يفاقم الهجوم الإسرائيلي على إيران الحرب في الشرق الأوسط، بينما تشكل المخاطرة بتصعيد أكبر أو تلافي الحرب جوهر القرارات التي يتخذها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ومستشاروه الرئيسيون.

وقال محرر الشؤون الدولية في شبكة "بي بي سي" جيريمي بوين: إنه على طهران اتخاذ قرار حول ما هو أقل ضررا من بين خيارات صعبة؛ أحدها الرد بموجة أخرى من الصواريخ الباليستية، الأمر الذي هددت "إسرائيل" بالرد عليه مرة أخرى إذا ما حدث.



وذكر بوين أن الخيار الآخر هو "اتخاذ قرار برسم خط أدنى من تبادل الغارات المباشرة بين البلدين؛ لكن امتناع إيران عن إطلاق النار قد يعرضها لخطر أن تبدو ضعيفة وخائفة ومترددة في مواجهة القوة العسكرية الإسرائيلية والقرارات السياسية، بدعم من الولايات المتحدة".

وأضاف "في نهاية المطاف، سوف يتخذ المرشد الأعلى ومستشاروه على الأرجح القرار الذي لا يضر ببقاء النظام الإسلامي في إيران من وجهة نظرهم إلا بأقل قدر ممكن".

وذكر أنه "في الساعات التي سبقت وتلت الهجمات الإسرائيلية، نقلت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية تصريحات تتسم بالتحدي، تشير في ظاهرها إلى أن قرار الرد قد اتُخذ بالفعل، وهي تشبه لغتها في ذلك لغة إسرائيل، التي تستشهد بحقها في الدفاع عن نفسها ضد الهجوم، بيد أن حجم المخاطر قد يدفع إيران إلى التراجع عن تهديداتها".


واعتبر أن "هذا هو أمل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي وافق الولايات المتحدة في إصرارها على أن إسرائيل مارست حقها في الدفاع عن النفس، ولقد كنت واضحا بشأن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد العدوان الإيراني، وأنا واضح بالقدر ذاته بشأن حاجتنا إلى تجنب المزيد من التصعيد الإقليمي وحث جميع الأطراف على ضبط النفس. لا ينبغي لإيران أن ترد".

وأضاف الكاتب "قد اختارت إسرائيل وتيرة التصعيد منذ الربيع؛ فهي ترى في إيران الداعم الرئيس لهجمات حماس التي قتلت نحو 1200 من الإسرائيليين بينهم أكثر من 70 من الأجانب، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي".

وبين أن "إيران أشارت مرارا وتكرارا إلى أنها لا ترغب في خوض حرب شاملة مع إسرائيل، تحسباً لأن تتحيّن إسرائيل فرصة لاستهدافها، وهذا لا يعني أن طهران على استعداد لوقف ممارساتها المستمرة، والتي غالباً ما تكون من النوع القاتل، لكنها تعد أقل وطأة بالنسبة لإسرائيل وحلفائها".

وأشار إلى أن "رجال الدولة اعتقدوا في طهران أن لديهم فكرة أفضل من الحرب الشاملة، ألا وهي استخدام حلفاء إيران ووكلائها ضمن ما يسمى محور المقاومة لمهاجمة إسرائيل، بينما قام الحوثيون في اليمن بمنع وتدمير سفن الشحن في البحر الأحمر، وأجبرت صواريخ حزب الله من لبنان ما لا يقل عن 60 ألف إسرائيلي على النزوح من منازلهم".

وبعد ستة أشهر من الحرب، قال الكاتب أن "رد إسرائيل ربما أجبر ضِعف هذا العدد من اللبنانيين، على النزوح من منازلهم في الجنوب، لكن إسرائيل كانت مستعدة للقيام بما هو أبعد من ذلك، محذرة من أنها ستتخذ إجراءات ما لم يوقف حزب الله إطلاق النار ويبتعد عن حدودها".

وأوضح "بما أن ذلك لم يتحقق، قررت إسرائيل الخروج عن إطار ساحة المعركة التي فرضتها الحرب الإيرانية المحدودة والاستنزافية في الوقت ذاته، موجهة سلسلة من الضربات القوية التي أفقدت النظام الإسلامي في طهران توازنه، وحطمت استراتيجيته، ولهذا السبب، وبعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة، لم يعد أمام القادة الإيرانيين سوى خيارات مُرّة".

