شركة كمران للصناعات الوطنية توزّع الأرباح للمساهمين بنسبة ٣١٪ من رأس المال
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
الثورة /إبراهيم الاشموري
أقرت شركة كمران للصناعة والاستثمار توزيع الأرباح للمساهمين بنسبة ٣١٪ في واحدة من أكثر نسب الأرباح على المستوى الوطني.
جاء ذلك في اجتماع الجمعية العمومية العادية الذي انعقد أمس في صنعاء بحضور رسمي ومدني واقتصادي كبير تقدمه المهندس معين المحاقري وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار وكذلك رئيس مجلس الإدارة لشركة كمران ممثلة بالأستاذ محمد احمد الدولة وأعضاء مجلس الإدارة ممثلة بالأخوة عبدالله عبدالولي نعمان ممثل وزارة الاقتصاد والصناعة والأخ بلال زيد ممثل البنك اليمني للإنشاء والتعمير والأخ محمد عبده سعيد والأخ عبدالرب عوهج ممثلين عن الأهالي إلى جانب عدد كبير من المساهمين.
وخلال الاجتماع أشاد وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار بحكومة التغيير والبناء المهندس معين المحاقري بجهود شركة كمران ودورها الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني مشيرا إلى أن الشركة وهي واحدة من الصروح الاقتصادية للبلد استطاعت أن تؤدي دورا مهما في المشهد الاقتصادي اليمني رغم العدوان والحصار المستمر منذ عشر سنوات وآثارهما الكارثية على الاقتصاد والحياة العامة في الوطن بشكل عام والذي تحملت الشركة جزءا كبيرا من هذه التحديات لكنها تمكنت من النهوض مرة أخرى لتثبت عراقتها وأصالتها وصمود وتضحيات منتسبيها.
من جهته استعرض الأستاذ محمد أحمد الدولة في كلمته خلال الاجتماع الصعوبات والتحديات الكبرى التي واجهتها الشركة خلال السنوات القليلة الماضية وتحديدا خلال الفترة (2018-2020) والتي كادت أن تودي بالشركة وتاريخها العريق حيث تربعت على قائمة الشركات الوطنية الرائدة في اليمن لأكثر من نصف عقد من الزمن ..وأضاف مخاطبا الأخوة المساهمين :يأتي هذا الاجتماع في مرحلة مهمة واستثنائية في تاريخ الشركة بعد انقطاع دام لعشر سنوات نتيجة للظروف والأوضاع التي مرت بها بلادنا عموما وانعكست سلبا على الشركة خصوصا في السنوات الماضية من 2018 الى2020..موضحا أن شركة كمران للصناعة والاستثمار تحملت عبئا كبيرا من تبعات وتداعيات العدوان وبالتحديد في العام 2018 ووصلت تلك المصاعب ذروتها في العام 2020 حيث توقف نشاط الشركة وأوشكت على الانهيار وإعلان الإفلاس حيث فقدت قيمتها السوقية التي بنيت على مدى ستة عقود وتكبدت خسائر بالمليارات
وأضاف بلغت خسائر الشركة من نشاط السنوات(2018-2020) نحو ستة مليارات ريال وحرمان المساهمين من عوائد الأرباح لأسهمهم لتلك الفترة وكثير من التحديات الأخرى مثل توقف النشاط الإنتاجي والبيعي تماما في مايو من العام 2020 ونفاد مخزون التبوغ والمواد الخام في المصنع واحتجاز 50 حاوية في عدن لأكثر من 15 شهرا وكذلك انقطاع مرتبات ومستحقات العمال والموظفين لأكثر من أربعة اشهر وانقطاع اجتماعات الجمعية العامة منذ العام 2014 وعدم إقفال الميزانيات العامة للشركة منذو العام 2017 إلى العام 2023 وكل ذلك جعلنا أمام تحديات كبيرة وظروف مالية ولوجستية صعبة لإعادة نشاط الشركة والبدء في دوران عجلة الإنتاج ..مشيرا إلى انه تم تفنيد المشاكل كلا على حده وعمل الأولويات وفق خطط مدروسة وصب جل اهتمامنا لإعادة تشغيل المصنع.
