غزة- مدلين خلة - صفا "فاقد الشيء يُعطيه وبكثرة دون تفكير فيما قد يحدث أمامه، فيسعى جاهدًا لتعويض ما لا تراه عينيه ببديل يجثو على مقربة منه، يُحاول قدر الإمكان مداراة حزنه وألمه وبث روح المحبة والألفة في نفوس صغار فقدوا أغلى ما يملكون، فأصبح يُطلق عليهم "أيتام". في محاولة لاقت الرواج والانتشار بين الأطفال في مراكز النزوح شمالي غزة، يعمد المواطن عماد الدين أحمد (45 عامًا) على نزع الحزن من قلبه ورسم الابتسامة والفرح على وجوه هؤلاء الأطفال الذين رأوا في الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع ما لا يتحمله عقل بالغ، فعاشوا وحيدين بعدما فقدوا والديهم أو أحدهما.

  بسمة ووجع اختلطت نظرته لأولئك الأطفال الملتفين حوله في حلقة دائرة، ما بين الحزن والمحبة، فحزنه على حالهم لا يقل عن حاله وبقائه بعيدًا عن زوجته وأطفاله السبعة، الذين أُجبروا على النزوح القسري، الذي طال المواطنين، عقب اجتياح جيش الاحتلال حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة. عمل أحمد على تطويع دراسته للتربية الرياضية في مداعبة وملاعبة الأطفال اليتامى في مراكز النزوح، فأخذ على عاتقه تخفيف وجعه بإسقاط فرحة زائفة على نفوس الأطفال وتقديم الألعاب لهم. وكان بُعد أبناءه عنه مثابة اشتعال النار في قلبه الذي لا يحتمل بقاؤهم هذه الفترة الطويلة في ظروف لا يعلم أحد ماهيتها إلا الله، فكان يملأ فراغه في غياب أطفاله في لعبه مع الأطفال. "صح أنا عصبي ومليش طولة بال، لكن ما بتحمل زعل وبكاء الأطفال، وخاصة الأيتام الذين فقدوا حنان الأم والأب أو أحدهما".. بهذه العبارة بدأ أحمد حديثه لوكالة "صفا" عن مهنة الحرب التي سخّر فيها تعليمه وبعض مما يملك من أموال لإذابة الحزن عن عيون هؤلاء الأطفال رسم البسمة على شفاههم. يقول: "بقدر وجعي الكبير على فراق أولادي وزوجتي، بعد ما نزحوا إلى الجنوب، إلا أنه لم يكون نقطة في بحر أمام ألم الأطفال الأيتام، ونظرة الانكسار التي نشاهدها في عيونهم وقت يشوفوا أي طفل مع أمه وأبوه، هذه اللحظة تجعلك تخسر كل ما تملك من أجل زرع البسمة والفرح داخل قلوبهم الصغيرة". تمتع أحمد بروحه الرياضية، وتحمل آلام الأطفال، فأخذ على عاتقه إلى جانب اللهو واللعب معهم، حل المشاكل التي تواجههم. شعور لا يوصف ويضيف "شعور الأبوة والفراق يعملان كمحفز لا شعوري لإرضاء كل قلب حزين ورفع الهم عن وجوه شاخت في صغرها، وكل ما أشتاق لأولادي بلجأ للأطفال اليتامى لترفيههم والتخفيف عنهم، بحاول أقضي معهم أكبر وقت ممكن، حتى لا يقتلني الحنين لقطعة من قلبي تعيش جنوب القطاع". ويتابع "وأنا بلعب مع الأطفال بشعر أنني أب لهم كلهم، بفرح كتير وقت أرى السعادة في عيونهم، وحين يلمحوني من بعيد يتسابقون لاحتضاني، فأشعر أنني أحتضن صغاري، فيكون شعور المحبة متبادل". "أبو الكتاكيت"، هذا اللقب يعرفني فيه الجميع صغار وكبار. كما يقول لوكالة "صفا" انتشر صيت أحمد ليتجاوز غالبية مراكز النزوح، فجعل بسمة الأطفال شعارًا له ليريح بها قلبه وقلوبهم الصغيرة، على أمل انتهاء هذه الحرب ببسمة دائمة دون فقد متزايد، وأن يجتمع هو وعائلته من جديد. تلك السعادة التي يصنعها "أبو الكتاكيت" لا تقتصر على الأطفال وحسب، بل تطال الكبار الذين يُشاهدون تبدد غيوم الحزن السوداء في عيون الأطفال، ليستوطن مكانها شمس الأمل والتفاؤل بحياة قادمة أجمل.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: حرب غزة عماد الدين أحمد طوفان الأقصى الأيتام النزوح القسري

