حوار حول الهوية مع الداعية عمر عبد الكافي في حكم وحكمة
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
في رحلة استكشاف لمفهوم الهوية الإسلامية مسلطا الضوء على أهميتها في عصر التحديات والمتغيرات المتسارعة، أبحر الداعية الدكتور عمر عبد الكافي مع ضيوفه في حلقة جديدة من برنامج "حكم وحكمة" الذي تبثه منصة الجزيرة 360.
ويرى عبد الكافي أن الاعتزاز بالهوية يبدأ بخطوة أولى شديدة البداهة وهي تحديدها، ويضيف أنّ أغلب من لا يعتزون بهويتهم، عرّفوا أنفسهم التعريف الخطأ، والذي ينبع في الأساس من تنوع الهويات للشخص الواحد.
وبعد مقدمة تمهيدية عن جوهر الهوية وارتباطها بالعبودية لله سبحانه وتعالى، رصدت الحلقة آراء عدد من الأشخاص في الشارع العربي، تلا ذلك حوار مع مجموعة من الشباب العربي، قدموا فيه تساؤلات متعددة أجاب عليها الداعية عبد الكافي.
وخلال حديثه إليهم، أكد الداعية الإسلامي أن الإيمان بالله هو الخيط الذي يمكن أن يعيد نسيج الأمة. وربط بين ابتعاد الأمة عن جوهر رسالتها وانبهارها بنموذج التقدم الغربي.
وأوضح عبد الكافي أن الهوية الأساسية هي العبودية لله، التي ترفع الإنسان وتكرمه، وتجعله خليفة في الأرض. وأن هذا الفهم العميق للهوية يتجاوز حدود اللغة والجغرافيا، ليؤسس لرؤية إنسانية شاملة.
ولم يغفل الحوار دور المرأة في صياغة الهوية وترسيخها. فالأم، كما أكد الدكتور عبد الكافي هي المدرسة الأولى التي تغرس بذور الهوية في نفوس الأجيال الصاعدة، مشكلة بذلك وعي الأمة ومستقبلها.
وفي عصر العولمة والهجرات، ناقش عبد الكافي مع الشباب تحديات الحفاظ على الهوية الإسلامية في المجتمعات الغربية، وخلص إلى أن الحكمة تكمن في تحقيق التوازن الدقيق بين الاندماج الإيجابي والحفاظ على الأصالة.
غاية الوجود
وفي الجزء الثاني من الحلقة، أكد ضيفه الدكتور جمال عبد الستار، أستاذ الشريعة الإسلامية، أن فهم الهوية يبدأ من إدراك الإنسان لغاية وجوده، مستشهدًا بالآية "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا" لافتا إلى أن هذا الإدراك، هو نقطة الانطلاق نحو حياة ذات معنى وهدف.
9/10/2024المزيد من نفس البرنامجما فقه المقاومة في الإسلام ودور المرأة والشباب في نصرة الأمة؟تابع الجزيرة نت على:
facebook-f-darktwitteryoutube-whiteinstagram-whiterss-whitewhatsapptelegram-whitetiktok-whiteالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات عبد الکافی
إقرأ أيضاً:
مراسل الجزيرة نت: هذه حكايتي مع الجوع في غزة
غزةـ من قلب الجوع وتحت وابل القصف وتحت رحمة النزوح، يروي لنا مراسل الجزيرة نت رائد موسى تجربته الشخصية المريرة، لا بصفته ناقلا للأخبار فقط، بل كأحد ضحاياها، حيث لم يسلم جسده ولا عائلته من الجوع والتشريد.
وفي هذه الشهادة الصادمة، يكتب موسى من بين الركام والخيام، بأنامل "ترتجف من شدة الجوع"، حكايته الخامسة مع النزوح، والتجويع الممنهج، والخوف الذي صار ظلا دائما له ولسكان قطاع غزة، هذه ليست فقط شهادة صحفية، بل صرخة من داخل المجاعة.
