بغض النظر عن التسميات التي يأخذها الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، سواء كان عملية محدودة، أو حرباً شاملة، ومهما كانت أهدافه، فإن من المسلّم به أنه لم يكن مباغتاً، خلافاً لكل الحروب السابقة، بقدر ما جرى التحضير له في وضح النهار، ما يعني أنه سيشكل اختباراً حقيقياً لقدرات الأطراف المتحاربة، وربما يتحدد في ضوء نتائجه، شكل المنطقة ومستقبلها، أو ما هو أبعد من ذلك.
لكن بالمقابل، يسعى الطرف الآخر، رغم كل الخسائر التي لحقت به، إلى إثبات قدرته ليس فقط على البقاء، وإنما تعويض هذه الخسائر بإيقاع خسائر كبيرة في الجيش الإسرائيلي، باعتباره يخوض معركة على أرضه وفي ملعبه، ولديه الإمكانيات والأدوات اللازمة لذلك. غير أن المعركة لن تكون سهلة لكلا الطرفين، إذ لا يمكن مقارنة موازين القوى بين الطرفين، والتي تعطي إسرائيل تفوّقاً من حيث الحجم والطائرات الحربية والقدرات التقنية المتقدمة، يقابلها، على الجانب الآخر، قوات غير نظامية لا تخضع لمعايير الحروب التقليدية، وفي حالات الالتحام يمكنها تحييد كل هذه القدرات، فيما تلعب معرفة الأرض وطبيعتها الطوبوغرافية دوراً كبيراً في التأثير على سير المعركة.
اللافت في سياق هذه الحرب، هو التقلبات في المواقف الأمريكية، فبعد أن دأبت طوال الأسابيع الماضية على التحذير من حرب واسعة ومعارضتها حتى اللحظات الأخيرة، وبادرت إلى تقديم مقترحات لوقف إطلاق النار، عادت لتبدي دعمها العملي والسياسي لهذه العملية، التي كان واضحاً أنها لم تكن لتتم من دون ضوء أخضر أمريكي.
فقد سبق أن أعادت واشنطن نشر قواتها البحرية وتموضعها بما يتلاءم مع التطورات المستجدة والمتسارعة، واستقدمت المزيد من التعزيزات لقواتها ودفاعاتها الجوية في المنطقة.
في كل الأحوال، من المبكر الحديث عن نتائج هذه الحرب، وما إذا كانت ستتسع وتتحول إلى حرب إقليمية شاملة، لكن من المرجح لدى كثير من الخبراء والمحللين، أن هذه الحرب ستكون طويلة وقاسية، وأنها لن تكون محدودة، كما تروّج إسرائيل، لأنها تتعلق بإرادتين متضادتين أو متعاكستين. فإسرائيل تعتقد أنها ستكون نقطة تحول تاريخية على صعيد المنطقة، وفي ضوء نتائجها، سيتحدد ما إذا كان بإمكانها تغيير الواقع، ليس فقط على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وإنما على صعيد الشرق الأوسط كله، كما يرى نتنياهو، يقابله إصرار من الجانب الآخر، على إفشال هذه المخططات، والإبقاء على التوازنات القائمة بين الجانبين منذ سنوات طويلة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
وزير إسرائيلي: الحرب على سوريا باتت حتمية
سوريا – علق وزير شؤون الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي تعليقا على تطورات محيط القنيطرة السورية امس إن “الحرب على سوريا باتت حتمية”.
وجاءت تصريحات شيكلي عقب تداول مقاطع تظهر تحركات لقوات أمن سورية ومسلحين قرب مواقع انتشار الجيش الإسرائيلي في ريف القنيطرة، ما اعتبرته تل أبيب “تهديدا أمنيا”، رغم أن المنطقة تشهد منذ سنوات اعتداءات إسرائيلية متكررة وتوغلات وانتهاكات مستمرة للسيادة السورية.
