خبير قانوني: ضعف الوازع الديني وراء تفشي جرائم الابتزاز الرقمي
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
كشف محمد السيد، مدرس القانون المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، الأسباب التي تؤدي إلى ارتكاب جريمة الابتزاز الرقمي، مشيرا إلى أن ضعف القيم الدينية يلعب دورا رئيسيا في ذلك، وأكد أن من أبرز العوامل التي تدفع نحو السلوك الإجرامي، بما في ذلك الابتزاز الرقمي، هو ضعف الإيمان وغياب الوازع الديني، فعندما يفتقر الشخص إلى الشعور بمراقبة الله وعدم تفعيل الجوانب العملية للإيمان، يصبح أكثر عرضة للانخراط في أفعال مخالفة للدين والقانون.
الانفلات الأخلاقي
وبحسب الدراسة التي أعدها محمد السيد بعنوان «الابتزاز الرقمي: تفكيك بنية المفهوم وتداعياته»، أن الخلل النفسي و الاضطرابات السلوكية أحد الدوافع المهمة في هذا الصدد، بالإضافة إلى لتربية الأسرية غير السوية، مؤكدا أن سوء التنشئة الاجتماعية وعدم تأدية الأسرة لواجبها من أهم الأسباب التي ينتج عنها التفكك الأسري، خاصة في ظل تنامي الثورة التكنولوجية وظهور الإنترنت والرقمنة الحديثة التي تغلغت داخل كل أسرة، ولعل الفجوة الرقمية بين عالم الكبار والصغار قد تلقي بظلالها وتمنع بعض الأسر من مراقبة سلوك الأبناء عبر الإنترنت، ما قد يتسبب في انحراف بعض الأبناء.
جريمة الابتزاز الرقميلم تكن الدوافع الاقتصادية بمنأى عن الدوافع التي تدعو إلى ارتكاب جريمة الابتزاز الرقمي، إذ تلعب الدوافع الاقتصادية دورا كبيرا في انتشار الابتزاز الرقمي، فالجانب الاقتصادي يؤثر سلبا أو إيجابيا على سلوكيات الأفراد، إذ أكدت الدراسة أن الفقر والجاحة يؤديان إلى القيام بممارسة الانحرافات وارتكاب الجرائم بصفة عامة والجرائم الرقمية بصفة خاصة.
وتضمن الدوافع دوافع تكنولوجية، فوفق الدراسة، في ظل تطور وسائل الاتصال وشبكات الإنترنت والبرامج الخبيثة والقادرة على اختراق أغلب الحواسيب والصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي من قِبل مجرمي التكنولوجيا، حيث يستخدمون مهاراتهم في الحصول على صور للضحية أو استخدام برامج الفوتوشوب لتركيب صور للضحية كي تقيدهم كوسيلة للضغط في عملية الابتزاز، فضلاً عن وجود برمجيات خاصة قادرة على استعادة الصور بعد حذفها من الأجهزة، بالإضافة إلى حضور الذكاء الاصطناعي كمتغير جديد وفاعل في مسألة الابتزاز.
وأشارت الدراسة إلى أن العديد من المواقع والصفحات ساهمت في نشر ثقافات تدفع بالمراهقين خصوصا إلى التلقيد، ولا يقتصر التلقيد على الممارسات الإيجابية بل يمتد إلى الممارسات السلبية، والتي من بينها الابتزاز الرقمي.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حملة الوطن تعزيز الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية الابتزاز الرقمی
إقرأ أيضاً:
تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام «5- 11»
تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام «5- 11»
بقلم الدكتور عبد الله الفكي البشير
ختمت البروفيسور آمال قرامي تقديمها للطبعة الثانية التي ستصدر قريباً من كتاب: الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، قائلة:
“يصدر المُؤلَف في فترة حرجة من تاريخ السودان استشرى فيها العنف وتفتت فيه النسيج الاجتماعي، وكثرت فيها الخيبات والمآسي وبرزت فيها علامات التراجع عن أهداف الثورة السودانية. فهل يكون هذا المُؤلَف ملاذ الحائرين/ات والباحثين عن فهم أسباب ما يجري؟”
البروفيسور آمال قرامي
أستاذة الفكر الإسلامي والدراسات الجندرية بالجامعة التونسية، تونس
قلنا في مستهل الحلقة الأولى من سلسلة هذه المقالات: “بتخطيط وتنسيق مسبق وبمؤامرة شارك فيها قطاع واسع ممن يسمون برجال الدين في الفضاء الإسلامي، والقضاة الشرعيين، و هيئة علماء السودان، و جماعة الإخوان المسلمين، وبعض رجال الطائفية والقادة السياسيين في السودان، ومشايخ جامعة أم درمان الإسلامية السودان)، ومشايخ الأزهر (مصر)، كان انعقاد المحكمة المهزلة، محكمة الردة في مثل هذا اليوم، 18 نوفمبر من العام 1968. مثَّل انعقاد المحكمة وصدور حكمها الباطل، بداية المواجهة بين الفهم القديم للإسلام، و الفهم الجديد للإسلام، كما طرحه المفكر محمود محمد طه. أتبع الأزهر شراكة مشايخه في مؤامرة المحكمة، بإصدار فتوى بكفر المفكر محمود محمد طه “الكفر الصراح”. كما لحق بالأزهر رابطة العالم الإسلامي حيث أفتى مجلسها التأسيسي وبالإجماع بردة محمود محمد طه عن الإسلام. يتكون المجلس التأسيسي للرابطة من ستين عضواً يمثلون مختلف دول العالم الإسلامي، وتتخذ الرابطة من المملكة العربية السعودية مقراً لها”.
