المقابر الجماعية في ليبيا.. اكتشافات جديدة ومطالب بالتدويل ومحاكمة الجناة
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
تواجه ليبيا ملفا شائكا يتعلق بالمقابر الجماعية، حيث أعلنت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، الأربعاء، عن اكتشاف 21 جثة جديدة مجهولة الهوية في منطقة بئر الأسطى ميلاد بتاجوراء (شرق طرابلس) ليرتفع عدد الجثث المكتشفة بالمقبرة إلى 46 جثة خلال 10 أيام.
وكانت الهيئة (مؤسسة رسمية) قد أعلنت في 22 أكتوبر الجاري عن اكتشاف واستخراج 9 جثث من مقبرة في منطقة بئر الأسطى ميلاد، ليتضح لاحقا أن المقبرة تضم المزيد من الرفات المجهولة الهوية.
| استخراج 21 جثمانا من مقبرة بئر الأسطى ميلاد بتاجوراء | في إطار الجهود المتواصلة للكشف عن مصير المفقودين، تمكنت فرق...
Posted by الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين on Wednesday, October 30, 2024تبعا لذلك، وصل مجموع الجثث المكتشفة، الاثنين، إلى 25 جثمانا، ثم ارتفع إلى 46 بعد اكتشاف المزيد من الرفات، الأربعاء.
وتعهدت الهيئة في بيان بأنها ستواصل جهودها للكشف عن مصير المفقودين وتقديم الدعم لذويهم، وأن فرقها باشرت أخذ عينات من الرفات المكتشفة لتحديد سبب الوفاة.
وأعاد هذا الاكتشاف إلى الواجهة ملف المقابر الجماعية الذي سبق لسلطات هذه البلد المغاربي أن شبهته عام 2021 بـ"مذابح البوسنة والهرسك"، ما يثير تساؤلات حول حجم الانتهاكات التي شهدتها البلاد خلال فترة الصراع التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي في أكتوبر عام 2011.
مقابر وجثث بالمئاتوتعد المقبرة الأخيرة واحدة ضمن مقابر كثيرة اكتشفتها الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين في عدد من أنحاء البلاد، لعل أبرزها مقبرة ترهونة جنوب شرقي العاصمة طرابلس التي اكتشفت بها المئات من الرفات.
???? بيان صحفي :- { بيان اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليببا ، بشأن المقابر الجماعية التي أكتشفت بمدينة ترهونة } بمزيج...
Posted by المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا - Nihrl on Sunday, January 24, 2021ويقتصر عمل الهيئة على الاستجابة لحالات الاشتباه بوجود مقابر جماعية وتتكلف بمهمة استخراج الجثث وإصدار تقارير الطب الشرعي وبجمع العينات من أسر الضحايا لمطابقتها مع الجثامين المكتشفة، ولا تتدخل في التحقيقات القضائية، بحسب توضيحات قدمها رئيسها، كمال أبوبكر السيوي، في حوار سابق مع "أصوات مغاربية".
وكشف تقرير أصدرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع لأمم المتحدة، في أغسطس الماضي، أن عدد الجثث المكتشفة في مقابر ترهونة بلغ 353 جثة، 235 منها حددت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين هويتها.
#شاهد| أهالي ترهونة يؤدون صلاة الجنازة على الفقيد مصباح أوحيدة، أحد ضحايا المقابر الجماعية في #ترهونة الذي أُعلن التعرف عليه أمس الأحد، عن طريق تحليل البصمة الوراثية.#ليبيا_أوبزرفر #ليبيا pic.twitter.com/p7k1OgdPhG
— ليبيا أوبزرڤر - The Libya Observer (@lyobserver_ar) October 14, 2024وتقع مدينة ترهونة على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة طرابلس وكانت تسيطر عليها ميليشيا "الكاني" التي تحالفت مع الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر، خلال هجومه على طرابلس في 2019.
وتتضارب الأرقام حول العدد الحقيقي للمقابر في مدينة ترهونة بين من يقول إن عددها 35 مقبرة جماعية فيما تشير منظمات حقوقية ودولية إلى أن العدد يتجاوز هذا الرقم.
وبينما تصر الجهات الرسمية على إبقاء هذا الملف تحت وصاية القضاء الليبي، تطالب أوساط أخرى بـ"تدويله" حتى يتسنى لهيئات دولية المشاركة في التحقيق وفي ملاحقة المتورطين.
وكانت مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، حنان صلاح، قد طالبت من المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بـ"التحقيق في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة في حال عجزت السلطات الليبية عن إجراء مساءلة محلية عن الفظائع ضد أهالي ترهونة".
وقالت في تصريحات عام 2021، إن "أقارب المئات من الذين اعتُقلوا تعسفا وعذبوا أو أُخفوا ووجدوا فيما بعد في مقابر جماعية ما زالوا ينتظرون العدالة".
