النقاش المفتوح حول دور الجيش والقوى المدنية و توازن بين النقد والحقيقة
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
في ظل الوضع المعقد والمضطرب في السودان، تروج بعض الأصوات لفكرة أن القوى المدنية غير سعيدة بانتصارات الجيش، وهو ادعاء يحتاج إلى تفصيل وتدقيق. هذه الادعاءات تنبع في كثير من الأحيان من سوء فهم لدور القوى المدنية وطبيعتها في الأزمة السودانية. لذلك، من المهم أن نوضح بعض النقاط المتعلقة بهذا السياق ونقاشه بموضوعية تامة بعيدًا عن التعميم والافتراضات الشخصية.
رفض العنف والحلول السلمية
القوى المدنية في السودان، بطبيعتها، ترفض العنف وتحاول دائمًا دفع الحلول السياسية والسلمية للأمام. فهي ترفض أي نوع من الصراع المسلح كوسيلة لحل الأزمات. هذا لا يعني بأي حال أنها تتبنى موقفًا معاديًا للجيش، بل تؤمن أن الحوار والوسائل الديمقراطية هما الأساس لحل الأزمات. ففكرة أن القوى المدنية تفرح بأي نكسة للجيش أو تحاول إضعافه هي اختزال خاطئ ومضر.
القلق من التورط العسكري
الحديث عن انتصارات الجيش يجب أن يتم في إطار الحفاظ على أمن الوطن من المخاطر الخارجية، وليس عبر الزج بالمؤسسة العسكرية في صراعات سياسية داخلية. القوى المدنية تؤكد مرارًا على ضرورة بقاء الجيش كمؤسسة وطنية بعيدة عن السياسة، مهمتها حماية الوطن وحدوده، وليس التورط في الشؤون الداخلية وإدارة السلطة. إن مخاوف بعض الجهات المدنية ليست نابعة من كراهية للجيش بحد ذاته، بل من قلق على تماسكه ودوره الوطني، بالإضافة إلى الخوف من أن يصبح الجيش أداة لقمع الحريات وتثبيت السيطرة السياسية.
تعقيدات المواقف والتقييمات الشخصية
من الضروري التمييز بين النقد الشخصي والطرح الموضوعي. في سياق الوضع المعقد الذي تعيشه البلاد، تتعدد المواقف وتختلف المشاعر تجاه الأطراف المتنازعة. الكتابات التي تنقل مخاوف المدنيين من الأوضاع الأمنية الصعبة تعكس مدى التوتر الذي يعيشه الناس في ظل الصراع، وليس تأييدًا لطرف على حساب آخر. على سبيل المثال، عندما نقلتُ وجهة نظر بعض المدنيين في مدينة بحري، كانت تلك الآراء تعبر عن شعور عام بالخطر، ورغبة في إنهاء الصراع بأي طريقة ممكنة، دون أن يعني ذلك ترويجًا للعنف أو تأييدًا لاستخدام القوة العسكرية كحل وحيد.
موقف القوى المدنية من انتصارات الجيش
أما مسألة "الفرح" بانتصارات الجيش فهي قضية تتعلق بتقييم شخصي قد يعتمد على تجارب الناس وتاريخ علاقتهم بالجيش. القوى المدنية ليست كتلة واحدة متجانسة، بل تضم أطيافًا سياسية وفكرية متعددة، قد تختلف آراؤها بناءً على هذه التجارب. هذا التنوع لا يعني بالضرورة أن القوى المدنية بأكملها معادية للجيش أو تسعى لإضعافه. بل إن النقد الموجه من بعض القوى المدنية يأتي في إطار الحرص على الحفاظ على مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش، بعيدًا عن الانخراط في الصراعات السياسية الداخلية.
النقاش المفتوح والحوار البناء
من المهم في هذه المرحلة الحساسة أن ندرك جميعًا أن الحرب لن تكون الحل لأزمات السودان. التعايش السلمي بين القوى المدنية والعسكرية هو السبيل الوحيد لبناء دولة مستدامة وديمقراطية. لا يمكن تحقيق الانتصار الحقيقي إلا عبر السلام، الذي يتطلب الحوار والتفاهم المشترك بين كافة الأطراف. النقاش المفتوح وتبادل الآراء باحترام هو الطريقة المثلى لفهم بعضنا البعض، في ظل الأوضاع المعقدة التي نعيشها اليوم.
