عربي21:
2025-07-30@02:07:54 GMT

كيف نقسم قلوبنا بين مذابح الوطن؟

تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT

نجلس في زاوية مجهولة من زوايا الوطن ونتابع أخبار المذابح الدموية ولا نغفل عن المذابح السياسية، ونشعر بواجب بث الأمل في الناس ولكننا نعيا في توليف الجمل المناسبة.. نهرب من مناحات مظفر النواب وخيبات الشعراء فلا نفلح في نقض تشاؤمهم بقصيد فرح، نود أن ننصح للمقاتلين على الجبهات فنتذكر أننا من القاعدين فنخجل من تعالمنا.

نسأل القدر عن مصير هذه الأجيال المنكوبة جيلا بعد جيل فلا يجيب، وكيف يجيب القدر الجاهلين بالقدر؟ من أين نهرب من الوطن وليت الهروب بالجسد يحرره من همومه، فيكون ميلادا بلا وطن ولا هموم، رغم ذلك ما زلنا هنا ومضطرون للوقوف في وجه المحارق

المشهد في الشرق ينذر بحرب طويلة

في حمى الأخبار المتسارعة من لبنان تبدو غزة كأنما دخلت في النسيان لولا أن العدو ما زال يمارس القتل للمتعة، والثمن ما زال يرتفع، وضربات المقاومة تتباعد. يصدمك مشكك قاعد مثلنا باستنتاج حاسم "لقد قضوا عليهم، لقد قلنا لكم"، فكأنما تسمعه المقاومة هناك فتصلنا أخبار ضربة نوعية متأنية مدبرة بحرص وموجعة للعدو. الذين يضربون بهذه الأسلوب القتالي المحكم يتصرفون في وقتهم بطريقة ذكية ويقتصدون في سلاحهم لضربات نوعية، ولا شك أن النسق يبين عن تفكير استراتيجي أيقن قبلنا بطول المعركة وضرورة ترتيب الفعل المقاوم في الزمن. لا موجب لتكرار التفجّع على غزة، إنها تواجه مصيرها بصبر، لقد صمدت لعام كامل أمام آلة قتل كونية وهذا انتصار لم يبلغ نهايته بعد.

تفكير استراتيجي أيقن قبلنا بطول المعركة وضرورة ترتيب الفعل المقاوم في الزمن. لا موجب لتكرار التفجّع على غزة، إنها تواجه مصيرها بصبر، لقد صمدت لعام كامل أمام آلة قتل كونية وهذا انتصار لم يبلغ نهايته بعد
على جبهة لبنان تنكشف المعركة؛ الأرض لأصحابها والسماء للجبناء، المناوشات الأولى تنذر بغزة أخرى أقوى وأصلب أرضا وأكثرا تسليحا. لم يتأخر العدو في حساب خسائره، لكنه يعوض بالرجم من السماء. هذا كان شأن الأمريكي في أفغانستان، بذل بارودا كثيرا وهزمته الأرض. قال كل الخبراء إن الطيران لا يحسم المعارك، الصورة تبدو قابلة للتكرار في لبنان، هنا أيضا تنفتح معركة طويلة لا تبدو نهايتها ممكنة. لقد فشلت الدبلوماسية الاستباقية في منعها فانطلقت، ولأن طرفا في المعركة متغطرس لا يتراجع فإن نذر التوتر ستطول وتؤثر وتغير في مجرى التاريخ. لن نستبق بغير علم، لكن الكشف النوراني للشيخ ياسين ما زال يشد أزرنا.

المشهد التونسي لا ينذر باستقرار

تعيدنا الأخبار إلى مربعنا القُطري، بعد يومين تفتح صناديق الاقتراع في تونس، غابت مظاهر الفرح والحماس، لا شيء يدل على مناخ انتخابات بعد خمسين ساعة. البؤس مخيم على المشهد والوجوه موزعة بين الحيرة والذهول، هل هذه تونس التي خاضت ثلاث انتخابات رئاسية صاخبة اشتعلت فيها الشوارع بالهتافات والاجتماعات؟ ماذا أصاب البلد والناس؟

توجد حالة نفسية أقرب إلى المرض سماها الظرفاء بحالة "المشاطعة"، وهي كلمة مصاغة بأسلوب إميل حبيبي في "المتشائل"؛ نصف مع المشاركة بغير يقين ونصف مع المقاطعة بغير يقين. قد يكتب للفظ الخلود، هذا التشاطع هو عنوان اللحظة وما يليها.

