باتت المرأة في السودان اليوم تخوض حربا شرسة ضد الاغتصاب الذي أصبح وصمة عار تلاحق المرأة مثل ظلها. ومع الوضع المأساوى الذى يسود السودان اليوم سلطت الأضواء على قوات الدعم السريع التى لجأت إلى استخدام جرائم الاغتصاب كوسيلة للهيمنة على الأمور فى السودان وكسلاح باتر للترهيب. ولقد أكد مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان بأنه تلقى تقارير موثوقة تشير إلى أن قوات الدعم السريع التى يقودها الفريق "محمد حمدان دقلو" قد ارتكبت انتهاكات خطيرة تشمل القتل على الهوية والعنف الجنسي، وهى أفعال ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي توجه فيها أصابع الاتهام لقوات الدعم السريع بالضلوع في ارتكاب جرائم الاغتصاب، فلقد سبق أن اتهمت بها خلال مشاركتها فى الحرب فى إقليم دارفور فى عهد الرئيس المعزول " عمر البشير"، كما لاحقت الاتهامات عناصر من هذه القوة مع قوات نظامية أخرى بالقيام باغتصاب فتيات خلال فض اعتصام المحتجين أمام قيادة الجيش فى شهر يونيو من عام 2019. وخلال الحرب المستمرة حاليا بين قوات الدعم السريع والجيش السودانى فى مدن العاصمة برز اسم قوات الدعم السريع مرة أخرى مقرونا بارتكاب عمليات اغتصاب واعتداء جنسي.
ولقد أكدت منظمات حقوقية دولية وإقليمية ومحلية ضلوع عناصر من قوات الدعم السريع فى عمليات اغتصاب وعنف جنسي فى مناطق سيطرتها. وفى هذا الصدد أكد مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن أكثر من 150 امرأة وفتاة تعرضن للعنف الجنسى والاغتصاب، وأن الجناة فى جميع الحالات كانوا من قوات الدعم السريع. وقالت الأمم المتحدة: "إن الاغتصاب يستخدم كأسلوب لإرهاب الناس خلال الحرب". وفي مطلع شهر يوليو الماضى أكدت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل أن عدد النساء اللاتى تعرضن للاغتصاب وصل إلى نحو تسعين معظمهن فى العاصمة الخرطوم والجنينة، وأن معظم إفادات الضحايا والبلاغات الجنائية كانت ضد قوات الدعم السريع.
وهكذا بادرت قوات الدعم السريع فاستخدمت عمليات الاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح فى الحرب من أجل الترويع والترهيب وكسر روح المقاومة. الجدير بالذكر أن هذه القوات كانت قد استخدمت سلاح الاغتصاب قبل ذلك فى إقليم دارفور، وعادت اليوم لتستخدم هذا السلاح من جديد فى الخرطوم العاصمة. وبذلك بات سلاح الاغتصاب والعنف الجنسى عملا ممنهجا ومقصودًا.
بيد أن قوات الدعم السريع تنكر هذه الحقائق، وتنكر معها الاتهامات المصوبة إليها وتعتبر أن كل ما تتهم به هو محض ادعاءات كاذبة، واتهامات ملفقة تلصق بعناصرها من أجل تشويه سمعتها والإساءة إليها. وفي معرض الرد على ما يوجه لها من اتهامات تمضى فى الدفاع عن قواتها قائلة: "إن قوات الدعم السريع تلتزم بأقصى المعايير الأخلاقية فى القتال، وإن هناك حملات ممنهجة لتشويه صورة هذه القوات بعد الانتصارات العسكرية التى تحققت لها على أرض الواقع، وإن هذه المزاعم مفبركة وغير صحيحة وليست إلا محض ادعاءات لتشويه سمعة قوات الدعم السريع".
ولكن يظل ما يحدث على أرض الواقع فى السودان اليوم يقول: لطالما كانت النساء ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة، وتظل أكبر مخاوفهن اليوم أن يفلت المتورطون في الانتهاكات وجرائم الاغتصاب والعنف الجنسى من العقاب كما جرت العادة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الإفريقي يدعو إلى عدم الاعتراف بحكومة حميدتي الموازية
دعا الاتحاد الإفريقي إلى "عدم الاعتراف" بالحكومة الموازية، التي شكلتها قوات الدعم السريع في السودان برئاسة محمد حمدان دقلو "حميدتي".
ودعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي "جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى رفض تقسيم السودان وإلى عدم الاعتراف بما يُسمى (الحكومة الموازية) التي تم تشكيلها، لما لذلك من عواقب وخيمة على جهود السلام ومستقبل السودان"، بحسب بيان صدر مساء الثلاثاء.
والسبت الماضي، أعلن ائتلاف سوداني بقيادة قوات الدعم السريع أسماء أعضاء حكومة موازية في خطوة يرفضها الجيش، الخصم الرئيسي للقوات شبه العسكرية في الحرب المستمرة منذ 27 شهرا، ما يهدد بدفع البلاد نحو مزيد من التقسيم.
وسيرأس قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف أيضا باسم حميدتي، المجلس الرئاسي في الحكومة الموازية، فيما سيكون عبد العزيز الحلو، قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان–شمال، نائبا له في المجلس المكون من 15 عضوا.
وخلال مؤتمر صحفي في نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور الذي تسيطر الدعم السريع على معظمه، جرى الإعلان عن تعيين محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء، إلى جانب الإعلان عن حكام للأقاليم.
وتمكن الجيش السوداني من طرد القوات شبه العسكرية من وسط البلاد، في حين تحتدم الاشتباكات في إقليم كردفان بوسط غرب السودان وفي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وفي شباط/ فبراير الماضي اتفقت قوات الدعم السريع مع قادة جماعات متحالفة معها على تشكيل حكومة من أجل "سودان جديد" علماني، في مسعى لتحدي شرعية الحكومة التي يقودها الجيش وتأمين واردات الأسلحة المُتطورة، وتضم الحكومة التي أُعلن عنها حكاما لمناطق يسيطر عليها الجيش.
وندد الجيش بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بفكرة تشكيل قوات الدعم السريع حكومة مُوازية، وتعهد بمواصلة القتال لحين السيطرة على كامل السودان.
وسبق أن تقاسم دقلو السلطة مع البرهان بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019، إلا أن انقلابا عسكريا نفذه الطرفان عام 2021 أطاح بسياسيين مدنيين، ما أشعل فتيل حرب حول دمج القوتين خلال فترة انتقالية كانت تهدف لإرساء الديمقراطية.
وعين الجيش قبل أسابيع رئيسا للوزراء وأعضاء دائمين في مجلس الوزراء لأول مرة منذ عام 2021، وأدى الصراع إلى تدمير السودان وخلف أزمة إنسانية غير مسبوقة في البلاد، حيث تقول الأمم المتحدة إن نصف السكان يواجهون جوعا ومجاعة.