فتاوى تشغل الأذهان| حكم إخراج الصدقة على المتوفى العاصي.. هل تكون نتيجة الاستخارة رؤيا في المنام؟.. ما صحة دفع أكثر من ثمن السلعة كصدقة لبعض الباعة؟
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
فتاوى وأحكام
حكم إخراج الصدقة على المتوفى العاصي
الصلاة في هذا المكان غير صحيحة.. الإفتاء توضح
هل يجب أن تكون نتيجة الاستخارة برؤيا في المنام؟.. مجدي عاشور يجيب
أترك لبعض الباعة أكثر من ثمن السلعة كصدقة .. فهل تصح هذه النية؟
هل يجب قراءة سورة الكهف قبل مغرب يوم الجمعة ؟.
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عدة فتاوى تهم المواطنين في حياتهم اليومية نبرز أهمها في هذا الملف.
أجاب الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، خلال برنامج " دقيقة فقهية" الإذاعي، عن سؤال مضمونة:" حكم إخراج الصدقة على المتوفَّى العاصي؟".
ليرد قائلا: "العصيان هو فعل المنهيات، أو التقصير في الإتيان بالمأمورات، سواء كانت المعصية صغيرةً أو كبيرةً، ومن مات ولم يتبْ من المعاصي فهو في مشيئة الله تعالى وعفوه كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة، حيث قال الله تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} [النساء: 116]، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم أهل العقبة ليلة العقبة فقال لهم: "بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ".
وأضاف: "حثَّ الشرع الشريف على أنْ يَتصدُّقَ الأقاربُ مِن الأحياءِ على أهليهم من الأموات، كما في حديث السيدة عَائِشَة رضي الله عنها: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا - أي : ماتت - وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ ، فَلِي أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، وذلك من الرحمة التي لا يمنعها العصيان قال تعالى: {وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ شَيۡءٖ} [الأعراف: 156].
وأوضح أن إخراجَ الصدقات باسم مَن مات عاصيًا هو أمرٌ جائزٌ شرعًا؛ إذ الأصل أنَّ عصيانَ الميت لا يمنع من وصول ثواب الصدقات إليه، وعليه: فيجوز أنْ نفعلَ له من الصدقاتِ الجاريةِ، كالحج والصوم والصدقات وغير ذلك من الأعمال الحسنة ما يوفقنا الله تعالى إليه ؛بل هو أحوجُ إلى هذا.
قال الشيخ محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن ما يلزم المرأة هو ما يلزم الرجل فى الصلاة من شروط صحة الصلاة ومن أن تكون على طهارة وأن تتجه إلى القبلة ومدركة لدخول الوقت ونحو ذلك.
وأضاف شلبي، أن الصلاة فى مكان ليس طاهرًا تكون غير صحيحة، فمن شروط صحة الصلاة استقبال القبلة وطهارة المصلي من الحدثين الأكبر وهى كالجنابة والأصغر كالبول، فضلًا عن طهارة المكان الذى يصلى فيه فلو كان المكان الذي يصلي فيه غير طاهر فلا تصح صلاته.
وأشار الى أن الصلاة فى مكان غير طاهر غير صحيحة لقوله تعالى { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، فالإنسان عندما يصلى على مكان به نجاسة فالنجاسة تكون متصلة به وهذه النجاسة تمنع صحة الصلاة.
هل لا بد أن تكون نتيجة الاستخارة رؤيا يراها المستخير في نومه؟ .. سؤال ورد للدكتور مجدي عاشور المستشار السابق لمفتي السابق.
وقال مجدي عاشور إن الاستخارة أمر مستحب، وتكون في الأمور المباحة التي لك أن تفعلها أْو لا تفعلها، ومعناها أنك تترك الاختيار في أمورك لله تعالى الذي يعلم السِّرَّ وأَخْفَى.
وليس شرطًا أن تكون نتيجة الاستخارة رؤيا منامية فقط؛ بل أكبر علامتين بعد الاعتماد الكلي على الله تعالى هما : ( انشراح الصدر ) مع ( تيسير الأمر أو عدم تيسيره ) .. ولذلك قيل : (التيسير علامة الإِذْن ) .
بمعنى أنك بعد الاستخارة المتكررة إن وجدتَ راحةً في قلبك للفعل مثَلًا ورأيتَ أسبابه مُيَسَّرةً فلتتوكل على فعله مع الاستعانة بالله عليه، وإن وجدتَ عكس ذلك فلتنصرف عنه، وسيصرفه الله عنك بإذنه سبحانه.