إقرأ أيضاً:

خريجي الأزهر بمطروح تستقبل الأطفال لتعليمهم مبادئ الدين الإسلامي وفضائل ذي الحجة

استقبل الشيخ عطية سالم، رئيس فرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بمحافظة مطروح،اليوم الاربعاء، عدد من  أطفال مطروح الذين توافدوا على مقر المنظمة، يرافقهم كلا من فضيلة الشيخ أشرف مكاوي، إمام وخطيب بالأوقاف، وفاطمة أبو صالح، مديرة الروضة، حرصًا منهم على التزود بتعاليم الدين الإسلامي الوسطي، ومعرفة فضل شهر ذي الحجة المبارك ومناسك الحج.

يأتي هذا الإقبال الكثيف من قبل أطفال المحافظة على مقر المنظمة، ليؤكد الدور المحوري الذي تقوم به المؤسسة الأزهرية في نشر الوعي الديني الصحيح، وترسيخ القيم الإسلامية السمحة في نفوس النشء.  

وقد أعرب الأطفال عن سعادتهم البالغة بهذه الفرصة التي تتيح لهم التعلم من مصادر موثوقة، والتعرف على شعائر دينهم بطريقة مبسطة ومناسبة لأعمارهم.

وخلال اللقاء، قام كلا من فضيلة الشيخ حسام أبو الفتح، مدير التوجيه بوعظ مطروح، وفضيلة الشيخ سمير خلاف، مدير إدارة التعليم الإعدادي، وعضو المنظمة، ومحمد حلمي، مستشار مكتب رئيس الإدارة المركزية، وفضيلة الشيخ عبد الرحمن السايس، مدير إدارة مطروح التعليمية، وعضو المنظمة،  بتقديم شروحات وافية عن فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وأهمية الأعمال الصالحة فيها، بالإضافة إلى شرح مبسط لمناسك الحج والعمرة، وأركانهما وواجباتهما، مع التركيز على الجانب الروحي والأخلاقي لهذه الفريضة العظيمة.

كما تم التأكيد على أهمية التحلي بالأخلاق الإسلامية الفاضلة، ونشر قيم التسامح والاعتدال التي يدعو إليها الدين الإسلامي.

ويعكس هذا التفاعل الإيجابي بين فرع المنظمة وأطفال المحافظة، التزام الأزهر الشريف بدوره الريادي في بناء جيل واعٍ ومستنير، قادر على فهم دينه والاعتزاز به، والمساهمة في بناء مجتمع صالح يسوده الأمن والسلام.

مقالات مشابهة

  • عماد الدين حسين: حماية المستهلك مهمة لكنها تحتاج دعما وتشريعا أفضل
  • محمد محيي الدين والوضاءة التي كانت عبر مناديله العديدة
  • الحماية الاجتماعية: الأحد المقبل صرف منحة الطلبة وعيدية الأيتام وإعانة حزيران
  • ناصر الدين: 56 سريرًا جديدًا لخدمة الأطفال والأمهات في الكرنتينا
  • تفسير رؤية خطف الأطفال في المنام
  • مطلقة بسبب السمنة: خسيت بعد الطلاق وهو متجوزش بقاله 10 سنين
  • الحكومة تستعرض مجموعة من المقترحات التي تسهم في خفض معدلات الدين
  • أحمد السقا: أنا سينجل وده لا ينفي احترامي وتقديري لأم ولادي
  • خريجي الأزهر بمطروح تستقبل الأطفال لتعليمهم مبادئ الدين الإسلامي وفضائل ذي الحجة
  • يونيسف: 50 ألف طفل بغزة استشهدوا وأصيبوا منذ بدء الحرب