لا شك أن هناك توجها يتسع مع الساعات للتصويت ضد الرئيس الحالي دون إيمان بالرئيس القادم، وهو تصويت قائم على اجتناب الأسوأ وقبول السيئ، وهذا عامل غير محفز للذهاب إلى الصندوق إلا بخطى ثقيلة.

حالة العبث بالقانون والقضاء هزت صورة التونسيين عن أنفسهم، فلطالما افتخروا بأنهم قوم منظمون وأن عندهم لكل معضلة حل قانوني، فصار القانون عندهم محل تقدير، وهناك على الأقل خمس كليات متخصصة في تدريس القانون. لكن ما يجري حطم الصورة وبدل الفخر بمهانة، وزاد الأمر سواء أن العابثين بالقانون قضاة ومحامون وأساتذة قانون.

كيف يذهب الناس إلى التصويت وهم على يقين بأن الرئيس القائم سيُسقط نتائج تصويتهم بواسطة ما أعد من تعديلات على القانون الانتخابي، وبواسطة هيئة أثبتت ولاءها التام لشخصه وقبلت مناوراته. أكثر الناس صبرا يقول الآن إنه تصويت لصناعة كتلة معارضة متجانسة تتجاوز الخلافات القديمة وتستعد بعد إسقاط أصواتها إلى التحرك في الشارع وراء رئيس سجين، هذا هو ثقب الإبرة الوحيد الباقي لديها.

ثقب الإبرة هل يصير نافذة كبيرة؟
ماذا يبقى للنخب التونسية (وكثير منها مغرور ومعتز بتونسيته) من كرامة إذا تم إسقاط أصواتها وأُبقي على مرشحها سجينا؟ هل تستفيق لتدافع عن كرامتها المهدرة وتعيد فتح الشوارع للاحتجاج السلمي؟
إذا ولج الجمل في سم الخياط كانت المعجزة. توجد مؤشرات عليها لكنها ثقيلة الخطو ومترددة، لقد تسرب في الحديث اليومي وصف الإسلاميين بالتيار المحافظ، واختفى تقريبا اصطلاح إسلام سياسي وخوانجية. نعتبر ذلك بداية خفوت التصنيفات الاستئصالية التي دمرت التجربة الديمقراطية التونسية، فهل يُبنى على هذا موقف واسع يغض الطرف عن أسباب الفرقة ويجمّع خلف الحق في الصندوق؟

السؤال الذي سيُطرح بعد يوم الأحد: ماذا يبقى للنخب التونسية (وكثير منها مغرور ومعتز بتونسيته) من كرامة إذا تم إسقاط أصواتها وأُبقي على مرشحها سجينا؟ هل تستفيق لتدافع عن كرامتها المهدرة وتعيد فتح الشوارع للاحتجاج السلمي؟ أم تتلقى الضربة وتدخل في سبات لمدة خمس سنوات وليتها تكون خمسا لا عشرا؟

إن ما عاينّاه من تردد وتوجس ويأس (ونفض يد من السياسة) لا يسمح لنا بوضع توقعات عن المستقبل، لذلك واحتراما لقارئ قد يقع على هذا المكتوب نقول: راقب معنا الوضع ولا تشفق علينا، فكثير مما يحصل لنا صنعناه بأنفسنا. مازال عندنا وقت لأكل أيدينا ندما على ما فرطنا.

سأختم بانتظار معجزة ولوج الجمل في سم الخياط، وأقدم عبارات التعاطف لزملائي مدرسي القانوني في كلياته عسى أن يفلحوا في ستر عورة القانون أمام طلبتهم.

آه نسيت أمرا، من يدري لعل حروب الشرق تصل شظاياها إلى تونس، فنجمع شظايا قلوبنا الموزعة بين بيروت وغزة وغيرهما من محارق أمة تتكالب عليها الأمم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة التونسي انتخابات تونس غزة انتخابات المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

في ذكرى الحرب الكورية.. زعيم بيونج يانج يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أمريكا

سول"وكالات": نقلت وسائل الإعلام الرسمية اليوم الأحد عن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون قوله إن بلاده ستحقق النصر في معارك "ضد الإمبريالية وضد الولايات المتحدة"، وذلك خلال إحياء البلاد ذكرى الهدنة في الحرب الكورية.

وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية، في إشارة إلى زيارته لمتحف حربي في اليوم السابق، إن كيم "أكد أن دولتنا وشعبها سيحققان بالتأكيد القضية العظيمة المتمثلة في بناء دولة غنية بجيش قوي، وسيحققان انتصارات مشرفة في المواجهة ضد الإمبريالية والولايات المتحدة".

