سودانايل:
2025-12-15@05:56:11 GMT

الطموح والطمع

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

فيصل بسمة

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

سؤال:
هل هنالك ما يجمع بين الطموح و الطمع غير الإشتراك في بعض الحروف و التشابه في جانب من الرسم الحرفي؟!!!...
و مصدر طموح من الفعل طَمَحَ ، و قد جآء في معجم المعاني أن الفعل طمح يفيد الرغبة الشديدة في تحقيق شيء ، و أن الشخص الطموح هو الساعي برغبة للحصول على ما هو أعلى و محمود و نبيل ، و الطموح أمرٌ مشروع و شيءٌ محمود طالما كان الطموح دافعاً و حافزاً إلى: عمل الخير و التجويد في الصنعة و إنتاج/إنجاز الأفضل و تحقيق الأهداف المرجوة و من ثم النجاح.

..
و قد جآء في معنى الطمع أنه أيضاً يفيد التطلع إلى الشيء الأعلى و الأمل و الرجآء و الرغبة في الحصول و الإستحواذ عليه كما يستدل من البلاغة القرءانية:
{ وَبَیۡنَهُمَا حِجَابࣱۚ وَعَلَى ٱلۡأَعۡرَافِ رِجَالࣱ یَعۡرِفُونَ كُلَّۢا بِسِیمَىٰهُمۡۚ وَنَادَوۡا۟ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَن سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمۡۚ لَمۡ یَدۡخُلُوهَا وَهُمۡ یَطۡمَعُونَ }
[سُورَةُ الأَعۡرَافِ: ٤٦]
{ یَـٰنِسَاۤءَ ٱلنَّبِیِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدࣲ مِّنَ ٱلنِّسَاۤءِ إِنِ ٱتَّقَیۡتُنَّۚ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَیَطۡمَعَ ٱلَّذِی فِی قَلۡبِهِۦ مَرَضࣱ وَقُلۡنَ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰا }
[سُورَةُ الأَحۡزَابِ: ٣٢]
{ أَیَطۡمَعُ كُلُّ ٱمۡرِئࣲ مِّنۡهُمۡ أَن یُدۡخَلَ جَنَّةَ نَعِیمࣲ }
[سُورَةُ المَعَارِجِ: ٣٨]
{ ثُمَّ یَطۡمَعُ أَنۡ أَزِیدَ }
[سُورَةُ المُدَّثِّرِ: ١٥]
و لكن قد جرى العرف على الربط ما بين الطمع و الجشع و الأنانية ، بل أن هنالك من يُعَرِّفُ الطمع بأنه الجشع و العكس أيضاً صحيح ، و لا يذكر الطمع في الترجمة و الأدب إلا و مقترناً بالأنانية و الخبث و نقص الورع و عدم الإكتراث بالآخرين ، و أن الشخص الطَّمَّاع و في سبيل تحقيق أهدافه في الفوز بالمناصب و الألقاب و الثروات يلجأ إلى إستخدام ذرآئع و أدوات و أليات تصب جميعها في خانات الظلم و الفساد و أعمال السوء الملتوية و الغير مشروعة...
و فطرة الله سبحانه و تعالى التي خلق عليها الإنسان هي الخير ، فمن بعد الخلق و التسوية ألهم الله سبحانه وتعالى النفس الإنسانية التقوى و الفجور:
{ وَنَفۡسࣲ وَمَا سَوَّىٰهَا (٧) فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا (٨) }
[سُورَةُ الشَّمۡسِ: ٧-٨]
و الفجور هو إرتكاب المعاصي ، و مفردها معصية و تعني عدم الطاعة ، أما التقوى فمن الإتقآء و الوقاية ، و قد فسرت التقوى على أنها مخافة الله التي تقتضي إتباع أوامره التي تشمل العدل و الإحسان و البذل و الخير عموماً و ملحقاته من كريم الأخلاق و القيم و تجنب ما نهى عنه و ما لا يرضيه من المعاصي:
{ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَـٰنِ وَإِیتَاۤىِٕ ذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَیَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡیِۚ یَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ }
[سُورَةُ النَّحۡلِ: ٩٠]
