كيف نخبر أطفالنا عن جنون الحرب المحيط بنا؟
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
مقطع مصوّر للطفلة الشهيدة نايا غازي كان كفيلاً بإثارة الذعر في نفس إبنة صديقتي البالغة من العمر 6 سنوات. شاهدت الفيديو على تيكتوك، مرفقاً بمشاهد للغارة العنيفة التي أسقطت مبنيين في الضاحية الجنوبية التي راحت نايا وسواها ضحيتها، فاكتشفت أن في العالم أمرا سيئا جداً يعرف بالحرب من دون أن تدرك المسمّى الوظيفي هذا، فانطلقت أسئلتها.
صحيح أن هناك نقطة في حياة كل طفل يسأل فيها عن الحرب وماهيتها، ولكن هل جميع الأهل قادرون على منحهم الإجابات الوافية؟
أوّل سؤال تبادر إلى ذهن الطفلة عن نايا غازي هو "هل تألّمت"؟ بهذا القدر من البراءة تبلكمنا بشكلّ كلّي، مع تفكيرنا بأن نايا بالفعل ربّما تألمت كثيراً قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة. ولكن ماذا نقول لطفلة خافت فجأة من أن تنال المصير نفسه كنايا؟
بسبب وسائل التواصل الإجتماعي المنتشرة بشكل واسع بين أيدي الأطفال من كل الأعمار، ليس من السهل تحييدهم عن المشاهد العنيفة وأخبار الحروب المدمّرة التي تخنق المنطقة، أو حتى من الممكن أن يسمعوا عنها من أصدقائهم وأقربائهم. لذا من الأجدى البحث عن الأجوية من مصادرها العلمية الصحيحة.
من هنا، قدّمت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" بعض النصائح حول كيفية إدارة الحديث عن الحرب مع الأطفال لتزويدهم بالمعلومات في جوّ من الراحة والأمان، خلال أوقات النزاع والأزمات.
بداية، من المهم جداً إكتشاف الأهل ما يعرف أطفالهم وكيف يشعرون تجاه المعلومات التي بحوزتهم، من دون إغراقهم بالكثير من الأخبار غير الضرورية. إلا أنه من المهم أيضاً أن يشعر الأطفال بالراحة والأمان خلال الحديث مثلا أثناء تناول وجبة عائلية أو خلال نزهة ما، وأن يحاولوا تجنب الحديث بهذا الشأن قبل النوم مباشرة.
تذكّروا أن هناك أطفالاً يقلقون ويفكرون بصمت، وقد لا يشاركون مخاوفهم مع أهلهم. وهنا قد تساعد بعض التقنيات على الوصول إلى النتائج المطلوبة، كالرسم والقصص والأنشطة الأخرى في فتح النقاش، وعلى وجه الخصوص بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا.
من المرجّح أن لا يمتلك جميع الأطفال الوعي الكافي للتمييز بين ما يشاهدونه من فيديوهات وصور وواقعهم الخاص، وبالتالي قد يظنون أن الخطر يلاحقهم بدورهم. ما على الأهل القيام به هنا هو طمأنتهم بقدر الإمكان.
إستمروا طوال الحديث بطمأنة أطفالكم بأنهم في مأمن من أي خطر، وقولوا لهم إن العديد من الناس والمسؤولين يعملون بشكل جدّي في جميع أنحاء العالم لوقف الصراع وإيجاد السلام، وحافظوا على أملهم حيًا من خلال ابقائهم متفائلين بقدر الامكان أن الأمور سوف تتحسن.
وفي هذا الإطار، من الجدير على الأهل إستخدام لغة تناسب عمر الطفل ومراقبة ردود أفعالهم، مع التركيز على أن الأطفال يأخذون إشاراتهم العاطفية من الكبار، لذا تحدثوا بهدوء وانتبهوا للغة الجسد مثل تعابير الوجه بالإضافة إلى نبرة الصوت. إلى ذلك، تذكروا أنه من المقبول عدم معرفتكم لإجابة كل الاسئلة، فبالتالي من المنطقي أن تقولوا لأطفالكم إنكم في حاجة للبحث عن الاجابات عبر مواقع المنظمات الإخبارية أو المنظمات الدولية، وأوضحوا لهم أن المعلومات المتوفرة عبر الإنترنت ليست جميعها دقيقة ولا يمكن الركون إليها في كل الحالات.
