زكي بني ارشيد يكتب .. انكشاف التاريخ
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
#سواليف
#انكشاف_التاريخ
كتب ..#زكي_بني_ارشيد
قليلة جدا تلك اللحظات التي تتيح لنا مشاهدة المخفي من المستقبل وهو يتكشف لم يريد الأبصار، وعندما يجود الزمان بلحظة الانكشاف، يصبح البصر نافذاً ومخترقاً ومتجاوزاً لعوائق الرؤيا التي يصنعها او يحتكرها بعض البشر.
هل اللحظة التي نعيشها هي لحظة الانكشاف التي تلوح بالافق.
من المبكر جدا إنعاش الحلم بنهاية التاريخ وفق نظرية المفكر الأميركي فرانسيس فوكوياما بكتابه نهاية التاريخ والإنسان وتسيد الثقافة الغربية والقيم الديمقراطية، كما وان من المبكر ايضاً التنبوء بالدخول في صراع عالمي عنيف، على الرغم من تورط الأطراف العالمية الفاعلة والمؤثرة في حرب أوكرانيا التي انطلقت شرارتها في شباط 2022 لكن ذلك لا ينفي أن العالم الجديد في طور التشكيل، وأن بقاء الولايات المتحدة الأمريكية أو اي دولة بشكل فاعل في السياسة الدولية يعتمد اولاً على قدرتها بالخروج من ازمتها الداخلية التي تزداد تعمقاً وانقساماً، وبالتكيف مع استحقاق النظام العالمي الجديد ايضاً.
تراجع الدور الأميركي وبروز قوي صاعدة ومنافسة لا يعني الانهيار او التلاشي، وتقدم روسيا لاستعادة حصتها من النفوذ العالمي لا يعني نهاية الهيمنة الأميركية على مقابض السياسة والاقتصاد العالميين، وبروز العملاق الصيني على المستوى الاقتصادي والتكنولوجي، وتمدد نطاقات نفوذه ببطئ وحذر يقابله تربص بين السائد ( أميركا) والصاعد ( الصين)، هكذا هو التاريخ الذي كتب نشوء الدول وتراجعها ولحظة التغير في موازين القوى بين القائم والقادم وهو متغير فاعل ومؤثر في المستقبل السياسي.
هل سيشهد المستقبل انتقالاً آمناً لمنصة السيطرة والنفوذ او تقاسماً وتشاركاً في رسم الخرائط الجغرافيا والسياسة؟ ام اننا سنشهد لحظة المصادمات الكبرى؟ المصالحات التاريخية الكبرى متأسسة على تقديم تنازلات جوهرية وتشاركات حقيقية تجنب العالم ويلات الاجيال الجديدة من الحروب التي من شأنها ان تاكل الأخضر واليابس.
تمسك الصين بالمرونة السياسية وعدم القيام بمغامرة إقليمية والتحلي بالصبر الاستراتيجي يؤهلها للعبور نحو المستقبل وحجز مقعدها ودورها في النظام الجديد.
هل ستلجأ الإدارة الأميركية إلى تشكيل تحالف عالمي لاستهداف الصين ومحاصرتها سياسياً وافتصادياً وقطع طريق الحرير للوصول إلى القمة؟ ام انها – اي أميركا- ستسعى إلى سياسة الاحتواء وتأهيل الصين كدولة عظمى لدخول النادي العالمي الجديد وفق منظومة القواعد التي تفرضها تطبيقات وسلاسل الإنتاج لثورة الذكاء الصناعي الرابعة، ما يعني إستجابة الصين لمعظم أو للكثير من الاشتراطات الدولية، التي تضمن تخلي الصين عن نظامها المركزي الشمولي وإنتهاج مقاربة تشاركية، على المستويات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
المؤكد أن الضعفاء لا يملكون القدرة على الاستفادة من الفرص، وأن الحالة العربية قد خسرت القرن الماضي ولم تكسب حتى الان القرن الحالي وبكل الأحوال فإن الفرصة المحتملة للعرب تكمن في إعادة الإنتاج للدور الإقليمي والدولي الذي لن يمنح مجاناً ولن يباع بالأسواق السياسية بقدر ما يفرض بإرادة جادة وإدارة ناجحة، مرحلة النهوض العربي ممكنة لان المقومات الأولية متوفرة، وينقصها حسن التقدير وحسن التدبير وحسن التعبير، هذا المثلث لا يمكن أن ينجح تحت حكم القهر والاستبداد والاستحواذ، إذ ان المستقبل لا يصنعه الاحرار واما العبيد فلا مكان لهم بين الامم ولا تحت الشمس ولا يحسنون الا الالتحاق والتبعية.
هل هذا ممكناً ؟.
ربما وقد يتأخر ، لكن هذا هو الطريق نحو المستقبل ولا خيار آخر .
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف زكي بني ارشيد
إقرأ أيضاً:
د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب.. السلام في الشرق الأوسط يبدأ من مصر
لقد أثبتت مصر للعالم اليوم أن ما نشهده ليس مجرد نجاح دبلوماسي عابر بل هو تأكيد لدورها التاريخي كركيزة للاستقرار الإقليمي وفاعل أساسي في صياغة مستقبل المنطقة فحين تتحدث مصر يصغي الجميع وحين تتحرك تتغير المعادلات لذلك لم يكن غريبًا أن تتوحد الأنظار نحوها فكما كانت دائمًا تبقى مصر — بقيادتها وشعبها — قلب العروبة النابض وجسر السلام الحقيقي بين الشرق والغرب وخاصة بعد حضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمصر وحضور قادة دول العالم العربي والغربي لقمة السلام اليوم 13 أكتوبر 2025 بمدينة السلام المصرية شرم الشيخ .
لنثبت للجميع أن السلام في الشرق الأوسط يبدأ من مصر .
وذلك نتيجة ما قامت به مصر منذ اندلاع الحرب المأساوية على غزة أنها ليست فقط دولة سلام ومن خلال دورها الإقليمي والقيادي أثبتت أنها صانعة لتوازنات الشرق الأوسط وحارسة لاستقراره فوسط تصاعد العنف واتساع رقعة الدمار كانت مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي تتحرك على جميع المستويات السياسية والإنسانية والدبلوماسية لوقف نزيف الدم وإنقاذ الأرواح و انطلاقًا من قناعتها الراسخة بأن السلام العادل والشامل هو الخيار الوحيد لضمان الأمن في المنطقة بأسرها .
ولذا نشاهد جميعا منذ اللحظات الأولى للتصعيد قد تبنت مصر موقفًا ثابتًا وواضحًا يقوم على رفض استهداف المدنيين وضرورة فتح الممرات الإنسانية لإدخال المساعدات إلى غزة والعمل على وقف إطلاق النار بشكل فوري .
وأيضا أرى مصر قد تحركت بدبلوماسية صلبة تجمع بين الحزم والاتزان فأدارت اتصالات مكثفة مع واشنطن والاحتلال والسلطة الفلسطينية إلى جانب تنسيق مستمر مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي حتى تمكنت من صياغة اتفاق لوقف الحرب برعاية مصرية يعيد الأمل للمنطقة التي أنهكتها الصراعات والضحية الشعوب العربية .
لذلك أثبتت التجربة أن مصر تمتلك ما يمكن تسميته بـ"القوة الهادئة" في ظل التوترات الجيوسياسية فهي الدولة الوحيدة التي تحظى بثقة جميع الأطراف وتستطيع أن تجمع بين المتناقضين على طاولة واحدة .
هذه المكانة لم تأت صدفة لأنها نتاج عقود من الالتزام المصري الثابت بسياسة متوازنة تحترم سيادة الدول وتنبذ التدخل في شؤون الآخرين وتؤمن بأن السلام ليس شعارًا سياسيًا بل مسؤولية تاريخية تقع على عاتق الدول الكبرى والمؤثرة .
وأرى لولا جهود الرئيس عبدالفتاح السيسي لما توقفت الحرب لانه قاد هذا المسار بحكمة واستشراف مؤكدًا في جميع خطاباته أن القضية الفلسطينية هي جوهر الاستقرار الإقليمي وأن الحل يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وهذا الموقف الثابت جعل من القاهرة صوت العقل في عالمٍ يزداد اضطرابًا ورسالة مصر إلى المجتمع الدولي كانت واضحة : لا سلام في الشرق الأوسط دون عدالة للفلسطينيين ولا استقرار دون إنهاء دوامة العنف .
مصر لم تكتفي بالدور السياسي بل قدمت نموذجًا إنسانيًا فريدًا فبينما أغلقت الأبواب في وجه أهل الفلسطينيين وخاصة أهل غزة الجرحى أبقت القاهرة معبر رفح مفتوحًا لإدخال المساعدات الطبية والغذائية واستقبلت مئات المصابين لتلقي العلاج في مستشفياتها في مشهد يجسد عمق الإنسانية المصرية التي لا تعرف التفرقة بين إنسان وآخر .
اليوم ونحن نرى بريق الأمل يطل مجددًا على غزة بفضل اتفاق وقف إطلاق النار برعاية مصرية يدرك العالم أن مفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط لا يزال في يد مصر .
لذلك من أرض السلام خرجت مبادرات السلام بقمة اليوم لتؤكد الرسائل السابقة فى المحافل الدولية الداعية للتعايش والاحترام المتبادل ومن قيادتها جاء صوت الحكمة والعقلانية وسط ضجيج السلاح لتوقف الحرب وترفض التهجير وتعيد للشعب الفلسطيني مكانة أمام العالم بإعتراف دولي حقيقي على أرض الواقع .