يكشف مؤشر جديد صادر عن جامعة كامبريدج عن "سوق سوداء" مزدهرة، حيث يمكن شراء توثيق مزيف لحسابات التواصل الاجتماعي مقابل ثمانية سنتات فقط، ما يسهّل التلاعب عبر الإنترنت والتدخل في الانتخابات حول العالم.

رسم الباحثون خريطة تكاليف إنشاء حسابات مزيفة على الإنترنت في كل دولة حول العالم، فيما تكافح الحكومات والجهات التنظيمية التضليل والخداع عبر الشبكة.

أطلقت جامعة كامبريدج يوم الخميس مؤشر الثقة والسلامة على الإنترنت في كامبريدج (COTSI)، وهو موقع إلكتروني تقول إنه أول أداة عالمية ترصد بشكل فوري أسعار التحقق من الحسابات المزيفة عبر أكثر من 500 منصة، من بينها "تيك توك" و"إنستغرام" و"أمازون" و"سبوتيفاي" و"أوبر".

غالباً ما تُستخدم هذه الحسابات لبناء "جيوش بوتات" مصممة لتقليد الأشخاص الحقيقيين وتشكيل النقاش العام على الإنترنت. ويقول معدّو الدراسة إنها تُنشر لإغراق المحادثات، والترويج لعمليات احتيال أو منتجات، أو دفع رسائل سياسية بطريقة منسقة.

تأتي الدراسة في لحظة حرجة لثقة المستخدمين على الإنترنت، إذ قلّصت منصات التواصل الاجتماعي الكبرى جهود ضبط المحتوى وبدأت تدفع للمستخدمين مقابل التفاعل، بما قد يشجع الاعتماد على تفاعلات مزيفة.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، فرضت المملكة المتحدة عقوبات على شركات روسية وصينية يُشتبه في أنها "جهات خبيثة" في حرب المعلومات.

ووجدت الدراسة أيضاً أن صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي (genAI) جعل المشكلة أكثر حدّة.

"نجد سوقاً مزدهرة تحت الأرض تُباع عبرها المحتويات غير الأصيلة والشعبية المصطنعة وحملات التأثير السياسي بسهولة وبشكل علني"، كتب جون روزنبيك، وهو مؤلف رئيسي للدراسة وعالم نفس اجتماعي حسابي في جامعة كامبريدج، في بيان. "ويمكن القيام بذلك بمحاكاة الدعم الشعبي على الإنترنت، أو افتعال الجدل لحصد النقرات والتلاعب بالخوارزميات"، أضاف.

يمكن للبائعين الذين يديرون بنوكاً من آلاف شرائح الاتصال وملايين عمليات التحقق الجاهزة إنشاء حسابات مزيفة مقابل بضعة سنتات فقط.

وتُظهر بيانات المورّدين التي تتبّعها الباحثون لمدة عام أن التحقق هو الأرخص في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وروسيا، وأعلى بكثير في اليابان وأستراليا، حيث ترفع قواعد شرائح الاتصال الأكثر صرامة التكاليف.

وبحسب التحليل، يبلغ متوسط تكلفة التحقق عبر الرسائل القصيرة لحساب مزيف واحد 0.08 دولار (0.06 يورو) في روسيا، و0.10 دولار (0.086 يورو) في المملكة المتحدة، و0.26 دولار (0.22 يورو) في الولايات المتحدة، مقارنة بـ 4.93 دولار (4.25 يورو) في اليابان.

Related المعلومات المضللة قضية عالمية: هكذا تكافحها آسيا الوسطى

وتشمل المنصات ذات الأسعار العالمية الأدنى للحسابات المزيفة "ميتا" و"شوبيفاي" و"إكس" و"إنستغرام" و"تيك توك" و"لينكدإن" و"أمازون".

وبحسب الدراسة، يقدّم بعض البائعين دعماً للعملاء وصفقات بالجملة وخدمات لزيادة الإعجابات والتعليقات والمتابعين بشكل مصطنع.

قال روزنبيك: "يعني الذكاء الاصطناعي التوليدي أن البوتات باتت قادرة على تكييف الرسائل لتبدو أكثر إنسانية وحتى تفصيلها لتتفاعل مع حسابات أخرى. إن جيوش البوتات تصبح أكثر إقناعاً وأصعب رصداً".

وأشارت الدراسة أيضاً إلى ارتباطات قوية بأنظمة الدفع الروسية والصينية، وقالت إن القواعد اللغوية على كثير من مواقع المورّدين توحي بتأليف روسي.

ارتفاعات الأسعار المرتبطة بالانتخابات

وجدت الدراسة أيضاً أدلة على أن حملات التأثير السياسي قد تكون وراء طفرات في سوق الحسابات المزيفة، مع تزايد الطلب على "عمليات التأثير".

