«الأيكوفوبيا: مفهوم الرفض تجاه الوطن والثقافة المحلية»
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
لطالما حيرني هذا النقد الذي أجده قاسيا أحيانا منا كعمانين لبلادنا، سياستها ومرافقها وثقافتها، وكنت أعتقد أن هذا السلوك الذي يصل لجلد الذات عند البعض حصرا علينا نحن، حتى بدأت ألحظ في شبكات التواصل الاجتماعي أن الجميع يمارس هذا السلوك وبشكل أقسى بكثير منا، حتى وقعت منذ أيام على مصطلح (الأيكوفوبيا) الذي يفسر هذه الظاهرة، والذي يعني النفور أو الخوف من البيئة المنزلية أو الثقافية الخاصة بالفرد.
من الناحية النفسية، يمكن أن تشير الأيكوفوبيا وفقًا للموقع ذاته إلى حالة من النفور أو الاضطراب العاطفي تجاه المنزل أو البيئة الأسرية. قد يكون هذا الخوف ناتجًا عن تجارب سلبية عاشها الشخص في محيط الأسرة.
أما في السياق الثقافي والسياسي، فقد استخدم الفيلسوف البريطاني روجر سكروتون هذا المصطلح في كتابه «إنجلترا والحاجة إلى الأمم» ليصف الرفض المتزايد للثقافة الوطنية والقيم المحلية من قبل بعض الأفراد. وفقًا لسكروتون، تمثل الأيكوفوبيا نقيضًا للـ«زينوفوبيا» (رهاب الأجانب)، حيث إنه بدلا من الخوف من الثقافات الأجنبية، يتبنى الأفراد موقفًا عدائيًا أو متشددًا تجاه ثقافتهم الأصلية. قد يظهر هذا في شكل انتقاد مفرط للتقاليد والقيم الوطنية أو التقليل من شأن إنجازات الوطن.
في النقاشات السياسية، يُستخدم المصطلح غالبًا لوصف أولئك الذين يبدون عدم الولاء أو الرفض للقيم الثقافية والاجتماعية لبلدانهم. يُنتقد هؤلاء الأشخاص على أنهم ينحازون دائمًا للأفكار والقيم الأجنبية على حساب ثقافتهم الأصلية، أو ما يسمى عند إخواننا المصريين بعقدة الخواجة.
هذا الرفض نراه حتى على صعيد رفض المنتجات المحلية التي قد تكون أعلى جودة، لصالح المنتجات المستوردة، ونراه على مستوى التوظيف، والعادات والتقاليد العمانية الأصيلة، نراه في تخلينا عن لهجاتنا المحلية، ويمكن له إذا لم نعِ أبعاده أن يشوه هويتنا، ويهدد أمننا الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي، لهذا تعمل الدول على تعزيز روح المواطنة لدى الناشئة، وتعزيز انتمائهم وولائهم واعتزازهم بهذه الهوية، حماية لمنجزاتها وقيمها.
حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
استطلاع: موجة رفض عالمية للاحتلال الإسرائيلي
#سواليف
كشف استطلاع رأي عالمي جديد أجراه مركز “بيو” للأبحاث (Pew Research Center)، ونُشر يوم أمس، عن تراجع غير مسبوق في صورة الاحتلال الإسرائيلي في الرأي العام العالمي، إذ عبّرت أغلبية ساحقة في معظم الدول المشاركة عن نظرة سلبية تجاه “إسرائيل”.
شمل الاستطلاع 24 دولة من مختلف قارات العالم، وأظهرت نتائجه أن تركيا تصدّرت القائمة من حيث المواقف السلبية بنسبة بلغت (93%)، تلتها إندونيسيا بنسبة 80%، ثم اليابان (79%)، وهولندا (78%)، وإسبانيا والسويد بنسبة (75% لكل منهما)، وأستراليا (74%)، واليونان (72%).
كما تجاوزت النسبة (60%) في كل من إيطاليا، وألمانيا، وفرنسا، وبولندا، وبريطانيا، والمكسيك.
مقالات ذات صلة الأمم المتحدة: عمليات القتل في نقاط توزيع المساعدات في غزة ليست عرضية 2025/06/05في المقابل، لم تُظهر سوى أربع دول فقط مواقف إيجابية تجاه “إسرائيل”، وهي الهند، وكينيا، ونيجيريا، والأرجنتين.
وأشار التقرير إلى تحول واضح في المزاج الشعبي داخل الدول ذات الدخل المرتفع مثل كندا، وأستراليا، والولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، وفرنسا، حيث عبّرت الفئة الشابة عن أعلى نسب المواقف السلبية تجاه الاحتلال مقارنةً بالفئات الأكبر سنًا.
كما أظهرت النتائج أن الفئات الأقرب إلى التوجهات اليسارية في أوروبا، إلى جانب أستراليا وأمريكا وكندا، هي الأكثر انتقادًا لـ”إسرائيل”، ما يعكس تصاعد الوعي الحقوقي والاهتمام بالقضية الفلسطينية ضمن دوائر التيارات التقدمية.
في المقابل، كشفت نتائج الاستطلاع عن أزمة ثقة داخلية في “إسرائيل”، حيث يرى 58% من الإسرائيليين أن دولتهم لم تعد تحظى بالاحترام على المستوى العالمي، في مؤشر على إدراك داخلي متزايد لعزلة الاحتلال المتنامية وتدهور صورته الخارجية.
وأمس الأربعاء، أظهر استطلاع حديث أجرته شبكة البث العامة الألمانية (ARD) تراجعًا كبيرًا في تأييد الرأي العام الألماني لإسرائيل، حتى في ألمانيا التي كانت تُعتبر من أقرب حلفائها في أوروبا.
وبحسب نتائج الاستطلاع، الذي نقلته صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، فإن 73% من الألمان يعارضون العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، فيما يرى 63% أن رد إسرائيل العسكري على هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول كان مفرطًا.
كما أشار الاستطلاع إلى أن 55% من المشاركين لا يعتقدون أن على ألمانيا مسؤولية خاصة في حماية أمن دولة الاحتلال بسبب ماضيها التاريخي، بينما يرى 74% أنه لا ينبغي لألمانيا الوقوف إلى جانب “إسرائيل” دون شروط، مقابل 13% فقط يدعمون ذلك.
وفيما يتعلق بتصدير الأسلحة، أيد 73% من الألمان فرض قيود مشددة على صادرات الأسلحة إلى دولة الاحتلال، وذهب 30% إلى حد المطالبة بفرض حظر كامل على هذه الصادرات.
يُذكر أن هذا التحول في الرأي العام الدولي يأتي في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واتهامات متزايدة بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين، ما عزز حالة الرفض العالمي تجاه سياسات الاحتلال وممارساته.