شهدت العاصمة المغربية الرباط أمس الجمعة عروضا ضمن مسابقات "التبوريدة" لرياضة الفروسية التقليدية المدرجة ضمن قوائم التراث الثقافي العالمي.

و"التبوريدة" فن فروسية تقليدي معروف في المغرب، وهو استعراض للفرسان يحاكي معارك التحرير واحتفالات الانتصار، حيث تنطلق الخيول في سباق لنحو مئة متر ينتهي بإطلاق النار في الهواء.

وترجع فنون الفروسية المغربية التقليدية أو "التبوريدة" إلى القرن الـ15 الميلادي، واسمها مشتق من البارود الذي يطلقه الفرسان من بنادقهم أثناء الاستعراض، وهي عبارة عن مجموعة من الطقوس الاحتفالية المؤسسة على أصول وقواعد عريقة جدا في أغلب المناطق المغربية، خصوصا في المناطق ذات الطابع البدوي.

وتتعدد المناسبات التي يحتفل بها المغاربة، والتي تتخللها عروض من فن "التبوريدة"، مثل حفلات الأعراس والعقيقة والختان، إضافة إلى المواسم الدينية والاجتماعية.

وتمثل هذه الوصلات الفنية المغرقة في الرمزية اختزالا للطقوس الكرنفالية والفلكلورية لدى المغاربة، والتي ينسجم فيها اللباس مع الغناء والرقص والفروسية والأضحية والنار في سياق متناغم.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2021 أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) "التبوريدة" في قوائمها للتراث الثقافي غير المادي العالمي.

مباريات بالرباط

بدأت مباريات "التبوريدة" أول أمس الخميس، وتستمر حتى غد الأحد 13 أغسطس/آب الجاري، وتنظمها بلدية يعقوب المنصور في الرباط، وشهد يوم أمس الجمعة منافسة كبيرة بين المتسابقين، كما شهد المضمار حضورا جماهيريا كبيرا.

وشارك في منافسات هذه الدورة 50 سربة (فرق مكونة من 20 فارسا)، 3 منها نسائية، وشهدت مسابقات الجمعة مشاركة العديد منها، حيث يبدأ العرض باصطفاف الفرسان في صف مستقيم يتقدمهم "المقدم" (قائد السربة).

ويتميز المقدم بلون لباسه التقليدي الخاص المكون من جلباب وسلهام (لباس تقليدي أمازيغي مغربي)، فيما يرتدي كل الفرسان لباسا تقليديا موحدا من حيث اللون وشكل الخياطة.

وشهدت العروض حضورا جماهيريا كثيفا، خصوصا أن الحلبة التي تحتضنها تقام قرب شاطئ المدينة.

تراث عريق

وتعد "التبوريدة" طقسا احتفاليا وفلكلوريا عريقا لدى المغاربة، وهي ليست وليدة العصر، لذلك باتت مرتبطة في أذهانهم بتقاليد وعادات تجمع بين المقدس والدنيوي، حيث تصاحبها مجموعة من الأغاني والمواويل والصيحات المرافقة لعروضها، والتي تحيل إلى مواقف بطولية.

وهي تمجد البارود والبندقية التي تشكل جزءا مهما من العرض، خاصة عندما ينتهي بطلقة موحدة مدوية تكون مسبوقة بحصص تدريبية يتم خلالها ترويض الخيول على طريقة دخول الميدان، وأيضا تحديد درجة تحكم الفارس بالجواد.

وتشكل "التبوريدة" جزءا لا يتجزأ من التراث المغربي الأصيل الذي يعيد الذاكرة الشعبية والمتفرجين في مناسبات عديدة إلى عهود مضت، وهنا يمكن القول إن المغاربة الذين يمتلكون الخيول المدربة على "التبوريدة" هم من علية القوم في القبيلة وأصحاب خبرة وشأن عظيم ونخوة ومكانة في البلاد.

وترافق استعراضات فرق الخيالة (البواردية) أهازيج شعبية، مثل "الطقطوقة" الجبلية ووصلات "النفار" وفرق "الطبالة" و"الغياطة" و"الكوامانجية"، وهي عناصر متلازمة في كل الحفلات العمومية والمواسم والمهرجانات الشعبية.

فن مهدد بالانقراض

ويؤدي فن "التبوريدة" فرسان قد يصل عددهم إلى مئة فارس ينتظمون في خط مستقيم، يقودهم فارس يسمى "العلام"، وهو الذي يحدد لهم وقت البداية ومدة الاستعراض ووقت الانطلاقة السريعة نحو خط النهاية وتوقيت طلقة البارود، وكلما كانت الطلقة منسجمة وموحدة كان التشجيع والتصفيق والزغاريد، وكلما كانت الطلقات متناثرة ومشتتة غضب العلام ومعه الجمهور.