وأكد الدولة بانه وبفضل الله ودعم القيادة السياسية تم الوقوف على وضع الشركة في شهر نوفمبر من العام 2020 وتم إعداد خطة إنقاذ والعمل بالإمكانيات المتاحة وفي العام 2021 بدانا بالنزول للأسواق لبيع منتجات الشركة وسط تحديات كبرى نتيجة فقدان الحصة السوقية والشريحة الاستهلاكية لمنتجات الشركة لذلك بُذلت جهود مضاعفة ومضنية لتغطية السوق ومنافذ التوزيع لتبدأ الشركة بالتعافي تدريجيا لتستطيع مع نهاية العام 2022 الخروج من دائرة الخسارة إلى تحقيق الأرباح منوها بان الشركة مع بداية العام 2023 وضعت خطة استراتيجية لتكوين مخزون استراتيجي للتبوغ والمواد الخام لضمان عدم انقطاع منتجاتها وكذلك تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية في المصنع بقدرة 1 ميجا وات بتكلفة مليون دولار.. مؤكدا بانه تم تجاوز كل المعوقات والصعوبات دون المساس بأصول الشركة وحقوق الملكية للمساهمين وعدم تخفيض رأس المال حيث تمكنت الشركة من تحقيق صافي أرباح غطى الخسائر المرحلة من السنوات الماضية مع وجود فائض أرباح مقترح توزيعه للمساهمين بمبلغ 2 مليار و170 مليون ريال وبنسبة أرباح 31% من راس المال وهو اعلى مبلغ أرباح توزعه الشركة منوها بان هذه الأرباح هي أرباح النشاط التجاري للشركة دون أي فوائد بنكية كما كان في السنوات السابقة والتي كانت تمثل جزء كبير من صافي الربح المحقق، كما نبشر المساهمين بان الشركة سوف تحقق أرباح افضل في العام 2024 من خلال المؤشرات الأولية.
حضر الاجتماع عدد كبير من المساهمين، ومندوبي وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار ووزارة المالية.
تصوير/فؤاد الحرازي
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الوازع الدّيني.. درعٌ واقٍ لتحقيق النزاهة والأمانة وحماية المال العام
العُمانية: أولى الدّين الإسلامي الحنيف عناية بالغة بحماية المال العام والحفاظ عليه من كل أشكال العبث أو الاعتداء، فجاءت تشريعاته واضحة وحازمة في هذا الجانب، ومرسِّخة في وجدان المسلم رقابة ذاتية نابعة من الوازع الديني والشعور بالمسؤولية أمام الله والمجتمع، وتتكامل التشريعات مع الدور المؤسسي للدولة في ضمان الاستعمال الأمثل للمال العام، بما يُحقق الصالح العام ويحفظ حقوق الأجيال القادمة.
وأشار مختصون ومعنيون لوكالة الأنباء العُمانية إلى أهمية دور الوازع الديني في تعزيز النزاهة والأمانة وحماية المال العام، مبينين أنّ التشريعات الإسلامية وضعت منظومة متكاملة تقوم على أسس العدل والرقابة والمحاسبة والشفافية لضمان استدامة المال العام وصونه باعتباره أمانة في أعناق جميع فئات المجتمع.
وقال طلال بن خلفان المعولي أستاذ مساعد بكلية العلوم الشرعية إنّ الإسلام وضع مجموعة من التشريعات الصارمة لحماية المال العام ومنع التعدي عليه، ومن أبرز هذه التشريعات تحريم الخيانة والاختلاس إذ حرم الإسلام أخذ شيء من المال العام بغير وجه حق، واعتبره "غلولًا" والغلول بضم الغين واللام أصله الخيانة، وفي المعنى العام هو مطلق الخيانة لكنه شاع في الغلول في الغنيمة والأخذ منها قبل قسمتها وينسحب حكم ذلك على المال العام لأنه حق أصيل للشعب وحق للأجيال القادمة في ثروات أوطانهم فيجب المحافظة عليه وقسمته بالعدل. ففي القرآن الكريم قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ۚ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، ومن السنة النبوية قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "ردوا الخيط والمخيط فإن الغلول يأتي يوم القيامة عار على صاحبه".
وأضاف أنّ الإسلام وضع عقوبات رادعة للمعتدين على المال العام حدّ السرقة حيث يعاقب السارق من المال العام إذا استوفى شروط الحدّ، بالإضافة إلى التعزير وهي عقوبة تقديرية يحددها القاضي للمختلسين والمفسدين الذين لم يستوفوا حدّ السرقة لكن ثبت في حقهم الاختلاس أو الرشوة وغيرها من أسباب الفساد المالي.
وأشار إلى أنّ النبي – صلى الله عليه وسلم- نهى عن استغلال الوظيفة العامة لمكاسب شخصية، وقال لمن عُيِّن لجمع الصدقات وأخذ شيء منها لنفسه: "أفلا جلس في بيت أبيه وأمه، فينظر أيُهدى له أم لا؟"، مؤكّدًا على أنّ التشريعات في الإسلام تؤكّد على تحقيق العدل في توزيع المال العام إذ يجب صرف المال العام فيما يخدم المصلحة العامة مثل التعليم والصحة والبنية الأساسية، وعدم تخصيصه لفئة معينة دون وجه حق، قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا).
