هل واشنطن قادرة على وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان؟
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
واشنطن ـ في الوقت الذي يكرر فيه كبار المسؤولين الأميركيين الحاجة لحل دبلوماسي للتصعيد الإضافي الذي تشهده المنطقة والمتمثل في العدوان الإسرائيلي على لبنان مع الاستمرار في عدوانها على قطاع غزة، اقترحت الولايات المتحدة ودول أخرى، مبادرة تدعو إلى اتفاق وقف إطلاق النار لمدة 21 يوما بين إسرائيل وحزب الله.
وتتزامن الدعوة لاتفاق يجنّب صراعا أوسع بين الطرفين مع طلب جنرالات الجيش الإسرائيلي من الجنود الاستعداد لتوغل محتمل في لبنان، فيما يقلّل مطلب حزب الله بوقف العدوان على غزة كشرط لقبوله أي تسوية في اتجاه وقف إطلاق النار، من فرص نجاح التحركات الدبلوماسية الجارية.
وخلال ظهور تلفزيوني، حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من احتمال نشوب "حرب شاملة" في الشرق الأوسط، لكنه قال "أعتقد أيضا أن الفرصة لا تزال قائمة للتوصل إلى تسوية يمكن أن تغير المنطقة بأسرها بشكل جذري".
الجزيرة نت طرحت عدة أسئلة على عدد من خبراء السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط، حول قوة وفعالية نفوذ واشنطن على أطراف الصراع، وهل من الأفضل ربط مساري حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله معا في صفقة واحدة؟
نفوذ بايدنرد أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، والمسؤول السابق بحلف شمال الأطلسي (الناتو) ووزارة الدفاع الأميركية ديفيد دي روش على هذه التساؤلات، معتبرا أن بايدن لا يملك أي نفوذ على اللاعبين في المنطقة، مشددا على أنه تم تهميش بايدن تماما داخل حزبه وإدارته، وعلى المسرح الدولي.
وأضاف دي روش أنه لن يكون من الحكمة الربط بين قضايا وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، موضحا أن ديناميكيات ودوافع الأطراف تختلف كثيرا، فإيران تنظر إلى غزة على أنها مصدر إزعاج لإسرائيل، ولكنها تعتبر حزب الله بوليصة تأمين ضد هجوم إسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني.
ويضيف دي روش أن إسرائيل أيضا تنظر إلى غزة على أنها تهديد أمني كبير، ولكن إذا لم يتم احتواؤها يمكن أن تشن لاحقا غارات محدودة على إسرائيل ثم تتراجع، وفي المقابل تعترف بحزب الله كقدرة يمكن أن تمنع إعادة الحياة الطبيعية في أجزاء كبيرة من إسرائيل.
أما السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، السفير السابق بدولة الإمارات، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، فيختلف مع دي روش في مدى تمتع بايدن بنفوذ في الأزمة، مشددا على أن بايدن يتمتع بنفوذ كبير على صانع القرار الإسرائيلي.
شحنات الأسلحةوأشار ماك إلى أن القانون الأميركي يمنح الرئيس سلطة وقف العديد من شحنات الأسلحة وخفض أو تعليق المساعدات المالية لشراء الأسلحة الأميركية، "أما من الناحية العملية، فإن بايدن مقيد بتاريخ ممتد على مدار حياته العملية الطويلة من التعاطف والدعم لإسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس".
ولفت الخبير إلى أن السلام بين لبنان وإسرائيل بحدود مرسومة هدف للقادة الأميركيين من كلا الحزبين لعقود عديدة، معتبرا أنه إذا ضغطت إدارة بايدن على إسرائيل لوقف عملياتها، فسيكون ذلك إنجازا كبيرا على الصعيدين الدولي والمحلي، إلا أن الرغبة الأميركية في الضغط على إسرائيل فيما يتعلق بحماس أقل حدة، فضلا عن أن الولايات المتحدة وإيران لا تريدان الانجرار إلى صراع إقليمي بسبب الأزمة الحالية بين حزب الله وإسرائيل.
ومن جانبه يرى رئيس برنامج العلاقات الدولية بجامعة سيرايكوس بولاية نيويورك البروفيسور أسامة خليل أنه كان بإمكان إدارة بايدن استخدام نفوذها لوقف الهجوم الإسرائيلي على غزة ومنع اتساع الصراع إقليميا في أي وقت خلال الأشهر الـ12 الماضية، وبدلا من ذلك، قدمت واشنطن دعما عسكريا ودبلوماسيا واقتصاديا وسياسيا قويا وموسعا للحرب الإسرائيلية على غزة.
