بوابة الوفد:
2025-06-21@06:33:50 GMT

انتهاك البراءة

تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT

لم تعد قضية التحرش المدرسى مجرد حوادث فردية، بل باتت ظاهرة مقلقة تتمدد جذورها فى كل مكان، لتلوث براءة الأطفال وتسرق منهم بسمة الطفولة. فقد تسلل إلى المدارس، تلك المعاقل التى نرتجى منها أن تكون حصنًا منيعًا للأجيال القادمة، شرٌ خفى يهدد بابتلاع أزهى ما فيها. فى الفترة الأخيرة، كثرت الأنباء عن وقائع تحرش ارتكبها معلمون ضد طلابهم، صدمت المجتمع وأثارت موجة من الغضب والاستياء.

لم يعد الأمر مقتصرًا على فئة عمرية معينة أو جنس، بل بات يشمل جميع المراحل التعليمية وكلا الجنسين، وكأن حرمة المدرسة لم تعد تحمى أحدًا. تلك الأفعال الشنيعة لا تقتصر آثارها على الضحية وحدها، بل تمتد لتشمل الأسرة والمجتمع بأكمله، فالصدمة النفسية التى يتعرض لها الطفل تترك ندوبًا عميقة فى نفسه، قد لا تمحى بمرور الزمن. يعانى الضحايا من اضطرابات نفسية حادة، كالاكتئاب والقلق والخوف، وقد تتطور إلى مشاكل سلوكية تؤثر على جميع جوانب حياتهم، كما أن الثقة التى فقدوها فى الآخرين، وخاصة الكبار، قد تدفعهم إلى الانطواء والعزلة، وتجعل من الصعب عليهم بناء علاقات صحية فى المستقبل. أما بالنسبة للأسرة، فالصدمة التى تتعرض لها لا تقل عن صدمة الطفل، فهى تشعر بالذنب واللوم، وتتساءل عن أسباب حدوث هذه المأساة. قد يؤدى ذلك إلى تدهور العلاقات الأسرية، وتأثير سلبى على حياة جميع أفراد الأسرة. ولعل أخطر ما فى الأمر هو أن هذه الجرائم لا تقتصر على الضرر النفسى والجسدى للضحايا، بل تمتد لتشمل المجتمع ككل. فهى تهدد الثقة فى المؤسسات التعليمية، وتشجع على انتشار الخوف وعدم الأمان. كما أنها تعكس وجود خلل عميق فى القيم والمبادئ التى نؤمن بها، وتدعو إلى إعادة النظر فى كل ما يتعلق بتربية الأجيال وتأهيلهم.

 وأعتقد أن الأسباب التى أدت إلى انتشار هذه الظاهرة هى اختلال توازن القوة ، حيث أن المعلم يمتلك سلطة كبيرة على التلميذ داخل المدرسة، ما يجعله فى موقع قوة يمكنه من استغلاله. وغياب الرقابة الكافية على سلوك المعلمين داخل المدارس، مع عدم وجود آليات فعالة للإبلاغ عن حالات التحرش، يشجع بعض المعلمين على ارتكاب هذه الجرائم. بالإضافة إلى صمت الضحايا وأسرهم بسبب ثقافة العيب التى لا تزال سائدة فى بعض المجتمعات تحول دون الإبلاغ عن حالات التحرش، مما يعتبر حافزًا للمتحرشين على الاستمرار فى جرائمهم. وفى بعض الأحيان يخشى العديد من أولياء الأمور الإبلاغ عن حالات التحرش خوفًا من الانتقام وعدم تصديقهم. وعلى رأس كل ذلك الفراغ الأسري، وهو غياب الرقابة الأسرية على الأطفال، وقلة التواصل بين الأهل والأبناء، يجعل الأطفال أكثر عرضة للاستغلال. وتتطلب مواجهة هذه الظاهرة تضافر جهود جميع أفراد المجتمع، بدءًا من الأسرة والمدرسة وصولًا إلى الدولة، فلا بد من توعية الطلاب بحقوقهم وكيفية حماية أنفسهم من التحرش، وتزويدهم بأرقام الطوارئ للإبلاغ عن أى حالات. وكذلك تدريب المعلمين على كيفية التعرف على علامات التحرش وكيفية التعامل مع الحالات المشتبه بها، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لمنع حدوث هذه الجرائم. ويجب على الإدارة المدرسية تفعيل آليات الرقابة على سلوك المعلمين، وتوفير بيئة آمنة للطلاب للإبلاغ عن أى حالات تحرش. وتغيير الثقافة المجتمعية السائدة حول التحرش، وكسر حاجز الصمت، وتشجيع الضحايا على الإبلاغ عن الجناة. وأخيراً تشديد العقوبات على مرتكبى جرائم التحرش، وتطبيق القانون بحزم على جميع المجرمين.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سامية فاروق إطلالة حوادث فردية للأجيال القادمة

إقرأ أيضاً:

اليونسكو تضمّ مؤسسة «حمدان بن راشد» إلى اللجنة المشرفة على دراسة واقع المعلمين

دبي: «الخليج»