و قد بين الله سبحانه و تعالى أنه قد ألهم النفس الإنسانية و زودها ببوصلة أخلاقية هذا بالإضافة إلى مشيئة الإختيار حتى تعلم و تستطيع أن تفرق و من ثم تختار بين طرق الشر و سبل الخير ، و هكذا هو أمر الإنسان تتدافعه مشيئة الإختيار و المؤثرات و المكتسبات من البيئة و الوراثة و الموروث و التدخلات الأخرى فتضيف المزيد إلى ما هو موجب فيكون الفلاح ، أو تنتقص من الفطرة السليمة فترجح كفة المساويء و المعاصي و بقية النواقص و السلبيات فتكون الخيبة:
{ قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا (٩) وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا (١٠) }
[سُورَةُ الشَّمۡسِ: ٩-١٠]
و الأصل في الطموح الفطري يتمثل في الشخص السَّوِي الباحث بإختياره عن الفلاح ، و السَّبَّاق إلى عمل الخير ، و المتجنب لشرور المعاصي ، و المتطلع دوماً إلى الأفضل و الأصلح ، و الذي يجد سعادة بالغة و رضا نفسي و سرور و إرتياح عظيم في تحقيق الأهداف و النجاح ، مما يحفزه إلى الإنتقال إلى مشروع و هدف جديد...
و في الجانب الآخر فهنالك النوعية المضادة من الأشخاص الطموحين من غير السويين ، الذين يمكن تصنيف طموحاتهم في خانات الأعمال و النشاطات الشريرة الضآرة و السيئة و المريضة ، و الذين تغلبت في أنفسهم/ذواتهم (الأنا) الخبيثة على الجانب الخَيِّر فيهم ، و الشاهد هو أنه و حين تتغلب الأنانية و تطغى النفس (الأنا) فإنها حتماً تقود صاحبها إلى سلوكِ صراطٍ غير ذلك المستقيم ، و تسوقهم إلى إتباع سبل غير تلك السوية ، و إلى إغرآءهم بإستخدام أليات فاسدة لتحقيق الأهداف/الأطماع المرجوة ، التي هي في الغالب غير مشروعة ، و هم في مسعاهم من أجل تحقيق تلك المكاسب الغير مشروعة قد يرتكبون المعاصي و قد يسببون الأذى و الأضرار للآخرين...
السلوك الشآذ يقود صاحبه بعيداً عن المألوف و المعروف و ربما يفضي به إلى دآئرة مفرغة محيطها و محتواها الظلم و البغي و المنكر و الفساد و الإفساد ، و الشخص ”الطموح“ من هذه (الفئة المريضة) يمكن تعريفه بالأناني أو الطَّمَّاع أو الجشع الذي يهمه تحقيق مصلحته و إكتساب المزيد و الإستحواذ دون إكتراث للقيم و الأخلاق و القوانين و اللوآئح ، مثل هذا الشخص لا يأبه كثيراً لحقوق الآخرين و مصالحهم و مشاعرهم و لا يقيم لها وزناً ، و في سبيل تحقيق أهدافه فإن الأناني/الجشع الفاسد لا يتوانى و لا يجد حرجاً في سلوك الطرق الملتوية التي تسهل له مبتغاه و تختصر له المشوار ، حتى و إن إستدعى ذلك إرتكاب الخطأ و الجرم و الظلم و إنتهاك المحارم...
الخلاصة:
الطموح هو التطلع و البحث عن الأفضل ، بينما الطمع هو الجشع و الأنانية و اللهث ورآء المزيد ، و ما يجمع بين الطموح و الطمع هو البحث عن (القيمة/المكافأة) المتمثلة في المناصب و الثروة ، و ما يفرق بينهما هو في إختيار الوسآئط و الوسآئل و الأليات لتحقيق ذلك الهدف ، فبينما تسلك النفس الطموحة السوية الطريق المستقيم ، تنحرف النفس (الأنا) الطماعة و تحيد/تميل عن ممارسة الحق المشروع في: التطلع و الرجآء و الرغبة و الأمل و عوضاً عن ذلك تتبني الأنانية و الجشع و ملحقاتهما من السلوك الذي لا يخلو من الشرور و الإلتوآء و الخبث و الفساد و إلحاق الأذى بالآخرين...
و الحمدلله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة

[email protected]