وأفاد بأن الإسلام جعل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أداة رقابية على القائمين على المال العام فيكون كل مواطن على ثغرة من ثغور الوطن يعين ويعاون على قمع واستئصال الفساد بالإضافة إلى منع التبذير والإسراف حيث أمر الإسلام بعدم إهدار المال العام إلا في منافع ومصالح المواطنين من خدمات وبنى أساسية قال تعالى: (ولا تبذر تبذيرا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)، مؤكّدًا على أنّ التشريعات الإسلامية في حماية المال العام تقوم على العدل، والرقابة، والمحاسبة، والشفافية، مما يضمن استدامته لتحقيق مصالح الأمة.
وبيّن أنّ الفساد في المال العام يُعدُّ عقبة رئيسة أمام تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، وتتطلب مكافحته جهودًا مشتركة من جميع أفراد المجتمع ومؤسساته، مشيرًا إلى أنّ هناك العديد من الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية للفساد في المال العام على المجتمع. ففي الجانب الاقتصادي يُسبب الفساد تباطؤ النمو الاقتصادي إذ يؤدي الفساد إلى تقليل الاستثمارات المحلية والأجنبية نتيجة لعدم الثقة في بيئة الأعمال مما يعيق النمو الاقتصادي.
وأضاف أنّ الفساد في المال العام يتسبب في زيادة تكاليف المشروعات إذ تؤدي الرشاوى والعمولات غير المشروعة إلى رفع تكاليف تنفيذ المشروعات مما يثقل كاهل الميزانية العامة لانعدام المنافسة المشروعة كما يتسبب في حرمان فئة كبيرة من المجتمع من الدخول في سباق المنافسة، بالإضافة إلى تراجع جودة الخدمات العامة بسبب تحويل الموارد المخصّصة للخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة إلى المصلحة الشخصية.
ولفت إلى أنّ هناك العديد من الآثار الاجتماعية للفساد في المال العام منها تفكك النسيج الاجتماعي ويؤدي إلى شعور بالظلم والتمييز، مما يضعف الروابط الاجتماعية ويزيد من التوترات، وتآكل القيم الأخلاقية وعندما يصبح الفساد وسيلة لتحقيق المكاسب تتراجع القيم الأخلاقية مثل الأمانة والنزاهة في المجتمع.
وأشار إلى أنّ الفساد في المال العام يؤدي إلى فقدان الثقة بالمؤسسات الحكومية أو تراجعها مما يضعف شرعيتها، بالإضافة إلى تعزيز الطبقية حيث يؤدي استحواذ فئة قليلة على الموارد بطرق غير مشروعة إلى زيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية وتهديد الاستقرار الاجتماعي.
من جانبه وضّح محمد بن خاتم الذهلي أمين فتوى بمكتب المفتي العام لسلطنة عُمان أنّ المال العام هو المال الذي يشترك فيه أبناء المسلمين عمومًا في منفعته، فهو ليس مخصوصًا بفرد معين منهم فيمتلكَ الحقَ في التصرف فيه؛ ولذا كان جانب المحافظة عليه أعظم من المال الخاص لأنه متعلق بأفراد آخرين، ومن هنا تنبع أهمية القوانين الرادعة عن الخوض فيه.
وقال إنّ الردع يكون بقوانين تحافظ على المصلحة العامة، وينعكس أثرها في المحافظة على المال العام ويعد أيضا الرادع الديني أعظم وأقوى سبيلًا لكونه مبنيًّا على المراقبة الذاتية للمرء لنفسه فيما بينه وبين الله تعالى طلبًا للأجر والثواب وبُعدًا عن العقاب الإلهي، فهذا الباعث النفسي يُصاحب الإنسان في جميع حالاته حتى في الحالة التي يمكنه فيها التحايل على القانون الوضعي.
وأضاف أنّ أهمية الرادع الديني تنبع أنّ المرء لا يحتاج فيه إلى تبين الأثر الحاضر للالتزام بالقانون لأن البُعد الغيبي المتمثل في الأجر أو العقاب الأخروي حاضر في وجدانه، فهو يرى أن التزامه بالقانون المبني على النص الديني يعطيه فضيلة أخروية يحاول اكتسابها بالتزامه، وهذا النظر في التعاطي مع القانون يحتم على المشرِّعين المواءمة في صياغة القوانين أن تكون منسجمة مع النصوص الشرعية لأنها أجدى وأوفق في صيرورة الحياة في إطار منظم.
وحول تعزيز مفهوم المال العام من خلال التعليم والتوعية بيّن أنه يجب الإدراك أولًا أنّ هذا المفهوم حاضر بقوة في الشريعة الإسلامية بفضل النصوص الشرعية الناصّة على هذا الأمر، ويكون الدور الأساسي تفعيل هذه النصوص واستثمارها في بث روح المحافظة على المال العام عبر العديد من الجوانب.
