في ذكري ثورة 21 أُكتوبر ضد إعادة إنتاج الفشل والفاشِلين
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
نضال عبدالوهاب
تأتي ذكري ثورة ٢١ أُكتوبر في هذا العام وبلادنا تشهد ظرفاً و وضعاً غير مسبوق طوال تاريخنا الحديث ، مُنذ إستقلالها ، فواقع الحرب وإن لم يكُن جديداً ، إلا أنه ولأول مرة تدخل الحرب في قلب الدولة ومركزها ثم تتوسع في مناطق لم تدخلها من قبل وبذلك إمتدّ أثرها علي كُل البلاد وفعلت مافعلت ولاتزال…
والذي ينظُر ويرأي إلي كُل المشهد مقروناً ذلك بكُل تاريخنا السياسِي لن يستطيع تجاوز حقيقة أننا أمام نتيجة واضحة مفادها “مسيرة” مُتصلة من “الفشل” و التراجع لبلادنا وإنعكاس أثر هذا علي كُل السُودانين كشعب ودولة…
كثيرين توصلوا لهذه النتيجة ، فتجربة الحُكم العسكري وعن طريق الجيش جُربت كثيراً ولم تكن النتيجة غير مانحن فيه الآن ، وتجربة الديمُقراطيات الهشة والشكلية وعن طريق أحزاب “ضعيفة ” ومُنقسمة علي أنفسها وغير مواكبة ولاتوجد بها ديمُقراطية حقيقية سلوكاً ونظاماً وتُنتج”كوادر” لا علاقة لها بأُسس إدارة الدولة والتعدد والتنوع فيها أيضاً “فشلت” ، أو أعطت مُبرارات لإعادة تسويق “العسكر” ، وتجربة نظام “الحزب الواحد” أيضاً فشلت ، وفشل ذريع ، ولأنها كذلك مزجت مابين “القبضة الأمنية للعسكر” ومابين “الأيدلوجيا المُتطرفة والإقصاء” ، فكانت النتيجة أيضاً مانحن فيه الآن…
ومع كُل “تضحيات” الشعب السُوداني ، وكُل مابذله وقدّمه لأجل تغيير حقيقي لبلد ، يعيش فيه الناس أحرار وبكرامة وعدالة ومُساواة ، ودفع ما دفع من أثمان ، إلا أن كُل ذلك أُجهض نتيجة “للغباء السياسِي” المُتوارث في تكرار الأخطاء والفشّل والإصرّار عليه وعدم الإنتقال لمسارات تخلق واقع أفضل ، نتخلص به من كُل تلك الأخطاء ونضع بها بلادنا في الطريق الصحيح وننجح به في التغلب علي الضُعف ، والحرب ، والفساد ، والفقر ، ونمضي به نحو عكس كُل ذلك وإستدامته وتطوره للأحسن…
بعد الثورة في ديسمبر ٢٠١٨ وبعد كُل تضحياتها وبذلها ، ظننا أننا نجحنا في وضع أنفُسنا كشعب وبلد في الطريق الصحيح لتغيير مُستدام و واقع مُختلف أفضل نستحقه كدولة وشعب ، شعب فعل كُل ما يُمكن فعله ليحصد ثمار دمائه وعرقه وعذاباته ، ولكننا ومع أول محك حقيقي بعدها ونتيجة لذات “الأمراض” المُستعصية في “الصرّاع” و”التكالُب” علي “السُلطة” ، وبأي وسيلة ، تقهقرّنا وتراجعنا لهذا الدرك الحالي…
والآن وبعد كُل ما حدث نسيّر بنفس الخُطوات ، وذات الأدوات ، ونفس “الشخوص” ، وبذات “الطريق” و “العقليات” التي تحاول “التخطّيط” و”تحتكرّه” وتظّن أنها هي وحدها التي ستغير واقع بلادنا…
هاهم “العسكر” يتحكمّون ، نفس “العسكر” ، وها هُم “الكيزان” ، و “الحزب الواحد” يُبرزون “أسنانهم” وبعضهم يُخرجون “ألسنتهم” ظناً منهم قد عادت لهم “سُلطة” تمترسوا و “كنكشوا” فيها لثلاثين سنة ، ولايزالوا يطلبونها ، بذات شعاراتهم ومساوئهم ، وتطرفهم ، وغباؤهم ، لايزالوا يعتقدون أن هذه “البلاد” ومع كُل إتساعها وتنوعها وثرواتها قد “خُلقت” لهم وحدهم ، وعليهم فقط إدارتها وقيادتها و” سرقتها” و”نهبها” ، وتوزيع “غنائمها” علي قليل من “الحمقي” و”الدجالون” و”المخبولين” و”المرضي النفسيين” من منسوبيهم وبعض من يرتبطون معهم بالمصالح ، فئة قليلة تظن نفسها أنها “المؤمنة” وأن “الدنيا” و “الجنة” هي ملكهم ، وبإيديهم ، والبقية مردة وكفرة و ملعونين وشوية “صعاليق” ولايستحقون غير “الدهس” و”السحق” والإخفاء من الوجود وفي أحسن الأحوال العيش “مقهُورين” وأذلاء حقيّرين!.