ذكروا أطفالكم بأن كل شخص يستحق أن يكون آمنًا، وأنه على الرغم من حالة الخوف والقلق التي تخلقها الحروب، إلا أنه على الجميع القيام بدوره في نشر اللطف ودعم الأكثر ضعفاً مثل الجرحى والمصابين وتقديم المساعدة إذا تمكّنوا.
وختاماً، شجعوا أطفالكم على المشاركة في الأنشطة التي يحبونها والتي تسلّيهم، أو الانخراط في اي نوع من الأنشطة الإبداعية ما سيبقيهم منشغلين ويصرفهم عن التفكير بالأمور المؤسفة.
ولأن الحروب عادة ما تكون ذات مدّة طويلة، إستمرّوا بالإطمئنان على أطفالكم لمعرفة أحوالهم وبماذا يشعرون. لذا راقبوا أي تغييرات في الطريقة التي يتصرفون أو يشعرون بها ، مثل آلام المعدة أو الصداع أو الكوابيس أو صعوبات النوم والعدوانية أو الإنطوائية.
من الصعب على الكبار تقبّل واقع الحرب، فكيف بالحريّ أن نخبر طفلاً بأن الحرب حقيقية مع واجبنا بتهدأته دوماً، ونحن نحتاج إلى من يطمئننا؟ يبقى الأمل إذاً بأن تمرّ هذه الغيمة السوداء، وأن يتوفّر لأطفالنا ما تيسّر من سعادة في هذا العالم المجنون كي يمضوا قدماً نحو أيّام أكثر أماناً. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أطفالنا يحترقون.. من بكاء المندوب الفلسطيني إلى طرد سفير الاحتلال في السنغال
في مشهد هزّ أروقة مجلس الأمن الدولي، انهار رياض منصور، مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، باكياً وهو يلقي كلمة مؤثرة خلال جلسة عقدت، مساء الأربعاء، لبحث تطورات الحرب في قطاع غزة.
وقال منصور بصوت مرتجف: “صور الأمهات وهن يحضن أجساد أطفالهن الساكنة، يمسحن رؤوسهم، يعتذرن لهم… هذه صور لا تُحتمل”.
وأضاف: “لدي أطفال وأعلم ماذا يعني الأحفاد لعائلاتهم. أن نرى هذا الوضع يُفرض على الفلسطينيين دون أن تتحرك القلوب، هذا يفوق قدرة البشر على التحمل”.
وأشار إلى أن أكثر من 14 مليون فلسطيني حول العالم يعانون، مؤكداً أن “النار والجوع يلتهمان أطفال فلسطين”، ومعبّراً عن رفضه للمأساة التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون، قائلاً: “لا نريد أن يعيش أطفالنا هذه الوحشية من قِبل من يدّعون أنهم يحاربون الهمجية”.
وتأتي هذه الكلمات وسط تصاعد العمليات العسكرية، بعد أن استأنفت إسرائيل قصفها على قطاع غزة في 18 مارس 2025، منهية هدنة استمرت قرابة شهرين بدأت مع اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير، والذي لم يُمدَّد بعد تعثر المفاوضات مع حركة “حماس”.
ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن مقتل نحو 54 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 120 ألفاً، مع تدمير شبه كامل للبنية التحتية في القطاع، وتعطيل واسع للخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والاتصالات والرعاية الطبية.
ولم تكن تصريحات منصور، مجرد كلمات دبلوماسية، بل صرخة إنسانية وسط عجز العالم، وصورة مكثّفة لمعاناة شعب بأكمله يواجه المجاعة والدمار، والعالم يشاهد.
4 دول أوروبية تطالب بعضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة: “خطوة ضرورية للسلام”
في موقف أوروبي متقدم، دعت أربع دول هي إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا والنرويج، إلى منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، معتبرة أن الوقت قد حان لتحرك جاد نحو تنفيذ حل الدولتين.
وجاء في بيان مشترك صدر، عن الدول الأربع خلال اجتماع مجموعة “مدريد+”، أن الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لم يعد مجرد موقف أخلاقي، بل “ضرورة سياسية ودبلوماسية” لإنهاء الجمود الطويل في عملية السلام وتحقيق الأمن للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.
