لجريدة عمان:
2025-07-29@18:47:12 GMT

سياسة اللعب على المكشوف

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

ظلت الأهداف السياسية للدول حتى عهد قريب أسرارًا لا يعرفها سوى صانعوها والمخططون لها، وكان التخطيط لها يتم عادةً في الخفاء ويُعد من الأسرار التي لا يجوز الإفصاح عنها، فهذا الإفصاح كان يُعد من باب الخيانة! ولكننا في عصرنا هذا نجد أن هذا الإفصاح قد أصبح أمرًا معتادًا على ألسنة المتحدثين الرسميين عن سياسات ومواقف الدول، بل على ألسنة قادة الدول نفسها، ممن لهم تأثير ملحوظ على أوضاع العالم وما يجري فيه من صراعات.

ذلك أن هذه التصريحات قد أصبحت الآن بمثابة رسائل صريحة أحيانًا، وضمنية أو مشفَّرة في أحيان أخرى، إلى الخصوم والمستهدَفين! كيف نطبق ذلك على الوضع الراهن في عالمنا العربي على الأقل؟

هذه قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدد صراحةً بضرب أماكنَ معينة في فلسطين أو لبنان، بل تهدد بضرب أية منطقة في الشرق الأوسط، وهي تنفذ تهديدها كما يحلو لها. وها هي معظم الدول الغربية التي تنتمي إلى حلف الناتو تدعم صراحة ضرب هذه الأماكن، بل تسعى إلى تبرير ذلك باعتباره دفاعًا عن النفس! وهذا أمر عجيب: إذ تبرر هذه الدول اعتداء المحتل على أراضي الغير باعتباره دفاعًا عن النفس، وتنظر إلى هذا الغير الذي يدافع عن أرضه، لا باعتباره مقاومًا للاعتداء، وإنما باعتباره إرهابيًّا!! فها هو ذا مستشار ألمانيا لا يرفض موقف إسرائيل حينما أرادت السيطرة على محور فيلادلفيا الذي لجأ إليه الفلسطينيون هروبًا من مجازر الاحتلال في الشمال، واكتفى بالقول بأن هذا الغزو يجب ألا يكون موسَّعا وأن يترفق بالمدنيين! ومثل هذا قاله كثير من قادة دول الغرب، وكأن لسان حالهم يقول: اقتلوهم، ولكن برفق، وفي أقل الحدود!!

أما موقف الولايات المتحدة الأمريكية فهو الموقف الأكثر صراحة بشكل فيه كثير من الفجاجة: ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تخفي موقفها الداعم لإسرائيل في عدوانها على المقاومين من أصحاب الأرض، بل أصبحت تعلن صراحة عن إمدادها للكيان الصهيوني بالأسلحة الفتاكة لقتل أصحاب الأرض من المقاومين، وهو ما أدى إلى قتل الآلاف من المدنيين من النساء والأطفال في مآس يندى لها جبين الإنسانية. ولكن ساسة أمريكا لا يعبأون بشيء من ذلك، وهم يواصلون إمداد الكيان الصهيوني بالقذائف الفتاكة التي لا يمتلكها الكيان نفسه، بل إنهم يرسلون حاملات الطائرات وأجهزة الاستخبارات الدقيقة التي تعين الكيان على رصد المواضع التي يمكن قصفها بدقة، سواء في فلسطين أو لبنان، وهذا هو ما أعان الكيان على تصفية كثير من قيادات المقاومة في فلسطين وفي لبنان أو حزب الله. ولهذا يمكن القول إن الولايات المتحدة الأمريكية بوجه خاص هي شريك في هذه الحرب المعلنة على فصائل المقاومة، بل إنها المدبر والمخطط والمنفذ أيضًا بأياد قذرة لهذه المجازر التي ارتكبها الكيان. لم يعد هذا خافيًا على أحد؛ ببساطة لأن الداعم الرئيس بالخطط والاستخبارات والسلاح يعلن عن ضلوعه صراحةً من دون مواربة في ذلك، بل يعلن عن رفضه لكل أشكال المقاومة في منطقة الشرق الأوسط، ويراها امتدادًا لنفوذ العدو الاستراتيجي: إيران. وكأن إيران قد أصبحت شماعة لتعليق كل أشكال المقاومة في مواجهة الكيان الصهيوني الذي يريد أن يبتلع المنطقة بأسرها.

