زار رئيس «مجلس السيادة الانتقالي»، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، منطقة «جبل موية» التي استعادها الجيش بعد معارك طاحنة مع قوات «الدعم السريع» استمرت أياماً، وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على منصات التواصل الاجتماعي، الأحد، البرهان وهو يزور القوات في جبل موية، ويظهر من خلفه الجبل الذي سميت به المنطقة.



وأصبحت المنطقة، التي تقع على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة الخرطوم، نقطة محورية في الحرب، حيث تعد موقعاً استراتيجياً تتداخل فيه 3 ولايات، هي الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض.

وكان قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، قد اعترف بهزيمة قواته في جبل موية، متهماً الجيش المصري بمساندة الجيش السوداني عبر الطيران الحربي في استعادة المنطقة.

وقال إعلام «مجلس السيادة»، في بيان، الأحد، إن البرهان تفقد القوات في محور كوستي - سنار، و«اطمأن على الروح المعنوية العالية للجنود والمستنفرين، التي كان لها القدح المعلى في انتصار القوات المسلحة على فلول ميليشيا التمرد المنهارة».

وأضاف، في بيان، أن البرهان زار منطقة جبل موية «التي حققت فيها القوات المسلحة والقوات المساندة لها من جهاز الأمن والمخابرات العامة والمقاومة الشعبية والمستنفرين انتصاراً ساحقاً على (ميليشيا الدعم السريع) الإرهابية». وحيا البرهان «ضباط وضباط صف وجنود القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى على التضحيات الجسام التي قدّموها في سبيل دحر التمرد واستعادة الأمن والاستقرار للمواطنين في ربوع السودان كافة».

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم ولايتي سنار والجزيرة وأجزاء من شمال ولاية النيل الأبيض، التي كانت قبضت عليها بعد إحكام السيطرة على «جبل موية»، بالتفاف على قوات الجيش الموجودة في مدينة سنار، كما سيطرت على مقر الفرقة في مدينة سنجة، بجانب مدينتي الدندر، والسوكي وعدد آخر من البلدات المهمة في الولاية.

وتأتي زيارة القائد العام للجيش السوداني بعد إعلان الجيش دحر «قوات الدعم السريع»، وتحرير المنطقة، والاستيلاء على كثير من العتاد العسكري.

وأشرف نائبه في قيادة الجيش، الفريق أول شمس الدين كباشي، على سير العمليات العسكرية بمحوري النيل الأبيض وسنار، التي مكّنت الجيش السوداني من السيطرة الكاملة على الطريق الرئيسية بين الولايتين.

وفي موازاة ذلك، دار قتال «شوارع عنيف» في العاصمة الخرطوم، بين الجيش وقوات «الدعم»، وسط غموض وتكتم شديدين من الطرفين حول مسار المعارك، وإلى كفة من تميل المواجهات التي دخلت أسبوعها الثالث.

ويلقي الجيش السوداني بكل ثقله مسنوداً بـ«كتائب البراء بن مالك» لإعادة السيطرة الكاملة على المدينة. وتشير أنباء إلى أن قواته تتقدم في منطقة المقرن على الضفة الغربية عند ملتقى النيلين (الأزرق والأبيض) والسيطرة على بعض المباني الشاهقة التي كانت تتحصن فيها «قوات الدعم السريع».

وتتحدث منصات محسوبة على «قوات الدعم السريع» عن صدّ محاولات عبور جديدة لقوات من الجيش جسر النيل الأبيض الرابط بين أم درمان والخرطوم، وتكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح.

وأحجم الطرفان عن نشر تسجيلات مصورة من أرض المعارك، وإن كانت المعطيات الميدانية تشير إلى دخول قوات الجيش في عمق الخرطوم، وأن اشتباكات عنيفة تدور بين الطرفين في شوارع المدينة.

ومن جهة ثانية، أعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بالخرطوم مقتل 23 وإصابة أكثر من 40 في قصف جوي شنّه الطيران الحربي للجيش السوداني، السبت، على السوق المركزية.

ووفقاً للغرفة، تم إسعاف أعداد كبيرة من المصابين، من بينهم حالات خطرة في المستشفيات القريبة جنوب الخرطوم.