وقعت كوريا الشمالية اتفاقية هدنة مع الولايات المتحدة والصين في 27 يوليو 1953، مما أنهى القتال في الحرب التي استمرت ثلاث سنوات. ووقع جنرالات أمريكيون الاتفاقية ممثلين لقوات الأمم المتحدة التي دعمت كوريا الجنوبية.

تُطلق كوريا الشمالية على يوم 27 يوليو اسم "يوم النصر"، على الرغم من أن الهدنة رسمت حدودا قسمت شبه الجزيرة الكورية بالتساوي تقريبا في المساحة وأعادت التوازن بعد أن تبادل الجانبان التقدم والتراجع في ساحة المعركة.

ولا تُحيي كوريا الجنوبية هذا اليوم بأي أحداث رئيسية.

وتُقاتل كوريا الشمالية الآن إلى جانب روسيا في الحرب في أوكرانيا. وقد تم نشر آلاف الجنود الكوريين الشماليين في منطقة كورسك الروسية، بينما زوّدت بيونجيانج روسيا أيضا بالذخائر.

وقالت كوريا الجنوبية إن كوريا الشمالية قد تنشر المزيد من القوات في يوليو تموز أو أغسطس آب.

وزار كيم النصب التذكارية التي تكرم قدامى مُحاربي الحرب الكورية التي دارت بين 1950 و1953، بما في ذلك برج الصداقة الذي يُخلّد ذكرى جنود جيش التحرير الشعبي الصيني الذين قاتلوا مع الكوريين الشماليين. والتقى كيم مع جنود في فوج مدفعية للاحتفال بهذا اليوم، وفقا لوكالة الأنباء المركزية الكورية.

من جهتها، أطلقت روسيا اليوم الأحد رحلات جوية تجارية مباشرة إلى كوريا الشمالية، في إشارة أخرى إلى توثيق العلاقات مع حليفتها الآسيوية التي تساعدها في حربها في أوكرانيا.

واقلعت اليوم أول رحلة جوية من موسكو إلى بيونج يانج والتي تشغّلها شركة "نوردويند ايرلاينز"، وهبطت في العاصمة الكورية الشمالية بعد حوالى ثماني ساعات، وفقا لموقع الشركة على الإنترنت.

و"نوردويند ايرلاينز" التي كانت تسيّر رحلات إلى وجهات الاجازات في أوروبا قبل أن يفرض الاتحاد الأوروبي حظرا على الرحلات الجوية الروسية، طرحت تذاكر بسعر 45 ألف روبل (570 دولارا أمريكيا).

وأفادت وكالة "تاس" الروسية للأنباء، بأنّ أول رحلة جوية من بيونج يانج إلى موسكو ستنطلق يوم الثلاثاء.

وقالت وزارة النقل الروسية إنّ خطّ الرحلات هذا سيتم تشغيله مرة في الشهر.

وأعادت روسيا وكوريا الشمالية تشغيل خطوط السكك الحديد بينهما في 17 يونيو، بعد تعليقها في العام 2020 أثناء جائحة كوفيد-19.

وفي السنوات الأخيرة، عملت الدولتان على تعزيز الروابط العسكرية بينهما، حيث تقوم بيونج يانج بمساندة موسكو في حربها في أوكرانيا من خلال إرسال القوات والأسلحة.

ووقع البلدان العام الماضي اتفاقية دفاع مشترك، أثناء زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية.

وفي أبريل، أكدت كوريا الشمالية للمرة الأولى أنّها نشرت فرقة من جنودها على الجبهة في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية.

مقالات مشابهة

  • امتعاض نجل الزوكا يشكّك في مصداقية وثائقي المعركة الأخيرة لصالح
  • مرشحو حماة الوطن يلتقطون صورًا تذكارية أمام ساحة الشعب قبل مؤتمرهم الجماهيري
  • مرشحو حماة الوطن لانتخابات الشيوخ يلتقطون صورا تذكارية أمام ساحة الشعب بالعاصمة الإدارية
  • المعركة الأكثر دموية.. كيف صمدت أوكرانيا في وجه الزحف الروسي نحو بوكروفسك؟
  • 10 إنجازات جديدة .. ماذا أعلن وزير التربية والتعليم اليوم أمام رئيس الوزراء؟
  • في ذكرى الحرب الكورية.. زعيم بيونج يانج يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أمريكا
  • فيلم “المعركة الأخيرة”: اعتراف صادم من نجل صالح ينسف رواية مقتل والده
  • المعركة الأخيرة.. وثائقي يفتح جراح الخيانة ويعيد صالح إلى واجهة الذاكرة اليمنية
  • زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أمريكا
  • زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أميركا