أترك لبعض الباعة أكثر من ثمن السلعة كصدقة .. فهل تصح هذه النية؟ سؤال أجاب عنه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف من خلال لجنة الفتوى حيث سائل يقول: أعرف بعض الباعة الفقراء فاشترى منهم تاركا لهم أكثر من ثمن السلعة بنية الصدقة ورفعا للحرج عنهم . فهل تصح هذه النية؟
أترك لبعض الباعة أكثر من ثمن السلعة كصدقة .. فهل تصح هذه النية؟ وقالت لجنة الفتوى بالمجمع في بيانها حكم ترك أكثر من ثمن السلعة كصدقة : نشكر للسائل صنيعه الذى يتوافق مع قيم الإسلام وأخلاقه . واعلم بأن المال الذى تتركه للبائع يعدُّ صدقة سر إذا نويتها وهى التى تكون بينك وبين المتصدق عليه لا يعلم بها أحد فظاهر الفعل بيع وشراء ولا يعلم الناس بما تتركه له من زيادة. وفى الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وفيهم : ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه. [ متفق عليه].
قال القرطبي: وقوله: (ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها) هذه صدقة التطوع في قول ابن عباس وأكثر العلماء. وهو حضٌّ على الإخلاص في الأعمال، والتستر بها، ويستوي في ذلك جميع أعمال البر التطوعية. وقوله: ( حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه )) ؛ هذا مبالغة في إخفاء الصدقة ، وقد سمعنا من بعض المشايخ أن ذلك أن يتصدق على الضعيف في صورة المشتري منه ، فيدفع له درهما مثلا في شيء يساوي نصف درهم . فالصورة مبايعة ، والحقيقة صدقة ، وهو اعتبار حسن. [القرطبي, المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم [ 3/76].
وشددت لجنة الفتوى: معلوم أن الإسلام قد راعى مشاعر الفقير بحيث جعل الكلمة الطيبة خير من الصدقة عليه واقترانها بما يؤذيه ومن الناس من يتأذى برؤية الصدقة يأخذها من الغني. قال تعالى: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) [ البقرة/ 263]. وأن صدقة السر أفضل من صدقة العلن. قال تعالى: ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [ البقرة/ 271]. قال الطبرى رحمه الله: فإخفاؤكم إياها خير لكم من إعلانها. وذلك في صدقة التطوع. [ تفسير الطبرى, 5/582].
هل يجب قراءة سورة الكهف قبل مغرب يوم الجمعة ؟ .. وقت قراءة سورة الكهف يوم جمعة فإنها تُقرأ في ليلة الجمعة أو في يومها، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس، ذكر هذا الرأي الكثير من العلماء.
وأوصانا النبي محمد، صلى الله عليه وسلّم، بالحرص على قراءة سورة الكهف يوم جمعة، لقوله، صلى الله عليه وسلّم: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».
وقت قراءة سورة الكهف يوم جمعة فإنها تُقرأ في ليلة الجمعة أو في يومها، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس، ذكر هذا الرأي الكثير من العلماء.
وأوصانا النبي محمد، صلى الله عليه وسلّم، بالحرص على قراءة سورة الكهف يوم جمعة، لقوله، صلى الله عليه وسلّم: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: لجنة الفتوى لیلة الجمعة مجدی عاشور یوم الجمعة الله تعالى أن تکون فی یوم
إقرأ أيضاً:
فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
ما الحكمة من تأكيد مريم -عليها السلام- عدم كونها بغيًّا فـي قوله تعالى: «قَالَتْ أَنَّى ــ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا»، مع أن قولها «وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ» ينفـي كونها بغيًّا؟
صحيح، والذي وجدته عند أهل التفسير، وأنا أبحث فـي هذه المسألة منذ زمن، بقطع النظر عن قناعتي بما يذكره أهل التفسير، لكن هذا الذي وجدته: أن قولها «وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ»، أي بالزواج بالحلال، و«ولم أكُ بغيًّا»، أي بالوقوع فـي الفاحشة ــ حاشاها عليها السلام ـ فأرادت نفـي أن يكون قد صدر منها ما يمكن أن يورثها الحمل، وأن تكون ذات ولد، سواء كان ذلك بالحلال وهو الزواج، ولذلك قالت: «وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ»، أو كان ذلك بغير سبيل النكاح، وهو البغاء والزنا والعياذ بالله، فقالت: «ولم أكُ بغيًّا».