لم يتعلموا من كُل تلك الأخطاء والفشل ، ولايُريدون التعلُّم ، وفي المُقابل ، ظللنا نري ، ماتُسمي بالقوي المدنية ، وبعض “الحركات” ، في نفس الطريق ناحية “الصرّاع” علي السُلطة والتكالب عليها ، لايهم كيف السبيل إلي ذلك ، يستخدمون ذات أدوات العسكر ، فالعمالة مثلاً وإرتهان قرارنا السياسِي ، و”مرمطة” سيادة البلد ، كُلها وسائل يتم إتباعها ، مروراً بالإرتشاء وبيّع الذّمم ، ومُمارسة كُل ماهو قبيّح وسيئ من أجل تلك السُلطة وكراسيها ، ونفوذها…
ظلّلنا ومن بعد الثورة وحتي لحظة الحرب الحالية ، نري ذات “الوجوه” ، وذات “العقليّات” وذات الخطوات والأدوات ، لا إختلاف ، إصرّار غريب علي مُداورة “الفشّل” وصُنعه ، إحتكار للقيادة ، والمُشاركة في صُنع القرارات السياسِية وإقصاء مُتعمّد للآخرين ، وللأحق بالتواجد بصورة “مُقرفة” ، وفي سبيّل ذلك يتم إستخدام كافة الأساليب القذرة ، وكُل وجوه “التلون” و “النفاق” السياسِي والكذب الصرّيح والمُستتر ، وتُمارس “حروب” لاتقل بشاعة عن الحرب التي تدور الآن ، ويا ليت كُل ذلك لصالح البلاد وشعبها حقيقةً وواقعاً ونتائجاً وفعلاً ، ضحكت حقيقةً عندما رأيت “حمدوك” كمثال ، يخرج بخطاب “مُسجل” ليخاطبنا كشعب ، ويتحدث عن الثورة والثوار وهو لايعلّم عنها شئياً ، ويقول “سنظل أوفياء ونعاهدكم ووو…. ، هذا الرجل “المصنوع” والذي ساهم مع آخرين عسكر ومدنيين في “الإجهاز” علي أعظّم ثورات القرن العشرين ، حق له الجلوس في بيته في “الإمارات” أو مايختاره ويترك شعبنا وبلادنا ، “فالمصنوعين” إنتهت مُدة صلاحيتهم ، و لم يعطوا لهذه البلاد أو يجرّوا عليه غير كُل الذي حدث ولايزال يحدّث فيها ، عفواً نعم أنتم مواطنين سُودانيون ، ولكن هذه البلاد لاتريدكم في قيادتها ، وقد جربتكم وفشلتم ، و قد إنتهت مرحلتكم بخيرها وشرّها وآن أوان غيركم شخوصاً وعقليّات وسياسات.
أذكر أنه قد رأيت يوماً تسجيلاً لندوة كان يتحدث فيه الأخ “خالد سلك” وكان وقتها يُبرر للمُشاركة في إنتخابات ٢٠٢٠ ، ويتهكم علي بعض من “جماهيّر” خرجت في تظاهرة تريد التغيير لنظام البشير والكيزان ، فقال “سلك” ( إن المُظاهرة لم تتجاوز أعداد قليلة كانوا يعرفون أنفسهم في المُظاهرة فرداً فرداً ، ويعلون أصواتهم بالسّلام ومُصافحة بعضهم البعض “إزيك يا فلان” بالإسم) ، كان هذا علي فكرة قبل ثورة ديسمبر ٢٠١٨ بفترة زمانية قليلة جداً ، وأنا الآن أسأل “سلك” ، ( يا خالد في ذمتك دي ، هسا إنتوا في مؤتمراتكم ، وورشكم “الكتيرة” دي وسفرياتكم المُتكررة وإجتماعاتكم ، مُش ياكم نفس “الناس” ، والوجوه ؟؟ ) مُش ياهم ( ال ٧ أو ١٠ ) أنفار ديل ؟؟؟ البقعدوا عشان يقرروا نعمل شنو ولا ما نعمل شنو ؟؟ عشان السُلطة أقصد عشان البلد؟؟؟) ، لا أنتظر إجابتك لنفسي لأنني أعلمها ، ولكن في ذات الوقت علي ال ( ٧ أو ١٠ ) “أنفار ديل” ، الإقتناع أنفهم جُربوا وفشلوا ، وإعادة تدويرهم أيضاً قد إنتهت صلاحيتها ، علي الأقل في المرحلة القادمة ، التي تحتاج رجالاً ونساءاً حقيقين ، قيادات ، و عقليات أخري ، قادرين علي صُنع الإختلاف لبلادنا. في ذكري ثورة ٢١ أُكتوبر نحتاج للتغيير في كُل المنظومة وسياساتها وشخوصها ، و ليس الإصرّار علي الفشل وتدويره ( عسكر ، كيزان ، حمدوك ، مدنيين مُجربيّن فشلوا ) ، في ذكري ٢١ أُكتوبر نقول وبكل صدق و وضوح اللحظة الحالية هي وقت التغيير ، سواء في مرحلة وقف الحرب ومابعدها ، لبلاد تعبت حقيقةً وأهلها من الفشل المُجرّب والإصرّار عليه. الوسومنضال عبد الوهاب
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: نضال عبد الوهاب السیاس ی أ کتوبر الس لطة
إقرأ أيضاً:
عشرات الضحايا بإيران بثاني أيام الحرب وطهران تؤكد إسقاط مقاتلتين ومسيرات
شنت إسرائيل اليوم السبت سلسلة هجمات متفرقة على مجموعة من الأهداف في مناطق عدة بإيران، وسط تهديد إيراني بهجمات مدمرة على إسرائيل، وجهود دبلوماسية إقليمية ودولية مكثفة لتلافي مزيد من التصعيد.
وأدت الهجمات الإسرائيلية في إيران إلى مقتل العشرات في أحدث فصول التصعيد العسكري المتبادل بين طهران وتل أبيب، والذي دخل يومه الثاني وسط خسائر بشرية ومادية متزايدة.
ففي محافظة أذربيجان الشرقية، أكد المحافظ بهرام سرمست مقتل 31 شخصا، بينهم 30 جنديا وموظف في الهلال الأحمر، في هجمات إسرائيلية استهدفت 19 موقعا في عموم المحافظة، بينها 12 موقعا في مدينة تبريز.
وأضاف في تصريح للتلفزيون الرسمي أن "الكيان الصهيوني نفّذ اليوم (السبت) هجمات على 19 نقطة مختلفة في عموم المحافظة"، أدت إلى مقتل 30 جنديا، إضافة إلى أحد موظفي الهلال الأحمر، وإصابة 55 شخصا بجروح".
ولاحقا، أعلن الهلال الأحمر الإيراني، السبت، مقتل اثنين من الكوادر الطبية باستهداف إسرائيلي لسيارة إسعاف بمحافظة أذربيجان الغربية الإيرانية (شمال غرب).
وفي وقت سابق، أكدت إيران مقتل 60 مدنيا في استهداف مجمع سكني في طهران، بالإضافة إلى اثنين من قادة هيئة الأركان.
إعلان
حقل بارس
وفي تطور آخر، أكدت وسائل إعلام إيرانية -اليوم السبت- أن حريقا اندلع في حقل بارس الجنوبي للغاز بمحافظة بوشهر (جنوب البلاد) إثر ضربة إسرائيلية للبنية التحتية للطاقة، قبل أن تعلن السلطات الإيرانية لاحقا عن إخماد الحريق.
وأفادت وكالة تسنيم للأنباء بتعليق إنتاج الغاز في جزء من حقل بارس الجنوبي الإيراني، وهو أكبر حقل للغاز في العالم، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي.
ويمثل قصف الحقل تصعيدا كبيرا في الصراع الذي دفع بالفعل أسعار النفط للارتفاع 9% أمس الجمعة، رغم عدم مهاجمة إسرائيل لقطاع النفط والغاز الإيراني في اليوم الأول لحملتها.
ويقع حقل بارس الجنوبي للغاز على الخليج العربي قرب الحدود البحرية مع قطر. وأدى الهجوم إلى اندلاع حريق واسع في المرحلة الرابعة من مصفاة بارس، بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو نُشرت على منصات محلية.
وبحسب مقاطع متداولة، فإن ألسنة اللهب تصاعدت من محيط المصفاة، بعد قصفها بطائرة مسيرة، وسط استنفار واسع لأجهزة الطوارئ.
ولاحقا أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بتفعيل الدفاعات الجوية في محيط بندر عباس، أهم موانئ البلاد الواقع في جنوبها، مع مواصلة إسرائيل ضرباتها على الجمهورية الإسلامية لليوم الثاني.
وقال التلفزيون إنه "تم تفعيل الدفاع الجوي في بندر عباس للتصدي لمسيّرات صغيرة"، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
إسقاط مقاتلتين ومسيرات
وأفادت القناة باعتراض "10 مسيّرات إسرائيلية معادية في مناطق مختلفة" من البلاد.
وقبل ذلك، كانت السلطات الإيرانية أكدت إسقاط 3 طائرات مسيّرة إسرائيلية في سماء محافظة قم وسط البلاد.
كما أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن قوات خاصة في الجيش الإيراني ألقت القبض على طيار إسرائيلي بعد إسقاط طائرته، في حين أكد الجيش الإيراني في وقت سابق، أنه استهدف مقاتلة "إف-35" إسرائيلية غربي البلاد، وأن الطيار قفز بمظلته، بينما تستمر الهجمات الإسرائيلية على مناطق مختلفة في إيران.
إعلانوكان الجيش الإيراني أعلن -أمس الجمعة- أن "قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش أصابت ودمرت بنجاح طائرتين مقاتلتين إسرائيليتين من طراز إف-35 وعددا كبيرا من الطائرات المسيّرة".
وبدأت إسرائيل فجر الجمعة، بدعم ضمني من الولايات المتحدة، هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، سمته "الأسد الصاعد"، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الهجوم استباقي وجاء بتوجيهات من المستوى السياسي، في حين أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن العملية غير المسبوقة تهدف إلى ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية، ومصانع الصواريخ الباليستية، والعديد من القدرات العسكرية الأخرى.
وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، بلغ عدد موجاتها حتى الآن 6، مما أدى -بحسب وسائل إعلام عبرية- إلى مقتل 3 إسرائيليين وإصابة 201 شخص بجروح متفاوتة، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن حدث خطير جدا في تل أبيب، عقب قصف إيراني استهدف موقعا إستراتيجيا، دون الكشف عن تفاصيل إضافية، بسبب الرقابة العسكرية الصارمة وتعليمات التعتيم المفروضة من قبل الجيش.
والهجوم الإسرائيلي الحالي على إيران يعد الأوسع من نوعه، ويمثل انتقالا واضحا من حرب الظل التي كانت تديرها تل أبيب ضد طهران عبر التفجيرات والاغتيالات، إلى صراع عسكري مفتوح يتجاوز ما شهده الشرق الأوسط منذ سنوات.