وكشفت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية أن حادثة التوتر التي وقعت في القنيطرة بين قوة من الجيش الإسرائيلي ومواطنين سوريين قرب المدينة تزامنت مع جولة ميدانية أجراها كل من سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك وولز، وسفير الاحتلال لدى الأمم المتحدة داني دانون، في المنطقة.
وبحسب الصحيفة، دخل وولز ودانون إلى القنيطرة القديمة خلال الجولة مرتديين معدات حماية، وأجريا تقييما ميدانيا للوضع. وخلال عودتهما إلى المركبات، وقعت “حادثة غير اعتيادية” تمثلت باضطرابات وإطلاق نار بعد مرور الموكب المسلح، ومحاولة الجيش الإسرائيلي، وفق روايته، اعتقال عنصر من حركة الجهاد الإسلامي.
وأشارت الصحيفة إلى أن السفيرين لم يشاهدا الحادثة مباشرة، لكنهما كانا على بعد مئات الأمتار فقط من موقعها.
ونقلت يديعوت أحرنوت أن دانون تلقى إحاطة فورية من قائد اللواء في المنطقة، وسارع إلى إبلاغ السفير الأمريكي بتفاصيل ما جرى، قبل أن يتلقى الطرفان لاحقا إحاطات عسكرية حول “التهديدات” على الجبهتين اللبنانية والسورية. وشملت الجولة أيضا مواقع في الجليل الأعلى المحتل، ومرتفعات الجولان المحتل، إضافة إلى لقاء مع ضابط رفيع في قوة “أندوف” التابعة للأمم المتحدة.
ونشرت وسائل إعلام سورية تسجيلات مصورة من منطقة خان أرنبة قرب القنيطرة، تظهر مسلحين من قوات أمن النظام السوري يتحركون في شاحنات صغيرة وبحوزتهم أسلحة ظاهرة، بمحاذاة آليات عسكرية إسرائيلية. ووفق ما أوردته الصحيفة، أُصيب ما لا يقل عن مدنيين سوريين جراء ما وصفه جيش الاحتلال بـ”إطلاق نار تحذيري”.
من جانبه، زعم الجيش الإسرائيلي أن الحادثة سبقتها “إخلالات بالنظام ورشق بالحجارة” باتجاه جنوده، ما دفعهم إلى إطلاق نار في الهواء والانسحاب إلى مواقع آمنة. وفي المقابل، أفادت تقارير سورية باندلاع تظاهرة في خان أرنبة احتجاجا على وجود الجيش الإسرائيلي، ونشاط طائراته المسيرة في أجواء المنطقة.
وفي تطور سياسي لافت، نقلت الصحيفة عن مصادر أمريكية أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عبر عن غضبه الشديد من تصريحات المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، الذي قال خلال “منتدى الدوحة” إن “ما نجح في هذه المنطقة أكثر من أي شيء آخر هو الملكية”.
وقال نتنياهو عن باراك خلال لقائه بالسفير وولز: “لقد فقد صوابه تماما… يفضل الملكية على الديمقراطية ويخدم المصالح التركية في المنطقة”.
وفي سياق متصل، نفت رئاسة الوزراء في إسرائيل تقارير إعلامية عربية تحدثت عن التوصل إلى اتفاق أمني بين “إسرائيل” وسوريا، ووصفتها بأنها “أخبار كاذبة بالكامل”، مع الإقرار بوجود اتصالات جرت برعاية أمريكية دون التوصل إلى تفاهمات.
وفي ختام الجولة، قال السفير الإسرائيلي داني دانون إن “التهديدات من الشمال واضحة”، مضيفا: “على حدود لبنان نرى عن قرب تصميم الجيش على مواجهة تعاظم قوة الفصائل اللبنانية والتهديد الإيراني، وعلى الجبهة السورية نواجه تحديات إضافية ناجمة عن عدم الاستقرار”.
كما هاجم ما وصفه بـ”التقارير الأحادية والمشوهة” التي قدمت لأعضاء مجلس الأمن خلال زيارتهم الأخيرة للمنطقة، على حد تعبيره.
المصدر: يديعوت أحرنوت