تحذيرات من جر جيش الاحتلال لحرب استنزاف مدمرة.. تضاؤل الآمال في تحقيق تقدم بمفاوضات وقف الحرب في غزة
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
تراوح مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة مكانها، بسبب العراقيل التي يضعها رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، كلما اقتربت فرصة لوقف العدوان وتبادل الأسرى، كظاهرة مستمرة منذ بداية جولات المفاوضات، التي جرت على مدار عام.
رغم تحذيرات متكررة من خبراء عسكريين إسرائيليين بشأن مرحلة حرب الاستنزاف التي يواجهها جيش الاحتلال، ومطالبتهم باستثمار الإنجازات المحققة في غزة لتجنب المزيد من الخسائر، تظل أصوات المتطرفين في حكومة نتنياهو هي «الأعلى» مما يتماشى مع رغبته في استمرار العدوان لأهداف شخصية، خوفا على مستقبله السياسي.
جولة المفاوضات الأخيرة عانت من نفس مصير سابقتها، حتى المبادرة المصرية التى تدعم الوقف المؤقت لإطلاق النار لمدة أيام، يتم خلالها تبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية، تليها مفاوضات لوقف دائم وإجلاء كامل للجيش الإسرائيلي من غزة، لكن رغم الترحيب الأولي بالمبادرة التى حركت حالة الجمود، فإن حكومة إسرائيلية وضعت عراقيل وشروطًا يصعب الموافقة عليها.
أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر قدمت اقتراحًا لوقف إطلاق النار لفترة محدودة، يشمل الإفراج عن أربعة محتجزين إسرائيليين مقابل عدد من السجناء الفلسطينيين وإدخال مساعدات إنسانية، يتبع ذلك استئناف المفاوضات خلال عشرة أيام لتحويل الهدنة إلى دائمة.
رغم الترحيب بالمقترح المصري في الأوساط السياسية الإسرائيلية، فإن رئيس الوزراء نتنياهو أعرب عن اعتراضاته، خاصة أنه جاء بعد شهرين من الجمود في المفاوضات. ورغم اعتبار المحلل رفيف دروكر أن الصفقة عبقرية، فقد رفض نتنياهو تمريرها. ويأتي هذا الاقتراح وسط ظروف إنسانية قاسية، حيث أسفرت الحرب عن أكثر من 143 ألف شهيد وجريح فلسطيني.
كشف القيادي في حركة حماس، سامي أبو زهري، عن بوادر فشل جديدة في المفاوضات الجارية حاليًا، والتي بدأت قبل أكثر من أسبوع بلقاءات في القاهرة بين قادة الوفود المشاركة والوسطاء، تلتها لقاءات في الدوحة، وأن حركته معنية بوقف المحارق والإبادة الجماعية في قطاع غزة، مؤكدا التعاطى بإيجابية للتوصل إلى اتفاق لوقف المجازر، دون أن ندير ظهورنا لأي اتفاق.
وقال أبو زهري (في تصريحات صحفية معممة): هدفنا هو وقف دائم لإطلاق النار، مع التركيز على الانسحاب وإبرام صفقة تبادل عادلة وعودة النازحين. الجانب الأمريكي يسعى إلى اتفاق شكلي فقط بشأن غزة، وبما أننا نرغب في صفقة تبادل عادلة وعودة النازحين، فلا يمكننا تسليم الاحتلال أسراه بينما يواصل قتل أبناء شعبنا. نعتقد أن الاحتلال غير جاهز لإبرام اتفاق حقيقي حتى الآن.
نقلت وسائل إعلام عن أحد قياديي حماس أن الحركة تلقت أفكارًا من مصر وقطر بشأن هدنة لفترة محدودة، وزيادة المساعدات، وتبادل جزئي للأسرى. لكنه أكد أن هذه المقترحات لا تعالج احتياجات الشعب الفلسطيني للأمن والإغاثة والإعمار، ولا تتضمن فتح المعابر، خصوصًا معبر رفح. كما أشار إلى أن المقترحات لا تشمل وقفًا دائمًا للعدوان، أو انسحاب الاحتلال من قطاع غزة، أو عودة النازحين ورفع الحصار، دون اعتراض من الحركة على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، مع توفير مقومات الحياة، وإعادة الإعمار، وتحقيق تبادل يخفف المعاناة عن الأسرى الفلسطينيين.
على الجانب الآخر، وقف الجناح المتطرف في حكومة نتنياهو، ممثلاً بوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسئيل سموتريتش، اللذين رفضا وقف إطلاق النار حتى لو ليوم واحد، مطالبين بمزيد من الضغط العسكري على قطاع غزة والمقاومة، وفي المقابل، تسعى الإدارة الأمريكية الحالية جاهدة لتحقيق أي تقدم في المفاوضات، خصوصًا مع وجود عدد من الأمريكيين ذوي الجنسيات المزدوجة بين المحتجزين.
ترى الإدارة أن إحراز تقدم في هذا الملف قد يُعزز موقف مرشحة الحزب الديمقراطي، التي تواجه منافسة شديدة من مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، المدعوم من نتنياهو، والذي يأمل في فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة غدًا الثلاثاء، فيما روجت إسرائيل لفكرة أن رحيل قائد حماس، يحيى السنوار، سيفتح الطريق لمفاوضات سهلة مع فصائل المقاومة الفلسطينية، ولكن الحركة تمسكت بنفس شروط السنوار في المفاوضات، ورفضت أي تنازلات عما التزمت به سابقًا.
يشير محللون إسرائيليون إلى أن الجيش الإسرائيلي دخل مرحلة تآكل الإنجازات، وأن فشل المفاوضات سيزيد من هذا التآكل. فالإنجازات التي حققها الجيش على الأرض لا يمكن تعزيزها، ولا يمكن تحقيق أهداف كبرى جديدة. ما يحدث حاليًا هو حرب استنزاف للجيش الإسرائيلي، ومن المرجح أن يؤدي الاستمرار في الحرب إلى مزيد من الخسائر.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار بنيامين نتنياهو مفاوضات تبادل الأسرى وقف العدوان مفاوضات وقف إطلاق النار رئيس حكومة إسرائيل استمرار العدوان فی المفاوضات قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تحقيق إسرائيلي: إعدام ميداني لأخوين فلسطينيين خلال مداهمة في نابلس
كشف مركز "بتسيلم" الحقوقي الإسرائيلي في تحقيق موسع انتهاكات خطيرة ارتكبتها قوّات الجيش الإسرائيلي خلال مداهمة طويلة لمنطقة البلدة القديمة في نابلس، رصدت اقتحام منازل واعتقال عشرات الفلسطينيين والاعتداء على مدنيين، وصولا إلى تنفيذ عمليات إعدام ميدانية بحق الأخوين نضال وخالد عميرة، ومنع الطواقم الطبية من تقديم الإسعاف لهما رغم إصابتهما.
وداهمت قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي وحرس الحدود وجهاز الأمن العام الشاباك عند الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الثلاثاء 10 حزيران/يونيو منطقة البلدة القديمة في نابلس، بعدما اقتحم أفرادها عدة منازل واعتقلوا عشرات الفلسطينيين بغرض استجوابهم.
وبدأ السكان منذ ساعات الصباح بمغادرة الحي بحثا عن الأمان، نتيجة الانتشار الكثيف للقوات وخشيتهم على حياتهم في ظل تكرار حالات استشهاد مدنيين خلال المداهمات العسكرية لمدن ومخيمات فلسطينية، ووصل مُسعفون بعد ساعتين إلى الحي لمساعدة عائلة قطب التي أرادت المغادرة، فيما كان صحفيون يوثقون ما يجري.
وعند طرف الحي، أوقف جنود الاحتلال أربعة شبان من العائلة في زقاق مجاور، بينما خرج باقي أفراد العائلة وظل المُسعفون والصحفيون ينتظرون عند مدخل الشارع.
وذكر التحقيق أنّ نضال عميرة (40 عاماً) وأخاه خالد عميرة (35 عاماً) قدما في ذلك الوقت إلى الحيّ لمساعدة عائلة أخرى حاولت المغادرة خشية من العملية العسكرية، موضحا أن نضال كان ضابطا في أجهزة السلطة الفلسطينية، لكن وجوده في المكان لم يكن ضمن مهامه ولم يكن مسلحا.
وصور الصحفيون شريط فيديو وهم يقفون عند طرف الشارع وثق تقدم نضال، مرتديا قميصا أبيض، نحو مجموعة من الجنود ببطء رافعا يديه الخاليتين.
وتوقف على بعد بضعة أمتار ورفع قميصه بناء على طلبهم، فيما أشارت إفادات شهود عيان أدلوا بها لبتسيلم إلى أن أحد الجنود طلب منه أيضا خلع سرواله، لكنه رفض، ويظهر الفيديو أن نضال تقدم خطوة واحدة باتجاه الجنود، ليقفز ثلاثة منهم عليه وينهالوا عليه ضربا.
وحاول خالد عميرة، الذي كان يرتدي أيضا قميصا أبيض، مع عدد من المسعفين الاقتراب من المكان.