وأكدت الدول الأوروبية أن الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتصلة جغرافيًا هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة، مشددة على أهمية مؤتمر السلام الدولي المقرر عقده في يونيو2025، برعاية الأمم المتحدة وفرنسا والسعودية، كفرصة حقيقية لإعادة إطلاق مفاوضات جدية.
ويأتي هذا التحرك ضمن موجة متصاعدة من الاعترافات الدولية، حيث باتت 147 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة تعترف رسميًا بدولة فلسطين، ومع ذلك، لا تزال قوى دولية رئيسية، من بينها الولايات المتحدة وعدد من دول مجموعة السبع، ترفض الاعتراف الرسمي، ما يعرقل تقدم الفلسطينيين نحو نيل العضوية الكاملة في المنظمة الدولية.
وتعكس الدعوة الأوروبية تحولًا في المواقف الغربية تجاه القضية الفلسطينية، في ظل استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، وانسداد أفق العملية السلمية منذ سنوات.
طرد السفير الإسرائيلي من جامعة في السنغال يشعل موجة تضامن عربي وإفريقي مع طلاب دكار
شهدت جامعة الشيخ أنتا ديوب في العاصمة السنغالية دكار، أمس الأربعاء، حادثة أثارت تفاعلاً واسعاً محلياً وعربياً، بعدما طُرد السفير الإسرائيلي لدى السنغال، يوفال واكس، من ندوة أكاديمية كان يُشارك فيها حول العلاقات الدولية، وسط احتجاجات طلابية حاشدة.
ورفع الطلاب شعارات مؤيدة للقضية الفلسطينية، ومنددة بالوجود الإسرائيلي في الفضاء الأكاديمي السنغالي، ما اضطر السفير إلى مغادرة القاعة تحت ضغط الهتافات، من أبرزها: “قاتل!” و”فلسطين حرة!”، ووصفت وسائل إعلام محلية الحادثة بأنها “صفعة دبلوماسية رمزية” تعكس تنامي الوعي السياسي بين الطلاب السنغاليين.
وتداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة على “إكس”، مقاطع فيديو من الواقعة، مشيدين بشجاعة الطلاب.
وكتب أحدهم: “جاء لمؤتمر عن العلاقات الدولية، ففرّ هارباً وسط الهتافات.. إنه يوم رمزي شجاع”. فيما تساءل آخر: “من دعا هذا السفير؟ وجوده لم يكن صدفة بل استفزازاً مقصوداً”.
ويوفال واكس هو دبلوماسي إسرائيلي يشغل منصب سفير إسرائيل لدى السنغال منذ عام 2022، وهو معتمد أيضاً كممثل غير مقيم في عدد من دول غرب إفريقيا، وقد عمل سابقاً في عدة مناصب بوزارة الخارجية الإسرائيلية، من بينها مدير قسم الشؤون الإفريقية، ويُعرف بدفعه باتجاه تعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين تل أبيب ودول إفريقية، في إطار جهود إسرائيل لتوسيع نفوذها في القارة.
ومع اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة أواخر عام 2023، واجهت إسرائيل موجة متصاعدة من الرفض الشعبي في الدول الإفريقية ذات الغالبية المسلمة، من بينها السنغال، التي تُعد من أبرز الداعمين التقليديين للقضية الفلسطينية على المستوى الشعبي.:
والاحتجاج الطلابي لم يكن معزولاً، بل يعكس اتجاهاً شعبياً واسعاً في السنغال والعالم العربي والإفريقي، يرفض التطبيع مع إسرائيل في ظل استمرار الحرب على غزة، التي خلفت آلاف القتلى والجرحى من المدنيين، كما تأتي هذه الحادثة في وقت تشهد فيه الجامعات حول العالم حراكاً طلابياً متزايداً للمطالبة بمقاطعة إسرائيل أكاديمياً وثقافياً.
قد تتفاجئ من الخبر
من السنغال !!!
طرد السفير الإسرائيلي في السنغال أمس خلال زيارة لجامعة في داكار.
الطلاب كانوا يهتفوا لفلسطين وغزة pic.twitter.com/2q9BtgNfTh