حكايتي مع الجوعهذه كلمات خطتها أنامل ترتجف من شدة الجوع، لا خوفا، فقد تماهينا مع الخوف في غزة، وبات بالنسبة لنا نمط حياة، حتى إنه يرافقنا كظلنا، ويشاركنا أماكن نومنا، ويزاحمنا في شوارعنا وخيامنا وأفكارنا، منذ أن اندلعت هذه الحرب المجنونة التي تقترب من إتمام عامها الثاني تواليا.
لست على يقين من بقائي على قيد الحياة لأقرأ ما كتبت بعد نشره على موقع الجزيرة نت، فاحتمالات الموت هنا، قصفا أو جوعا، أعلى بكثير من فرص النجاة.
الجوع وحده قاس، ويفترس مع جسد الإنسان كرامته وإنسانيته، فكيف لو رافقته تجربة نزوح قاسية هي الخامسة لي منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، لكنها هذه المرة كانت أكثر قسوة وقد فرقت بيني وبين زوجتي وبناتي.
في مطلع يونيو/حزيران الماضي وقع ما كنا نخشاه، وشملت أوامر الإخلاء الإسرائيلية المنطقة التي كنا ننزح بها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وكان علينا أن ننزح، ولكن إلى أين؟
كان الناس يهيمون على وجوههم، يسيرون إلى حيث "اللامكان"، وقد حشر الاحتلال زهاء 900 ألف نسمة في شريط ساحلي ضيق ومحدود يعرف بمنطقة المواصي غرب المدينة، ولم يعد فيها موضع لقدم.
قررت وزوجتي الصحفية أحلام حماد أن لا مكان لنا في هذه المدينة، وهي مسقط رأسها، ولا بد من النزوح خارجها، فكان أن وجدت لها ولابنتينا صبا (15 عاما) وصدف (13 عاما) مكانا في شقة تستأجرها مؤسسة "فلسطينيات" في مدينة دير البلح من أجل عمل ومبيت الصحفيات ممن تقطعت بهن السبل، وتقتضي ظروف عملهن البقاء بعيدا عن أسرهن.
ونزحت أنا، أو ربما يجدر بي القول إنني عدت إلى مدينتي غزة، التي غادرتها نازحا نحو مدينة رفح في الأسبوع الأول من الحرب، ولكني لم أعد إلى شقتي السكنية في برج مكون من 14 طابقا وبات أثرا من بعد عين، نتيجة غارة جوية إسرائيلية.
إعلانللشهر الثاني أقيم لدى صديق يعيش رفقة نجله البكر في شقته السكنية بحي النصر شمال مدينة غزة، بينما زوجته غادرت إلى مصر في رحلة علاج من مرض سرطان الثدي، رفقة بقية أبنائها، قبيل الاجتياح الإسرائيلي لمدينة رفح في مايو/أيار الماضي.
نمازح بعضنا كثيرا ونحن نفكر يوميا فيما سنأكل، وغالبا ما يكون عدسا بلا خبز، لم نكن نعلم طريقة طهوه، واستعنت بزوجتي لإرشادنا من أجل إعداد "شوربة العدس"، التي تستدعي أن نشعل نارا في وسط الشقة باستخدام خشب من قطع أثاث حطمها صديقي محمد من غرفة نومه، حيث لا يتوفر غاز الطهي في القطاع منذ ما يزيد عن 4 أشهر.
اليوم فقط تناولت رغيفا من الخبز، وشعرت بشبع لم ألمسه منذ نحو أسبوع، إذ لم يكن الخبز أو الطحين متوفرا لدينا. اتصلت بي الزميلة نور النجار وقالت لي "سأرسل لك كنزا"، وهي تعلم أن الخبز حاليا هو كنز حقيقي وحلم بالنسبة لأكثر من مليوني إنسان مجوع في غزة، وقد أدركت مقصدها "هل تعنين خبزا؟"، وضحكنا قهرا، وهي تشرح لي كيف أنها كابدت من أجل تدبير كمية طحين بأسعار باهظة، حيث وصل سعر الكيس الواحد زنة 25 كيلوغراما إلى أكثر من 250 ضعف ثمنه الطبيعي.
