رمز المحبة والسلام.. «البـوابـة نيوز» ترصد جهود البابا تواضروس الثاني في العمل المسكوني
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
منذ أن اعتلى البابا تواضروس الثاني الكرسي المرقسي في نوفمبر 2012م وهو يحاول جاهدًا أن يصنع علاقات طيبة مع مختلف الكنائس بمصر وخارجها مرسخًا مفهوم المحبة وعاملًا بها قولًا وفعلًا، فوضع البابا تواضروس في نصب عينيه العمل المسكوني بين الكنائس والسعي إلى الوحدة، والوحدة هنا هى وحدة في الرؤية وليست وحدة إدارية؛ وحدة هدفها نبذ التعصب وبث المحبة والتعاون بين الكنائس وبعضها ومناقشة كافة القضايا التي تشغل المجتمع الفكري المسيحي.
ولنعرف قيمة ما يفعله البابا نسترد ذكرى تكريم البابا تواضروس الثاني في عام 2017م من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث منحه جائزة دولية بعنوان "تعزيز الوحدة بين الأرثوذكس"، وأتت الجائزة نظرًا للنشاط المتميز الذى يقوم به فى تعزيز وحدة الشعوب المسيحية الأرثوذكسية ولتوطيد وتعزيز القيم المسيحية فى حياة المجتمع.
وتسلط «البوابة نيوز» الضوء على أحد أهم مجهوداته وهى العمل المسكوني، ودوره في ترسيخ المحبة بينه وبين الكنائس في مصر والعالم.
المسكونيةكلمة «المسكونية» هى ترجمة للكلمة اليونانية ”ايكونوميني” وهي من المصطلحات التي بدأ استخدامها بكثرة منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين، وتعنى أمرًا يخص المسيحيين بأجمعهم فى كل مكان، وتطلق صفة المسكونية على كل ما هو مسكوني سواء مجمعًا، أو قانونًا، أو إيمانًا، أو لاهوتًا، أو هيئة، أو عمل.
بينما المراد بمعنى العمل المسكوني هو الجهود المبذولة لجمع شمل المسيحيين في المسكونة كلها، فى شركة تامة على أساس الإيمان الواحد (أف 4: 5) دون ذوبان كنيسة في أخرى، وأما المجالس المسكونية فهى مجالس تضم ممثلين عن العائلات الكنسية، وتجتمع معًا من أجل التشاور والحوار اللاهوتي والعمل المشترك سعيًا لتحقيق الوحدة الكنسية وهذه المجالس ليست لها سلطة على أي كنيسة، كما أن قراراتها تعد كتوصيات واقتراحات.
وأخيرًا المجامع المسكونية وهى المجامع التي عُقدت بسبب بدعة أو انشقاق، وبدعوة من الإمبراطور المسيحى، ويحضرها غالبية أساقفة الكنيسة– أو مندوبون عنهم– شرقًا وغربًا لتتمثل فيها المسكونية. وقرارات هذه المجامع تلتزم بها كل كنائس المسكونة.وحتى تتسع الصورة نوضح أن الكنائس خلال القرون الأولى كانت واحدة الفكر والعقيدة وعند ظهور أي بدعة كانت تقام المجامع بين الكنائس وتضع الأزمة الفكرية على الطاولة وتخرج بمفهوم فكري واحد يعبر عن عقيدة تلك الكنائس، وظل ذلك على مدار ثلاثة مجامع مسكونية وهم الثلاثة الأوائل (مجمع نيقية 325 م، مجمع القسطنطينية 381م، مجمع أفسس 431 م) ومن بعد ذلك ظهر الانشقاق بين الكنائس، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية مع عائلتها الأرثوذكسية الشرقية هنا يؤمنون بهذه المجامع فقط، أما الكنيسة الكاثوليكية فتعترف بواحد وعشرين مجمعًا مسكونيًا.
وبداية من القرن الماضي ظهر العديد من المجالس التي تسعى للتقارب بين الكنائس الشرقية والغربية، فظهر في 1948م مجلس الكنائس العالمي، لتمثل المحاولة الأولى لهذا الأمر، وتوالت بعد ذلك المجالس، مجلس كنائس الشرق الأوسط، وأخيرًا، مجلس كنائس مصر.