لقد فسرت إسرائيل إحجام إيران عن خوض حرب شاملة على أنه من "باب الضعف"، وزادت الضغوط على إيران ومحورها، وكان بوسع نتنياهو وقادة "إسرائيل" تحمل المخاطر، بعد أن حظوا بدعم قاطع من الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم يتوقف عند شحنات ضخمة من الذخائر، بل تعداه إلى قرار بإرسال تعزيزات بحرية وجوية أمريكية كبيرة إلى الشرق الأوسط لتأكيد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن "إسرائيل".

ورجح الكاتب أنه من الصعب وضع حد لسلسلة متتالية من الغارات والغارات المضادة، عندما تعتقد الدول المعنية أنها ستُستضعفُ وتواجِه الردع، ما لم ترد على هجوم ما، وهكذا تدور رحى الحروب بعد أن تخرج الأمور عن السيطرة.

والسؤال الآن يدور حول إن كانت إيران على استعداد لأن تتخذ قرارها وتقول كلمتها الأخيرة بشأن "إسرائيل"، على الأقل في هذه المرحلة من الحرب.

ولقد أيد الرئيس الأمريكي جو بايدن قرار "إسرائيل" بالرد بعد هجوم الأول من تشرين الأول/ أكتوبر لكنه حاول من جديد تلافي تصعيد أشد فتكا، حين أوصى إسرائيل علانية بعدم قصف أهم الأصول الإيرانية، ألا وهي المنشآت النووية ومؤسسات النفط والغاز.


في الوقت نفسه، عزز بايدن دفاعات "إسرائيل" بنشر نظام ثاد المضاد للصواريخ في إسرائيل، ووافق رئيس الوزراء نتنياهو على الأخذ بنصيحته.

ولا شك في أن كلاً من "إسرائيل" وإيران تضعان في حُسبانهما ما ستتمخض عنه الانتخابات الأمريكية المرتقبة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني. فإذا فاز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية، فلربما يكون قلقه أدنى حدة من بايدن بشأن انتقام إيراني لاستهداف المنشآت النووية والنفطية والغازية.

وختم الكاتلب "ها هو الشرق الأوسط يترقّب من جديد. ولربما كان القرار الإسرائيلي بعدم استهداف المنشآت الحيوية، عاملاً يساهم في منح طهران فرصة لتأجيل الرد، على الأقل لفترة كافية تمكّن الدبلوماسيين من الاضطلاع بمسؤوليتهم. ففي الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، قال الإيرانيون إنهم منفتحون على خوض جولة جديدة من المفاوضات النووية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية الإسرائيلي إيران طهران إيران إسرائيل طهران الاحتلال المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

تحذير إسرائيلي: مشاهد الجوع غير الأخلاقية في غزة أفقدتنا الشرعية الدولية التي نحتاجها

بينما يزعم الاحتلال أنه شرع بتنفيذ عملية "عربات عدعون" ضد الفلسطينيين في غزة، فإنه يفتقر لإجماع داخلي، والدعم الخارجي، بل إن الضغوط الدولية المتزايدة لإنهاء الحرب تشكل، قبل كل شيء، أخباراً سيئة للغاية بالنسبة للأسرى وعائلاتهم.

وزعمت دانا فايس محللة الشؤون السياسية في القناة 12، أنه "في كل مرة ينشأ لدى حماس انطباع بأن العالم سيوقف القتال في غزة، أو أن الأميركيين سيوقفون نتنياهو، تُظهِر مزيدا من التشدد في مواقفها في المفاوضات، وتصر على التمسك بها، وترسيخها، ولذلك فإن التقارير عن الخلافات بين الاحتلال والولايات المتحدة والدول الأوروبية تلعب على حساب الرهائن، لأن حماس تعتقد حقاً أن جهة أخرى ستقوم بالعمل نيابة عنها، وتضغط على الاحتلال لإنهاء الحرب".

