قصة السيارات المظللة: التمرد على القانون خلف الزجاج الأسود
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
21 سبتمبر، 2024
بغداد/المسلة: تشهد شوارع العراق، ولا سيما العاصمة بغداد، تحديات كبيرة تتعلق بتطبيق القانون على المركبات الفخمة، خاصة السيارات المظللة السوداء.
وهذه السيارات أصبحت رمزاً للنفوذ والامتياز، حيث يلاحظ أن أصحابها، الذين غالبًا ما يرتبطون بعلاقات قوية مع شخصيات سياسية، يستغلون هذه العلاقات لتجنب المساءلة القانونية.
و تتكرر حوادث الاعتداء على رجال الأمن والمرور من قبل أصحاب هذه السيارات، حيث يُظهر البعض منهم سلوكاً تمردياً تجاه القوانين المعمول بها.
ويقول علي الخفاجي، موظف حكومي: “أشعر بالإحباط عندما أرى كيف يتم تجاهل القانون على بعض الأشخاص لمجرد أنهم يملكون سيارات فاخرة. يجب أن يكون القانون هو نفسه للجميع، ولا يمكن لأحد أن يكون فوق القانون.”
وتعتقد سمية الربيعي، ناشطة مدنية: “أن هذه الظاهرة تعكس عدم احترام القانون. نحن نحتاج إلى مجتمع يشعر فيه الجميع بالمساواة، وأن تكون هناك عقوبات رادعة للمتجاوزين، بغض النظر عن خلفياتهم.”
و سجلت حوادث عديدة تم فيها الاعتداء على ضباط المرور، خصوصاً من قبل الفتيات اللواتي يعاملن بتساهل رغم ارتكابهن لمخالفات.
والظاهرة لا تعكس فقط عدم احترام القانون، بل تدل أيضًا على وجود تمييز واضح في التطبيق، حيث يشعر المواطن العادي أنه تحت طائلة القانون بينما يُسمح لأصحاب النفوذ بالتحايل عليه.
ويكشف حميد، طالب جامعي: “لقد رأيت العديد من الحوادث حيث يتم الاعتداء على رجال المرور دون أن يتحرك أحد. كيف نتوقع من الشباب احترام القوانين إذا كانت هناك فئة معينة تعتقد أنها فوقها؟”
بالرغم من التصريحات الرسمية من وزارة الداخلية بشأن محاسبة المعتدين وتأكيد أهمية هيبة الدولة، يبقى التنفيذ الفعلي محل تساؤل، حيث أشار مختصون قانونيون إلى أن القوانين العراقية تتيح لرجال المرور اتخاذ إجراءات قانونية ضد المعتدين، لكن التحدي يكمن في نفوذ المتنفذين الذين يعوقون تنفيذ هذه القوانين.
وقال المحامي عادل الاسدي ان عدم تطبيق القانون بشكل متساوٍ بين جميع المواطنين يؤدي إلى تآكل ثقة المجتمع في مؤسسات الدولة.
ويطالب الناشطون المدنيون بضرورة وجود سلطة قانون حقيقية تُطبق على الجميع دون استثناء، مشددين على أن هذا التمييز يؤثر سلبًا على القيم المجتمعية ويعمق الشعور بعدم المساواة.
في هذا السياق، يُعتبر تشكيل وحدات خاصة من قبل وزارة الداخلية خطوة إيجابية نحو تعزيز تطبيق القانون، لكن يبقى النجاح مرهوناً بإرادة حقيقية لمكافحة الفساد وحماية حقوق رجال الأمن، وبتحقيق العدالة للجميع في مواجهة أي انتهاكات قد تحدث.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
محنةُ غزة... عيبٌ عربي
عبدالله بن سليمان العامري
عندما تقع محنة ما، ويدُب الخوف واليأس في الروح نستنجد بمن نظن أنهم أحياء. ونشعر في تلك اللحظة أن الحياة ستجري كالسيل في عروق الأمل. وسيسعفنا أكسجين الحياة من يصلنا بصلة الدين والدم. وسيظهر لنا من وراء ضباب اليأس لابسًا درع الإيمان بالله وسيف الحق والأخوة.
ويخيّلُ لنا أن من يصلنا بصلة الدين والدم سوف يملأ الروح من جديد عِزّةً وأملا، في لحظةٍ يُفترض ألا يخيبَ الظن فيه. فمن طبيعة البشر أن يتداعى الناس للنجدة عند المحن ما عدا محنة غزة فلا قريب ولا غريب منجد. محنة غزّة هي حرب الإبادة والجوع لأنها تحب الحياة والحق والحرية.
معركة الأسود والجواميس
أتابع أحيانا أفلاما وثائقية عن البرية والغابات، فرأيت في أحد تلك الأفلام جيشا من الأسود الضارية وهي تهجم على قطيع من الجواميس البرية الضخمة، وأمسكت بواحدٍ منها فعاد القطيع وهجم على الأسود لإنقاذ أخيهم ودارت معركة حامية قتل فيها أسد وأصيب البعض إصابات بالغة.
فكيف بالأخ إذا هاجمت قطط أخيه في الدم والدين، هل النار تخلف رمادا؟ وهل عرب اليوم لا يُشعلون نارًا ولا يعرفون" الخفارة" إذا استنجد بهم قريب، وهل سينسى عرب اليوم ولاءاتهم التي سبقت الزمن والمحن؟ وما أشبه اليوم بالبارحة.