الملاحظ أن هذه الآية الكريمة، أو هذه الإضافة «وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا»، وردت فـي سورة مريم، ولم ترد حينما بُشّرت فـي سورة آل عمران. أيضًا، المفسرون ذكروا أن نزول سورة مريم متقدّم، ولذلك لم تحتج إلى إعادته فـي سورة آل عمران. ولكن يمكن أن تُضاف أسباب أخرى؛ أن السياق فـي آل عمران لا يستدعي أن تنفـي ذلك، لأن المسيس هناك يمكن أن يكون بالوجه الشرعي أو بغيره، لكن هذا مزيد توكيد فـي هذه الآية الكريمة التي يسأل عنها السائل، فـيه مزيد توكيد، وفـيه نفـي لما يمكن أن يُتوهَّم أو يُعترض به عليها، وهي فـي سياق الاستعطاف واسترحام ربها تبارك وتعالى، فأرادت أيضًا أن تتقرّب إليه جل وعلا بعفّتها وحصانتها، وباستقامتها وتقواها، فذكرت هذا الذي ذكرته. هذا الذي يظهر، والله تعالى أعلم.
هل يجوز أن يبيع الأب لابنه مزرعة صغيرة بسعر رخيص جدًا بسبب أنه اقترض منه مالًا ولم يستطع أن يرده إليه، رغم عدم علم جميع الأبناء بالبيع مع قدرتهم ورغبتهم بالشراء بمبلغ أكبر من المبلغ الذي تم به البيع؟
أما إن كان ذلك على سبيل الإيثار لهذا الولد دون إخوته، فليس له، وإن كان فـي ظاهر الأمر أنه بيع وشراء بينهما. أما إذا كان وفاءً للدين، إذا كان المدين هو الوالد، الذي اقترض من ولده، فلم يجد له وفاءً إلا أن يبيع، فـيحق له أن يبيعه المزرعة.
فإن كان الحال كذلك، فالمزرعة تكون فـي حدود قيمتها حتى لا يكون هناك إيثار لبعض الولد على الآخرين. فما يلجأ إليه البعض من الاحتيال باجتناب صور الهبة التي يُؤمر فـيها الوالد بالعدل بين أولاده فـيها، بأن يصوروا ذلك على صورة بيع ولكنهم يرخّصون الثمن كثيرًا، فهذا من التحايل على أحكام شرع الله تبارك وتعالى.
فالوالد مأمور بالعدل بين أولاده فـي الهبة، أي فـي محض الهبة التي لا تكون فـي مقابل شيء، ليست فـي سبيل معاوضة عن حق مالي، ولا عن حق معنوي. فإن كان يريد هذا الوالد أن يحتال بأن يعطي ولده هذا، ولكنه صوّر المسألة فـي صورة عقد بيع، كأن يكون الدين يسيرًا، أو أن يكون الدين فـي حدود معينة ولكن قيمة المزرعة تفوق ذلك بكثير، فجعلوا المسألة وكأنها بيع للوفاء بهذا الحق، فهذا أيضًا فـيما بينه وبين الله تبارك وتعالى يأثم.
أما إذا كانت فـي حدود قيمة ما عليه، فـي حدود الحق الذي عليه لولده، مما يمكن أيضًا أن يتساهل الناس فـيه حينما يتبايعون، والإخوة فـيما بينهم، والوالد مع أولاده، والأصدقاء فـيما بينهم، فهؤلاء لا يتبايعون فـيما بينهم كما يبيعون للغريب الأجنبي، لكن فـي الحدود التي لا يكون فـيها ضرر على الآخرين.
والدَّين يُرَدّ بمثله، لكن لو كان قد قام بشأنه ورعايته فـي وقت ضعفه، ولم يقم غيره بذلك، فهذا ليس فـيه إيثار، بمعنى أنه لو قام أي واحد منهم فإنه سيكافئه، سيعوضه على مزيد الخدمة والرعاية، وما قام به نحوه. فهذا فـيما بينه وبين الله تبارك وتعالى، فـي الحدود التي لا يكون فـيها إيثار، ومظلمة، وجور على عناء الآخرين.