التوازن بين النقد والحقيقة
في الختام، يجب أن يكون النقاش حول الأزمات السودانية متزنًا، بحيث يعكس الواقع دون تعميم أو تشويه للمواقف. القوى المدنية ليست ضد الجيش ولا ضد انتصاراته، بل تعبر عن قلقها من استمرارية العنف والاقتتال الذي لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار. الحل يكمن في التوافق بين كافة الأطراف على مبدأ السلام والديمقراطية، وتجنب الزج بالمؤسسات الوطنية في صراعات داخلية تعيق تطور البلاد.
دعوة للأمل
قد تكون المرحلة الحالية مظلمة وصعبة، لكن هناك أمل في أن نتمكن من تجاوز هذا الصراع بالحوار والتفاهم. ربما تحتاج كل الأطراف لمراجعة مواقفها وإعادة النظر في طريقة التعامل مع الأزمات. نتمنى أن يعم السلام قريبًا، وأن نجد الحلول التي تحقق تطلعات الشعب السوداني نحو العدالة والاستقرار.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى المدنیة
إقرأ أيضاً:
30 قتيلا في غارة للجيش على مستشفى بميانمار
قُتل أكثر من 30 شخصا وجُرح 68 في غارة جوية شنها جيش ميانمار مساء أمس الأربعاء على أحد المستشفيات وفق ما أفاد عامل إغاثة في الميدان.
يأتي ذلك في الوقت الذي يكثف فيه المجلس العسكري هجماته العنيفة قبيل الانتخابات المقررة هذا الشهر، في حين تواصل الجماعات المسلحة عملياتها رفضا لهيمنة الجيش على السلطة.
وأفاد عامل الإغاثة الميداني واي هون أونغ بن طائرة عسكرية قصفت المستشفى العام في مروك-يو بولاية راخين الغربية المتاخمة لبنغلاديش مساء الأربعاء.
وقال إن "الوضع مروع جدا"، مضيفا "حتى الآن، نؤكد وقوع 31 وفاة، ونعتقد أن عدد الضحايا سيرتفع"، وتابع أن عدد المصابين بلغ 68، مرجحا ارتفاع العدد.
وشوهدت طوال الليل 20 جثة على الأقل ملفوفة بالأكفان وموضوعة على الأرض خارج المستشفى، ولم يتسن الوصول إلى متحدث باسم المجلس العسكري للتعليق.
ويرفع المجلس العسكري وتيرة هجماته الجوية عاما بعد عام منذ اندلاع الحرب الأهلية وعقب استيلائه على السلطة في انقلاب عام 2021 أنهى عقدا من التجربة الديمقراطية.
وحدد الجيش موعد الانتخابات في 28 ديسمبر/كانون الأول الجاري مروجا لها باعتبارها السبيل للخروج من القتال، لكن المتمردين تعهدوا بمنعها في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، والتي يخوض المجلس العسكري معارك شرسة لاستعادتها.
ومنذ الانقلاب العسكري في عام 2021 تشهد ميانمار حربا أهلية أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى.
مظلوميات كبيرةوتتميز ميانمار بخريطة معقدة ومتعددة الإثنيات، وقد ساهمت العديد من العوامل التاريخية والسياسية والاجتماعية في الصراع واستمراره، والأيديولوجيات والدعم الدولي للمجموعات المختلفة، وهو ما يجعل من الصعب الوصول إلى حل جذري للصراع.
وتُعد عمليات التهميش للأقليات من قبل الأغلبية البورمية من أهم أسباب نشوء واستفحال الصراع في البلاد.
إعلانوقد تراكمت مظلوميات كبيرة في البلاد نتيجة إصرار النظام العسكري على الاستيعاب السياسي والثقافي لجميع المكونات المجتمعية والعرقية تحت سيطرة مركزية وأجندة ثقافية قومية تعمل على تعزيز اللغة البورمية والبوذية على حساب ثقافات الأقليات الأخرى.