ويحتاج فن "التبوريدة" إلى تدريب كبير ومستمر من أجل ترويض الجواد على طريقة دخول الميدان والعدو في انسجام تام مع باقي الخيول، ويكون "العلام" هو المسؤول عن تنظيم الفرقة عند خط البداية وإعطاء إشارة الانطلاق وإشارة الوقوف الذي يعد بمثابة سيطرة على الجواد.

وللحفاظ على اللياقة البدنية للفرس يحتاج صاحبه إلى ترويضه باستمرار والعناية به وفق برنامج مضبوط وصارم من العلف والتدريب والتنظيف والعناية.

ويتخوف كثيرون من انقراض هذا الفن العريق، خاصة أن من يحافظ على هذا التراث هم من الفلاحين البسطاء الصامدين في البوادي، في ظل غياب أي دعم من المؤسسات الرسمية التي يفترض فيها السهر على تقديم المساعدات لهؤلاء بغية الحفاظ على التراث الرمزي للبلاد، خاصة في الأيام العصيبة، وفي مواسم الصيف التي تتطلب من الفرسان مصاريف لرعاية خيولهم والتنقل إلى حلبات السباق في المواسم والمهرجانات.

ويعول عشاق هذا الفن التراثي ومحترفوه على إقبال أجيال جديدة عليه للحفاظ على رأسمالهم الرمزي الذي توارثوه عن أجدادهم، وقد ظهرت سربة (تشكيلة فرسان) القواسم وسربة عبدة وسربة بنسليمان وسربة أولاد حدو وغيرها.

وأصبحت هناك مهرجانات خاصة بـ"التبوريدة" بدل كونها مجرد وصلات مؤثثة للموسم أو المهرجان إلى جانب عروض أخرى، كما أن "التبوريدة" لم تعد حكرا على الرجال، بل ظهرت فرق نسائية خاصة من الخيالة يزداد عددها في المهرجانات سنة بعد أخرى.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

شكاية أمام النيابة العامة تتهم بنكيران بالإساءة للمغاربة

زنقة 20 ا الرباط

علم موقع Rue20، أن ممثلي عن حزب “نستطيع” هو حزب قيد التأسيس وضعوا شكاية لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، يوم أمس، تحت رقم 2025/30101، ضد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية على خلفية تصريحات وصف فيها منتقديه بـ”الحمير”، خلال احتفاليات فاتح ماي الأخير، والتي أثارت موجة من الغضب والاستنكار على منصات التواصل الاجتماعي.

وجاء في الشكاية أن “تصريحات بنكيران ضد المغاربة تعد خرقا سافرا للمادة 25 من الدستور التي تكفل حرية التعبير لجميع المغاربة وخرق للقانون الجنائي في فصوله 442 و443 و444″، معتبرة أن “تصريحات بنكيران تتنافى مع أخلاقيات الخطاب السياسي” وتشكل “إساءة مباشرة لكرامة شريحة واسعة من المغاربة”،

وأضافت الشكاية أن هذه الخطوة “تأتي من منطلق الدفاع عن القيم الدستورية التي تنص على الاحترام الواجب للمواطنين، معتبراً أن “استعمال عبارات قدحية من طرف شخصية سياسية بارزة، كان يفترض أن تضرب المثال في السلوك المسؤول، أمر غير مقبول ويستدعي المتابعة القانونية”.

وتأتي هذه الخطوة في سياق تزايد التفاعل مع تصريحات بنكيران الأخيرة، والتي أدلى بها خلال لقاء حزبي، حيث هاجم عدداً من منتقديه بوصفهم بـ”الحمير”، ما دفع العديد من النشطاء إلى التعبير عن غضبهم ومطالبتهم باعتذار صريح، بل والدعوة إلى وضع حد لما وصفوه بـ”الانزلاقات اللفظية المتكررة” لزعيم “البيجيدي”.

مقالات مشابهة

  • هآرتس: ما مخاوف إسرائيل من زيارة ترامب الشرق أوسطية وهل سيتخلى عن طموحاته بالتطبيع الإسرائيلي السعودي؟ (ترجمة خاصة)
  • وكالة.. طائرات اليمنية التي دمرتها ضربة إسرائيلية لم يكن مؤمنا عليها
  • مصرف أبوظبي الإسلامي مصر يستعد لإطلاق أول بطاقة ائتمان دولية لبرنامج «الفرسان»
  • شارع المتنبي.. مخاوف الأفول بضياع الكتاب والقارئ ومكتبات خجولة في القيصيرات
  • مقدمة عن سوق التداول في المغرب
  • «الفرسان» الأعلى اعتماداً على «الشباب»
  • مخاوف في ألاسكا من ثوران بركان عملاق
  • شكاية أمام النيابة العامة تتهم بنكيران بالإساءة للمغاربة
  • تايمز: ما الذي يتطلبه إحلال السلام في غزة؟
  • برلمانيون لوزير الفلاحة: المغاربة نساو مذاق اللحم