فالمقصود هو تطييب النفوس، وإرساء العدالة فـيما بين الأولاد. فإن لو قام غيره، يعني هو لا يخص زيدًا منهم بهذا لذاته، وإنما بسبب ما قام به، بسبب قيامه بشأنه، وذهابه ومجيئه معه، وأخذه له، وبسبب أخذه مثلًا إلى المستشفـيات وللمراجعات، وقيامه بشأنه، يمكن أن يعوّضه؛ لأنه بذل كثيرًا من الجهد والوقت، وترك ما كان يمكن أن يكون أيضًا كسبًا للمال من ما هو فـيه من حرفة أو مهنة.
فهذا لا يدخل فـيما يتعلق بلزوم العدل بين الأولاد فـي الهبة المحضة، هذا ليس من ذلك، بل أقرب إلى المعاوضة، لكن المعاوضة أيضًا لا يصح أن تُتخذ ذريعة للاحتيال على هذا المبدأ، وهو مبدأ العدالة بين الأولاد فـي الهبة، والله تعالى أعلم.
ما صحة حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: يأتيني جبريل عليه السلام على صورة دِحية الكلبي؟
نعم، هذا الأثر صحيح، ورد عند الإمام مسلم، وورد عند الطبراني، وبعض المسانيد والسنن، وكثير من هذه الروايات صحيح، مقبول، محتج به. والمقصود من ذلك أن جبريل عليه السلام حينما يتمثّل فـي صورة بشر، فإن من الصور التي يتمثّل بها صورة دِحية الكلبي، وكان دِحية حسن الهيئة، حسن المنظر، فكان جبريل عليه السلام يتمثّل فـي صورته، فـيأتي رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما يأتيه فـي صورته البشرية، فـي صورة دِحية الكلبي.
ولا يعني ذلك أنه يتحوّل إلى دِحية، كما ظنّ بعض الناس، وإنما هو فـي شبه دِحية الكلبي، أو دِحية بن خليفة الكلبي، هذا هو المقصود، والأثر صحيح.
وإذا كانت الإشارة إلى ما يتعلق بالحُسن والجمال، فهي هبة من الله تبارك وتعالى، فمن أوتي إياها فليحمد الله عز وجل، وليؤدِّ حق هذه النعمة، وليجتنب الفتن التي تصحب هذه النعمة. ومن لم يُؤتَ هذا النصيب الوافر، فعليه كذلك ألا يتسخّط قدرَ الله عز وجل عليه، وأن يحرص على أن يُجمّل نفسه بالأخلاق القويمة، والآداب الفاضلة، وتقوى الله تبارك وتعالى، فهي التي عليها المعوّل، فإن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، والله تعالى أعلم.
ما دلالة تكرار حرف «من» فـي هذه الآية: «وَيُنـزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ»؟
«من جبالٍ فـيها من بردٍ»، أولًا، يجب أن ندرك أنه لا تنافر فـي آيات كتاب الله عز وجل، فهي فـي أحسن نظام، وأعلاه بلاغة، وأرقاه حُسنًا. حتى حينما يتكرر الحرف الواحد أكثر من مرة، فإن ذلك فـي غاية الحُسن، وفـي قمة البلاغة والبيان.
ثانيًا، من حيث المعنى، فهي قاعدة مطّردة: لا يمكن الاستغناء عن ذلك الحرف، ولا أن يُستبدل به غيره. فـ«من السماء»، «من» الأولى لابتداء الغاية، أي أن النزول يكون من السماء.
«من جبالٍ فـيها من بردٍ»، قيل: إنها لابتداء الغاية أيضًا، وبدل اشتمال من «السماء». وقيل: للتبعيض؛ لأن السماء فـيها أشياء كثيرة، ومنها هذه الجبال، أي السحاب المتراكم، وقيل: للتوكيد، أي تأكيد المعنى فـي سياق الإثبات.
أما «من بردٍ»، فقيل: للغاية، أو للتبعيض، وهو أقرب؛ لأن السحاب المتراكم فـيه ودق وفـيه برد، وذُكر البرد فقط، فقيل: للتبعيض. وقيل: للبيان، أي من جنس الجبال هذه، أي أن البرد من جنس هذه الجبال. وذكر بعض المفسرين أن «من» الثالثة لها خمسة وجوه.
وهذا من اتساع المعنى فـي كتاب الله عز وجل، والله تعالى أعلم.