قبل نحو أسبوعين دمر الاحتلال مكانا في خان يونس تستخدمه النجار كتكية خيرية والقيام بمبادراتها الإغاثية، ويندرج هذا الاستهداف في سياق سياسة ممنهجة إسرائيلية تقوم على "هندسة التجويع"، ليس فقط بالحصار الخانق وإغلاق المعابر ومنع إدخال الإمدادات الإنسانية منذ الثاني مارس/آذار الماضي، وإنما كذلك باستهداف ما تبقى من تكايا خيرية، حيث تشير البيانات الرسمية إلى استهداف نحو 100 تكية خيرية ومركز توزيع طعام، فضلا عن ارتكاب جرائم اغتيال لعاملين في المجال الإنساني.
كنت قد قضيت أسبوعا أو أكثر من غير خبز، وكان استحضاري لتجربتي المؤلمة مع مرض الغضروف "طوق نجاة" ساعدني كثيرا على الصبر والتحمل، وقد اعتمدت نظام الصيام المتقطع، الذي خضته لخفض وزني بعد إصابتي بالغضروف، ووفق هذا النظام أقضي ما بين 20 إلى 24 ساعة متواصلة على وجبة طعام واحدة.
ليست إلا صحنا من "شوربة العدس"، في حين أسكن معدتي طوال هذه الساعات بالماء فقط، ولست واثقا من كونه نظيفا تماما وصالحا للشرب، فمع التجويع نعاني في غزة من تعطيش أيضا، وقد منع الاحتلال إمدادات المياه، واستهدف الآبار والشبكات، وقطع الكهرباء عن محطات التحلية.
أخبرتني زوجتي أنها وصبا وصدف يتغلبن على الجوع وعدم توفر الطعام بالصيام من الفجر وحتى مغيب الشمس، ويتقاسمن على موعد الإفطار رغيفا واحدا مع القليل من الدقة المصنوعة من العدس المطحون، وحبة بندورة واحدة، لا تقوى الأغلبية في غزة على شرائها، لشح الخضروات في الأسواق، وارتفاع أسعارها بصورة غير مسبوقة.
ومثلما أخبرني صديق مقيم في كندا "الأسعار في غزة حاليا هي الأعلى على وجه الأرض"، وأجريت معه مقارنة أسعار، وكانت في غزة أعلى بمتوسط يتراوح ما بين 10 إلى 500 ضعف عنها في كندا بالنسبة لسلع مختلفة.
إعلانالناس في غزة تموت حرفيا من الجوع، وقد انهارت العبارة الشائعة لدينا "ما في حدا بيموت من الجوع"، حيث أودت المجاعة بأرواح ما يزيد عن 100 من أعمار مختلفة، أغلبيتهم رضع وأطفال.
وبات الحصول على الطعام "مهمة انتحارية"، قضى في سبيله أكثر من ألف شهيد في "مصايد الموت"، وما يزيد عن 6 آلاف جريح و45 مفقودا، منذ 27 مايو/أيار الماضي، استهدفتهم نيران قوات الاحتلال على أعتاب مراكز توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، المدعومة أميركيا وإسرائيليا، والمرفوضة من هيئات محلية ودولية.
قال لي صديق كان ميسور الحال قبل الحرب، وقد خسر عمله وكل مدخراته، ويعيل أسرة من 6 أفراد، إن زوجته تودعه بالدموع كلما ذهب للحصول على هذه المساعدات لإطعام أطفاله وكأنه ذاهب إلى الموت بلا عودة، لكن لا خيار أمامه "لن أكون شاهدا على موت أطفالي من الجوع".