ويقول البابا تواضروس الثاني في هذا السياق خلال حديث تلفزيوني له أن المسيحية بدأت في القرن الأول الميلادي، وبدأت في مراكز تسمى «الكراسي الرسولية»، وهي الأساسيات في أورشليم والإسكندرية وروما وأنطاكيا وانضمت إليها القسطنطينية، وعندما بدأ في الظهور بعض الأفكار المتطرفة والهرطقة، تعالجها الكنيسة وتوقفها عند حدها وتسير المسيرة.
وأشار إلى أن الثلاثة عوامل هذه داخلة في مناقشات المسائل اللاهوتية، وكانت النتيجة انقسام المسيحية إلى اثنين، شرقًا في الإسكندرية وأنطاكية، وغربا في روما والقسطنطينية، ومنذ هذا التاريخ بدأت تتوالى مجموعة من الانقسامات والانشقاقات كثيرة.
ولفت إلى أن العالم اليوم به 4 جهات مسيحية كبيرة هي الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس والأسقفيين، ومن هذه الجهات بعض التشعبات الأخرى، في الأصل الكنيسة واحدة لكن مع الزمن والانقسامات كانت النتيجة هذه الجهات.
وأوضح أنه منذ 70 عاما بدأت تنشأ حركة في العالم تدعى الحركة المسكونية لفهم بعض على أساس الحوار، ومن هنا حدثت بين الكنيسة المصرية والكنائس الأخرى حوارات لاهوتية كثيرة، لكن لم تصل هذه الحوارات لدرجة يصبحون واحدًا، فأساس الوحدة هو فهم الإيمان الواحد، وهذه النقطة ما زالت بعيدة.
مجلس كنائس مصر
يُعد مجلس كنائس مصر أحد أبرز الهيئات التي شيدت لتحقيق طموح وتطلعات البابا؛ فبعد ثلاثة شهور من تولي البابا تواضروس الثاني من مهام البطريركية اجتمع البابا في المركز الثقافي القبطي مع رؤساء الكنائس المصرية الأربع الأخري ـ كنيسة الروم الأرثوذكس، الكنيسة القبطية الكاثوليكية، الكنيسة الإنجيلية، الكنيسة الأسقفيةـ ووقعوا علي قرار إنشاء مجلس كنائس مصر وأعلنوا نظام العمل بالمجلس وهدفه التعاون بين الكنائس الأعضاء في المجالات المشتركة والقضايا المسيحية والوطنية مع استمرار الحوارات بين الكنائس حول الأمور اللاهوتية والعقائدية من أجل وحدة الإيمان وتدعيم المحبة من خلال 13 لجنة منبثقة منه تغطي كل المجالات.
وبدأ المجلس برئاسة البابا تواضروس الثاني بشكل شرفي كتكريم له في البداية؛ ثم تولي بعدها ممثلو الكنائس، ويُعد المجلس هيئة كنسية وطنية لا تعمل بالسياسة، ويهدف المجلس إلي حياة الشركة والتعاون بين الكنائس المسيحية بكل مذاهبها في مصر، والسعي نحو وحدتها ونبذ أية أشكال من التعصب والتطرف بين المسيحيين بعضهم البعض.
ولم يكن هدف المجلس لاهوتيا فقط، فقد تم تدشينه في مرحلة خطيرة وهى ذروة الأحداث وحالة الغليان التي شهدها الشارع المصري؛ تحت حكم تنظيم "الإخوان المسلمون"؛ فلم يكن حكمًا للمصريين بل كان حكما يرعي فصيلًا معينًا لا غير؛ مما دفع إلي التفاف رؤساء الكنائس الخمس على طاولة واحدة خماسية الأضلاع بالكاتدرائية المرقسية، ليوقعوا على إنشاء هذا المجلس.
وبشكل عام فكرة المجلس لم تكن بالجديدة، بل ترجع الفكرة إلي عام 2008، حيث طرحت الفكرة التأسيس خلال مشاركة الكنائس المصرية، في أعمال واجتماعات مجلس كنائس الشرق الأوسط، والذى يجمع كافة الأسر المسيحية بالمنطقة كاملة، وحينها اقترح رئيس الطائفة الإنجيلية السابق، الدكتور القس صفوت البياضى، الأمر على البابا شنودة الثالث ورحب بالأمر وهذا ما أكده لنا أيضا القس رفعت فتحي حيث كان حاضرًا هذه الواقعة.. وظل الأمر عالقًا لسنوات عديدة؛ نظرًا لمرض البابا شنودة آنذاك.