بينما أعكف على هذا المقال، فوجئنا في مساء هذا اليوم الأول من شهر أكتوبر 2004 بأن إيران قامت برشقات صاروخية طالت المدن الكبرى في إسرائيل. وعلى الفور قامت الولايات المتحدة بالتقليل من فاعلية هذه الضربة، وأعلنت صراحةً أنها ساهمت في اعتراض الكثير من هذه الصواريخ، وأصدر رئيسها أمرًا للجيش الأمريكي الموجود في الشرق الأوسط في البحر والبر (من خلال قواعده العسكرية) بمساعدة إسرائيل في التصدي لضربات إيران. وهكذا تعلن الولايات المتحدة الأمريكية أنها ضالعة في مواجهة محور المقاومة أيًّا كان مكانه. وبذلك يصبح من الواضح أن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لا تواجه إسرائيل بقدر ما تواجه قوة أعظم منها كثيرًا، لولاها لاستطاعت المقاومة سحق هذا الكيان الصهيوني، أو- على الأقل- تقليم أظافره. وربما يتساءل المرء عن السبب في دعم الولايات المتحدة الأمريكية لهذا الكيان الصهيوني الذي هو أشبه بجسم غريب أو دخيل في جسد الأمة العربية. ولكن هذا السؤال سيبدو ساذجًا حينما ينظر المرء في أصل نشأة هذا الكيان. فهو لم ينشأ إلا بهذا الاعتبار نفسه: أعني باعتباره ذرعًا لكيان قابل للتمدد والانتشار في جسد الشرق الأوسط. قامت بريطانيا في البداية بالتخطيط لهذه المهمة التي تكفلت بها فيما بعد الولايات المتحدة الأمريكية! وربما يضع هذا علامات استفهام على مواقف بعض الدول العربية التي تتحالف مع الموقف الأمريكي ضد محور المقاومة، ولا ترى أن أيران يمكن أن تكون داعمًا قويًّا في المعادلة، أعني في تحجيم دور الكيان الصهيوني ومواجهة مخططاته التي تسعى إلى ابتلاع الشرق الأوسط في مجمله!

ولا شك في أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية في هذه القضية تحديدًا يعكس تغلل اللوبي الصهيوني في المفاصل السياسية والاقتصادية لهذه الدولة الكبرى، وهو ما رأيناه دائمًا حينما تحين فترة انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ لا يجرؤ أي مرشح للرئاسة على أن يتجاهل دعم دولته المطلق لهذا الكيان والتأكيد على أحقية هذا الكيان (المغتصب للأرض) في الدفاع عن نفسه ضد الإرهابيين (الذين هم أصحاب الأرض)! وذلك بصرف النظر عن كل القرارات الدولية التي تنكر هذا الزعم. إسرائيل تلعب على هذه الورقة من ضمن ما تتلاعب به، ولكن الكرة لا تزال في ملعب الدول العربية التي يمكن أن تتبنى استراتيجية جديدة في مواجهة استراتيجية الكيان الصهيوني.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الکیان الصهیونی الشرق الأوسط هذا الکیان کثیر من

إقرأ أيضاً:

هولندا تدرج العدو الصهيوني ضمن قائمة الكيانات التي تهدد أمنها القومي

الثورة نت /..

أدرجت الوكالة الوطنية للأمن في هولندا، للمرة الأولى، الكيان الصهيوني ضمن قائمة الدول التي تُشكّل تهديداً للأمن القومي الهولندي، رغم البُعد الجغرافي بين البلدين الذي يُقدّر بنحو 3300 كيلومتر (تفصل بينهما 7 دول).

وجاء ذلك في تقرير صادر عن “المنسق الوطني للأمن ومكافحة الإرهاب” (NCTV)، نقلته وكالة “الأناضول”، بعنوان “تقييم التهديدات من الجهات الدولية الفاعلة”.

ويتناول التقرير محاولات الكيان الصهيوني التأثير على الرأي العام والسياسة الهولندية، عبر حملات تضليل إعلامي.

وأشار إلى وثيقة وزّعتها وزارة صهيونية العام الماضي على صحافيين وسياسيين هولنديين عبر قنوات غير رسمية، تضمنت معلومات شخصية “غير مرغوب بها” عن مواطنين هولنديين، عقب تظاهرات مناهضة للفلسطينيين في أمستردام.

كما حذّر التقرير من تهديدات صهيونية وأميركية متزايدة للمحكمة الجنائية الدولية، مقرها لاهاي، مؤكداً أن ذلك يعرّض عمل المحكمة للخطر، ويضع على هولندا مسؤولية حماية هذه المؤسسات.

وفي 2024، كشفت تحقيقات صحافية عن حملة صهيونية استمرت 9 سنوات، استخدمت فيها أدوات مراقبة وتهديد ضد مسؤولي المحكمة الجنائية.

ورغم هذه الضغوط، أصدرت المحكمة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الصهيوني مجرم الحرب بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق المجرم يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة.

تأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد التوترات السياسية والقانونية الدولية المتعلقة بالعدوان الصهيوني المستمر على الفلسطينيين، خصوصاً في قطاع غزة.

ويواجه الكيان اتهامات خطيرة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، تشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى دعوى إبادة جماعية

مقالات مشابهة

  • أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
  • مصدر عسكري يؤكد استمرار حظر الملاحة على الكيان الصهيوني​
  • مصدر عسكري يؤكد الاستمرار في تنفيذ قرار حظر الملاحة على الكيان الصهيوني​
  • المشترك يبارك المرحلة الرابعة من التصعيد البحري ضد العدو الصهيوني
  • من عدن إلى الضالع.. أدوات الاحتلال تفتح الجبهات أمام الكيان الصهيوني
  • غزة.. مفتاح عزل الكيان الصهيوني دوليًا        
  • هولندا تدرج العدو الصهيوني ضمن قائمة الكيانات التي تهدد أمنها القومي
  • عطاف يستقبل المستشار الرفيع لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية لإفريقيا
  • لجان المقاومة في فلسطين تدين قرصنة العدو الصهيوني للسفينة حنظلة
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