وأضافت في مقال ترجمته "عربي21" أن "الوقائع الميدانية تؤكد ان الاحتلال لم تقم بعد بتحدي حماس بشكل حقيقي، وفي الوقت ذاته، لا يزال يرفض الدخول لغرفة إجراء مفاوضات حقيقية حول صفقة واحدة شاملة، تتضمن معايير إنهاء الحرب، رغم التوافق مع الولايات المتحدة على أن حماس لا يمكن أن تظل السلطة الحاكمة في غزة، لكن اتباع أسلوب الضرب وحده هو نتاج عدم رغبة رئيس الوزراء نتنياهو بإنهاء القتال بهذه المرحلة".

وأشارت إلى أن "الوزراء ونتنياهو نفسه يتحدثون فقط عن "الإخضاع" و"التدمير"، وهي تعبيرات غامضة للغاية وغير واضحة بشأن ما تشير إليه، لأن اليوم تحتاج الدولة لأن تسأل نفسها: ماذا تبقى من حماس، بعد أن تم القضاء بالفعل على معظم القيادات التي كانت في السابع من أكتوبر".



وتابعت، "لو أراد أحد أن يسوق ذلك على أنه "صورة النصر"، فإن بإمكانه الزعم أننا قضينا على آخر القادة الذين قاتلوا في الأنفاق، وهو محمد السنوار، وقضينا على معظم كتائب حماس، ومقاتلوها لم يعودوا يقاتلون الجيش، بل ينفذون فقط عمليات حرب عصابات".

وأكدت أن "أي إسرائيلي إن أراد الترويج "لإنجازات" استثنائية فبإمكانه أن يفعل ذلك في هذه المرحلة من الزمن، لكن هذا لن يحدث، لأن نتنياهو يعزز موقفه، ويريد مواصلة الحرب، مع الإشارة أن بيان الدول الأوروبية وكندا ضد الدولة يذكر "حكومة نتنياهو"، ولا يتحدث عن الدولة بذاتها، وكأنهم يفرقون بينهما".

وأوضحت أن "مناقشات مجلس الوزراء، شهدت تأكيد وزير الخارجية غدعون ساعر أن هناك ضغوطا دولية بشأن قضية المساعدات الإنسانية، وهو ما اعترف به نتنياهو نفسه من خلال ما وصله من مراسلات واتصالات من أصدقائه الكبار في الكونغرس الذين أكدوا له أن مشاهد المجاعة في غزة لا يمكن التسامح معها".

كما أكدت أن "الأميركيين ضغطوا على الاحتلال في موضوع المساعدات الإنسانية لأنه ثمن تحرير الجندي عيدان ألكساندر، رغم أن ذلك يطرح سؤالا أخلاقيا هاما حول عدم مشروعية أسلوب الحصار الذي تطبقه الدولة على الفلسطينيين في غزة، لأن التجويع ليس أداة مشروعة للحرب، ولا ينبغي أن يظل خياراً قائماً، ليس هذا فحسب، بل إنه طريقة غير حكيمة من الناحية التكتيكية أيضاً".

وختمت بالقول أن "حكومة الاحتلال تقود الدولة حاليا إلى حالة من القتال ببطارية فارغة من الشرعية الدولية، مع أنها لم تدخل حروباً وعمليات قط دون إجماع داخلي، ودون شرعية دولية، لكنها الآن تجد نفسها من دونهما على الإطلاق".

مقالات مشابهة

  • طهران: قرار ترامب بشأن حظر السفر يظهر عداء عميقا تجاه الإيرانيين
  • تحذير إسرائيلي: مشاهد الجوع غير الأخلاقية في غزة أفقدتنا الشرعية الدولية التي نحتاجها
  • مفاوضات أمريكا وإيران.. إسرائيل تترقب و طهران تعلن حالة تأهب
  • إيران تهدد بالتصعيد قبيل اجتماع "مجلس محافظي الطاقة الذرية"
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة مرتبطة بإيران
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على إيران
  • إيران: الغارات على “الضاحية” عدوان سافر على وحدة الأراضي والسيادة اللبنانية
  • إسرائيل تكشف طبيعة الأهداف التي تهاجمها في لبنان
  • ايران: أي طرف يشارك في عمل عسكري ضد إيران سيدفع الثمن
  • ترامب: إيران تتباطأ بقرارها بشأن الاتفاق النووي