مندوب لبنان بمجلس الأمن: التصعيد الإسرائيلي يهدد بنزاع إقليمي واسع
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اتهم مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة، هادي هاشم، اليوم الأربعاء، إسرائيل بانتهاك القوانين والأعراف الدولية، مشددًا على رفض الشعب اللبناني وحكومته لأي حرب، مع المطالبة بتطبيق القرار الأممي 1701.
وفي كلمة ألقاها خلال جلسة مجلس الأمن، والتي تم بثها عبر شاشة "القاهرة الإخبارية"، أوضح هاشم أن الأضرار الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية كانت هائلة، حيث تضررت البنية التحتية في لبنان بشكل كبير.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يصعّد من وتيرة هجماته وعدوانه على لبنان، محذرًا من توسع النزاع ليشمل مناطق وجبهات أخرى.
وأشار المندوب اللبناني إلى أن العدوان الإسرائيلي قد يتسبب في اندلاع نزاع إقليمي واسع النطاق، لا يخضع لأي ضوابط.
كما نوه إلى الأزمة الإنسانية الخطيرة التي تواجه بلاده، في ظل نزوح أكثر من مليون شخص من المناطق المستهدفة نتيجة الحرب، مطالبًا بتقديم مزيد من المساعدات الإنسانية لهؤلاء النازحين.
وأعلن هاشم عن استعداد الحكومة اللبنانية لنشر الجيش في منطقة نهر الليطاني بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
لبنان يشهد حاليًا هجمات عنيفة من قبل القوات الإسرائيلية، استهدفت مناطق عديدة في جنوب البلاد، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا بين قتلى وجرحى، فضلًا عن نزوح واسع لسكان تلك المناطق.
هذا التصعيد يأتي بالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: لبنان لأمم المتحدة إسرائيل الشعب اللبناني الاحتلال الإسرائيلي
إقرأ أيضاً:
المدينة الإنسانية برفح.. دلالة المسمى الإسرائيلي ومدى جدية المخطط؟
في حين تنشغل الأطراف الدولية برسم مستقبل قطاع غزة، تطرح إسرائيل تصورا جديدا لما أسمته "المدينة الإنسانية" بجنوب القطاع، وهو مشروع مزدوج لـ"اليوم التالي" يتجاوز الدلالات العسكرية والغذائية، ويستبطن تهجيرا قسريا محكما وتكتيكا تفاوضيا متطرفا في آن واحد.
الخطة التي أعلنها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، وتقدر تكلفتها بنحو 6 مليارات دولار، تقوم على إنشاء منطقة محصورة على أنقاض مدينة رفح، يُدفع إليها نحو 600 ألف نازح قسرا، تحت غطاء فحوص أمنية صارمة، وداخل منطقة مغلقة لا يُسمح بمغادرتها إلا باتجاه البحر أو الأراضي المصرية.
وتسويق هذا المخطط بلغة "الإنسانية" يخفي خلفه بنية هندسية للتهجير، لا تقتصر على إدارة لحظة الحرب، بل تصوغ هندسة سياسية وديمغرافية لغزة ما بعد الحرب.
ومن وجهة نظر الدكتور مهند مصطفى، الخبير في الشأن الإسرائيلي، خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث"، فإن الخريطة التي عرضتها تل أبيب خلال مفاوضات الدوحة ليست مجرد طرح فني، بل تمثل تصوّرا نهائيا للوجود الإسرائيلي في غزة.
ويقوم هذا التصور على السيطرة الكاملة على 40% من مساحة القطاع، مع توسيع المنطقة العازلة، واحتلال كامل لرفح، وصولا إلى فصل غزة عن مصر نهائيا، حيث يرى مصطفى أن إسرائيل تراهن على التهجير المتدرج كبديل للترحيل الجماعي، وعلى الزمن كعامل ترسيخ للواقع المفروض.
تصعيد تفاوضيفي السياق نفسه، يقرأ الدكتور لقاء مكي، الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، هذه الخطة باعتبارها تصعيدا تفاوضيا مقصودا، يهدف إلى رفع السقف إلى أقصى مدى، لفرض تنازلات لاحقة بوصفها "مكاسب" للطرف الفلسطيني.
ويضع توقيت إعلان الخطة -المتزامن مع زيارة نتنياهو إلى واشنطن- في إطار لعبة سياسية تهدف إلى الضغط على المفاوضات دون نية حقيقية لتنفيذ الخطة بكل تفاصيلها، خاصة في ظل صمت مصري مثير للقلق، رغم أن التهجير المزمع يتم على حدودها المباشرة.
إعلانلكن الإشكال لا يكمن فقط في طبيعة الطرح، بل في البنية التي يقترحها، فالخطة، كما يشير الدكتور عثمان الصمادي، الباحث والناشط في العمل الإنساني، لا تحمل أي ملامح لمدينة حقيقية، حيث لا توجد فيها بنية تحتية، ولا مرافق صحية أو تعليمية، ولا حتى نظام إداري.
فما يُجهَّز في رفح، حسب الصمادي، هو مساحة مغلقة بأعلى كثافة سكانية يمكن تخيلها، أشبه ما تكون بمعسكر اعتقال، لا بمخيم لجوء أو منطقة عزل مؤقتة.
أكثر من ذلك، ترى الأوساط العسكرية الإسرائيلية نفسها في مأزق أمام هذا المشروع، إذ يعارض الجيش الخطة، كونها تُحمّله عبئا إداريا ومدنيا لا يستطيع تحمله، وتعيده إلى نمط الحكم العسكري المباشر كما كان قبل اتفاق أوسلو.
فالسيطرة على 700 ألف إنسان، وتأمين احتياجاتهم في منطقة محاصرة، يحوّل الجيش إلى شرطة احتلال مدني، وهو ما لا يريد خوضه، حسب تسريبات داخل الكابينيت نقلها ضيوف الحلقة.
تصفية ديموغرافية
وفي العمق، لا تكتفي الخطة بإعادة حشر الفلسطينيين داخل بقعة ضيقة، بل تُحاصرهم بلا أفق، فمن يُسمح له بدخول "المدينة" يخضع لفحص أمني صارم يستبعد كل من له صلة بالمقاومة، ما يعني عمليا فصل المجتمع عن أي روافع مقاومة مستقبلية.
وتحت شعارات "الفرز الأمني" و"الاحتواء الإنساني"، تبرز نوايا التصفية السياسية والديموغرافية بصورة تدريجية وممنهجة، والخطير في المشهد، كما يلاحظ الدكتور مصطفى، هو أن إسرائيل لا تعاني داخليا من ضغط سياسي كافٍ لوقف هذه الخطة.
فالمعارضة الفكرية داخل إسرائيل، رغم وجود أصوات بارزة مثل جدعون ليفي وسيفي براعيل، لا تمتلك تأثيرا سياسيا حقيقيا، في ظل غياب أي تبنٍ حزبي رسمي لمواقف تجرّم هذا التصور، رغم كونه يناقض جوهر دروس الهولوكوست التي ترفعها إسرائيل كعنوان أخلاقي دائم.
وفي المحيط العربي، لا تزال القاهرة -المعنية الأولى- غائبة عن التعليق، رغم أنها عضو أساسي في وساطة الدوحة، والمضيفة المفترضة لأي موجة تهجير محتملة.
وفي هذا السياق، يرى الدكتور مكي أن مجرد صمت مصر يُعد مساهمة غير مباشرة في تمرير الخطة، وتهديدا مباشرا لأمنها القومي، إذ لا مفر من أن أي تنفيذ حقيقي للخطة سيمر عبر معبر رفح.
على الضفة الأخرى من المشهد الدولي، صدرت بعض الإشارات من دول غربية تعارض الخطة، مثل بريطانيا، لكن دون خطوات عملية حقيقية، بل إن واشنطن -الشريك الأساسي في صياغة ما بعد الحرب- لا تزال تلتزم الصمت، أو تكتفي بالتلميح إلى دعم فكرة "الإدارة البديلة" لغزة، دون أن تتخذ موقفا حاسما من الخطة الإسرائيلية.
ظروف ذهبيةالمقلق أن غياب الضغط الدولي الجدي قد يشجع إسرائيل على المُضي قدما، خاصة في ظل ظروف وصفها الصمادي بـ"الذهبية" للحكومة الإسرائيلية المتطرفة، فالدعم الأميركي، وانشغال العالم بأزمات متزامنة، والصمت العربي، تفتح جميعها شهية تل أبيب على الذهاب بعيدا، حتى في مشاريع مستحيلة التنفيذ.
غير أن المآلات ليست محسومة، إذ تراهن بعض القراءات على فشل المشروع بسبب كلفته الأخلاقية والإنسانية الهائلة، واصطدامه بتعقيدات دولية وإدارية وحقوقية يصعب تجاوزها.
إعلانلكن مجرد طرحه بوصفه خيارا قابلا للنقاش، دون رد فعل إقليمي ودولي حازم، يعكس تحولا خطيرا حسب محللين، في طبيعة الصراع من إدارة حرب إلى صياغة "حل نهائي" جديد، بأساليب قديمة وأدوات أكثر قسوة.
وفي المحصلة، ليست "المدينة الإنسانية" إلا مرآة تعكس جوهر النوايا الإسرائيلية حيال غزة: خنق المقاومة، وتقليص الكتلة السكانية، وفرض وقائع ميدانية تُحول القطاع إلى سجن مفتوح بلا مستقبل.
أما مصير هذا المخطط، فسيتوقف حسب المشاركين في حلقة "مسار الأحداث" على مدى قدرة الفلسطينيين، والداعمين الحقيقيين لقضيتهم، على التصدي له قبل أن يصبح واقعا لا يمكن التراجع عنه.