحادثات نقاط خلاف رئيسية، مثل طلب واشنطن من طهران وقف تخصيب اليورانيوم محلياً بشكل تام، وهو ما رفضه الجانب الإيراني.
Related عراقجي يُعلّق على قرار الحكومة اللبنانية بشأن السلاح: أُعيد تنظيم حزب الله ونحن ندعمهطهران تستبعد محادثات قريبة مع واشنطن.. وعراقجي يسخر من نتنياهو: "أي صنف يُدخّن؟"عراقجي: أمريكا خانت الدبلوماسية.. وتعاون إيران مع الوكالة الدولية سيأخذ شكلاً مختلفاًالممر الأرمني الأذربيجاني
وعن العلاقات الإقليمية وموضوع "ممر زنغزور"، أوضح وزير الخارجية الإيراني أن "وزير خارجية أرمينيا سيتصل به غدا"، وأن "رئيس الوزراء نيكول باشينيان سيكون على تواصل أيضا"، كما سيزور نائب وزير خارجية أرمينيا طهران يوم الثلاثاء.
وأكد أن "المشاورات مستمرة"، وأن موقف طهران "واضح تماما" بشأن الممر، مضيفاً: "نرحب بأي سلام بين أرمينيا وأذربيجان، وقد أكدنا سابقا استعدادنا للتعاون والمساعدة في عملية السلام، لكننا نرفض أي ترتيبات تمس بسيادة الدول أو تغيّر الحدود".
كما أضاف أن البيان المشترك بين أرمينيا وأذربيجان "يحترم سيادة جميع دول المنطقة وسلامة أراضيها ويرفض أي تغيير للحدود"، مؤكّداً أن "موضوع ممر زنغزور قد تم تجاوزه بالكامل". لكنه أعرب عن "مخاوف خاصة" بشأن "طريق عبور داخل الأراضي الأرمينية تديره شركة أرمينية-أمريكية".
وحذر من أن "أي وجود أجنبي في المنطقة قد تكون له عواقب سلبية على السلام والاستقرار"، مؤكدًا أن إيران "تتابع التطورات عن كثب وتواصل مشاوراتها مع الطرفين".
يذكر أنه أذربيجان وأرمينيا وقّعتا اتفاق سلام في البيت الأبيض، يوم الجمعة، برعاية الولايات المتحدة والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنهى نزاعا استمر أكثر من 30 عاما بين البلدين.
ينص الاتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، وإنشاء طريق يمر عبر أراضي أرمينيا يربط أذربيجان بجيب ناخيتشيفان، ويُسمى هذا الطريق "مسار ترامب للسلام والازدهار".
هذا الطريق، المعروف بـ"ممر زنغزور"، يمر بالقرب من الحدود الإيرانية الشمالية الغربية، ولهذا تتابع إيران هذا الموضوع عن كثب لأنه قد يؤثر على الأمن في المنطقة، من وجهة نظرها.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة