مجابهة الفساد وترسيخ النزاهة
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
حاتم الطائي
◄ "جهاز الرقابة" يقود جهود مكافحة الفساد وترسيخ قيم النزاهة
◄ الفساد آفة خبيثة.. والقضاء عليه يتطلب تضافر جميع الجهود
◄ عُمان تتقدم في مؤشرات مكافحة الفساد بفضل الجهود الوطنية
جُهدٌ هائلٌ يبذله جهاز الرقابة المالية والإدارية، في مُكافحة الفساد والقضاء على المُمارسات غير العادلة ومُجابهة الاختلالات التي تعترض مسيرة العمل الإدارية في بلادنا الحبيبة، ولقد استنَّ الجهاز قبل سنوات سنة حسنة، بإصدار "ملخص المجتمع" الذي يرصد فيه الأداء السنوي للجهاز وجهوده في تطبيق القانون على المؤسسات والجهات الخاضعة لسلطته الرقابية، في خطوة تؤكد الحرص على ترسيخ قيم النزاهة والمساءلة وتطبيق أفضل ممارسات الحوكمة، علاوة على أهمية الحفاظ على المال العام.
وهذا المُلخص الذي يولي الجهاز حرصًا كبيرًا على إصداره وتوزيعه على شتى وسائل الإعلام، ونشره عبر منصاته الرقمية في الفضاء الإلكتروني، ليؤكد أنّ جهود الرقابة على المال العام في عُمان تترسخ بقوة يومًا تلو الآخر، وتؤكد أنَّ هناك رجالًا أمناء على هذا الوطن ومقدراته، من أجل الحفاظ على ما تحقق من منجزات. وهنا يمكننا أن نستقرئ ميزة كبيرة تؤكد دور الإعلام في تسليط الضوء على جهود مؤسسات الدولة، وأنَّ وسائل الإعلام شريك أصيل في محاربة الفساد والكشف عن المخالفات المالية والإدارية في أي مؤسسة عامة إن وُجِدت.
والحقيقة أنَّ رؤية "عُمان 2040" قد وضعت ضمن أولياتها النزاهة والمساءلة وكذلك تفعيل دور الإعلام في التنمية، وأداء دوره الرقابي في المجتمع، تمامًا كما يحدث في المجتمعات المتقدمة، والتي تنشد الرؤية المستقبلية أن تكون سلطنة عُمان من بينها في العديد من المؤشرات. والنزاهة والإعلام مرتبطان ببعضهما البعض؛ حيث تسهم وسائل الإعلام- بمختلف أنواعها- في ترسيخ قيم النزاهة، عبر توعية المجتمع بأفضل الممارسات الدولية في هذا الجانب، وفضح المخالفين والكشف عن أولئك الذين يتربصون بالوطن ويسعون لتحقيق مآرب خاصة على حساب موارد الدولة.
والفساد آفة خبيثة لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات، ويجب أن نشعر بالفخر دائمًا أن هناك جهات رقابية تتولى أمانة الكشف عن المخالفين والفاسدين، ومعاقبتهم من خلال الجهات المختصة الأخرى، على ما ارتكبوه من مخالفات وجرائم أضرت بالوطن. وكما أن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة هو المؤسسة الرسمية المعنية بمكافحة الفساد، فإنَّ كل مواطن؛ بل كل من يعيش على تراب هذا الوطن وينعم بخيره، يجب أن يكون شريكًا في مواجهة أي أعمال غير قانونية، أو تسعى للاستفادة من خيرات الوطن دون وجه حق.
والفساد أنواع، منها الإداري والمالي، لكن الأخطر على الإطلاق هو فساد الذمم والنفوس، وهذا النوع شديد التأثير على المجتمع، ويضر بتماسكه وينهش في نخاعه العظمي، لأنه يُصوِّر للبعض أن الفساد والتكسُّب غير القانوني ليسا سوى ذكاء ومهارة خاصة، وأنَّ الأموال التي يجنيها الفاسدون ما هي إلّا أرباح من أعمالهم التي اجتهدوا فيها، ويدافعون عن فسادهم بالزعم أنَّ الاستفادة من المنصب أمر شائع في كل دول العالم. وهنا مكمن الخطر؛ حيث لا يتوارى أمثال هؤلاء عن تصوير الفساد بصورة غير حقيقية، ليبرروا فعلتهم المُنكرة، ويُحلُّون لأنفسهم ما يُعاقب عليه القانون، وقبل كل ذلك يُخالف الأوامر الربانية في كل زمان ومكان.
إنَّ أي جهود تصب في صالح اجتثاث بذرة الفساد في أي بيئة عمل، هي محل تقدير وإشادة، لأنَّ العمل المُضني الذي يؤديه موظفو ومنتسبو جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، يتطلب الكثير من الجهد والتعب؛ سواء فيما يتعلق بعمليات مراجعة العقود والمناقصات، أو إعادة حساب التكاليف والنفقات. ولا ريب أنَّ مثل هذه الأعمال تتطلب من موظفي الجهاز مهارات خاصة في تنفيذ أعمال الرقابة والتدقيق على الحسابات، واضعين نصب أعينهم مصلحة الوطن والمواطن.
