من المؤكد، هناك مؤامرة ومخطط أمريكى للسيطرة للقضاء على أى مقاومة أو مناوشات مسلحة، واستخدامها، كذريعة للهيمنة على المنطقة العربية، والمؤكد الآن أن تدمير اليمن والسيطرة عليه هو الشغل الشاغل لأمريكا وإسرائيل، فالسيطرة على البحر الأحمر أصبح أمرا حتميا، ولن يتحقق ذلك إلا بالسيطرة علي اليمن واستخدام ما يفعله الحوثيون من مناوشات ذريعة لتنفيذ هذه المؤامرة التى هى جزء من سياق المخطط الأمريكى لتدخلها التدميرى فى عدد من دول الشرق الأوسط، تحت مسمى إنهاء الصراعات الإقليمية.
ومن المؤكد أيضا أن هناك قوى إقليمية لها مصالح استراتيجية فى اليمن استغلتها أمريكا لتأجيج الصراعات والنزاعات فى المنطقة.
فالصراع اليمنى ربما يكون صنيعة أمريكية إسرائيلية، له أسباب متعددة، على رأس تلك الأسباب الهيمنة على منطقة البحر الأحمر والسيطرة على مضيق باب المندب.
وتدعى أمريكا كذبا أن تدخلها فى اليمن ليس لشىء سوى دعم التحالف الذى تقوده السعودية ضد الحوثيين بهدف إعادة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، وكذلك مواجهة النفوذ الإيرانى فى المنطقة، ولكنها الحقيقة غير المعلنة، هى استمرار النزاعات والصراعات فى منطقة الشرق الأوسط واستغلال تلك الصراعات ذريعة للسيطرة على عدد من الدول العربية منها اليمن كما حدث فى العراق وسوريا وليبيا والسودان.
وخطة الاستحواذ تكمن فى خلق صراع وتناقضات داخلية بين عدد من الأطراف فى اليمن ( الحوثيين والحكومة اليمنية )، وبسبب هاجس الخوف من التمدد الإيرانى فى المنطقة، انجرت السعودية والإمارات فى هذا الصراع، تحت مسمى دول التحالف، ومع تداخل المصالح الإقليمية والدولية، ازداد الوضع تعقيدًا، يتعاظم فيه دور القوى الخارجية التى تستغل الوضع المهترئ لتحقيق أهدافها الجيوسياسية.
الأمر ليس بالبساطة التى تروج له بعض النظريات، فقد زاد الصراع داخل اليمن بسبب عوامل داخلية، مثل الانقسامات القبلية والدينية والسياسية، إضافة إلى المصالح الخارجية التى تؤثر على مجرى الصراع ولنا حديث مفصل لتوضيح من هى القوى الإقليمية والدولية التى تزيد من تلك الصراع ودورها فى هذا الصراع.
مما لا شك فيه بل ومن المؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ذلك الشيطان الأعظم وإسرائيل تتعمدان تدمير اليمن، ويرتبط ذلك بمخطط تآمرى، الهدف منه تحقيق أهداف جيوسياسية على حساب استقرار اليمن.
فى الواقع، الوضع فى اليمن خطير، خاصة بعد سقوط نظام الرئيس على عبدالله صالح فقد خلقت أمريكا صراعا داخليا معقدا وتداخل مصالح قويا إقليمية ودولية، كان النتيجة سقوط اليمن فى دوامة صراعات قد لا تنتهى، ليتحول اليمن السعيد إلى يمن تعيس يئن ومشتت ينتظر النجاة من الله.
وحتى تتضح الصورة، الولايات المتحدة تقول إن لديها مصالح فى اليمن والتى تتعلق بمحاربة الإرهاب ومكافحة النفوذ الإيرانى فى المنطقة، وهذا ادعاء كاذب، وشماعة تعلق عليها أمريكا ذلك الشيطان الأعظم خطاياها، فالهدف الاسمى الشيطان الأعظم السيطرة على معظم الدول التى دمرتها، وحتى يتضح المشهد لا تنسوا ماذا فعل الشيطان الأعظم بأفغانستان والعراق وسوريا والسودان وليبيا، والادعاء بأنها تقدم الدعم للتحالف الذى تقوده السعودية كلام لا أساس له، والحقيقة أن أمريكا تحقق لاسرائيل كل ما تتمناه حتى تعيش فى المنطقة بأمان واستقرار حتى وإن كان الثمن تقديم رقاب كل أبناء العرب قربانا للصهاينة.
