بقلم/ اوهاج م صالح

لقد ظللنا نسمع الكثير من الروايات عن غزوة خليفة المهدي عبد الله التعايشي لمنطقة نهر النيل (المتمة) وما خلفتها من آثار كارثية. ومن المعلوم ان تلك الروايات التي رويت عن افعال عبد الله التعايشي ، جزء منها صحيح والكثير منها مختلق عن قصد بدعوى العنصرية والجهوية كما يحدث اليوم، ولا يوجد امامنا أي دليل مادي يثبت صحة تلك الإدعاءات.

وبالرغم من ان تلك الحادثة قد حدثت قبل اكثر من مائة عام الا ان آثارها ظلت عالقة بأذهان الكثير من اهل تلك المنطقة حتى يومنا هذا، علماً ان 99.9% من شهود تلك الواقعة قد ماتوا بأسرارهم الحقيقية والمختلقة ولا يوجد بين ايدينا ما يؤكد صحة تلك الإدعاءات وإن وجدت فلن تخلو من التلفيق المتعمد. وعند غزو التعايشي للمتمة لم يكن كل اعداد سكان السودان في ذلك الزمان قد وصل العشرة مليون نسمة، ومع ذلك ذلك ظلت تتداول بين الناس، من جيل الى جيل والى يوم الناس هذا ، خاصة بين اهل تلك البقعة الجغرافية.
وبالمقارنة مع ما يحدث اليوم، نجد ان شهود براميل الحقد والكراهية التي تسقط على رؤوس الأبرياء يتجاوز الأربعون مليون سوداني، ومعظم سكان العالم، لكون ان آثار الدمار الذي تخلفه براميل الحقد والكهراهية هذه، على المواطنين الأبرياء نساء ورجال وأطفال من الجنسين، وبهائم، وكذلك البنى التحتية، جميعها موثقة بشكل دقيق ومنقولة على الهواء مباشرةً ولا مجال لإنكارها أو إدعاء بأنها مختلقة. والأمر كذلك فهل سأل احد من الذين ينفذون هذا المخطط الإجرامي، كم من السنين سوف يمتد الأثر السلبي لبراميل الغضب والكراهية هذه على نفوس الناس، خاصة تلك الولايات المستهدفة؟ إنني على يقين بأن فاعلي هذا العمل الإجرامي هم احفاد غزو الخليفة عبد الله التعايشي التي مضى عليها أكثر من مائة عام، وبذلك فإنهم يعتقدون بأنهم يردون الصاع صاعين لحواضن الخليفة عبد الله التعايشي، ولا يعلم هؤلاء الأغبياء بأنهم قد اوقدوا قتنة لن تصيبهم هم خاصة، ومتى ما سنحت الفرصة لأهل تلك المناطق، والتي اراها قريبة جداً، فسوف يردون الصاع مليون صاع وعندها سوف لن يذروا على الأرض من المجرمين والبريئين ديارا ، وفي نفوسهم ما بلغ بسيدنا نوح عليه السلام من قومهم الكافرين من اذىً، فدعى عليهم في سورة نوح ( وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) .
لذلك أرى، انه يجب على هؤلاء المجرمين الظالمين الذين يقومون بهذا العمل السادي والذي يدل على الحقد والكراهية دفينة وفي ابشع صورها، ان يكفوا ويتوقفوا عن هذا العمل الجبان فوراً، وان يعتذروا لأهل تلك المناطق التي تضررت من براميلهم المتفجرة التي لا تفرق بين انسان وبشر و حجر وبهم، والا فليتوقعوا ما سيحدث لهم ولحواضنهم من رد فعل شنيع جراء فعلتهم هذه. لأن آثار براميل الحقد والكراهية هذه حتما سوف لن تنمحي من عقول اكثر من ثلاثين مليون سوداني،هم سكان تلك المناطق، التي تلقى عليها براميل الحقد والكراهية ليل نهار.
ألا هل قد بلغت؟ اللهم أشهد.

اوهاج م صالح

awhaj191216@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ضربة إسرائيل القوية التي وحّدت إيران

أصبح الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر على إيران أحد أبرز الضربات العابرة للحدود في تاريخ المنطقة الحديث. فالعملية، التي تجاوزت كونها استهدافًا لمنصات صواريخ أو منشآت نووية، شملت اغتيالات بارزة وهجمات إلكترونية معقدة. من أبرز تطوراتها اغتيال عدد من كبار القادة الإيرانيين، بينهم اللواء محمد باقري، وفي الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس القوة الجوفضائية أمير علي حاجي زاده.

هذه الاغتيالات تشكل أقسى ضربة تتعرض لها القيادة العسكرية الإيرانية منذ الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). ومع ذلك، فإن الهجوم يتجاوز كونه عملية عسكرية بحتة؛ فهو تجسيد لعقيدة سياسية بُنِيَت على مدى عقود.

رغم التصريحات الإسرائيلية التي تصف العملية بأنها إجراء استباقي لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، فإن المنطق الإستراتيجي العميق يبدو أكثر وضوحًا: زعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية وصولًا إلى انهيارها.

فلطالما اعتبر بعض الإستراتيجيين الإسرائيليين والأميركيين أن الحل الوحيد لاحتواء الطموحات النووية الإيرانية يكمن في تغيير النظام. وهذه الحملة تندرج في هذا التوجه القديم، لا فقط عبر الوسائل العسكرية، بل من خلال ضغوط نفسية وسياسية واجتماعية داخل إيران.