ويظهر التوثيق أحد الجنود وهو يصوب سلاحه نحوهم، بينما تراجع المسعفون قليلا فيما واصل خالد التقدم ويداه ممدودتان، وتسمع بعد ذلك ست طلقات، تظهر إحداها وهي تصيب الأرض قرب رجلي خالد، وأخرى تصيب الحائط المجاور، فيما أصابت شظايا أحد المسعفين ومصورا.
وواصل الجنود في الوقت نفسه ضرب نضال، بينما حاول حماية نفسه ومقاومتهم، وأمسك جنود آخرون بخالد وجروه إلى زقاق مجاور حيث كان الشبان الأربعة من عائلة قطب محتجزين.
وحاول الجنود طرح خالد أرضا داخل الزقاق، فيما حاول أحدهم خنقه، وتسمع من داخل الزقاق طلقتان، ثم جرى سحب نضال إلى مدخل الزقاق وهو يقاوم، وفي تلك اللحظة، يسمع إطلاق رصاص كثيف يرافقه غبار متصاعد من داخل الزقاق خارج نطاق الكاميرا، ما أدى إلى إصابة نضال وأحد الجنود على الأقل.
وظهر في الفيديو أن نضال أفلت من الجنود وهو يعرج محاولا الابتعاد، لكنه واجه طريقا مسدودا بواسطة جنديين على الأقل، ويُظهر التحليل الجنائي الذي أجرته بتسيلم وإيندِكس أن جنديا كان يقف على مسافة قريبة أطلق النار على ظهره فأوقعه أرضا.
وكشف التحقيق أن الجندي نفسه اتجه بعد إطلاق النار على نضال نحو المكان الذي كان فيه جندي آخر يثبت خالد على الأرض، ليعدمه بإطلاق النار على رأسه من مسافة صفر.
ووقف مسعفي الهلال الأحمر على مسافة قصيرة من موقع الحادثة طوال الوقت، وحاولوا الاقتراب لتقديم العلاج للأخوين عميرة، إلا أن الجنود أبعدوهم مهددين بالسلاح، ويبين التوثيق أن نضال كان لا يزال على قيد الحياة في تلك المرحلة، وربما كان إنقاذه ممكنا لولا منع العلاج عنه.
وفي تلك الأثناء، وصلت مركبات عسكرية إضافية، وشرع الجنود في تفريق الحضور باستخدام الرصاص الحي والقنابل الصوتية.
واعتدى الجنود، بعد إبعاد المصورين والمسعفين، على الشبان الأربعة من عائلة قطب، ووجهوا فوهات بنادقهم نحو رؤوسهم وحطموا هواتفهم، ثم كبلوا أيديهم وغطوا رؤوسهم واقتادوهم إلى دكان ملابس مجاور، واحتجزوهم حتى نحو الساعة 17:00 قبل إطلاق سراحهم تباعا.
ونقل الشبان الأربعة بسيارة إسعاف إلى أحد مستشفيات المدينة، حيث شخص الأطباء كسورا في الأضلاع لدى اثنين منهم.
وقال المركز الحقوقي إن المداهمة العسكرية لمنطقة البلدة القديمة في نابلس استمرت نحو 30 ساعة حتى صباح اليوم التالي، داهم خلالها أفراد القوّات مئات المنازل واعتقلوا نحو 10 فلسطينيين.
ووفقا لبيان جيش الاحتلال، فقد أطلقت النار على الأخوين عميرة "أثناء فحص مشبوهين" حين "حاولا خطف سلاح أحد المقاتلين"، ما أدى إلى إفلات رصاصات أصابت أربعة جنود بجراح متفاوتة، أحدهم بجراح متوسطة والباقون بجراح طفيفة، ليرد الجنود بإطلاق النار ويقتلونهما.
مع ذلك، يوضح التحليل الجنائي وإفادات الشهود لبتسيلم أن ما جرى تضمن إعدام خالد عميرة بإطلاق رصاصة مباشرة على رأسه بينما كان مثبتاً على الأرض وغير قادر على تشكيل أي خطر، فيما أصيب نضال برصاصة أُطلقت على ظهره من مسافة قصيرة بعدما كان مصاباً في رجله ويواجه جنوداً يعترضون طريقه، دون أن يشكل أي تهديد.
ويظهر التوثيق أيضا أن الجنود هم من هاجموا الأخوين، ورغم محاولة الجيش إلصاق لقب "مخرّبين" بهما، إلا أن التوثيق لم يُظهر أي تعمّد من جانب الأخوين للدخول في صدام مع الجنود، كما يثبت أن المسعفين مُنعوا بعد إطلاق النار من الاقتراب منهما أو فحص إمكانية تقديم علاج قد ينقذ حياتهما.