وحتى يكتمل المشهد وتراه كاملا، فلا تنخدع، فهناك تقف بعيدا، خلف كواليس الدمار ذلك الكيان الدموى إسرائيل، المتورطة بشكل غير مباشر، فى تدمير اليمن، بدعوى أن الصراع فى اليمن، أحد أطرافه الحوثيون المدعوم من إيران، الذى يمثل خطرا كما تدعى اسرائيل.
فالمتابع لما يحدث فى المنطقة عليه أن يتأكد يقيناً، بما لا يدع مجالا للشك أن إيران لاعب أساسى فى الصراع المصنوع لصالح إسرائيل، أرى الحيرة ارتسمت على وجوه البعض، وحتى ترى المشهد بوضوح، اقترب من المشهد أكثر حتى ترى الحقيقة، فبداية اشتعال المنطقة، عندما أعلنت إيران دعمها لحماس وكانت الحرب على غزة، ولكن حماس كانت أكثر ذكاء، بعدم استمرارها فى فخ التقرب من إيران، وخاصة بعد مؤامرة اغتيال قائد المقاومة حماس إسماعيل هنية، فى العاصمة طهران، واستطاعت حماس أن تسقط إسرائيل فى فخ المقاومة المميت وتعرض الكيان الصهيونى لفضيخة كبرى، على يد المقاومة فى غزة، وهنا خرج مئات الآلاف من الاسرائيليين فى شوارع تل أبيب وثاروا على نتنياهو، لتتغير بالايجاب صورة فلسطين فى أعين شعوب العالم، الذين خرجوا فى كل بلاد العالم حبا ودعماً للقضية الفلسطينية، وهنا استعانوا بإيران لتجميل صورة اسرائيل التى أصبحت فى الوحل، وإنقاذ حكومة نتنياهو من فخ غزة، على الفور ضحت إيران بحزب الله وقائدها حسن نصرالله لإنقاذ نتنياهو، ومن قبله هنية كما ضحت بجنوب لبنان ليستعيد نتنياهو قواه من جديد على حساب لبنان وتدمير المقاومة، ثم بعد ذلك تظهر العربدة الأمريكية البريطانية وتدمر اليمن بحجة القضاء على إرهاب الحوثيين الذى زرعته إيران فى اليمن.
الخلاصة كل هذا الصراع بدايته إيران التى كانت سببا فى الصراع واستغلته أمريكا وإسرائيل فى تدمير كل من غزة ولبنان والآن التدمير يحدث فى اليمن.
قولا واحدًا.. إيران ليست بعيدة عما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط، ويرى الكثير من المحللين أن ايران نبت شيطانى زرعته أمريكا وإسرائيل فى المنطقة لتدميرها بالصراعات المصطنعة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رادار إيران كلمة السر المؤكد الشرق الأوسط فى المنطقة فى الیمن
إقرأ أيضاً:
أمريكا.. إمبراطورية الأزمات
عمليا لم تعد أمريكا تلك الإمبراطورية التي نعرفها وترسخت في ذاكرتنا بقدراتها الخارقة، باعتبارها عاصمة العالم الحر، ودوحة الحريات، وبلد الحلم الأمريكي، حيث الليبرالية والديمقراطية والثروة والمجد والشهرة وقبلة كل الحالمين في العالم، في المقابل لم يعد الكيان “الإسرائيلي” الحليف الاستراتيجي الوحيد لأمريكا على خارطة العالم، هو الكيان الديمقراطي، المتقدم والمتحضر الوحيد في المنطقة المطوق ” بغابة من الحاقدين والديكتاتوريين المتخلفين” ، هذا الكيان الذي حاول ويحاول أن يزرع في النفوس أساطيره ويسوقها كحقائق وثوابت لا تقبل الابتسار أو الانتقاص.
حقائق لم تفضحها أحداث 7 أكتوبر 2023م من خلال معركة ” طوفان الأقصى” بل لها خلفيات ومقدمات سابقة، تبدأ حين بدأت أمريكا والكيان يعتمدان على القوة لفرض خياراتهما على دول وأنظمة المنطقة والعالم، وحين توسعت أمريكا بزراعة قواعدها العسكرية بالمنطقة.
أتذكر أنني كتبت سلسلة مقالات مطولة” في مجلة الموقف التي كان يصدرها المركز اليمني للدراسات والبحوث برئاسة الأستاذ أحمد الشرعبي -حفظه الله -بعد الغزو الأمريكي للعراق أشرت فيها إلي كل ما نعيشه ويعيشه العالم على يد أمريكا، التي تخلت بالمطلق عن قيم الليبرالية، وعن القيم والمفاهيم، التي رفعتها وظللت بها شعوب العالم ردحا من الزمن، وأشرت حينها أن أمريكا تتجه للتخلي عن الليبرالية وتبني القيم الإمبريالية والتحول إلي إمبراطورية استعمارية، و أن ما حدث للاتحاد السوفييتي من انهيار وتفكك المعسكر الاشتراكي، لم يكن هزيمة للمعسكر الاشتراكي، بل وهزيمة أيضا للمعسكر الليبرالي.
وأن مرحلة -الثنائية القطبية -انتهت، وأن الهزيمة الكبرى طالت الليبرالية فكرا وأنظمة وليس النظام الاشتراكي وحده، الذي هزم كنظام اثخنته البيروقراطية المترهلة.. ولم يجانبني الصواب في توصيفي المبكر للحالة الأمريكية، بدليل أن الفكر الاشتراكي نهض بالصين، فيما الليبرالية تحولت بغياب التجديد إلى حالة من إمبريالية استعمارية تستخدم القوة والقمع بدلا عن الفكر والحرية في تحقيق أهدافها.
تزامنا مع انهيار الاتحاد السوفييتي برزت في أوروبا وتحديدا من ” ألمانيا” مجموعة فكرية نخبوية راحت تناقش أزمة الليبرالية فكريا والحاجة إلى تطويرها مع ما يتناسب مع التحولات الحضارية داخل أمريكا والغرب والعالم، فكانت فكرة النيو ليبرالية أو الليبرالية الجديدة محاولة استباقية من قبل النخب الفكرية الغربية، فكرة النيو ليبرالية قدمها كوكبة من مفكرين ألمان المثير إنهم ينحدرون فكريا من المدرسة الماركسية، لكنهم تحولوا بدرجة مريعة من الثقافة الشمولية والفكر الماركسي، إلى الليبرالية الجديدة متجاوزين الفكر الليبرالي التقليدي إلى آخر ليس أكثر تطورا كما أرادوا، بل أكثر تطرفا تجاه العالم، انتقلت الفكرة الي” لندن” ومنها إلى واشنطن التي تلقت نخبها أسس الفكرة، فطورتها وقدمتها تحت مسمى المحافظين الجدد وكان من رموزها طاقم الرئيس جورج بوش -الأبن -أبرزهم “وول ولفوز، وديك تشيني، ورامسفيلد وآخرين من أعضاء إدارة بوش -الأبن الذين اعتبروا سقوط الاتحاد السوفييتي هزيمة للفكر الاشتراكي، وانتصارا للفكر الليبرالي، الأمر الذي آثار ضجة في أوساط المفكرين الليبرالين في أمريكا وفي أوروبا، الذين اعترضوا، بل وأدانوا النخب النيو ليبرالية كما اتبعوا لاحقا سياسة وأفكار المحافظين الجدد.
اعتمد المحافظون الجدد على نظرية القوة هيمنة -السوبر باور – القائمة على تحالف مقدس بين الصهيونية -المسيحية المبنية على إبقاء التفوق الصهيوني واعتبار الكيان اهم ركيزة استراتيجية لهيمنة أمريكا وعدم تراجعها أمام الصين أو أي قوة محورية صاعدة قد توجد.
اعتمدت هذه الاستراتيجية على جعل الكيان الإسرائيلي في حالة تفوق عسكري، وتقني، وعلمي، ومعرفي، واقتصادي، وأن يحافظ على قدرات تفوق قدرات كل دول المنطقة مجتمعة.
غير أن ثمة تداعيات وأحداثاً شهدتها المنطقة والعالم حالت دون تحقيق هذه الاستراتيجية، رغم تحول أمريكا من دولة ليبرالية إلى أخرى إمبريالية ورغم أن أحداث سبتمبر 2001م في نيويورك مثلت بداية هذا التحول الأمريكي..