تُظهر التطورات الأخيرة أن العملية ربما صُمِمَت لإشعال شرارة انتفاضة داخلية. فالخطة مألوفة: اغتيال القادة، حرب نفسية، حملات تضليل، واستهداف رمزي لمؤسسات الدولة.

في طهران، أفادت التقارير بأن الهجمات الإلكترونية المدعومة إسرائيليًا والغارات الدقيقة أصابت مباني حكومية ووزارات، وعطلت مؤقتًا البث التلفزيوني الوطني؛ أحد أركان البنية الإعلامية للجمهورية الإسلامية.

في المقابل، تعكس التصريحات السياسية الإسرائيلية هذا المسار. ففي لقاءات مغلقة وتصريحات صحفية محددة، أقر المسؤولون بأن المنشآت النووية الإيرانية المحصنة عميقًا- بعضها مدفون لأكثر من 500 متر تحت جبال زاغروس والبرز- لا يمكن تدميرها دون تدخل أميركي مباشر باستخدام قنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات، التي لا تستطيع حملها سوى قاذفات B-2 أو B-52 الأميركية. وغياب هذه الإمكانات جعل القادة الإسرائيليين يقتنعون بأن وقف البرنامج النووي الإيراني لن يتحقق إلا بتغيير النظام.

إعلان

هذا السياق يمنح الأفعال العسكرية والسياسية الإسرائيلية بعدًا جديدًا. فبعد الهجمات، كثفت إسرائيل رسائلها الموجهة إلى الشعب الإيراني، ووصفت الحرس الثوري ليس كمدافع عن الوطن، بل كأداة قمع ضد الشعب.

وكانت الرسالة: "هذه ليست حرب إيران، بل حرب النظام." وقد ردد شخصيات من المعارضة الإيرانية في الخارج- كرضا بهلوي نجل شاه إيران السابق، ولاعب كرة القدم السابق علي كريمي- هذا الخطاب، مؤيدين الهجمات، وداعين إلى إسقاط النظام.

لكن يبدو أن الإستراتيجية حققت عكس ما كانت ترجوه. فعوضًا عن إشعال ثورة جماهيرية أو تفكيك الوحدة الوطنية، عززت الهجمات شعورًا عامًا بالتماسك الوطني عبر مختلف التيارات. حتى بعض المنتقدين التقليديين للنظام عبّروا عن غضبهم مما اعتبروه اعتداءً أجنبيًا على السيادة الوطنية. وتجددت في الوعي الجماعي ذكريات التدخلات الخارجية- من انقلاب 1953 بدعم الـCIA، إلى حرب العراق- مفجّرة ردة فعل دفاعية متأصلة.

حتى بين نشطاء حركة "المرأة، الحياة، الحرية"- التي أشعلت احتجاجات وطنية إثر مقتل مهسا أميني عام 2022 أثناء احتجازها- برز تردد واضح في دعم أي تدخل عسكري أجنبي. ومع انتشار صور المباني المدمرة وجثث الجنود الإيرانيين، تراجعت مطالب التغيير السياسي لصالح خطاب الدفاع عن الوطن.

وبرزت شخصيات عامة ومعارضون سابقون للجمهورية الإسلامية يدافعون عن إيران ويُدينون الهجمات الإسرائيلية. فقد صرح أسطورة كرة القدم علي دائي: "أفضل الموت على أن أكون خائنًا"، رافضًا أي تعاون مع الهجوم الأجنبي. أما القاضي السابق والمعتقل السياسي محسن برهاني فكتب: "أُقبّل أيادي جميع المدافعين عن الوطن"، في إشارة إلى الحرس الثوري وبقية القوات المسلحة.

ما بدأ كضربة عسكرية محسوبة ضد أهداف محددة، قد ينتهي بتعزيز النظام لا بإضعافه؛ عبر حشد وحدة وطنية وتكميم الأصوات المعارضة. فمحاولة صنع ثورة من الخارج قد لا تفشل فقط، بل قد تنقلب ضد من خطط لها.

وإذا كان الهدف النهائي لإسرائيل هو تحفيز انهيار النظام، فقد تكون قد قللت من شأن الصلابة التاريخية للنظام السياسي الإيراني، ومن قوة التماسك الذي يولده الألم الوطني.

وبينما تسقط القنابل ويُقتل القادة، يبدو أن النسيج الاجتماعي الإيراني لا يتفكك، بل يعيد نسج نفسه من جديد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • عراقجي يؤكد وقف إطلاق النار: شكراً لقواتنا التي استمرت بمعاقبة إسرائيل
  • دعاء أوصى به الرسول.. أهم الأدعية التي كان يرددها النبي
  • «أولياء أمور دبا الحصن» يبحث محاور العمل المستقبلية
  • شيخ الأزهر لـ أنجلينا أيخهورست: ما سرُّ القوة الشيطانية التي تُجهض أي قوى أخرى؟
  • صلاة الضحى.. اعرف وقتها وعدد ركعاتها والسور التي تقرأ فيها
  • جوارديولا يكشف عن وجهته المستقبلية
  • تغير المناخ يطيل مدة تعافي الغابات من الحرائق الكارثية
  • ترامب في خطاب للأمة بعد قصف المنشآت النووية: على إيران صنع السلام .. الهجمات المستقبلية أكبر بكثير
  • ترامب: الهجمات المستقبلية أكبر بكثير ما لم تصنع إيران السلام
  • ضربة إسرائيل القوية التي وحّدت إيران