عودة الحوار مع الفاتيكان
استكمال مسيرة الحوار مع الفاتيكان كانت أحد أهم المجهودات المسكونية التي قام به البابا تواضروس الثاني، فقد انقطعت علاقة الكنيسة القبطية مع الكاثوليكية لقرون عديدة وذلك بعد انشقاق الكنائس في مجمع خلقيدونية (عام 451 م.)، ليتجدد التواصل مع الفاتيكان من جديد في عهد البابا شنودة الثالث ويسافر لأول مرة في التاريخ إلى الفاتيكان فى زيارة تاريخية تدفع جهود التواصل بين الكنيستين، ووقع البابا شنودة اتفاقًا يقر باتفاق الكنيستين فى العديد من القضايا اللاهوتية التي كانت محل خلاف بينهما، وعاد البابا الى مصر ومعه الرفات يوم ١٠ مايو ١٩٧٣م.
وبعد مرور ٤٠ عاما على هذه الزيارة يكمل البابا تواضروس مسيرة المحبة بزيارته إلى الفاتيكان فى ١٠ مايو ٢٠١٣م، واتفقت الكنيستان على أن يكون يوم 10 مايو من كل عام يومًا للمحبة والصداقة بين الكنيستين، ليرد بعدها البابا فرنسيس بزيارة تايخية أخرى لمصر في ٢٠١٧م وعقد اتفاقا مع البابا تواضروس يؤكد على ما سبق إعلانه، واتفقا على عدم إعادة معمودية كلاهما عند الأخرى، وهى جزئية قوبلت برفض عنيف من قبل الأصوليين في مجمع الكنيسة فتم حذف هذه الفقرة وصدر الاتفاق بدونها.وأخيرًا، عاود البابا تواضروس الثاني زيارته إلى الفاتيكان في مايو العام الماضي محتفلًا بمرور 50 عامًا على عودة العلاقات بين الكنيستين في عام 1973م بعد لقاء البابا شنوده الثالث بابا الكنيسة الـ 117 بالبابا بولس السادس بابا الفاتيكان، وأيضًا بمناسبة الذكرى العاشرة على لقاء البابا تواضروس الثاني والبابا فرانسيس في الفاتيكان.
قالت النائبة الدكتورة عايدة نصيف أمين سر لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ورئيس قسم العلوم الإنسانية بكلية العلوم اللاهوتية بالأنبا رويس، في تصريحات خاص لـ«البـوابـة نيوز» إن الحوار المسكوني بين الكنائس، بقيادة قداسة البابا تواضروس الثاني، شهد تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث يعكس هذا الحوار رغبة متزايدة في تحقيق الوحدة المسيحية وإزالة الحواجز التاريخية التي طالما فصلت بين الكنائس.
وأضافت "نصيف" أن تعزيز الحوار كان واحدا من أهم نتائج الحوار المسكوني وهو تفعيل النقاشات بين الكنائس، لا سيما فيما يتعلق بالمفاهيم الكنسية الرئيسية. هذه النقاشات أتاحت مساحة أكبر للفهم المتبادل، وقلصت من الفجوة الفكرية بين الكنائس، إلى جانب الحوارات الرسمية، ساهمت اللقاءات المسكونية في بناء علاقات شخصية وثيقة بين القادة الدينيين من مختلف الكنائس، مؤكدة على أن هذه العلاقات كانت حجر الزاوية لتعزيز الثقة المتبادلة، مما يسهم في التخفيف من التوترات التاريخية، وأود أن أؤكد أن قداسة البابا تواضروس الثاني لعب دورًا محوريًا في هذا الجانب، حيث سعى بشكل دائم إلى تهيئة بيئة من الانفتاح والحوار البناء.
واستطردت" نصيف" الحوار المسكوني لم يقتصر على النقاشات اللاهوتية فحسب، بل امتد أيضًا إلى مجالات التعاون العملي، خاصة في القضايا الاجتماعية والإنسانية. فقد تم الاتفاق على ضرورة توحيد الجهود المسيحية في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والإيمانية، واللاجئين، وحماية البيئة. هذه الخطوات العملية تعزز دور الكنائس في المجتمعات المحلية، وتساهم في تعزيز رسالة المسيحية كدين يدعو إلى العدالة والسلام.
وأشارت "نصيف" إلى أن أحد أهم المخرجات التي يمكن اعتبارها إنجازًا في الحوار المسكوني هو تعزيز فكرة "الوحدة في التنوع". فقد بات هناك فهم أكبر بأن الكنائس، على الرغم من اختلافاتها الطقسية واللاهوتية، تشترك في الأسس الإيمانية. هذه الفكرة تساعد في تعزيز الاحترام المتبادل وتشجيع العمل المشترك دون الحاجة إلى فرض تطابق كامل بين الكنائس.
واختتمت النائبة الدكتورة عايدة على أن الحوار المسكوني بين الكنائس بقيادة البابا تواضروس الثاني يُعدّ خطوة هامة نحو تحقيق وحدة مسيحية أكبر، وبالرغم من التحديات التي لا تزال تواجه هذه الجهود، إلا أن التقدم المحرز يُظهر أن الأمل في الوحدة المسيحية ليس بعيد المنال، الحوار المستمر وتعاون الكنائس في مواجهة التحديات المعاصرة يؤكدان أن الأمل في الوحدة المسيحية ليس ببعيد.
ومن جانبه يقول القس رفعت فكري رئيس مجلس الحوار والعلاقات المسكونية بالكنيسة الإنجيلية، أمين عام مشارك بمجلس كنائس الشرق الأوسط لـ«البـوابـة نيوز»: في الحقيقة البابا تواضروس الثاني هو بابا المحبة وهو يساعد على ترسيخ المحبة بين الكنائس المختلفة، وهذا يظهر بشكل واضح في مشاركته بمجلس كنائس مصر ومجلس كنائس الشرق الأوسط، فهو يدعم المحبة ويرحب بجميع الكنائس، فالبابا مؤمن بالعمل المسكوني قولًا وفعلًا.
وتابع: قداسة البابا يعتاد على إلقاء كلمة محبة في مجلسي مصر والشرق الأوسط، وفي الأعياد يحرص على زيارة الكنائس الأخرى ويُعيد عليهم ويزوره الجميع كذلك، وفي الحقيقة كل هذه المواقف تحسب للبابا تواضروس.
وأشار "فكري" إلى أن التقارب موجود منذ زمن وكان الراحل البابا شنودة أحد رؤساء مجلس كنائس الشرق الأوسط والبابا شنودة هو من بدأ فكرة مجلس كنائس مصر قبل وفاته.
وأوضح: بالطبع هناك هجوم يواجهه البابا تواضروس، فالبعض لا يحب الوحدة وضد العمل المسكوني ولذلك يشن أولئك عليه هجوما وهو هجوم غير موضوعي، ويحمل أحقادا شخصية، يظهر ذلك بشكل واضح بهجوم بعض الشخصيات عليه، وللأسف أولئك محسوبون ضمن الخدام، وهذا شيء سلبي جدًا، لكن واضح للكل أن البابا تواضروس هو بابا المحبة وبابا السلام، وزيارته للفاتيكان ولقائه البابا فرانسيس هو أكبر دليل على ذلك.
وقدم فكري خالص الشكر لقداسة البابا تواضروس الثاني على رحابة صدره واستنارة عقله واتساع فكره وانفتاحه على العمل المسكوني.
ومن جانبه يقول الباحث جرجس حنا، تمهيدي ماجستير بقسم العلاقات الكنسية والمسكونية بمعهد الدراسات القبطية في تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز»: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إحدي الكنائس الرائدة في العمل المسكوني، فمنذ بداية الحركة المسكونية في ثلاثينيات القرن الماضي، كان للكنيسة القبطية حضور بقوة وبشكل خاص، فقد انتدب البابا يؤانس التاسع عشر، القمص إبراهيم لوقا لحضور مؤتمري لجنة "إيمان وعمل" و"إيمان ونظام" في أوكسفورد وأدنبرة عام ١٩٣٧م، وكان حضوره مميزًا حيث قدم ورقة بحثية عن إيمان وتاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والتي نالت إعجاب الحاضرين من الكنائس الأخرى، ولقد كان لهاتين اللجنتين دور أساسي في تأسيس مجلس الكنائس العالمي.
وأضاف من المصادفة الرائعة أنه ستقوم لجنة "إيمان ونظام" بعقد احتفالية بمناسبة مرور ١٧ قرنا علي انعقاد مجمع نيقية في مصر العام القادم بمركز لوغوس بدير الأنبا بيشوي- مصر تحت رعاية البابا تواضروس الثاني.
وتابع توالت الأحداث المسكونية فيما بعد وتم اختيار القمص إبراهيم لوقا عضوا دائما في لجنة إيمان ونظام وعند تأسيس مجلس الكنائس العالمي انتدبه البابا يوساب الثاني ليمون ممثلا عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ثم جاء من بعده الراحل الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والعلاقات المسكونية والذي صار على نهج القمص إبراهيم لوقا وكان له حضور مميز في المحافل المسكونية وتميز بالعلاقات الكنسية المتسعة مع كنائس العالم. وليأتي بعد ذلك البابا شنودة الثالث الذي أحدث طفرة غير مسبوقة في مجال العلاقات المسكونية، حيث كان دائمًا يحرص علي حضور المؤتمرات المسكونية أو ينتدب من ينوب عنه، وقد تم اختيار قداسته كأحد رؤساء مجلس الكنائس العالمي في إحدي دوراته وأيضا كان رئيسا لمجلس كنائس الشرق الأوسط، بالإضافة الي العلاقات التي كانت تربط البابا شنودة بالكثير من رؤساء الكنائس في العالم، وكانت زيارته إلى الفاتيكان إحدي الأحداث المهمة في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وبداية لحوار المحبة والسلام بين الكنيستين، وكان البابا شنودة أول بابا سكندري قبطي يقوم بزيارة الكنائس المسيحية في العالم، وإقامة علاقات مسكونية معها، بل زار أيضا الكنائس غير الشقيقة معنا في الإيمان وهو الذي كسر قاعدة أن البابا القبطي السكندري يزار ولا يزور.
وأكمل: ليأتي قداسة البابا تواضروس الثاني ليكمل هذه المسيرة المتميزة، حيث في عهد قداسته كانت كلمة المحبة هي السراج الذي صار علي دربه في هذا المجال، فكون قداسته إرثا عظيما من العلاقات الكنسية بيت المسيحيين في كل العالم لا نستطيع أن نغفل عنه قط.
وأكد حنا: كان يجب أن يعود الصوت الأرثوذكسي من جديد صوتًا واحدًا يجلجل صداه في كل ربوع المسكونية في مجال الحوار اللاهوتي الأرثوذكسي- الأرثوذكسي الشرقي، فهى صوت حق يصرخ في برية هذا العالم ولتمتع قداسة البابا تواضروس الثاني بعلاقات قوية مع رؤساء الكنائس الأرثوذكسية في العالم، طلب قداسته أن يتم استئناف لجنة الحوار اللاهوتي الأرثوذكسي الشرقي- الأرثوذكسي، والتي توقفت منذ ما يقرب من ٣١ عاما، فاستجاب رؤساء الكنائس الأرثوذكسية في العالم من العائلتين لهذا النداء من بابا الإسكندرية، موضحًا أنه كان غالبية الكنائس الأرثوذكسية من العائلتين ممثلين في هذا الحوار بشكل ملحوظ وأنه كانت النتائج مبشرة وتحمل أملا كبيرا أن يكون هناك في المستقبل وحدة أرثوذكسية كاملة بين العائلتين. وفي الحقيقة شخصية البابا تواضروس الثاني الكاريزماتية المتفردة، جعلته رجلًا مسكونيًا من الطراز الأول، فهو الذي جمع بين الأصالة القبطية الأرثوذكسية وإيمان كنيستنا العريق وشخصية الإنسان الذي يسعي الي بناء جسور المحبة والسلام مع الآخر وأن يظهر ذلك من خلال إيمان كنيسته التي أؤتمن عليها ليكون أبًا وراعيا.
وأوضح "حنا" رؤيته حول تساؤلنا عن الانتقادات التي توجه للبابا من قبل الأصوليين الرافضين لهذا العمل المسكوني، بقوله: بابا الإسكندرية له ثقل مسكوني روحاني كبير؛ فالكرسي المرقسي هو الثاني في المسكونية فإن الجالس على كرسي الإسكندرية يجب أن يكون لديه علاقات متسعة مع الكنائس الأخرى، نحن نعيش في عالم الانفتاح والميديا المتنوعة، وبالتالي يجب أن تراعي الكنسية القبطية هذا الأمر بصورة مسيحية أرثوذكسية، نظهر من خلالها عظمة ومكانة كنيستنا.