ومن غزو أفغانستان، إلى غزو العراق، وقبلهما غزو يوغسلافيا وتقسيمها، وتدعيم حرب الشيشان، و”الثورات الملونة” في دول آسيا الوسطى وخاصة في الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفيتي، في محاولة أمريكية لإعادة رسم خرائط العالم دفاعا عن مصالحها وديمومة هيمنتها من خلال القوة وإبقاء الكيان الإسرائيلي في حالة تفوق شامل باعتباره القاعدة العسكرية المتقدمة لأمريكا والغرب في الوطن العربي، فارضة حد التحريم على أي قوة المس بهذا الكيان أو زعزعة امنه واستقراره بأي شكل من الأشكال سواء من قبل دول في المنطقة أو من قبل أبناء الشعب الفلسطيني المحتل والمحرم عليه مقاومة الاحتلال، بذريعة الحوار، فيما الحوار لم يجدي مع مخلوقات قتلوا الأنبياء والرسل وعلى ذبح بقرة قعدوا يحاورون الله سبحانه وتعالى 40 عاما”.
فكيف الحال إن تعلق الحوار بفلسطين ومقدساتها؟
المشهد أيضا لا يخرج عن سياق الصراع الجيوسياسي الدائر بين أمريكا والغرب من ناحية، وروسيا الاتحادية والصين، من ناحية أخرى، ومعهما مجموعة من دول الجنوب المنظوية في إطار دول البريكس المطالبة بعالم متعدد الأقطاب، وهو ما لم ترغب به واشنطن ولندن تحديدا.
أحداث وتداعيات شهدتها المنطقة والعالم منذ انهارت أبراج منهاتن كشفت عن إخفاق أمريكا في تحقيق أهدافها الاستراتيجية رغم تحولها إلى دولة إمبريالية استعمارية تعتمد على القوة في فرض خياراتها على العالم.
إن أمريكا التي تتلذذ بإبادة الشعب العربي في غزة وفلسطين، ومن دمرت سوريا، ولبنان، واليمن، وليبيا، والسودان، وتخلت عن واجبها كقوي عظمى معنية بحماية الأمن والسلم الدوليين قانونيا واعتباريا سقطت أخلاقيا وحضاريا كإدارة على مستوى الداخل الأمريكي من خلال الإجراءات التعسفية التي تتخذها بحق المهاجرين وبحق حريات الرأي والتعبير، لدرجة انها أصبحت تهدد ملايين الطلاب بالطرد، فقط لأنهم عبروا عن تضامنهم مع أطفال ونساء غزة، وهو مالم يحدث في كل تاريخها الممتد لثلاثمائة عام، سلوك يعبر عن أزمة وجودية تعيشها هذه الإمبراطورية، التي تعاني حالة رعب وقلق من النفوذ الصيني المتنامي على خارطة العالم، ومن قدرات روسيا الاتحادية، فسعت بكل قوتها العسكرية لاستباق نفوذهما بضرب النطاقات الجيوسياسية التي يمكن أن تكون جزءا من نفوذهما.
في ذات الوقت الذي تحاول فيه فرض هيمنتها المطلقة على الوطن العربي الذي به والسيطرة عليه تستمد أمريكا نفوذها وسيطرتها على الخارطة الكونية..
بيد أن التصدع الذي أصاب المجتمع الصهيوني يمثل بدوره حصيلة طبيعية لما يحدث في المجتمع الأمريكي الراعي الرسمي لهذا الكيان.
رد الفعل الصهيوني على معركة طوفان الأقصى والمبالغ فيه لدرجة الهوس، لا يعكس حالة قوة صهيونية بل يعبر عن ضعف وارتباك، وخوف لدرجة الرعب، لأن ما حدث كان زلزالاً كارثياً وليس مجرد فعل مقاوم مشروع، في كل القوانين والتشريعات الأرضية والسماوية.. لكنه صهيونيا وأمريكيا وغربيا حدث مزلزل وغير مسبوق، وإهانة لكل أساطير الكيان ولأمريكا، التي خرجت من أفغانستان بصورة مذلة ومهينة فحاول ترامب استعادة مجدها من خلال حرب الإبادة في غزة ولبنان والهجوم على إيران، فيما اتخذ من التعرفة الجمركية سلاحا في مواجهة الصين.