وليست ليبيا طرفا في "نظام روما الأساسي" الذي بموجبه تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 1998، لكن ولايتها جاءت بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1970 الصادر في 2011، والذي أحال بالإجماع الوضع في ليبيا منذ 15 فبراير 2011 إلى المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها.
من جانبها، أفادت منظمة "رصد الجرائم في ليبيا" في تقريرها السنوي الأخير بأن "مكتب النائب العام تلقى السنة الماضية 521 شكوى تخص موضوع المقابر الجماعية، 194 منها تم قبولها وإحالتها إلى النيابات، بينما لا تزال 327 قضية قيد التحقيق"، مشيرة إلى أن الجهات القضائية قامت باستثناء 17 قضية من التحقيق لنقص الأدلة والشهود".
تكشف منظمة رصد الجرائم في ليبيا عن نتائج مروعة في تقريرها السنوي لعام 2023. فمن القتل خارج القانون إلى الاخفاء القسري،...
Posted by رصد الجرائم في ليبيا - Libya Crimes Watch on Monday, April 8, 2024مطالب بمنع الإفلات من العقابويطالب أهالي الضحايا والمفقودين السلطات الليبية بتحقيق العدالة لأبنائهم وملاحقة الجناة الذين صدرت في حق بعضهم أوامر قبض وما زال عدد منهم طلقاء.
وتعليقا على التحقيقات المنجزة في الملف، قال التقرير الأخير للبعثة الأممية ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، إنه ورغم الجهود المبذولة "ما يزال تحقيق المساءلة عن الجرائم التي ارتكبت في ترهونة بعيد المنال".
وأضافت "ويرجع ذلك جزئيا إلى الولاءات والتحالفات السياسية الممتدة بين الجناة المزعومين، حيث تمكن البعض منهم من الفرار إلى دول مجاورة وبين الأطراف المتنفذة في المؤسسات السياسية والأمنية الليبية المتمركزة في شرق البلاد وغربها".
واستبعد التقرير إمكانية تحقيق "مصالحة مستدامة" في البلاد دون عدالة تجبر الضرر وتنصف أقارب الضحايا.
الإفلات من العقاب يمنح المجرمين فرصة غير مستحقة للتهرب من مسؤوليتهم، مما يشجعهم على ارتكاب المزيد من الانتهاكات ويصبحون...
Posted by رابطة ضحايا ترهونة on Friday, October 18, 2024بدورها، قالت "رابطة ضحايا ترهونة" في بيان صدر الأسبوع الماضي إن الإفلات من العقاب "يمنح المجرمين فرصة غير مستحقة للتهرب من مسؤوليتهم، مما يشجعهم على ارتكاب المزيد من الانتهاكات".
ودعت الهيئة الحقوقية إلى مناصرتها في حملتها للحد من الإفلات من العقاب وللضغط على السلطات "لاتخاذ التدابير اللازمة لضمان ملاحقة المتورطين في الجرائم الجنائية الجسيمة وحث التشكيلات المسلحة على تسليم المطلوبين من أفرادها للعدالة".
المصدر: موقع الحرة
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الهیئة العامة للبحث والتعرف على المفقودین المقابر الجماعیة لحقوق الإنسان الإفلات من من الرفات المزید من فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
حاخام يهودي: يجب أن نعترف بالإبادة الجماعية ونعمل على إيقافها
نشر موقع "كاونتر بانش" مقالا يعبّر فيه الحاخام اليهودي التقدمي مايكل زوسمان عن ندمه لتأخره في وصف ما تفعله إسرائيل في غزة بالإبادة الجماعية، مؤكدا أن الاعتراف بهذا الواقع هو جزء من التوبة والالتزام بإصلاح العالم، رغم الخوف من خسارة دعم المجتمع اليهودي.
وقال الكاتب في المقال الذي ترجمته "عربي 21"، إن الحكومة الإسرائيلية تتحمل مسؤولية ارتكاب جريمة إبادة جماعية في قطاع غزّة، لكنه حتى وقت قريب كان مترددا في استخدام مصطلح الإبادة ولم يكن على يقين من أن الهجمات غير المتكافئة التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزّة تندرج فعلا تحت هذا الوصف.
مراجعة متأنية
ويوضح الكاتب أنه لم يجد صعوبة في وصف ممارسات "إسرائيل" في غزّة - ردا على الهجمات التي نفذتها حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وما تبعها من احتجاز الأسرى- بأنها تطهير عرقي وعمليات انتقامية، مضيفا أنه خرج في مظاهرات علنية ضد تلك الممارسات، ولم يتردد إطلاقا في إدانة الانتهاك الصارخ للقانون الدولي الإنساني عند استهداف إيران.
ويتابع قائلا إنه لم يقتنع باستخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" إلا بعد مراجعة متأنّية لاستنتاجات معظم الباحثين المتخصصين في دراسات الإبادة، بما في ذلك أكاديميون إسرائيليون بارزون مثل عمر بارتوف وشموئيل ليدرمان، وأدرك حينها أن امتناعه عن استعمال هذا الوصف كان خطأً.