شرط حزب اللهوأشار خليل إلى أن سعي إسرائيل والولايات المتحدة المستمر إلى فصل الصراع في لبنان عن غزة قد فشل، ومع ذلك، أصر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله على أن الحزب لن يوقف هجماته حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
ووفقا لخليل فإنه على الرغم من ادعاءات إدارة بايدن-هاريس بأنها لا تملك أي تأثير على إسرائيل ولا توافق على حملتها العسكرية، فإن الولايات المتحدة منخرطة في تعاون وتنسيق سياسي وعسكري واستخباراتي واسع النطاق مع إسرائيل.
وبدوره قال أستاذ الدراسات الأمنية، ومدير مركز قيادة عمليات الاستخبارات بجامعة كارولينا الساحلية الدكتور جوزيف فيتساناكيس إن إدارة بايدن تتمتع بنفوذ محدود للغاية على إسرائيل، مشيرا إلى أن إسرائيل تجاهلت بشكل صارخ الولايات المتحدة في غزة وهي على وشك أن تفعل ذلك مرة أخرى في لبنان.
وأضاف أنه لم يعد هناك سوى عدد قليل في الشرق الأوسط يولي اهتماما للبيت الأبيض، خاصة في الوقت الذي يبدو فيه أن الولايات المتحدة تركز بشكل حصري على السياسة الداخلية في الوقت الحالي.
وأعرب فيتساناكيس عن اعتقاده بأنه لا يتم النظر لمسألة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان بجدية، موضحا أن حزب الله كان ينتظر بصبر دخول الإسرائيليين إلى لبنان، وهو أمر يرحب به، إذ إنه بمجرد دخول إسرائيل إلى لبنان في اجتياح بري، ستصبح قدرة حزب الله على التعامل مع الجيش الإسرائيلي واضحة بسرعة كبيرة.
وعن قدرة بايدن على منع حرب شاملة في المنطقة، قال فيتساناكيس إن إدارة بايدن-هاريس صادقة في رغبتها في منع حرب شاملة في لبنان وإبقاء الصراع محصورا داخل غزة والضفة الغربية. إلا أن الإدارة الأميركية اختارت رسالة مربكة تتمثل في تزويد إسرائيل بالأسلحة بينما تنتقد في الوقت نفسه قيادتها لاستخدام تلك الأسلحة في الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة وقف إطلاق النار الشرق الأوسط على إسرائیل إدارة بایدن فی الوقت فی لبنان حزب الله إلى أن فی غزة على أن
إقرأ أيضاً:
6 دول عربية كثفت التعاون العسكري سريا مع إسرائيل خلال الحرب على غزة
كشفت صحيفة واشنطن بوست أن ستة دول عربية (الأردن السعودية مصر البحرين الإمارات قطر) وسعت تعاونها العسكري مع الاحتلال خلال السنوات الثلاث الأخيرة نقلا عن مصادر مطلعة.
وقالت الصحيفة، إنه "على الرغم من الإدانة العلنية الشديدة لإسرائيل من قبل الحكومات العربية خلال حرب غزة ، فإن العديد من تلك البلدان نفسها حافظت سرا على تعاون عسكري واستخباراتي وثيق مع إسرائيل".
وبحسب وثائق أمريكية مسربة حصلت عليها الصحيفة والاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، شاركت ست دول عربية على الأقل في إطار دفاعي إقليمي سري يُعرف باسم "البناء الأمني الإقليمي". وتم إدراج الكويت وسلطنة عمان كشركاء محتملين في المستقبل.
وذكرت الصحيفة، أن الآلية التي أنشئت بالتنسيق مع القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، عملت كشبكة سرية لتبادل المعلومات والتدريبات المشتركة والتنسيق العملياتي بهدف مواجهة النفوذ الإقليمي الإيراني وتعزيز العلاقات العسكرية مع إسرائيل.
كما صُنفت جميع الاجتماعات على أنها "مدعومة وسرية"، مع أوامر صارمة تمنع التصوير أو التواصل مع وسائل الإعلام، حتى أن مذكرات داخلية حددت تقديم الطعام الحلال (الكوشير) والقيود الغذائية الدينية، ومنعت تناول لحم الخنزير والمحار في التجمعات بحسب الصحيفة.
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، أفادت التقارير أن الشبكة نظمت سلسلة من القمم الأمنية الإقليمية والتدريبات - من البحرين والأردن إلى قاعدة العديد الجوية في قطر وفورت كامبل في كنتاكي - حضرها ضباط كبار من إسرائيل والدول العربية والجيش الأمريكي.