واختتم الباحث جرجس حنا كلمته موضحًا: الآن تواجد الكنيسة القبطية في كل مكان في العالم وسط ثقافات وأفكار وجنسيات مختلفة، وبالتالي يجب أن يكون بطريرك وبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لديه علاقات متميزة وقوية مع الكنائس المسيحية الأخرى.
الباحث جرجس حنا
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مجلس كنائس مصر كنائس مصر المسكونية البابا تواضروس الثاني البروتستانت الارثوذكس الكاثوليك الفاتيكان البابا شنودة الثالث البابا فرنسيس العلاقات المسكونية الكنيسة الإنجيلية مجلس كنائس الشرق الاوسط الکنیسة القبطیة الأرثوذکسیة قداسة البابا تواضروس الثانی مجلس کنائس الشرق الأوسط مجلس الکنائس العالمی مجلس کنائس مصر إلى الفاتیکان رؤساء الکنائس کنائس العالم البابا شنودة بین الکنائس الکنائس فی فی العالم الثانی فی أن یکون شنودة ا فی هذا إلى أن مجمع ا یجب أن
إقرأ أيضاً:
اللقاء الإنساني يواصل أعماله لليوم الثاني بصنعاء
الثورة نت /..
اعتبر وكيل قطاع التعاون الدولي بوزارة الخارجية والمغتربين السفير اسماعيل المتوكل، انعقاد اللقاء الإنساني بصنعاء، خطوة نوعية نحو شراكة إنسانية أكثر نضجاً واحتراماً للإنسان وكرامته وبداية لمسار إنساني أكثر تأثيراً.
جاء ذلك في كلمة ألقاها السفير المتوكل في افتتاح جلسات اليوم الثاني من أعمال اللقاء الإنساني الموسع، الذي ينظمه قطاع التعاون الدولي بوزارة الخارجية والمغتربين تحت شعار “تنسيق – تعاون – ثقة”.
وجددّ التأكيد على التزام الحكومة اليمنية بتوفير أقصى درجات الدعم لتسهيل أعمال المنظمات الدولية والمحلية، مؤكداً أن أبواب قطاع التعاون الدولي في الوزارة مفتوحة للتشاور والتقويم والبناء المشترك وأن القطاع سيبقى شريكاً موثوقاً على الدوام.
وعدّ وكيل قطاع التعاون الدولي بوزارة الخارجية، استمرار انعقاد اللقاء، إضافة نوعية لمسار العمل الإنساني في اليمن، ويعكس حرصاً مشتركًا على تجاوز التحديات وتعزيز التكامل والتنسيق بما يحقق الأثر الإنساني المرجو ويصون كرامة الإنسان.
وقال: “لقاؤنا ليس فعالية عابرة، بل محطة مهمة نجدّد التزامنا المشترك بالمسؤولية الإنسانية ونعيد فيها بناء جسور الحوار والتكامل بين الدولة وشركائها في العمل الإنساني”، مؤكداً أن اليمن شهد خلال أكثر من عقد من الزمن ظروفًا معقدة من العدوان وإثارة النزاعات الداخلية وتجنيد المرتزقة وحصار اقتصادي وتدهور مستمر في الأوضاع المعيشية.
وأضاف “وبالرغم من كل ذلك، ظل شعبنا متمسكاً بالأمل وكان للمنظمات الدولية دور كبير لا يُنكر في تخفيف المعاناة وإن كان الأمل أكبر من الواقع”، مبيناً أن قطاع التعاون الدولي بوزارة الخارجية بذل منذ نهاية سبتمبر 2024م، حتى منتصف يوليو الجاري، جهداً مؤسسياً واضحاً في تسهيل عمل المنظمات الدولية وتهيئة بيئة داعمة ترتكز على المرونة والشفافية وتكامل الأدوار.
وأفاد السفير المتوكل، بأن التسهيلات التي قدّمها القطاع شملت إعداد ومصادقة عشرات الاتفاقيات الفرعية وإصدار المئات من التصاريح لحركة العاملين والمواد وتسهيل إصدار التأشيرات والإقامات والدعم اللوجستي واعتماد آلية التنسيق القانوني من خلال إدارة الحماية والدعم القانوني في القطاع.
وتحدث عمّا رافق تلك الجهود من حرص على احترام الأطر القانونية وحماية استقلالية العمل الإنساني دون المساس بالسيادة الوطنية أو اختلال التوازن المؤسسي، حيث كانت التسهيلات نابعة من الإيمان بأن نجاح العمل الإنساني لا يقوم إلا على التعاون والاحترام المتبادل والشراكة القائمة على الوضوح والثقة.
كما أكد الوكيل المتوكل، أن المرحلة الحالية تشهد تحديات غير مسبوقة وأبرزها قرار أمين عام الأمم المتحدة بإيقاف المشاريع التنموية في المحافظات الشمالية، والذي أدى إلى توقف الكثير من مشاريع المنظمات الدولية والخدمات الأساسية ومعاناة آلاف المواطنين.
وبين أن قرار تعليق مشاريع الأمم المتحدة في محافظة صعدة تسبب في أزمة إنسانية إضافية في اليمن وتدهور الوضع الصحي وزيادة حالات سوء التغذية، وانخفاض حاد في التمويلات المخصصة لخطة الاستجابة الإنسانية 2025م، رغم تصاعد الاحتياج.
ولفت إلى أن من أهم التحديات التي يشهدها اليمن حالياً عدم التزام بعض المنظمات الدولية بالاتفاقيات الأساسية والفرعية، ووصول الحال ببعضها لمحاولة التماهي مع المسار العدائي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الشعب اليمني ومسار العمل الإنساني في العالم بأسره.
وعبر وكيل قطاع التعاون الدولي بوزارة الخارجية، عن الأسف لإقدام عدد من المنظمات الدولية على مغادرة اليمن وإغلاق مكاتبها في المحافظات الشمالية بالرغم من استمرار احتياج الناس وتصاعد المعاناة، وكان لافتًا أن يتم ذلك عقب إعلان اليمن مساندة غزة ودعم القضية الفلسطينية، ما يشير إلى طبيعة سياسية لتلك القرارات التي تتنافى مع مبادئ العمل الإنساني.
وأوضح أن ما نشهده اليوم من معاناة إنسانية في اليمن، يقابله صمت دولي حكومي مماثل لما يحدث في فلسطين وغزة من إبادة وقتل مستمر للسكان مع استمرار استهداف الاحتلال الصهيوني للمستشفيات والمدارس والمنازل وحرمان السكان من أبسط حقوقهم واستمرار الحصار والتجويع الممنهج، مؤكدًا أن موقف اليمن كان واضحاً في دعم القضية الفلسطينية منطلقًا من إيمانه بأن الكرامة الإنسانية لا تتجزأ والسكوت عن الظلم تفريط في العدالة.
وأشار السفير إسماعيل المتوكل، إلى أن الهدف من اللقاء تعزيز التقارب والتقييم والمشاركة في صياغة مخرجات واقعية تترجم مبدأ العمل معاً من أجل الإنسان وشعار “تنسيق – تعاون – ثقة”، والاستماع للعروض المقدمة من أبرز المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن ومن الكتل القطاعية، واستعراض الإنجازات وتحليل المعوقات وصياغة الحلول المشتركة.
من جهتها أكدت ممثلة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن “أوتشا” روزاريا برونو، أهمية انعقاد اللقاء لتدارس التحديات التي تواجه مسار العمل الإنساني في اليمن من أجل التغلب عليها خلال الفترة المقبلة.
وأشارت إلى أن اليمن يعاني من أزمات إنسانية كبيرة، مبينًة أن ملايين اليمنيين يحتاجون للمساعدات والدعم، إلا أن الانخفاض الكبير في الدعم تسبب في مأساة إنسانية.
وقالت “لم يتم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سوى 14 بالمائة وتبقى المنظمات مسؤولة في تقديم الدعم والتمويلات لإنقاذ الحياة في اليمن، وهذا يحتاج لإيجاد بيئة ممكنة وملائمة لإنقاذ حياة ملايين اليمنيين”.
وشددت روزاريا برونو على ضرورة احترام قانون العمل الإنساني، مضيفة “نُدرك تمامًا أن المدنيين هم من يدفعون الثمن بصورة أكبر”.
وعبرت عن التفاؤل بانعقاد اللقاء الإنساني الموسع، بمشاركة السلطات الحكومية وممثلي المنظمات الدولية والمحلية الإنسانية، مضيفة “وبينما أتحدث اليوم، يعاني سكان إحدى مخيمات النازحين في حجة من ارتفاع حالات سوء التغذية، والكثير من عمال العمل الإنساني يقومون بدورهم في الاستجابة الإنسانية”.
كما أكدت ممثلة “أوتشا”، أن الأمن الغذائي في اليمن يسوء بصورة أكبر والتوقع أن يسوء خلال الأشهر المقبلة، ما يتطلب تكامل الأدوار لخدمة المجتمعات الإنسانية، منوهة بالتسهيلات التي يقدّمها قطاع التعاون الدولي بوزارة الخارجية من أجل التغلب على بعض التحديات والتعاون بكل حرية وانفتاح، وبشفافية.
فيما عبرت رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن كرستين شيبولا، عن الشكر والتقدير لقيادة وزارة الخارجية على التسهيلات المقدمة للمنظمات الدولية العاملة في اليمن، لتحقيق مسار العمل الإنساني.
وقالت: “حضور اللجنة الدولية للصليب الأحمر على مستوى كبير في العالم، بما فيها اليمن التي تتواجد فيها منذ ستينيات القرن الماضي، لتقديم حالات الدعم الإنساني”، مشيرة إلى مدى التنسيق والتعاون بين الهلال الأحمر اليمني واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتطرقت شيبولا إلى الشراكة مع الهلال الأحمر اليمني والتحرك الكبير والتواجد في أكثر من مكان يحتاج لتقديم المساعدات للفئات الأكثر احتياجاً، مبينة أن عمل اللجنة يقوم على الاستقلالية والحياد، وهي مبادئ مهمة يحترمها الجميع بشكل كامل.
وعرّجت على القانون الدولي الإنساني في تحقيق الاستجابة الإنسانية الطارئة، مؤكدة أن اللجنة خاطبت مختلف العواصم المهمة بشأن مراكز الإيواء وإصلاحيات السجون، ومنها مركز إيواء اللاجئين في صعدة الذي تعرض لضربات جوية، أسفرت عن قتل وجرح عدد كبير من اللاجئين.
ودعت رئيسة بعثة اللجنة الدولية، إلى عدم استهداف المدنيين والعمل على حمايتهم والتركيز على تلبية احتياجاتهم وفقًا للقانون الدولي الإنساني، مستعرضة أبرز الأنشطة التي نفذتها اللجنة انطلاقًا من استشعارها بالمسؤولية في تقديم المساعدات اللازمة.
وأكدت أهمية التركيز على أولويات متطلبات الفئات الأكثر ضعفًا وتأثيرًا واحتياجًا، لتلبية الاستجابة الإنسانية، وتقديم الخدمات وتنفيذ المشاريع التي تصب في خدمة المجتمع المحلي.
وخلال الجلسة الافتتاحية عُرض فلاش إنساني حول العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة وكل فلسطين والعدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، وما يرتكبه كيان العدو من جرائم إبادة جماعية وتجويع ممنهج على سكان قطاع غزة منذ نحو 22 شهرًا.
وقدّم وليد الجبر من قطاع التعاون الدولي بوزارة الخارجية، عرضًا شاملًا عن القطاع “تنسيق – تعاون”، وأبرز التسهيلات المقدمة للمنظمات الدولية خلال الفترة من أكتوبر 2024م حتى يوليو 2025م، بما فيها منح أربعة آلاف و 40 ترخيصاً للعاملين في المنظمات الدولية.
وتطرق إلى الإجراءات والمهام المنفذة للتغلب على التحديات، وأبرزها التنسيق بين المنظمات والجهات الحكومية لضمان تنفيذ المشاريع الإنسانية والتنموية وضمان الوصول الإنساني الآمن للمنظمات إلى المناطق المستهدفة لتنفيذ مشاريعها، مقدّمًا عرضًا تحليلياً لتمويلات خطة الاستجابة الإنسانية خلال الفترة 2019- 2025م.
وتناول في سياق العرض، أهداف ومهام إدارة الحماية والدعم القانوني، بقطاع التعاون الدولي، وكذا الأهداف الفرعية لرفع الوعي القانوني لموظفي المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في الجمهورية اليمنية وتقديم الدعم والاستشارات القانونية اللازمة لموظفي المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية.
ويناقش اللقاء الإنساني الموسع الذي يستمر ثلاثة أيام، بمشاركة ممثلي المنظمات الأممية والدولية والمحلية والوزارات المعنية، محاور وعروض لعدد من الوزارات والقطاعات والمنظمات “لتعزيز تنسيق جهود العمل الإنساني في اليمن ومناقشة التحديات وتداعيات انخفاض التمويلات”.