والحقيقة أنَّ الجهاز يضع في مقدمة أولوياته الحفاظ على المال العام وصون مُقدّرات الوطن، دون افتراض شبه جنائية في أي موظف عام في الدولة، لكن في حالة تيقُّن الرقيب المالي والإداري من تعمد ارتكاب أي جريمة مرتبطة بالمال العام، هنا تبدأ الإجراءات. وهذه النقطة أشير إليها بوضوح، لأنَّ بعض الموظفين في عدد من مؤسسات الدولة، لا سيما تلك المعنية بقطاعات الاستثمار وغيرها، قد يلجأ إلى تكريس إجراءات بيروقراطية صعبة للغاية، خشية أن يتعرض لتدقيق مالي وإداري؛ ليتسبب بذلك في تعطيل العمل وتعميق ممارسات بيروقراطية تهدد الكثير من المشروعات. وهنا نقول لكل موظف إن الالتزام بالقانون أولى، وتطبيق القواعد المعمول بها في مختلف الإجراءات هو الحَكَم والفيصل.
لقد شهدت السنوات الماضية إجراءات حكومية حكيمة سعت إلى تقليص النفقات غير الضرورية من أجل توجيهها إلى المُستحقين من الفئات الأكثر احتياجًا، من خلال ما يتم تقديمه من دعم في الكثير من الأمور، ولذلك على الجميع أن يسعى لدعم الحكومة في توجهها المبارك لحماية المال العام، وأن يكون كل فرد في المجتمع حريصًا على المال العام كحرصه على أمواله الشخصية، وأن نواجه أي مخالفات بكل حزم وصرامة، وألا نتهاون مع كل من تسول له نفسه الاعتداء على حرمة المال العام، أو استغلال المنصب لتحقيق أرباح شخصية، أو غير ذلك من أوجه الفساد التي يعلمها القاصي والداني.
وبناءً على كل هذه الجهود، تتقدم عُمان سنة تلو الأخرى في مؤشرات مكافحة الفساد الدولية، وهو هدف استراتيجي تسعى إليه رؤية "عُمان 2040"؛ الأمر الذي يحقق العديد من المنافع الوطنية في قطاعات عدة، وخاصة جهود جذب الاستثمارات الأجنبية، وتحويل السلطنة إلى مركز إقليمي للعديد من الخدمات، اعتمادًا على ما تزخر به من مقومات واعدة.
ويبقى القول.. إنَّ الجهود المُباركة التي يُنفذها جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بقيادة رجال الوطن المخلصين، المشهود لهم بالكفاءة والحِنكة والتمكُّن من أعمالهم، لهي محل إشادة وتقدير من مختلف فئات المجتمع، ولتمضِ سفينة الوطن رافعة أشرعة العطاء والمجد، مُبحرة نحو مرافئ الاستقرار والرخاء، لتظل عُمان شامخة بين الأمم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: جهاز الرقابة المالیة والإداریة على المال العام على الم
إقرأ أيضاً:
تحت رعاية الشيخة فاطمة.. «دور القضاء في استقرار المجتمع» يؤكد أهمية ترسيخ التماسك الأسري
أبوظبي (وام)
تحت رعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، نظمت وزارة العدل، بالتعاون مع الاتحاد النسائي العام، وبالشراكة مع دائرة القضاء في أبوظبي، أعمال مؤتمر «دور القضاء في استقرار المجتمع» في مقر الاتحاد النسائي العام على مدار يومين، من 28 إلى 29 مايو المنصرم.
حضر المؤتمر معالي عبدالله سلطان بن عواد النعيمي، وزير العدل، ومبارك علي عبدالله النيادي، وكيل وزارة العدل، ونخبة من المستشارين والمتخصصين، إلى جانب عدد من قيادات ومسؤولي المؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية والدولية المعنية بشؤون المجتمع والأسرة، من داخل الدولة، ومن العديد من الدول الأوروبية والعربية.
وأكد المؤتمر أهمية القضاء في ترسيخ الاستقرار الأسري والتماسك المجتمعي، باعتباره ركيزة محورية لحماية الحقوق، وتحقيق العدالة، وتعزيز التلاحم الوطني والاجتماعي.
ويأتي المؤتمر بالتزامن مع إعلان عام 2025 «عام المجتمع» في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي إطار الجهود الوطنية لترسيخ دور القضاء كأداة للتنمية والاستقرار، ولتعزيز نهج الإمارات الإنساني والقانوني في تحقيق العدالة المجتمعية المستدامة.
حماية النسيج الاجتماعي
وقال وزير العدل، في كلمة الافتتاح، إن هذا المؤتمر المهم يحظى برعاية كريمة من سمو «أم الإمارات» التي لا يسعنا إلا أن نقف تقديراً وإجلالاً للجهود المخلصة التي تبذلها سموها ومبادراتها الممتدة محلياً وإقليمياً للنهوض بالأمومة والطفولة والمرأة، وتمكين الأسر، وصون الكرامة الإنسانية لمستقبل أكثر إشراقاً ورخاءً.