وتناولت إحدى الوثائق تدريبات دولية مفصلة حول كشف الأنفاق وتدميرها، وهي نفس التقنية التي تستخدمها حماس في غزة، ووصفت وثيقة أخرى تدريبًا مشتركًا عُقد في مصر في أيلول/ سبتمبر، وشاركت فيه قوات من الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية والأردن ومصر واليونان والهند وبريطانيا وقطر.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف المعلن للمبادرة هو إرساء تنسيق آني في مجالات الاستخبارات، وربط الرادارات، والاتصالات السيبرانية، وأنظمة الدفاع الصاروخي.
ومنذ عام 2022، دَمجت الدول المشاركة بيانات رادارها وأجهزة استشعارها مع الشبكة الأمريكية لمواجهة الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية.
ولفتت الوثائق إلى أن دولتين عربيتين لم يتم تسميتهما تقاسمتا المعلومات الاستخباراتية بشكل مباشر مع سرب من القوات الجوية الأمريكية، ويستخدم جميع المشاركين الآن منصة دردشة مشفرة للتواصل المباشر مع واشنطن والعواصم الحليفة.
وتصف إحاطات القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) المذكورة في الوثائق إيران ووكلائها الإقليميين بـ"محور الشر"، حيث تُظهر خرائط تُشير إلى التهديدات الصاروخية في غزة واليمن.
وتنظر واشنطن إلى هذا الهيكل كوسيلة لتعزيز رواية "الازدهار والتعاون الإقليميين" ودحض ادعاء طهران بالدفاع عن الفلسطينيين.
كما وُزِّعت المعلومات على أعضاء تحالف "العيون الخمس" الاستخباراتي - الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا - مما يُبرز البعد العالمي للمبادرة.
وتشمل الخطط المستقبلية إنشاء "مركز سيبراني للشرق الأوسط" و"مركز دمج معلومات" إقليمي لتسهيل تبادل البيانات آنيًا وتدريب الخبراء الإسرائيليين والعرب على الدفاع الرقمي.
وأفادت التقارير أن السعودية لعبت دورا فاعلا بشكل خاص، حيث زودت إسرائيل وجيرانها العرب بمعلومات استخباراتية حول سوريا واليمن ونشاط داعش.
وتضمن اجتماع رئيسي عُقد في كانون الثاني/ يناير في قاعدة فورت كامبل بولاية كنتاكي تدريبات على تحديد الأنفاق الهجومية وتحييدها، وهو تكتيك شائع في حرب غزة.
وفي إحاطة أخرى، قدم مسؤولون سعوديون وأمريكيون لمحة عامة عن النشاط الروسي والتركي والكردي في سوريا، إلى جانب تحديثات حول التهديدات الحوثية في اليمن وعمليات داعش في العراق وسوريا.
وأشارت الصحيفة، إلى أن العلاقات داخل الحركة شهدت أزمة خلال الشهر الماضي بعد غارة جوية إسرائيلية في الدوحة استهدفت مسؤولين كبارا في حماس حيث فاجأ الهجوم واشنطن وأثار غضب قطر، الوسيط الرئيسي مع حماس والشريك الرئيسي في الآلية السرية.
وبحسب التقرير، ضغط الرئيس دونالد ترامب على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للاعتذار في مكالمة هاتفية من المكتب البيضاوي، والالتزام بعدم تكرار مثل هذا الفعل.
وذكرت مصادر عسكرية أمريكية أن أنظمة الرادار الأمريكية لم ترصد الطائرات الإسرائيلية، لأنها صُممت أساسًا لمراقبة إيران.
وأكدت الوثائق المسربة صراحة، أن هذا التعاون "لا يُشكل تحالفا جديدا"، وأن جميع الاجتماعات يجب أن تبقى سرية، إلا أن القادة العرب واصلوا إدانة إسرائيل علنًا في المحافل الدولية: فقد وصف أمير قطر عملية غزة بأنها "حرب إبادة"، بينما اتهمت المملكة العربية السعودية إسرائيل بـ"تجويع الفلسطينيين والتطهير العرقي".
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم، إن الوثائق تُظهر أن الدول العربية لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة في ضماناتها الأمنية، بينما لا تزال حذرة من قوة إسرائيل.
وصرح البروفيسور توماس جونو من جامعة أوتاوا قائلا: "تخشى دول الخليج من إسرائيل المتفلتة، لكنها تعتمد على الولايات المتحدة، وتخشى من تنامي قوة إيران".