الشرق الأوسط:  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع جبل مویة

إقرأ أيضاً:

القصة برواية “قحت” عن المليشيا

صباح السبت، منتصف أبريل 2023، وبعد ليل رمضاني طويل، نهض سكان ولاية الخرطوم على أصوات الأسلحة تؤز آذانهم، أغلبهم لم يكن قد سمع من قبل أصوات الراجمات والمدافع الثنائية والطائرات الحربية. أداروا مؤشرات راديو أم درمان لمعرفة مايحدث، فوجدوه صامتاً، والتمسوا معرفة ما يحدث عبر تلفزيون السودان، فوجدوه بلا إرسال، فطفقوا يديرون أجهزة الرموت كنترول بحثاً عن أخبار بلادهم في القنوات الفضائية، فعثروا على “الخبر”.. إنها الحرب، التي طالما تمنوا عدم حدوثها، تندلع بقوة فوق رؤسهم، لا بل في طول البلاد وعرضها، فحاميات الجيش السوداني في ولاية الخرطوم، وفي كل مدن وعواصم الولايات تتعرض لهجوم كثيف متزامن بواسطة “شركائهم” في “قوات الدعم السريع” بغية السيطرة عليها !!

بالتوازي مع الهجوم العسكري المباشر، والمحاولات المستميتة للسيطرة على القيادة العامة للقوات المسلحة، وعلى مقارالأسلحة الرئيسية في المدرعات والذخيرة والإشارة و وادي سيدنا، وغيرها، كانت تدور “معركة” أخرى لم يقف الناس على كثير من تفاصيلها حتى الآن، وهي ما نحاول أن نقص قصتها هنا باقتضاب شديد، برواية “أبطالها” الحقيقيين !!

وأنت تمسح النوم من عينيك، يطرق بابك طارق، وأحياناً يدخل بلا استئذان، ويسأل مباشرة: أين فلان؟ ثم لا ينتظر إجابة، يدخل مباشرة إلى الغرف شاهراً سلاحه وطالباً من رب الأسرة أو ابنها أن يرمى ما في يديه من متعلقات ويرفعهما إلى الأعلى ويصعد إلى ظهر البوكس أو اللاندكروزر الذي يقف بجانب باب منزله، ثم يترك بقية أفراد الأسرة في حيرة من أمرهم، وإن أبديت أي نوع من الاحتجاج أو المقاومة، فأنت إما أن تتعرض للضرب والتنكيل ويُقذف بك على ظهر السيارة كما الخراف، أو أن تترك مضرجاً في دمائك أمام أطفالك !!

ليس هذا هو النمط السائد في سلوك أحد “طرفي النزاع” خلال الساعات الأولى من اندلاع الحرب، بل هو النمط الذي ساد لعام كامل أو يزيد من “أحد الطرفين” .. لا يهم أن تكون من “الكيزان” أو “الفلول” ، لكي يحدث لك ما حدث، يكفي أن تكون قد خدمت يوماً ما في أي من الأجهزة النظامية من جيش أو شرطة أو أمن، أو أن تكون محتفظاً في بيتك بصورة للفريق إبراهيم عبود أو للمشير جعفر نميري أو سوار الذهب أو عمر البشير، أو لأي من رموز عائلتك ممن خدموا في الجيش أو الشرطة أو حتى في شرطة “الدفاع المدني”، فأنت حينها مصنف ضمن منسوبي “دولة 56” وتستحق أن تُساق إلى معسكرات الاحتجاز الجماعي، مختفياً قسرياً، ولا يعلم أحد من أسرتك عنك شيئاً، ولا المنظمات أو النقابات “الوطنية” ولا الدولية التي تقول إنها تدافع عن حقوق الإنسان !!

كل الذين تم اقتيادهم من بيوتهم – وقد بلغت أعداهم الآلاف – ليسوا طرفاً في الحرب التي اندلعت بسبب فشل محاولة أخذ السلطة عنوة، وفرض الاتفاق الإطاري بالقوة الجبرية، لكنهم أصبحوا – بقدرة قادر – أحد “طرفي” النزاع وفق المنطق الذي سعى لتسويقه مناصرو الإتفاق الإطاري، ونفذته المليشيا من أول يوم، والمنطق الذي ظلوا يحاولون به تبرير حشر الآلاف الأبرياء في تلك المعتقلات السرية هو أن هؤلاء “من المحتمل” أن يكون لهم دور في حشد الجهود الشعبية لمقاومة فرض الإتفاق الإطاري بالقوة.

هناك، في تلك المخابئ التي انتشرت في ولاية الخرطوم، وفي عدد من مدن السودان الأخرى، فملأت معسكرات هيئة العمليات التي كانت قد آلت إلى “الدعم السريع” ، وعدداً من المباني في أحياء الخرطوم الراقية، وعدداً من المدارس، تم اقتياد الآلاف من السودانيين واحتجازهم، وتعرضوا لأسوأ أنواع المعاملة بواسطة القوى التي تقول إنها تريد أن تجلب لهم الديمقراطية وترفع عن كاهلهم ميراث التهميش، فبقوا الشهر وراء الشهر والعام وراء العام، بلا علاج ولا زاد وحرموا حتى الماء الذي يشربون، يتعرضون للاستجواب والسباب ولكن لا أمل لهم في محاكمات، حتى لو كانت عرفية.

لم تتبن جهة حقوقية أو نقابية، محلية أو دولية، قضيتهم وتسير بها بين الركبان، ولا حتى بالقدر الذي سبق وأن لقيته قضايا تتعلق بملابس النساء، وظل ما يصل إلى الرأي العام من قصصهم، هو ما يتم من مساومات مع ذويهم لإطلاق سراحهم، فيكتب الله عمراً جديداً، لمن يكون قد تم اختطافه واحتجازه بمظنة الابتزاز، أما إن كان السبب هو أنك “متهم” بكونك يمكن أن تكون “جاسوساً” يعمل لصالح الجيش، فأنت ستكون في غيابة الجب!!

في سجن سوبا أو “سجون” الرياض والطائف وصالحة وفي ود مدني ورفاعة ، وفي غيرها من المدن التي دخلتها المليشيا، لقي الآلاف من السودانيين ربهم، بسبب الجوع والعطش والمرض والإهمال المتعمد ، وبسبب القهر، فأحيلوا إلى مقابر جماعية، أو تُركوا لتأكلهم الهوام، ولم يُبلغ ذووهم بذلك، وحينما أكملت القوات المسلحة والقوات المساندة لها السيطرة على محليات الخرطوم، بدأ حجم المأساة يتكشف.

حين دخلت القوات المسلحة إلى حامية جبل أولياء، شاهدنا عبر وسائل الإعلام، هياكل عظمية يكسوها جلد بشر، وعرفنا ممن أمكنه الحديث منهم، أن هؤلاء ممن كانوا في “سجون الدعم السريع”، وأن رفاقاً لهم لقوا ربهم، على النحو الذي أشرنا إليه، وحين تمت استعادة منطقة صالحة في أم درمان، تبين أن أكثر من ستمائة ممن اختطفوا وجرى احتجازهم كانوا هناك، لكن لم ينج منهم إلا السدس، فقد لقي المئات ربهم بسبب حرب لم يكونوا طرفاً فيها !!

تتكشف كل يوم الجرائم التي ظلت تُرتكب بواسطة مليشيا الدعم السريع، من خطف وإخفاء قسري، وتعذيب وقتل واغتصاب، للآلاف من المدنيين، وحين نتايع السرديات والمنطق الذي جرى ويجري تسويقه لتفسير تلك الجرائم، نجده في الأصل “منطق قحتي” يجري على ألسنة المتحدثين باسم الدعم السريع وباسم القوى السياسية التي أغوتهم وزينت لهم مشروع الانقضاض على السلطة، وهو منطق مؤداه أن عشرات الآلاف من السودانيين، الذين سيقوا إلى معسكرات الاحتجاز الجماعي، لا يستحقون الحياة، دعك أن يستحقوا “الديمقراطية والحكم المدني”، وهم – شاءوا أم أبوا – أحد “طرفي” النزاع !!

العبيد أحمد مروح

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هجمات بالمسيّرات وتحركات ميدانية كثيفة.. معارك ضارية بين الجيش السوداني و«الدعم» في كردفان
  • العقوبات الأمريكية .. (سيف مسلط) على رقاب الشعب السوداني
  • القصة برواية “قحت” عن المليشيا
  • حرب المسيّرات تغيّر قواعد اللعبة في السودان… «الدعم السريع» يوسّع سيطرته من الجو
  • ليبيا..تجدد المعارك بين الميليشيات بعد انهيار الهدنة
  • تصاعد المعارك بين الجيش و الدعم السريع في دارفور وكردفان
  • النساء على الخطوط الأمامية.. كيف قلبت الحرب الأخيرة موازين القوى في الجيش الإسرائيلي؟
  • العليمي يشيد بمأرب وقبائلها الأصلية والنهضة التي تشهدها المحافظة والعرادة يؤكد جاهزية القوات لإفشال أي محاولة حوثية لاختراق الجبهة الداخلية
  • السودان بين سيطرة الجيش وتصعيد الدعم السريع.. قصف إغاثي وحصار مستمر
  • الجيش الإسرائيلي يعترف بنقص حاد في عدد جنوده