وقد خلص عمر بارتوف إلى أنه بحلول تموز/ يوليو 2024 "لم يعد ممكنا إنكار أن نمط عمليات قوات الدفاع الإسرائيلية يتماشى مع التصريحات التي صدرت عن قادة إسرائيليين بعد هجمات حماس، والتي تُعبِّر عن نية إبادة واضحة".
ويرى الكاتب أنه في تموز/ يوليو 2025، أصبح الامتناع عن استخدام مصطلح الإبادة الجماعية موقفا غير أخلاقي لا يمكن تبريره، كما اتضح أن الادعاء بأن إسرائيل تتخذ إجراءات ضرورية لحماية نفسها كأي دولة تخوض حربا هو ادعاء زائف جوهريًا، وإطلاق صفة "حرب" على ما يحدث في غزة هو توصيف مضلل بالأساس.
وقد عبّر بارتوف عن ذلك بدقة حين قال: "طيلة السنة الماضية، لم تكن قوات الدفاع الإسرائيلية تخوض قتالًا ضد قوة عسكرية منظمة. لقد تم القضاء على نسخة حماس التي خططت لهجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر ونفذتها، رغم أن الحركة وإن كانت ضعيفة، لا تزال تقاتل القوات الإسرائيلية وتحتفظ بقدر من السيطرة على السكان في المناطق التي لا توجد فيها قوات الجيش الإسرائيلي".
أمثلة تاريخية
وبناء على ذلك، فإن الواقع القائم -حسب الكاتب- لا يمكن تحت أي مقياس منطقي أن يبرر استمرار الحكومة الإسرائيلية في تجويع شعب بأكمله، وتدمير البنية التحتية، وقتل عشرات الآلاف من المدنيين.
ويضيف أنه من الضروري توضيح أن الإبادة الجماعية تتخذ أشكالًا متعددة، وهو ما يتضح من خلال التعريف الذي يعتمده متحف ذكرى الهولوكوست في الولايات المتحدة، حيث يشير مصطلح الإبادة الجماعية من الناحية القانونية إلى "أفعال ترتكب بنية التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".
ومن الأمثلة التاريخية والحالية على ذلك: الهولوكوست، والمجازر الجماعية في دارفور، ورواندا، والبوسنة والهرسك، وحقول القتل في كمبوديا، ومذبحة نانجينغ في الصين على يد اليابانيين، والثورة الثقافية في الصين في عهد ماو تسي تونغ، والمجاعة الكبرى في أوكرانيا، وإبادة الأرمن، وجرائم التطهير العرقي في غواتيمالا وتيمور الشرقية وناميبيا، إلى جانب المجازر ضد شعب الروهينغا في ميانمار، واستهداف السكان الأصليين في أمريكا الشمالية، وتاريخ العبودية العابرة للأطلسي.
ووفقا للكاتب، فإن وصف سياسة الحكومة الإسرائيلية في غزّة بالإبادة لا يعني بالضرورة أن تلك الأفعال تُضاهي في حجمها أو طبيعتها ما فعله النازيون باليهود وغيرهم خلال الهولوكوست، أو أي من الأمثلة السابقة، لكن الحقيقة الثابتة هي أن حياة رضيع فلسطيني بريء دُفِن تحت أنقاض منزله في غزّة لا تقلّ قيمة عن حياة طفل يهودي قُتِل في غرف الغاز في عهد هتلر.
الاعتراف بالخطأ
ويقول الكاتب: "بصفتي حاخاما مُرنما يهوديا وصهيونيا تقدميا أعترف أنني أخطأت بعدم استخدام مصطلح إبادة جماعية في وقت مبكر لوصف ما ارتكبته إسرائيل في غزة. خوفي من فقدان الأصدقاء والزملاء، ومن الهجوم بسبب هذا الرأي غير المقبول لدى كثيرين، منعني من رؤية الحقيقة بوضوح".
ويضيف: "بالمقارنة، فقد كان من السهل عليّ، كمواطن أمريكي، ملاحظة انحدار بلدي نحو الاستبداد بعد ترشيح دونالد ترامب للمرة الثانية في 2024. كذلك، خشيت أن يُستخدم وصف الإبادة الجماعية ذريعة للمتطرفين المعادين لليهود".
ويؤكد الكاتب بأنه عندما يؤدي صلاة "أشامنو" في يوم الغفران هذا العام، سيستحضر تقصيره الأخلاقي، وتقصير كثيرين مثله، في الاعتراف بالإبادة الجماعية في غزة، عن وعي أو إنكار.
وبالإضافة إلى ذلك، يؤكد أنه سيواصل الدعوة لإنهاء المذبحة في غزة وإعادة الأسرى إلى ديارهم، رغم علمه بأن ذلك لن يُصحح كل الأخطاء، إلا أنه قد يُساعد في توجيه رسالة إلى الأجيال القادمة من أجل مواصلة مسيرة "إصلاح العالم" بدءا من إصلاح الذات.