شكَّل حكم محكمة الردة الذي صدر في 18 نوفمبر 1968، سابقة خطيرة، حيث تم استدعاؤه والأخذ به مع فتوتي الأزهر و رابطة العالم الإسلامي في محاكمة يناير 1985، التي حكمت على المفكر الإنساني محمود محمد طه بالإعدام، كما سيرد التفصيل لاحقاً. نواصل الحديث عن المؤامرات المحلية، فبعد أن وقفنا عند تآمر رئيس وأعضاء مجلس السيادة السوداني، نقف اليوم عند مؤامرات القضاة. (ملاحظة: كل ما يرد في هذه السلسلة يجد سنده التوثيقي في الكتاب المشار إليه، أعلاه، وقد أخذنا فيه بمنهج توثيقي صارم).
مؤامرات القضاةكشف المدعي الأول في محكمة الردة الأمين داود في كتاباته، عن شراكة قاضي القضاة والقضاة الشرعيين في المؤامرة. فقبل أن يتم تقديم الدعوى للمحكمة، قام الأمين داود بالاتصال بقاضي القضاة وبالقاضي الذي ترأس محكمة الردة فيما بعد، وقد أوضح موقف كل منهما.
موقف قاضي القضاة، عبد الماجد أبو قصيصةحكى الأمين داود في كتابه: نقض مفتريات محمود محمد طه وبيان موقف القضاء منه، وتحت عنوان: “موقف القضاء من محمود محمد طه”، مبيناً بأنه تقدم بالدعوى بعدما رأى “استعداداً طيباً وروحاً عالياً من حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد الماجد أبوقصيصة قاضي قضاة السودان لقبول دعوى الحسبة”. كما أضاف بأن قاضي القاضي قد قال له بأن الدعوى من صميم عمل المحاكم الشرعية.
قاضي محكمة الردةروى الأمين داود في كتابه آنف الذكر، بأنه قد أتصل بالقاضي توفيق أحمد صديق، وطرح عليه خطته قبل انعقاد المحكمة، بل لم يتقدم بالدعوى، كما قال، إلا بعد ما لمسه من الهمة العالية والوقوف مع الحق من الشيخ توفيق أحمد صديق عضو محكمة الاستئناف العليا الشرعية، وبعد ذلك: “تقدمنا بدعوى الحسبة”.
تبين من الاعترافات الموثقة أن قرار محكمة الردة قد تم الاتفاق عليه قبل تقديم الدعوى نفسها. فالمدعي الأول، كما أورد في كتابه، رتب الأمر مع قاضي القضاة ومع رئيس المحكمة، ووجد موافقتهم وقبولهم فماذا بقى؟ لا شيء سوى تنفيذ المؤامرة.
يتضح مما تقدم أن التحالف الذي تشكل من رجال الدين والطائفية والزعماء السياسيين والقضاة الشرعيين، قد اجتمع على التآمر على المفكر محمود محمد طه، فدبروا تلك المكيدة السياسية. ومما لا شك فيه أن معظم هؤلاء السياسيين من الطائفيين والقضاة الشرعيين والفقهاء، لهم امتداداتهم الخارجية في مصر والسعودية، كما أن كثير منهم يتحرك بتوجيهات مصر الرسمية وبتوجيهات مشايخ الأزهر وبالتنسيق بينهما. وقد فصلنا كل ذلك في كتبنا.