وأضاف أنّ من بين هذه الجوانب إظهار النصوص الشرعية ونشرها علانية وقد استقر عند العقلاء أن الإنسان عدوُّ ما جَهِلَه، وغياب المعرفة بهذه النصوص الشرعية يُسهل على الإنسان الوقوع في مخالفتها، فمن ثَمَّ كان نشرها في وسائل الإعلام المختلفة أدعى لفهم الناس لها والعمل بمقتضاها.
وأكّد على أهمية تنشئة الناشئة على حضور هذا المفهوم إذ إنّ من أفضل الطرق لغرس مفهوم ما في عقول الشباب هو أن تُنَشِّئَهم عليه بالتعليم في الصغر، وتضطلع المدارس بمختلف حلقاتها بهذه المهمة، فحضور دروس في المناهج التعليمية في المدارس عن المال العام أمر مهم جدًا حتى يتربى عليه الصغار فهمًا وتعلمًا، ويسهل تقبله منهم وتطبيقه في حياتهم العملية بعد ذلك.
ولفت إلى أنّ من بين الجوانب المهمة في هذا الإطار بيان العاقبة، وبلا شك أنّ الإنسان في سلوكه العام مدفوع بأمرين: إما جلب مصلحة أو دفع مضرة عنه، وهذا يتحقق في إطار التوعية بمفهوم المال العام من خلال بيان العاقبة المحمودة والفوائد التي تُجنى بالمحافظة عليه، وببيان الآثار السلبية والمدمرة بتضييعه وإهماله وعدم المبالة به، فإذا استبان للإنسان النفع والضرر مالت نفسه إلى ما فيه صلاحها ونفعها لأن الطريق قد وضح لديه.
وأكّد على أهمية إبراز القدوات في المجتمع وهم يتعاملون مع المال العام بالشكل اللائق ويشجع الآخرين الذين يعدون هذه القدوات مثلا أعلى لهم على أن يحذوا حذوهم ويطبقوا ما رأوه منهم في حياتهم، وقد كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على هذ الأمر فكان لا يأمر بشيء إلا كان أول من يفعله، ولم ينه عن شيء إلا كان أول من يبتعد عنه، كما تزخر مواقع التواصل الاجتماعي اليوم بملايين المتابعين للأفراد، فحقٌ أن تكون هذه التبعية لمن يوجههم التوجيه السليم، ولا أجدر بذلك من القدوات الحقيقية التي لها منهج متوازن ملتزم بالتعاليم الشرعية النافعة لكل زمان ومكان.
وبيّن أحمد بن ناصر الحارثي أمين فتوى بمكتب المفتي العام لسلطنة عُمان أنّ الشريعة تُقرر أن الإنسان مستخلف في الأرض وسخرها له ليعمرها وفق أوامر الله تعالى ونواهيه ويشكره فكرًا وذكرًا للمنعم جل جلاله والله تعالى هو المالك الحق لكل ما في السماوات والأرض وما بينهما، ومن رحمته أن شرع للناس عقودا يتملكون بها المنافع، وأموالًا لا يملكون منفعتها وإنما يملكون الانتفاع بها، ومنها الأموال العامة.
وقال إنّ المال العام مصطلح يقصد به مقابل المال الخاص الذي يملكه الأفراد، فهو مال عام للناس لا تتسلط عليه يد الأفراد، وهو أمانة في يد الدولة تتصرف فيه وفق قواعد المصلحة لعموم الناس ومصالحهم ومنافعهم، وفي الرواية "الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار" إشارة واضحة إلى اشتراك الناس في الانتفاع من هذه الموارد الأساسية العامة وعدم جواز احتكارها من قبل أحد أو فئة من الناس.
وأكّد على أنّ المال العام أمانة أيضًا بالنسبة إلى عموم الناس، فكل فرد من المجتمع حارس أمين على المال العام، وقد جاء الوعيد لمن يخون هذه الأمانة في القرآن الكريم والسنة النبوية، مشيرًا إلى أنّ صور الاعتداء على المال العام لا حصر لها، فكل ما يؤدي إلى أخذها بغير حق أو استحقاق أو اختلاس أو تبذير يدخل في دائرة خيانة الأمانة المحرمة التي ورد فيها الوعيد.
وأضاف أنّ مسؤولية المحافظة على المال العام ليست مقتصرة على الدولة بل الناس جميعًا يشتركون فيها وكل منهم مخاطب بما يستطيع، لأن منفعته تعود عليهم جميعًا، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
إنّ حماية المال العام مسؤوليةٌ مُشتركةٌ بين الدولة والمجتمع، تُبنى على أساسٍ راسخٍ من المراقبة الذاتية، والقوانين والتشريعات، والتعاون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فبذلك تتحقق الاستدامة، ويُصان حق الأمة والأجيال القادمة في ثروات أوطانهم، تحقيقًا لقوله تعالى: "وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ".