على خلفية منع وصول البضائع إلى مصر ومناطق الجيش.. الدعم السريع تشهر سلاح الاقتصاد
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
بدأت قوات الدعم السريع بإشهار سلاح الاقتصاد ضد السودانيين ودولة الجوار مصر، إذ هددت مواطني ولايات دارفور بعدم السماح لأي مركبات تحمل سلعاً ومحاصيل وماشية من الخروج من الولاية، الأمر الذي دعا إلى تدخل الإدارات الأهلية دون التوصل إلى حلول إلى الآن.
التغيير ــ وكالات
وقال تاجر محاصيل ببورصة مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور بحسب “العربي الجديد” إن قوات الدعم السريع منعت قوافل وعربات محاصيل من التحرك والخروج خارج المدينة، واتخذت في ذلك طرقاً متعددة واستولت على السيارات من السائقين.
وأكد أحد تجار المحاصيل ببورصة مدينة نيالا لـ”العربي الجديد” منع خروج العربات قبل أيام، رغم تدخل الوسطاء والتجار، إلا أن الجدل ما زال يسيطر على المشهد التجاري بالولاية.
وقال تاجر آخر لـ”العربي الجديد” إن قوات الدعم السريع أعادت شاحنات محملة بالفول السوداني قبل خروجها من الولاية، بحجة أنها لم تحصل على تراخيص أو تصديقات مرور.
وتداول سودانيون على نطاق واسع بوسائل التواصل الاجتماعي منشوراً منسوباً إلى قوات الدعم السريع يقرر فيه عدم السماح بمرور السلع والماشية والمعادن الى مناطق سيطرة الجيش، وحدد المنشور السلع وأنواعها (السمسم، الصمغ العربي، زيت الطعام، الدخن والذرة، الذهب، المعادن الأخرى، وغيرها).
خلافات بين عناصر الدعم السريع
وتعتمد ولايات دارفور بصورة أساسية على البضائع القادمة من الولاية الشمالية شمالاً، وليبيا وجنوب السودان وتشاد. كذلك تنتشر في الأسواق البضائع التي نُهبَت من بعض الولايات التي دخلها عناصر الدعم السريع.
وحسب مصادر لـ”العربي الجديد”، فإن الخلافات بين عناصر الدعم السريع أصبحت متفاقمة بصورة كبيرة، وامتدت لتطاول المؤسسات المنظمة لدولاب الإدارة التي تم تكوينها في عهدهم، حيث يسعى كل فصيل قبلي لإصدار قرارات اقتصادية تزيد من معاناة المواطنين، لكنّها تعمل على تقوية مكانته في الحصول على موقع وظيفي في الإدارة الجديدة، وفقاً لمفهومهم الذي ظل سارياً طوال الفترات الماضية.
وما زاد الأمر تعقيداً، أنّ كلّ الخدمات المتعلقة بالمواطنين انعدمت تماماً، إذ لا يوجد كهرباء أو مياه شرب نظيفة أو اتصالات، وأصبحت مدن ولايات دارفور تعيش في ظلام تام، وتفاقمت الأوضاع الصحية، وأصبح التداوي بالأعشاب أمراً شائعاً.
قوات الدعم السريع بعد أن قطعت الاتصالات استبدلتها بالشبكة اللاسلكية “ستار لنك”، وأصبح أفرادها يمتلكون مواقع الاتصال بفرض رسوم خيالية ورقابة شديدة على مكالمات المواطنين.
اقتصاديون يقولون إنّ إقحام حلقة الاقتصاد ضمن معادلة الحرب وتطبيق نظام إداري جديد يأتي رسالةً من الدعم السريع بعد خسائرها العسكرية الفادحة، خلال الفترة الأخيرة، إلى قوات الجيش ودولة الجوار مصر بأنها لا تزال تمتلك بعض الأوراق وأنّ الحرب لن تقف في محطة المواجهة العسكرية فقط.
وحذرت قوات الدعم السريع السودانية، الحكومة المصرية وأجهزتها مما وصفته بالتمادي في “التدخل السافر” في الشؤون السودانية من خلال دعم الجيش السوداني، وهو ما نفته القاهرة في وقت سابق. واتهم الناطق باسم قوات الدعم في بيان نُشر على منصة “إكس” مساء الجمعة، السلطات المصرية، بأنها كانت “شريكاً أساسياً”، في إشعال الحرب المستمرة منذ أكثر من عام بين هذه القوات والجيش السوداني الذي وصفه البيان بأنه “مختطف من قبل الحركة الإسلامية”، وكذلك بعرقلة الجهود الرامية لإحلال السلام والاستقرار.
المهتم بالشأن الاقتصادي عبد الوهاب جمعة، يقول لـ”العربي الجديد”: “ما يتحدث عنه الدعم السريع غير ممكن التطبيق على أرض الواقع، لأن ولايات دارفور وكردفان من الولايات المنتجة للسلع، وتقع تحت سيطرتهم، وبالتالي التأثيرات السلبية ستلحق بهم قبل كل شيء وبشكل أكبر من التأثير في دول الجوار بخاصة مصر”.
وأضاف: “من هذا المنطق إذا تأثر منتجو السلع والثروة الحيوانية بالتأكيد تتضرر مناطق سيطرتهم. ويرى جمعة أنه طوال السنة الماضية كانت مصر ملاذاً للمنتجين لأنّها استوعبت كثيراً من الصادرات السودانية وأخرجت الكثيرين من دائرة الإفلاس وعدم التسويق لأنها مثلت شريان حياة لهم”.
وقال مقرر شعبة الماشية خالد وافي لـ”العربي الجديد” إنّ من الصعب تطبيق مثل هذا القرار على أرض الواقع، لأن مناطق سيطرة الجيش حالياً توسعت بنسبة 80 بالمائة، أما الحديث عن وقف صادر الماشية والإبل إلى مصر، فما هو إلا حديث للاستهلاك، لأنّ من الصعب السيطرة على سوق الماشية، كذلك إن أعدادها بأنواعها المختلفة في السودان ليست قليلة، وهي منتشرة في كل السودان، ولذلك من الصعب إيقاف صادراتها. وأضاف: “من الممكن السيطرة على مناطق سيطرتهم، وهي محدودة”.
في المقابل، قال الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان فى حديثه لـ”العربي الجديد” إن “هذا التوجه لقوات الدعم السريع له تأثير حقيقي بصادر الماشية والصمغ العربي والفول والسمسم بنسب متفاوتة إن استمرت سيطرة قوات الدعم السريع على إقليم دارفور، لكنّ الواقع يقول إن الحرب نفسها توشك على الانتهاء، بخاصة بعد قول محمد حمدان دقلو (حميدتي) إنه مع المصالحة غير الانتقامية، وبشكل عام بات الجو مهيّأً لإنهاء الحرب”. تابع أنّ “معظم السمسم ينتج في القضارف والنيل الأزرق وسنار، وهي مناطق خارج سيطرة الدعم السريع، وكذلك الضأن معظمه خارج دارفور، لكنّ الضرر الأكبر يقع على صادر الفول السوداني، بينما يحتاج الصمغ العربي لثلاثة أشهر مقبلة حتى يدخل مرحلة الحصاد، وبالتالي يصعب التكهن بتأثر أي سلعة عدا الفول السوداني”.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الاقتصاد البضائع الدعم السريع الصادر مصر
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني والقوة المشتركة يصدان هجوما على الفاشر
الفاشر- أفادت مصادر عسكرية أن الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية تمكنوا، ظهر الخميس، من صدّ هجوم واسع شنّته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في واحدة من أشرس المعارك الميدانية منذ بداية الحصار المفروض على المدينة مطلع عام 2024.
وأسفر الهجوم -وفقًا لمصادر العسكرية تحدثت للجزيرة نت- عن مقتل العشرات، ولكن لم يتم تأكيد هذه الأرقام من مصادر مستقلة، بالإضافة إلى تدمير 5 آليات قتالية والاستيلاء على مركبة محملة بالذخائر والأسلحة الثقيلة.
وقالت المصادر إن القوات الحكومية "تعاملت بحرفية مع الهجوم الذي بدأ عند الفجر بقصف مدفعي مكثف، أعقبه محاولة اختراق من المحاور الشمالية الشرقية والغربية للمدينة".
تحرك ميدانيوقال العقيد أحمد حسين مصطفى، المتحدث باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، في تصريح للجزيرة نت، إن الهجوم جاء بدعم من ما يُعرف بـ"قوات تحالف السودان التأسيسي"، التي دفعت بعناصرها ضمن تشكيلات الدعم السريع في محاولة للسيطرة على المداخل الشمالية للمدينة.
وأضاف العقيد حسين أن وحداتهم الميدانية كانت تراقب التحركات منذ ليلة الأربعاء وتمكنت من إحباط الهجوم قبل أن يُحقق أي اختراق.
وأكد أنهم دمروا 5 آليات واستولوا على مركبة واحدة، بالإضافة إلى عتاد عسكري كان مُعدًا للاستخدام في الأحياء المكتظة بالسكان. كما شدد على أن الفاشر لن تُترك لما وصفها بالمليشيات، وأن الكلمة الفصل تعود للميدان.
صراع دبلوماسيويأتي هذا التصعيد العسكري في أعقاب تعثُّر الجهود الدبلوماسية، بعد إلغاء اجتماع اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، مصر، الإمارات) المُقرَّر في واشنطن بسبب خلافات بين الأعضاء حول مقاربة حل الأزمة.
ووفقا لمصادر دبلوماسية، فإن تضارب المواقف أدى إلى تأجيل الاجتماع، مما دفع قوات الدعم السريع، بحسب مراقبين محليين، إلى تكثيف عملياتها العسكرية على الأرض، حيث استهدفت مدينة الفاشر بقصف مدفعي وهجوم بري مكثف خلال يومي الأربعاء والخميس.
أزمة إنسانيةورغم نجاح القوات المشتركة في صد الهجوم، فإن الأحياء المدنية لم تسلم من تداعيات المعركة؛ حيث سقطت قذائف عشوائية على أحياء وسوق أبو شوك، إضافة إلى مخيم أبو شوك للنازحين شمال الفاشر، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين وتدمير المتاجر ومرافق خدمية في السوق، الذي يُعتبر المنفذ التجاري الوحيد الذي يعمل جزئيًا في المدينة.
إعلانوفي هذا السياق، قال سليمان أرباب، أحد سكان حي أبو شوك، للجزيرة نت: "لقيت امرأة في العشرينيات من عمرها مصرعها جراء القصف على الحي، وأصيب 3 آخرون".
وأضاف: "دمرت القذائف عددا من المنازل وألحقت أضرارا بالغة بالمحال التجارية في سوق أبو شوك. الناس كانوا يبحثون عن الغذاء وعلف الحيوانات أو الماء، فوجدوا الموت يتساقط من السماء".
نداء استغاثة
وتعيش مدينة الفاشر منذ أبريل/نيسان الماضي تحت حصار خانق فرضته قوات الدعم السريع، مما أدى إلى انهيار تام في الخدمات الصحية والغذائية.
ويعاني السكان من انعدام مصادر الغذاء، حيث يضطر الكثيرون للاعتماد على علف الحيوانات المعروف محليًا بـ"الأمباز".
وخلال هذا الوضع الصعب، نقلت الجزيرة نت عن المواطنة فاطمة مكي، المقيمة في حي الرديف، قولها: "نُطعم أطفالنا الأمباز كما لو أنه طعام بشري… لا دواء، لا غذاء، وحتى المياه. نحن نموت جوعا أو تحت القذائف، ولا أحد يسمعنا. وأضافت: "حياتنا تحولت إلى جحيم، ويومنا يمر دون أي أمل. نناشد المجتمع الدولي أن يمد لنا يد العون قبل فوات الأوان".
مستقبل غامضويرى محللون أن نجاح القوات المسلحة في صدّ الهجوم يعكس تحولا تكتيكيا في مسار المواجهة داخل مدينة الفاشر.
ويؤكد هؤلاء أن التعاون بين الجيش والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية والمواطنين قد يكون مقدمة لإعادة رسم خارطة السيطرة وبناء جبهة سياسية موحدة، إذا ما استُثمر هذا النجاح ميدانيا بشكل فعّال.
ومع ذلك، يحذر بعض الناشطين المحليين من أن الانتصار العسكري وحده لن يكون كافيا لكسر الحصار عن المدينة أو إنهاء معاناة المدنيين، ما لم يُترجم إلى زحف عسكري عاجل من شمال البلاد إلى دارفور.