قال أنطون ديك، الباحث المشارك في مركز كامبريدج للتمويل البديل: "المعلومات المضللة موضع خلاف عبر الطيف السياسي. ومهما كانت طبيعة النشاط غير الأصيل على الإنترنت، فإن كثيراً منه يمر عبر سوق التلاعب هذه، لذا يمكننا ببساطة تتبّع المال".

ارتفعت أسعار الحسابات المزيفة على "تلغرام" و"واتساب" بشكل حاد في الدول التي كانت على وشك إجراء انتخابات وطنية، بزيادة قدرها 12 في المئة و15 في المئة على التوالي خلال 30 يوماً سبقت فتح صناديق الاقتراع.

وبما أن هذه تطبيقات المراسلة تُظهر أرقام الهواتف، فإن مشغّلي التأثير يضطرون لتسجيل الحسابات محلياً، ما يرفع الطلب.

ولم تُرصد اتجاهات مماثلة على منصات مثل "فيسبوك" أو "إنستغرام"، حيث يمكن استخدام حسابات مزيفة تُنشأ بتكلفة منخفضة في دولة واحدة لاستهداف جمهور في مكان آخر.

ويعتقد الفريق الذي يقف وراء الدراسة، ويضم خبراء في التضليل والعملات المشفرة، أن تنظيم شرائح الاتصال وفرض فحوصات الهوية سيرفع تكلفة إنتاج الحسابات المزيفة ويساعد في كبح السوق.

ويقولون إن الأداة الجديدة يمكن استخدامها أيضاً لاختبار تدخلات السياسات في دول حول العالم.

قال ساندر فان دير ليندن، المؤلف المشارك للدراسة وأستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة كامبريدج: "يسلط مؤشر COTSI الضوء على اقتصاد الظل للتلاعب عبر الإنترنت بتحويل سوق خفي إلى بيانات قابلة للقياس".

وأضاف: "إن فهم تكلفة التلاعب عبر الإنترنت هو الخطوة الأولى لتفكيك نموذج الأعمال وراء المعلومات المضللة".

وفي وقت سابق من هذا العام، أصبحت المملكة المتحدة أول دولة في أوروبا تُجرّم "مزارع الشرائح"، ويقول فريق كامبريدج إن COTSI سيساعد الآن في قياس أثر تلك السياسة.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا إسرائيل دونالد ترامب حروب حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا إسرائيل دونالد ترامب حروب حركة حماس الذكاء الاصطناعي احتيال إنترنت الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا إسرائيل دونالد ترامب حروب حركة حماس روسيا غزة دراسة سوريا تغير المناخ البيئة

إقرأ أيضاً:

دراسة في أكسفورد تحذر: آلاف الحيوانات مهددة بالانقراض نتيجة الحرارة وتوسع الأنشطة البشرية

تؤكد نتائج الدراسة على أن التغيرات البيئية المستقبلية قد تعيد تشكيل التنوع البيولوجي العالمي بشكل كبير، ما يجعل من الضروري تحديد هذه التهديدات المتفاعلة والعمل على التخفيف من آثارها من خلال سياسات حماية وتخطيط بيئي استباقي.

كشفت دراسة دولية حديثة بقيادة الدكتورة ريوت فاردي من كلية الجغرافيا والبيئة بجامعة أكسفورد أن نحو 8,000 نوع حيواني قد يقترب من خطر الانقراض قبل نهاية القرن الحالي، نتيجة التفاعل بين الحرارة الشديدة الناتجة عن تغيّر المناخ وتوسع الأنشطة البشرية في استخدام الأراضي.

وأوضحت الدراسة أن التفاعل بين هذه العوامل يفاقم تدهور بيئات هذه الأنواع، ما يجعلها غير صالحة للعيش ويعرض وجودها لخطر الانقراض على الصعيد العالمي.

تقييم شامل للأنواع الفقارية

الدراسة، التي تحمل عنوان "تأثيرات أحداث الحرارة الشديدة المستقبلية وتغير استخدام الأراضي على الفقاريات الأرضية" قامت بتحليل نحو 30,000 نوع من البرمائيات والطيور والثدييات والزواحف.

ركزت الدراسة على دراسة تأثير موجات الحرارة الشديدة المستقبلية والتغيرات المحتملة في استخدام الأراضي على هذه الأنواع من الحيوانات، داخل مواطنها المفضلة وحدود تحملها للحرارة، بهدف تقديم صورة دقيقة للمخاطر التي قد تواجهها في المستقبل.

