قال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة إن تواجد الواعظات والراهبات للمشاركة في مؤتمر "نحو سلام مجتمعي الدين ورسالة السلام" يؤكد أن مصر دولة عظيمة تمارس سياسة شريفة، فنحن دولة لا يوجد فيها تآمر على أحد أو خيانة لأحد، مؤكدا أن ما يحدث من تقنين أوضاع الكنائس ووجود المسجد بجوار الكنيسة وحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على الحضور في كل المناسبات الدينية يؤكد على مبادئ الجمهورية الجديدة.

وأضاف وزير الأوقاف -خلال كلمته بمؤتمر "نحو سلام مجتمعي الدين ورسالة السلام" الذي تنظمه الهيئة القبطية الإنجيلية- أنه يجب أن نفرق بين التسامح الحقيقي والتسامح الزائف فالحق له درع يحميه والسلام الذي نؤمن به لا تآمر فيه، فالمسلم مصطلح يطلق على كل من يسلم لله -عز وجل- فالإسلام تسليم الأمر لله -عز وجل-، مضيفا أن التسامح الديني لا يجيز على الإطلاق حرق الكتب المقدسة، فمجرد السماح به أمر يخلق الإرهاب، ويجب أن نصيغ قوانين دولية تجرم حرق الكتب السماوية وأذى الآخرين في معتقداتهم، موضحًا أن أصل الأديان جميعًا قائمة على التسامح والعيش المشترك.

وتابع: "إن ما يحدث من تغيرات مناخية أمر يحتاج إلى مراجعة حقيقية"، موضحًا أن التسامح الديني لا يعني ولا يسمح بحرق الكتب لأي طائفة دينية أيًا كانت، ودائمًا نذكر الأئمة والدعاة بضرورة تفعيل التسامح الديني فلا يجوز لأحد على أحد إطلاقا الحكم بأنه من أهل الجنة أو من أهل النار ولا يجب الدعاء يا رب أحشرني مع فلان، فأمر الجنة والنار والثواب والعقاب عند الله عز وجل.

من جانبه، قال الدكتور أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية إن الدولة لعبت دورًا كبيرًا في تقنين أوضاع الكنائس فالكنيسة الإنجيلية كان لديها 1500 كنيسة، كان مسجلا منها 500 كنيسة وفي خمس سنوات تم تقنين 500 كنيسة وبيت مؤتمرات أي ما تم خلال خمس سنوات يساوي ما تم في 200 عام من تقنين أوضاع الكنائس.. ورحب بجموع المشاركين في المؤتمر.

وأشار إلى دور المهم والفعال ودور وزارة الأوقاف في دعم السلام المجتمعي، ونشر الفكر المستنير، وهو ما يجسد صورة حقيقية لدور الدين في تعزيز السلام. 

كما رحب أيضًا بالدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، لافتا إلى أن معالجة أي قضية يجب أن تبدأ أولًا بتعريف مصطلحاتها؛ فبتعريف المصطلح تتكشف أمامنا كافة الأبعاد، ويتكون لدينا إدراكٌ لمحتوى القضية التي نناقشها، وإدراك الفرق بين المصطلحات التي قد تبدو مترادفةً أو يتم استخدامها في غير سياقها. 

وتابع قائلًا: "تعريف السلام ينطوي على العديد من الأبعاد والمستويات؛ فإن كان التعريف اللغويُّ لكلمة السلام يشير إلى غياب العنف، فأعتقد أن احتياجات مجتمعنا في هذه الآونة تتجاوز هذا التعريف، من حيث فهمنا لمعنى العنف، ويجب أن نضع في اعتبارنا أن معنى العنف يشمل العنف اللفظي والمعنوي إلى جانب العنف البدني". 

وأضاف أنه وعلى المستوى المجتمعي يمكن تعريف خطاب الكراهية باعتباره شكلًا من أشكال العنف اللفظي. لهذا فإن فهمنا لمعنى السلام يجب أن يشتمل على أبعاد أخرى؛ مثل الاستقرار والاتفاق المجتمعي واحترام القانون وتحقيق الرفاهة الاجتماعية، كل هذه الأبعاد لا غنى عنها في تعريفنا لمفهوم السلام. 

وأشار إلى أن الدين مكوِّن رئيس من مكوِّنات المجتمع، ويشكِّل عنصرًا مهمًّا من عناصر هوية أي مجتمع، لكن هذا لا يعني الدعوة إلى تديين المجال العام أو تحويل الدين إلى أيديولوجية أو استخدامه سياسيًّا، أو توظيفه بأي شكل من الأشكال؛ فهذا من شأنه أن يُبعِد الدين عن أهدافه الأساسيَّة السَّامية. 

ونوه زكي إلى ضرورة أن نفرق أيضًا بين "الدين" و"الفكر الديني"؛ فالدين منظومة إيمانية جاءت في نصوص مقدَّسة يؤمن بها الإنسان ويكوِّن من خلالها علاقةً مع الخالق، أما الفكر الديني فهو اجتهادات وتأويلات تحاول تفسير النصوص الدينية؛ وهذه نشاطات فكرية بشرية، خاضعة للمراجعة واختلاف الآراء والرؤى والتوجهات الفكرية ولا ينبغي -بأي حال من الأحوال- أن تكون هذه الاختلافات مدعاةً للصراع أو النزاع أو التقليل من شأن الآخر، ولهذا فمن حيث المبدأ، فإن جميع الأديان تدعو إلى السلام، والمحبة، وتماسك المجتمع، واحترام الآخر، وجميع هذه القيم المجتمعية.

وأشار إلى أنه وبناءً على هذا فالنصوص الدينية المقدسة نقطة انطلاق عظيمة لبناء السلام المحليّ والدوليّ. لكن تكمن المشكلة الحقيقيَّة في هذا الشأن في صناعة الفكر الديني المتطرف بما يتضمنه من تفسيرات للنصوص المقدسة تكون إما مُوجَّهة أو مبتورة من سياقها أو تحمل أيديولوجيَّةً، بينما الفكر الديني المتسامح هو ما يعكس القِيَمَ الحقيقيَّةَ الأصيلة للأديان. وهذا دور المؤسسات الدينية في الاهتمام بالتعليم الديني الذي ينشئ عقليةً تستوعب الاختلاف وتحترمه، وتسعى دائمًا لبناء الجسور مع الآخر. 

وأوضح أنه ومن إحدى إشكاليات صناعة الفكر الديني وتقديمه في وقتنا هذا أنه لم يعد مقتصرًا على المتخصصين من دارسي الفقه واللاهوت، لكنه امتد أيضًا لصنَّاع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، وربما يحظى صناع المحتوى بتأثير كبير بين النشء والشباب من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن الإشكالية الحقيقية في هذا الأمر هو احتمالية انحراف بعضهم في الفكر إلى مهاجمة العقائد والأديان، وخلق حالة من الاحتقان والعنف اللفظي وشيوع خطاب الكراهية، والتي قد تشكِّل خطورةً على التسامح والتماسك المجتمعي. 

وذكر القس أندريه زكى أن مثيري الشغب يخلطون بين دعاوى الكراهية بين خطاب الكراهية والاستهزاء بمعتقدات الآخرين وبين حرية الرأي والتعبير؛ لهذا يقتضي الأمر خلق حالة من التوازن وإدراك التعريف الدقيق والفرق الواضح بين حرية التعبير واحترام العقائد ومواجهة خطاب الكراهية حتى لا يُستَخدم أيٌّ من هذه المصطلحات خارج سياقه. 

وقال زكي: "أودُّ أن أشجب وأدين كل محاولات الازدراء بمقدسات الآخرين؛ بأي شكل أو أي طريقة. ومع احترامي لحرية التعبير؛ فالحرية تقف حدودها عند حرية الآخرين واحترام مقدساتهم ومعتقداتهم، لهذا أعلن رفضي القاطع لكل دعاوى حرق الكتب المقدسة لما فيها من إساءة للمقدسات وتعدٍّ وعنفٍ ضد معتقدات الآخرين، لذا دعونا نؤكد مرارًا وتكرارًا: إن خطاب الكراهية هو نوعٌ من العنف اللفظي ولا يمكن أن يكون حرية تعبير".

ولفت إلى أنه يمكن للدين إذن -بل ويجب- أن يشكِّل جسرًا بين أفراد المجتمع من خلال التمسك بالقِيَمِ الإنسانية الراقية التي نادت بها الأديان وتعزيز الحوار البنَّاء بين أتباع الأديان والذي من شأنه أن يخلق حالة من السلام والتماسك المجتمعي، والحوار هنا ليس حوارًا فقهيًّا- لاهوتيًّا، إنما يمتد إلى حوار الحياة المشتركة والاتحاد سويًّا في مواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع، فالمؤسسات الدينية (الجامع والكنيسة) ليست جزيرة منعزلة عن المجتمع إنما هي جزء منه لا تقدر أن تنفصل عنه. والحوار والتعاون بين المؤسسات الدينية سيكون له دور كبير في تحقيق السلام المجتمعي، على أن تكون ثمار هذا الحوار واضحة لرجل الشارع. 

وألمح إلى أن ثمة عوامل عديدة تسهم في إنجاح الحوار وتعزِّز تأثيره خاصةً لدى رجل الشارع؛ أهم هذه العوامل: قراءة النص الديني قراءة معاصرة؛ بمعنى الاهتمام بقراءة النصوص الدينية في إطار خلفياتها التاريخية والتعرف على المتلقي الأول للنصوص، ثم محاولة استكشاف ما يقوله النص الديني في الوقت الحالي، ما يشكل بدوره توجهات فقهية ولاهوتية داعمة للحوار. وهذا أحد الأدوار الأهم المنوطة بها المؤسسات الدينية. يسهم هذا في تمهيد أرضية مشتركة للحوار والتعاون في التعامل مع قضايا مشتركة، كالمواطنة والتعددية والعيش المشترك، كما يسهم في مواجهة فاعلة لخطاب الكراهية، سعيًا إلى تحقيق السلام المجتمعي والإنساني. 

وتابع: "هنا يأتي دور الإعلام في توسيع المجال أمام الأفكار المعتدلة، خاصةً أن منابر الإعلام أصبحت عديدةً وذات فاعلية وتأثير كبيرين على الأغلبية العظمى من المواطنين، مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي بمختلف تطبيقاتها ومواقعها، وما لمسناه خلال العقد الماضي من قدرة فائقة على نقل توجهات الشارع والآراء السياسية والتطورات الاجتماعية داخل المجتمع، بل والأبعد من ذلك لعب دور المحرك للمجتمع.

واختتم كلمته قائلا، إن بناء السلام -محليًّا ودوليًّا- عملية تحتاج إلى وقت فعلى المستوى الدولي تتسم الظروفُ العالميَّةُ الراهنةُ بعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وعلى المستوى المحلي، أرى أن خلال العقد الماضي أسهمت الدولة المصرية بخطوات كبيرة في دعم السلام المجتمعي، لكن لا يزال أمامنا الكثير لإنجازه في هذا المجال، والدين -باعتباره مكونًا رئيسًا له مكانة راقية في وجدان المصريين- هو أحد الفرص العظيمة لدفع بلادنا إلى الأمام والتعامل مع مختلف التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها بلادُنا، وتعظيم الفرص والإمكانات المتاحة للتنمية المستدامة، وهذا هو دور مثل هذه اللقاءات التي يجتمع فيها قادة الفكر والمسؤولون لتبادل الأفكار والرؤى والوصول إلى توصياتٍ تسهم في دعم السلام المجتمعي.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطاب الکراهیة الفکر الدینی یجب أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزير الشؤون الدينية الجزائري: خدمات متميزة ورقمية في موسم الحج

عبّر وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري الدكتور يوسف بلمهدي عن اعتزازه الكبير بمشاركة بعثة الحجاج الجزائريين في موسم حج هذا العام، والبالغ عددهم 41,300 حاج وحاجة، مشيدًا بالرعاية الكاملة التي توفرها المملكة العربية السعودية لضيوف الرحمن.
وقال بلمهدي، في تصريح أدلى به على هامش مشاركته في ندوة الحج الكبرى التي أقيمت في مكة المكرمة: “نحن جد سعداء لوجودنا هنا في المملكة العربية السعودية على رأس وفد الجزائر ومكتب شؤون حجاج الجزائر، وقد جاء الحجاج الجزائريون بحمد الله تعالى بصحة جيدة، ووجدنا كل ما يمكن أن يتوفر لخدمة الحجاج من تسهيلات ورعاية شاملة".شكر وعرفان
أخبار متعلقة صور| وصول أول وفود ضيوف الرحمن إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية"الأرصاد" ينبه من رياح نشطة وأتربة مثارة على منطقتي تبوك ونجرانأضاف الوزير الجزائري: “نتقدم بالشكر الجزيل للمملكة العربية السعودية، حكومةً وشعباً، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، على ما يقدمونه من جهود جبارة في خدمة الحجاج".
وتابع: "كما نخص بالشكر معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة، الذي نلمس كل عام تحت قيادته تطورًا لافتًا، خاصة في مجالات الرقمنة وتيسير أداء المناسك”.
وأشار الدكتور بلمهدي إلى أن البعثة الجزائرية واكبت بارتياح الاستخدام المكثف للتقنيات الحديثة في المجال الصحي، حيث تم تسجيل تدخلات جراحية وخدمات طبية متطورة في وقت قياسي، تفوق أحيانًا ما هو متاح في دول متقدمة طبيًا، على حد تعبيره.الرخصة والتيسير
وعن مشاركته في ندوة الحج الكبرى، قال الوزير: "وجدنا فيها جانبًا علميًا مهمًا يُعنى بفقه التيسير والاستطاعة، ونؤكد أن فقه الحج الذي بناه نبينا صلى الله عليه وسلم على قاعدة ‘افعل ولا حرج’، هو فقه مبني على الرخصة والتيسير، وليس على التشدد".
وتابع: في البعثة الجزائرية، اعتمدنا الفقه المالكي الذي يراعي كثيرًا من جوانب التيسير للحجاج. فعلى سبيل المثال، في مسألة المبيت بمزدلفة، نرى أن أقل ما يُطلب من الحاج هو أن يحط الرحال، ولو لفترة قصيرة يصلي فيها المغرب والعشاء ويلتقط الجمرات، ثم يفيض إلى منى. وإن لم يتمكن من ذلك، فله أن يتوجه مباشرة إلى منى، وهو ما نروّج له كفقه تيسيري معتمد".الظروف الصحية للحجاج
كما تطرق إلى جانب الاستطاعة البدنية، مؤكدًا أهمية مراعاة الظروف الصحية للحجاج، لا سيما كبار السن، لتفادي الإرهاق أو التعرض لأمراض مثل نزلات البرد الشديدة.
وختم الدكتور بلمهدي تصريحه بالتأكيد على أن البعثة الجزائرية مستمرة في تبني نهج التيسير والاعتدال، وفقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية، وبما يضمن لحجاج الجزائر أداء مناسكهم بيسر وسلامة.

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف: نسأل الله عز وجل أن يتقبل منهم حجهم ويجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً، وفي هذا المقام نتقدم بأصدق آيات التهنئة والمباركة إلى شعبنا السوري الكريم وإلى رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع وفقه الله عز وجل وسدد خطاه
  • بالصور: عشرات الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى
  • قيادي بمستقبل وطن: الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس تحقق أحلام المصريين
  • الأوقاف:صلاة الرجال بجوار النساء في صف واحد دون وجود فاصل أو حاجز باطل شرعًا
  • الأمير فيصل يدعو لتحويل الرياضة إلى بيئة آمنة تعزز السلام المجتمعي
  • وفد من الكنيسة يزور وكيل أوقاف البحر الأحمر للتهنئة بعيد الأضحى المبارك
  • رئاسة الشؤون الدينية تعرض صحف قرآنية نادرة في معرض الحرمين “توعية وإثراء”
  • الجيل: مسيرة التنمية تعكس إيمان الرئيس السيسي برؤية الجمهورية الجديدة
  • وزير الإنتاج الحربي: نعمل على تطبيق مبادئ الحوكمة ودعم القيادة السياسية وراء تقدم الشركات
  • وزير الشؤون الدينية الجزائري: خدمات متميزة ورقمية في موسم الحج