وأضاف أن الإمارات أدركت منذ تأسيسها أن التماسك الأسري والتلاحم الوطني والمجتمعي يشكلان حجر الأساس في استقرار الدولة وازدهارها، ومن هذا المنطلق حرصت القيادة الرشيدة على بناء منظومة متكاملة تُلبي احتياجات المجتمع بسرعة وكفاءة، وتحفظ كرامة الإنسان وحقوقه، من خلال قوانين وتشريعات وسياسات استباقيه تتسم بالعدالة، والمرونة، والابتكار، كما أن التشريعات المنظمة والإجراءات القضائية الرصينة تسهم بشكل فعّال في حماية النسيج الاجتماعي، وتعزيز استقراره، وهو ما يتجلى بوضوح في الجهود التي تبذلها المؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية المعنية بحماية الكيان الأسري، وترسيخ قيمنا الأصيلة، بما يضمن تنشئة أجيالٍ متكاتفة ومتسامحة وسط التحديات التي يفرضها الانفتاح الرقمي والثقافي.
دعم لامحدود
وأكدت نورة خليفة السويدي، الأمينة العامة للاتحاد النسائي العام، الدور المحوري للقيادة الرشيدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والدعم اللامحدود لسمو «أم الإمارات» لكل ما يعزز ركائز استقرار المجتمع الإماراتي، ويصون قيمه ومبادئه الأصيلة، وفي هذا السياق، يأتي دعمها لهذا المؤتمر المهم الذي نحرص من خلاله، بالتعاون مع شركائنا الاستراتيجيين، على تسليط الضوء على دور القضاء الإماراتي في تعزيز العدالة والأمن المجتمعي.
وأشادت بالشراكة بين وزارة العدل ودائرة القضاء والاتحاد النسائي العام في تنظيم الحدث، معربة عن أملها في أن يخرج المؤتمر بتوصيات تدعم استدامة الأمن المجتمعي والعدالة الاجتماعية.
4 جلسات رئيسة
وصرح الدكتور محمد محمود الكمالي، مدير عام معهد التدريب القضائي، بأن معهد التدريب القضائي يحرص على مواصلة نشر الثقافة القانونية وتعزيزها من خلال تنظيم المحاضرات والندوات والورش التخصصية على مدار العام، لأهميتها في تعزيز التوازن الأسري، والوقاية من التفكك والتشتت بين أفراد الأسرة، وتمكين أفراد المجتمع من معرفة حقوقهم وواجباتهم.
وأضاف أن المؤتمر شارك فيه ممثلون من جميع الجهات الاتحادية والمحلية المعنية بشؤون القضاء والأسرة، وكذلك تمت دعوة أعضاء الشبكة الأوروبية العربية للتدريب القضائي من خارج الدولة، والذين يمثلون دولاً أوروبية وعربية عدة حضرت منها إسبانيا وهولندا وإيطاليا وفرنسا والكويت والعراق والأردن وفلسطين، وتشكل الشبكة منصة حوار دولية تفاعلية لتبادل الخبرات والاستفادة من الممارسات الفضلى في مجال دعم استقرار الأسرة، بوصفها النواة الأساسية للمجتمع، والركيزة الأولى في بناء أجيال مستقرة وواعية.
وأوضح أن المؤتمر يتضمن 4 جلسات رئيسة تركز على عدد من المحاور النوعية، من أبرزها، التشريعات المنظمة والتطبيقات القضائية التي تسهم في استقرار المجتمع، وانعكاس القضاء على استقرار الأسرة، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على الممارسات العملية والرائدة في حماية المجتمع وتعزيز استقرار الأسرة.
منظومة قانونية راسخة
تم في اليوم الأول استعراض التجارب الدولية، إيماناً من المنظمين بأن لكل مجتمع خصوصيته، ولكل نظام قضائي أدواته المتكاملة التي تراعي هويته الوطنية وقيمه.
وأشاد الكمالي بدور القضاء الإماراتي وجهوده المستمرة، بالتعاون مع مؤسسات الدولة، في إيجاد منظومة قانونية راسخة تسعى إلى حماية الأسرة وضمان استدامتها، بما يواكب التطورات الاجتماعية ويحافظ على النسيج الوطني. وأكد أهمية دور الأم إلى جانب دور الأب في تربية الأبناء وتحقيق التماسك بين أفراد الأسرة.
وأشار القاضي الدكتور أحمد محمد الشحي، الأمين العام لمجلس القضاء الاتحادي، إلى مساهمة المجلس في مراجعة وإعداد الكثير من التشريعات واللوائح المرتبطة بقانون الأحوال الشخصية، بما في ذلك إنشاء محاكم متخصصة تنظر في قضايا الأسرة، وكذلك تأسيس الكثير من اللوائح التشريعية المتعلقة بتعزيز وحماية الأسرة، مؤكداً بمناسبة عام المجتمع أهمية دور القضاء في دعم استقرار الأسرة.