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

بعد تحقيق تقدم كبير.. محادثات أمريكية أوكرانية جديدة في برلين

تُستأنف صباح اليوم الاثنين المباحثات الأمريكية الأوكرانية في برلين، بعد أن أكد المبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف يوم الأحد، إحراز تقدم كبير خلال محادثات مطولة في برلين مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في إطار الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل دبلوماسي للحرب مع روسيا.
واستمر الاجتماع الذي ضم زيلينسكي وويتكوف، إلى جانب جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكثر من 5 ساعات، وتناول مناقشات معمقة بشأن خطة السلام المكونة من 20 نقطة، إضافة إلى برامج اقتصادية وقضايا أخرى، بحسب ما كتبه ويتكوف على منصة إكس.تنسيق المواقف الأوروبيةوقال مستشار الرئاسة الأوكرانية دميترو ليتفين إن الأطراف اتفقت على الاستمرار يوم الاثنين، مشيرًا إلى أن زيلينسكي سيعرض نتائج وتطورات المحادثات.
أخبار متعلقة تأخير إضافي في موعد تسليم بوينغ الطائرة الرئاسية الأميركية الجديدةالشرطة: ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم سيدني إلى 16 قتيلًاورُصد الرئيس الأوكراني وهو يغادر مقر المستشارية الألمانية، حيث عُقد الاجتماع، مساء الأحد.
وفي موازاة الجولة الأمريكية–الأوكرانية، من المرتقب أن تستضيف برلين مساء اليوم الاثنين عددًا من القادة الأوروبيين لتنسيق المواقف ومحاولة إدخال تعديلات على الخطة الأمريكية، التي ترى كييف وعواصم أوروبية أنها تميل في صيغتها الأولى لمصلحة موسكو. ويخشى الأوروبيون أن تُستبعد أوروبا من ترتيبات الأمن القاري أو أن تتخلى واشنطن عن دعم أوكرانيا.
وكان المستشار الألماني فريديريش ميرتس قد استقبل زيلينسكي الأحد في المستشارية، بحضور ويتكوف وكوشنر، وأكد أن أسئلة صعبة طُرحت على طاولة البحث، وأن المصالح الأوكرانية هي أيضًا مصالح أوروبية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } القادة الأوروبيون ينسقون المواقف لإدخال تعديلات على الخطة الأمريكية - nbc newsتجميد خطوط المواجهة الحاليةوقبيل الاجتماع، شدد زيلينسكي على أنه يسعى لإقناع واشنطن بدعم وقف لإطلاق النار يقوم على تجميد خطوط المواجهة الحالية، من دون تقديم تنازلات إقليمية مسبقة، خصوصُا في إقليم دونباس شرق البلاد.
وقال: "أود أن يدعمنا الأمريكيون في هذه النقطة"، مؤكدًا أن كييف لم تتلق بعد ردًا أمريكيًا على التعديلات التي قدمتها أوكرانيا بالتنسيق مع الأوروبيين.
في المقابل، قال المستشار الرئاسي الروسي يوري أوشاكوف إن موسكو تتوقع اعتراضات قوية على التعديلات المقترحة، رغم عدم اطلاعه عليها بعد.
وأكد زيلينسكي مجدداً مطلب بلاده بالحصول على ضمانات أمنية أوروبية وأمريكية تمنع تكرار أي عدوان روسي مستقبلاً، موضحًا أن هذه الضمانات مستوحاة من المادة الخامسة لحلف شمال الأطلسي، لكن من دون انضمام أوكرانيا إلى الناتو، وهو ما وصفه بأنه تنازل من جانب كييف.نفاد صبر ترامبوتأتي هذه التحركات في وقت أبدى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفاد صبره من بطء المفاوضات، في ظل استمرار القتال وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022.
ومن المقرر أن يلتقي زيلينسكي مجددًا بالمستشار الألماني اليوم الاثنين، وأن يشارك في منتدى اقتصادي ألماني–أوكراني، قبل وصول قادة أوروبيين إلى برلين مساءً، في مسعى لتأكيد دور أوروبي فاعل في أي تسوية محتملة، وسط مخاوف من تداعيات أمنية أوسع على القارة.

مقالات مشابهة

  • بعد تحقيق تقدم كبير.. محادثات أمريكية أوكرانية جديدة في برلين
  • عاجل | وسائل إعلام أسترالية: الشخص الذي انتزع سلاح أحد المهاجمين في شاطئ بونداي مسلم يدعى أحمد الأحمد
  • السعودية والأردن..«التاريخ أم الطموح»؟
  • مصيبة كبيرة وإثم عظيم.. إياك وهذا الفعل يحرمك من عفو الله
  • "مش هقدر أتقبل البخيل".. هدى المفتي تكشف مواصفات شريك حياتها
  • محررون إسرائيليون يضغطون على نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق رسمية
  • غولان: نتنياهو يشكل لجنة تحقيق تطمس حقيقة ما حدث في 7 أكتوبر
  • حكم الدين في عدم الإنجاب.. أزهري: الشخص الذي يرفض النعمة عليه الذهاب لطبيب نفسي
  • شاهد بالصورة والفيديو.. زوجة الحرس الشخص لقائد الدعم السريع الحسناء تستعرض جمالها بإطلالة جديدة
  • النيابة العامة تفتح تحقيقًا في حادث دهس عمد بطرابلس