اعتمد الفريق الدولي للمعلمين مؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والتربوية عضواً في اللجنة العليا المشرفة على الدراسة العالمية الشاملة التي تُجريها المنظمة لرصد وتحليل واقع المعلمين على مستوى العالم. جاء ذلك خلال الاجتماع الأخير لمجلس إدارة الفريق الدولي المعني بالمعلمين في إطار أهداف التعليم حتى عام 2030، بحضور السيدة ستيفانيا جيانيني، المدير العام المساعد لقطاع التعليم في اليونسكو والدكتور خليفة السويدي، المدير التنفيذي لمؤسسة حمدان، إلى جانب عدد من الخبراء وأعضاء الفريق من مختلف الدول.


وفي هذا السياق، أوضح الدكتور خليفة السويدي، المدير التنفيذي لمؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والتربوية، أن انضمام المؤسسة إلى عضوية اللجنة العليا يأتي تتويجاً لدورها الريادي في دعم المعلمين وتعزيز المبادرات التربوية على المستويين الإقليمي والدولي وذلك بتوجيهات من الشيخ راشد بن حمدان بن راشد آل مكتوم، الرئيس الأعلى للمؤسسة.


وأكَّد السويدي أن المؤسسة تؤمن بأهمية بناء بيئة شاملة وداعمة للمعلمين، سواء على صعيد السياسات أو فرص التطوير أو التقدير المجتمعي، لما لذلك من أثر مباشر في استدامة النظم التعليمية ورفع جودة مخرجاتها.


وتُعدّ هذه الدراسة من المبادرات النوعية التي أطلقتها اليونسكو بهدف توفير قاعدة معرفية دقيقة وشاملة حول التحديات التي تواجه المعلمين والمهنة التعليمية بوجه عام، في ظل تزايد النقص في أعداد المعلمين عالمياً وتراجع جاذبية المهنة لدى الأجيال الجديدة، كما تهدف الدراسة إلى بلورة سياسات واستراتيجيات دولية تسهم في دعم المعلمين وتحسين بيئات عملهم وتعزيز مكانتهم في النظم التعليمية.


ويُشكّل انضمام مؤسسة حمدان إلى اللّجنة العليا خطوة تعكس مكانتها كشريك استراتيجي في الجهود الدولية الرامية إلى النهوض بالتعليم، خصوصاً في ما يتعلق بتطوير مهنة التعليم وتعزيز الابتكار في إعداد المعلمين وتدريبهم. وتُسهم المؤسسة، من خلال عضويتها، في تقديم الدعم الفني والمعرفي لضمان نجاح هذه المبادرة، انسجاماً مع رسالتها في الارتقاء بجودة التعليم وتحفيز التميز التربوي.


ومن جهتها، عبّرت ستيفانيا جيانّيني عن شكرها للمؤسسات المشاركة، مشيدة بجهود الفريق الدولي في إبقاء قضية المعلمين على جدول الأعمال العالمي، ومؤكدة أهمية تضافر الجهود من أجل بناء نظم تعليمية قادرة على الاستجابة لتحديات العصر وفي قلبها المعلم باعتباره المحرك الأساسي لعملية التعلم.


وتجدر الإشارة إلى أن اللّجنة العليا المشرفة على الدراسة تضمّ نخبة من الخبراء التربويين وممثلي المنظمات الدولية والجهات الأكاديمية وتعمل على متابعة مراحل تنفيذ الدراسة وتحكيم نتائجها، تمهيداً لإصدار تقرير عالمي موسّع من المنتظر أن يُعرض على الدول الأعضاء في اليونسكو لوضع توصيات سياسية تدعم تطوير مهنة التعليم وتوفير المعلمين المؤهلين والمحفَّزين في جميع أنحاء العالم.

مقالات مشابهة

  • تحقيق يكشف عدد الضحايا المدنيين اليمنيين الذين قتلوا خلال مراحل الإدارات الأمريكية
  • طلب مناقشة بالشيوخ لمواجهة التحرش.. ما عقوبته بالقانون؟
  • ارتكاب هذه الأفعال بالعمل يعرضك للحبس والغرامة
  • الضحايا من النساء والأطفال.. مراسل القاهرة الإخبارية: 37 شهيدا في قصف عنيف على خان يونس ودير البلح
  • متهم بإدارة كيان تعليمى وهمى بالقاهرة: أوهمت الـضحايا بشهادات مزورة
  • البراءة لبيطرية وتجار بعد متابعتهم بتخزين لحوم مجمدة لتسويقها في رمضان
  • استخراج آخر 3 جثث بالمنزل المنهار فى السيدة زينب.. وارتفاع الضحايا لـ8
  • «رابط» مد خدمة المعلمين بعد المعاش.. الشروط والمواعيد
  • خامنئي: الرد على انتهاك الأجواء سيكون قاسياً
  • اليونسكو تضمّ مؤسسة «حمدان بن راشد» إلى اللجنة المشرفة على دراسة واقع المعلمين