Related لغز الانقراض العظيم: كيف أدى موت النباتات إلى احتباس حراري أبدي؟باحثون يحذرون: أحد أكثر الأنواع المهددة بالانقراض عالميا يؤكل حتى الاندثارلندن تحيي اليوم العالمي للأسود الآسيوية: دعوة عالمية لتعزيز حمايتها من الانقراض أهمية دراسة التهديدات المترابطة

وقالت الدكتورة ريوت فاردي: "تسلط أبحاثنا الضوء على أهمية دراسة التأثيرات المحتملة لتهديدات متعددة معاً للحصول على تقدير أفضل لمدى تأثيرها، كما تؤكد على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات حماية وتخفيف على مستوى العالم لمنع خسائر جسيمة في التنوع البيولوجي."

وبحلول عام 2100، من المتوقع أن يواجه نحو 7,895 نوعاً من الحيوانات موجات حرارة شديدة أو تغييرات غير مناسبة في استخدام الأراضي، أو كلا العاملين معاً، داخل جميع مناطق انتشارها. وتعد هذه الظروف خطيرة، إذ قد تعرض هذه الأنواع لخطر الانقراض على الصعيد العالمي.

وأوضحت الدراسة أن النتائج تختلف باختلاف السيناريوهات المستقبلية: ففي السيناريو الأكثر شدة، قد تواجه الأنواع ظروفاً غير مناسبة في أكثر من نصف مناطق انتشارها (52% في المتوسط). أما في السيناريو الأكثر تفاؤلًا، فستظل الأنواع معرضة لظروف غير مناسبة بسبب الجمع بين الحرارة الشديدة وتغير استخدام الأراضي في حوالي 10% من مناطق انتشارها.

وتُظهر الدراسة أن التأثيرات المشتركة لتغيّر المناخ واستخدام الأراضي ستكون حادة بشكل خاص في مناطق مثل الساحل، والشرق الأوسط، والبرازيل، حيث تتقاطع الحرارة الشديدة مع توسع النشاط البشري بشكل ملحوظ.

الأنواع الأكثر عرضة للخطر

تشير الدراسة إلى أنه حتى في السيناريوهين الأكثر تفاؤلاً، سيواجه أكثر من نصف أنواع الحيوانات التالية ظروفاً بيئية غير مناسبة في ما لا يقل عن نصف نطاق توزيعها:

الأنواع التي بياناتها غير كافية: وتشمل حوالي 77% من هذه الأنواع، وهي الأنواع التي لا تتوفر عنها معلومات كافية لتحديد مدى تهديدها بالانقراض، بسبب نقص الدراسات حول أعدادها أو مواطنها أو تأثير التغيرات البيئية عليها.

الأنواع القريبة من التهديد: أي حوالي 50% من هذه الأنواع، وهي التي قد تصبح مهددة بالانقراض إذا استمرت الضغوط البيئية الحالية أو الجديدة.

الأنواع المهددة بالانقراض "ضعيفة، مهددة، وحرجة": وتشمل نحو 60% من هذه الأنواع، وهي التي تواجه خطر الانقراض الفعلي إذا لم تتخذ إجراءات حماية عاجلة.

وتبرز هذه الأرقام مدى خطورة التهديدات المترابطة الناتجة عن الحرارة الشديدة وتغير استخدام الأراضي على التنوع البيولوجي العالمي، بما في ذلك حتى الأنواع التي لم يتم تقييم وضعها بعد بدقة.

تؤكد نتائج الدراسة على أن التغيرات البيئية المستقبلية قد تعيد تشكيل التنوع البيولوجي العالمي بشكل كبير، ما يجعل من الضروري تحديد هذه التهديدات المتفاعلة والعمل على التخفيف من آثارها من خلال سياسات حماية وتخطيط بيئي استباقي.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • دراسة تكشف: القلق والأرق يدمران جهاز المناعة
  • الصناعة: لا حسابات رسمية للفريق كامل الوزير على السوشيال.. وإجراءات قانونية ضد الحسابات المزيفة
  • هل يمكن للشوكولاتة الداكنة أن تبطئ الشيخوخة ؟ وكيف!
  • دراسة: المشي بعد تناول الطعام مباشرة يقلل مستويات السكر في الدم
  • دراسة لـ«تريندز» و«ديجيتال وورلد»: دور محوري للإمارات في تعزيز علاقات دول الشرق الأوسط مع الاتحاد الروسي
  • دراسة تكشف تأثيرًا مفاجئًا للطهي بالمقلاة الهوائية على صحة القلب
  • دراسة: الامتناع عن الفطور يرفع خطر الإصابة بمرض الكبد الدهني
  • أمة الأرق.. دراسة: كيف أثر طوفان الأقصى على نوم الإسرائليين؟
  • دراسة في أكسفورد تحذر: آلاف الحيوانات مهددة بالانقراض نتيجة الحرارة وتوسع الأنشطة البشرية