إكتمال حلقات التنسيق والتآمر“ولكن لا بأس، فإن من جَهِلَ العزيز لا يَعِزَّه!! ومتى عرف القضاة الشرعيون رجولة الرجال، وعزة الأحرار، وصمود أصحاب الأفكار؟”.
محمود محمد طه، 19 نوفمبر 1968
بعد اكتمال حلقات التنسيق والتآمر بين القضاة الشرعيين، ورجال الدين، والقادة والسياسيين، تقدم الأمين داود، الأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية (مدعي أول)، وحسين محمد زكي، الأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية (مدعي ثاني)، بدعوى ضد محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري، بالردة عن دين الإسلام، حسبة لله تعالى. تم تقييد الدعوى لتكون القضية رقم 1035/1968 أمام محكمة الخرطوم العليا الشرعية، التي تشكلت برئاسة القاضي توفيق أحمد صديق، عضو محكمة الاستئناف العليا الشرعية المنتدب للنظر والفصل في الدعوى.
عدم اختصاص المحكمةإن المحكمة التي عُهد إليها بالنظر في القضية رقم 1035/1968، وهي محكمة الخرطوم العليا الشرعية، لم يكن من اختصاصها إصدار حكم بإعلان ردة أي إنسان من الإسلام. فالمحاكم الشرعية في السودان أنشأها الاستعمار بموجب قانون أصدره الحاكم العام، وهو قانون المحاكم الشرعية السودانية لعام 1902. ولم يتضمن هذا القانون أي نص يدل على صلاحية المحكمة الشرعية في الحكم بردة أو تكفير مسلم. فاختصاص هذه المحاكم قد حددته المادة السادسة التي تنص على أن للمحاكم الشرعية الصلاحية للفصل في:
أ. أية مسألة تتعلق بالزواج والطلاق والولاية والعلاقات العائلية بشرط أن يكون الزواج قد عقد على الشريعة الإسلامية أو أن يكون الخصوم من المسلمين.
ب. أية مسألة تتعلق بالوقف أو الهبة أو الميراث أو الوصية … إلخ.
ج. أية مسألة سوى ما ذكر في الفقرتين السابقتين على شرط أن تتقدم الأطراف المتنازعة بطلب كتابي ممهور بتوقيعاتهم يلتمسون فيه من المحكمة أن تقضي بينهم مؤكدين أنهم عازمون على الالتزام بحكم الشريعة في الأمر المتنازع عليه.
مما يدل على عدم اختصاص المحكمة التي نظرت في القضية، أن حكمها جاء غيابياً، بسبب عجزها عن احضار المتهم أمامها أو إجباره على الحضور، كما أنها لم تستطع تنفيذ الحكم الذي أصدرته، لا في ذلك الوقت، ولا في أي وقت لاحق، وهو ما لم يكن يحول دونه غياب المحكوم عليه، خاصة وأن للحكم عقوبة مقررة شرعاً هي أعلى مراتب العقوبات المدنية. وهذا ما أكدته المحكمة العليا/ الدائرة الدستورية في العام 1986 حينما قررت عدم اختصاص المحكمة الشرعية العليا، وقضت ببطلان حكمها، كما سيرد التفصيل لاحقاً.
ما يجب التأكيد عليه هو أن المحاكم الشرعية غير مختصة في إصدار حكم بإعلان ردة أو تكفير أي إنسان من الإسلام. إن تسمية هذه المحاكم محاكم شرعية فيه تضليل وإيهام للناس بأن شريعتهم قائمة. والاسم الصحيح لهذه المحاكم إنما هو “المحاكم الملية” أي أن الحكم الاستعماري كان عندما يحتل بلداً يخصص محاكم لكل ملة من أهل ذلك البلد مسلمين، نصارى، يهود، لتحكم لهم في قضايا الأحوال الشخصية حسب أديانهم، وأسوأ من ذلك فإن ما يسمى عندنا بالمحاكم الشرعية لم يكن ينفذ حكماً من أحكامها إلا بواسطة المفتش الإنجليزي لأن السلطة التنفيذية قد كانت بيده هو لا بيد (القضاة الشرعيين). نقف هنا ونلتقي في الحلقة السادسة.
[email protected]
تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام (4-11)
الوسومالأمين داود الدكتور عبد الله الفكي البشير الزواج الطلاق توفيق أحمد صديق عبد الماجد أبو قصيصة محكمة الردة محمود محمد طه