أينسون "النكسة" ولاءات الخرطوم التي دوت في سماء العرب في شهر سبتمبر من نفس العام:
١ - لا صلح مع إسرائيل.
٣ - لا تفاوض مع إسرائيل.
أشعلت تلك اللاءات حينها وجدان الشعوب، وإن لم تحرق عدوًا فعلى الأقل حركت الدماء بعدما جمَدتْ في حرب الأيام الستة.
وظن البعض في محنة غزّة أن النار تُخلِّفْ نارًا عند الشدة وليس رمادًا، وأن قيود اتفاقية كامب ديفيد وأوسلو واتفاقية وادي عربة، وما بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية "انتفاضة الأقصى" ستُكسر، لأنها لا تمنع أخ من نجدة أخيه في محنته.. وما كُسرتْ.
الصندوق الأسود
بعد كل تلك المخرجات المؤلمة وكل تلك المآسي التي سبقت انتفاضة الأقصى، إذ بالرياح تجري بما لا تشتهي السفن مرةً أحرى وتنسف ما تبقى من آمال.
فقبل ٢٣ عاما، وبعد سنتين من انتفاضة الأقصى عام ٢٠٠٠، وفي حفل بهيج باسم "القمة العربية" أكرمَ العرب شارون بجائزة من الصندوق الأسود "مبادرة السلام" مقابل الجرائم التي ارتكبها، ودُفِنت لاءات الخرطوم والآمال، ورفض شارون التكريم. فكتبت في ذاك الزمان مقالة في جريدة الوطن العمانية بعد رفض شارون للمبادرة، وختمتها بهذه الجملة: "مبادرة السلام العربية تحت أقدام شارون" وكان الأجدر أن أقول آنذاك "تحت أقدام اللاعبين الأساسيين بقضية فلسطين، زعماء الاحتلال وأمريكا وبريطانيا وفرنسا ومن يلعب في ملاعبهم".
ومقالةٌ أخرى ختمتها بسبع لاءات، ليس رجمًا بالغيب، وإنما هي خلاصة ما يمكن قراءته من الحفل وما سبقه من اتفاقيات وأحداث وهزائم، فالكتاب يقرأ من عنوانه، ولا تزال الخفايا في الصندوق الأسود، وخلاصة لاءات التكريم هي:
١ - لا للحرب.
٢- لا لقطع العلاقات.
٣- لا تطوع ولا جهاد.
٤- لا لفتح الحدود.
٥ - لا لسلاح النفط.
٦- لا لسلاح الاستثمارات والأرصدة في الولايات المتحدة.
٧ - لا تسليح للفلسطينيين
وها هي حرب الإبادة في غزة قد قاربت على السنتين، ولاءات العرب لا تسمع أنات أهل غزة المجوعون ولا ترى الإبادة. فمن سيأتي بالنجدة ومن أين؟ لقد كشف طوفان الأقصى ومحنة غزة حقيقة اتفاقيات السلام المُذلة ولاءاتها المخزية.
محنة غزة وسباق المجوعين
محنة أهل غزّة هي الصمود أمام أهداف الإبادة والموت ليس لأجل غزة، بل لأجل فلسطين، وحفظ الدين، وتطهير الأقصى من الدنس والمدنسين.
يتسابقون إلى ميدان الموت من شدّة الجوع، وهم في الأنفاس الأخيرة، لجلب طعام إن وجد، والموت أقرب إليهم مسافةً من ميدان الموت.
يتسابقون لجلب طعام وقد ذاب شحم المجوعين، وأُكلَ اللحم، والتصقَ الجلدُ بالعظم، فالحي فيهم هيكل عظم في انتظار الشهادة، ويموت المتسابقون وتموت الهياكل، نراهم يتدافعون، أطفال وصغار وشيوخ ونساء، يمدون أوعيتهم لغرفة من عدس أو طحين، والوعاء مملوء ألم وحزن، وعذاب، وخوف من سقوط القذائف والقنابل على رؤوسهم.
يتسابق المسعفون لإسعاف ضحايا الإبادة، فماتوا ومات المصابون، استُنفِرَ الأطباء لإنقاذ من هم في الرمق الأخير، فمات الأطباء ومات من هم في الرمق الأخير. ونفذت الأدوية والأكسجين، فمات المرضى المنتظرون، مات المنجدون ومات المنتظرون.
الطريق مغلق
غزة العزَّة تُقتلْ بالقنابل والتجويع والحصار المجنون، جريمة دولية لا تغتفر.
غزة مشروع موت بأحدث الأساليب وأسلحة المجرمين الفتاكة، وبأحجام وكميات ليس لها مثيل، ومبادرة سلام.
غزة قصة الأخ الشريك في قتلها، والقريب المتفرج على سلب روحها، والعدو الشامت من محنتها.
غزّة قصة كل المحاولات لقتلها، لتموت وتموت فلسطين. غزّة لن تموت، غزّة تحب الحياة والحق. غزة تقاتل بـ"لا إله إلا الله" وبأوعية الطعام وبارود الأنفاق لتنتصر، ولتبقى لأهلها الصامدين، ولتبقى فلسطين أرض أولى القبلتين.
غزة قالت: الطريق مغلق أمام بقاء المحتل، فغزة ابنة التاريخ العربي القديم وابنة الحق.
غزّة كشفت جريمة العصر المشتركة، وما في الصندوق الأسود، وأسرار وألاعيب الأنظمة العربية في القضية الفلسطينية، غزّة كشفت أن النصر الذي يناضل من أجله الفلسطينيون آتٍ بإذن الله.