تعتيق الأثاث.. مصريات يُتقن العودة بالأثاث إلى الماضي
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
قطع أثاث عادية وجديدة وأيضا لامعة، هدف رائع للبعض، لكنها ليست كذلك لآخرين يحملونها إلى ورش متخصصة في "تعتيق الأثاث" أي منحه مظهرا قديما مع لمسات كلاسيكية "فينتاج" كي يحمل عبقا ولو بصورة اصطناعية، حالة امتدت لبقية الديكورات، واللوحات، والأواني وحتى الملابس وغير ذلك من التفاصيل التي تحمل الجو العام من الحاضر إلى الماضي، وهو ما استرعى اهتمام كثيرين ليس فقط من المستهلكين، ولكن أيضا من الفنانين الذين راحوا يقدمون المزيد من الورش حول فن "التعتيق".
يبحث كثيرون عن قطع الأثاث والديكور العتيقة، ذات المظهر القديم، بل المتهالك في بعض الأحيان، مسألة يتم ربطها بما لتلك القطع من طابع ساحر، ومظهر كلاسيكي محبب، وبينما يدفع البعض مبالغ ضخمة لشراء القطع القديمة بالفعل، تلك التي مر عليها عشرات السنوات، يلجأ آخرون إلى تعتيق الأثاث الحديث عن عمد.
سهير كامل، سيدة مصرية خمسينية، قررت أخيرا تغيير مظهر بيتها بالكامل إلى المظهر الكلاسيكي العتيق، هكذا راحت تبحث عن طريقة لتعتيق ما لديها من أثاث، بحيث يبدو مظهره أقدم وأكثر أصالة، وتقول للجزيرة نت "يمنحني المظهر العتيق لقطع الأثاث شعورا بمقاومة الزمن، والصمود في وجه السنوات، كما أن الأثاث العتيق يجعل من كل قطعة في المنزل تحفة فنية بذاتها، لكن هذا ليس كل شيء، فالمسألة تتعلق بالعاطفة، أو لنقل النوستالجيا لأزمان جميلة مضت، كانت عامرة بالجمال والرقي، كما أنني أظن أن الأثاث العتيق يمنح المنزل مظهرا أكثر أناقة مما يفعل الأثاث الحديث".
تشير أبحاث أن تفضيل الأثاث العتيق يعود بشكل ما إلى أسباب نفسية أيضا، أهمها الشعور بالأصالة والتفرد، ولأنه يشبه بشكل ما أثاث الأجداد، وما كان يمثله من جودة ومتانة، وعراقة، وانتماء إلى زمان ومكان بعينه.
ولعل يتم استغلاله في بعض الأحيان بطرق غير متوقعة كما جرى في المملكة المتحدة، حين اشترى تاجر مكتبا عاديا بقيمة 2500 جنيه إسترليني ليعمل على تعتيقه، ويخرجه عقب 6 أشهر فقط على أنه مكتب من القرن الـ18، ويبيعه بأكثر من مليون جنيه إسترليني، لم يكن صعبا عليهم العثور على زبائن مفتونين بالأثاث العتيق، حتى إن تحذيرات سرت قبل أكثر من عام في المملكة للفت الأنظار إلى ما يقوم به التجار والمرممون من خلال خداع المهتمين، وبيع القطع "المعتقة يدويا" على أنها قد عتيقة بالفعل.
هكذا يتم تعتيق الأثاث الجديديعلم زبائن المصرية هايدي حسين، التي اشتهرت بورشتها المتخصصة في تعتيق الأثاث الحديث، أنها واحدة من القلائل الذين اختاروا التخصص في هذا المجال على مستوى الجمهورية، هكذا يأتيها الناس بقطع جديدة كي تقوم بتعتيقها، ومنحها طابعا كلاسيكيا مميزا، صحيح أنها تخرجت في كلية الآداب، إلا أن عشقها للفنون جعلها تتعمق في تعلم المزيد حول الديكورات، والفنون حتى استقرت على فن التعتيق.
تقول للجزيرة نت "التعتيق هو تحويل قطعة جديدة إلى قطعة قديمة تحمل علامات الزمان، بدأت نشاطي بالتزامن مع جائحة كورونا عام 2019، كانت البداية مع دورات تدريبية في فن الديكوباج، لكنه لم يستهوني، لذا قررت دراسة كيفية التعتيق، مع فنان إيطالي شهير، ثم لاحقا مع مدرب فرنسي، عبر الإنترنت، واكتشفت أن التعتيق يتم باستخدام المواد ذاتها التي استخدمها قدماء المصريين في الرسم، حيث يتم التعتيق في الأساس باستخدام مادتي التمبرا المصنوعة من بياض البيض، والميلك بينت المصنوع من بروتين اللبن".
وتضيف "ثم قررت التعمق أكثر في الأمر، فسافرت إلى روسيا حيث حصلت على كورس إضافي في فن التعتيق، وصرت الآن إلى جانب عملي في تعتيق الأثاث الجديد، وخاصة غرف السفرة، والقطع المتفرقة كالبايو مثلا، أقوم بتدريب المزيد من الفنانين والمهتمين بتعلم التعتيق".
تعزي هايدي الاهتمام المتزايد باقتناء القطع العتيقة إلى حالة من الحنين إلى الماضي، وتوضح "هذا هو الفن الأكثر ارتباطا بالحنين إلى الماضي، والذي يمس الناس ويحرك مشاعرهم، ويذكرهم ببيوت الجدات، وهدوء العصور القديمة، وأيام كانت تحمل الكثير من راحة البال، هذا ما يحبه الناس وهذا ما أحبه أيضا، فالمسألة بالنسبة لي عمل أكثر منها مهنة، أتأمل القطع وأتساءل كيف سيكون شكلها في النهاية، يتطلب الأمر كثيرا من الطبقات والجهد والتركيز حتى أستطيع الوصول إلى مظهر وإحساس ينتمي إلى زمان مضى".
لم يعد الأمر يتعلق بالأثاث وحسب، فاقتناء أثاث كلاسيكي يتبعه سلسلة من عمليات الشراء والاقتناء العديدة اللاحقة، النيش الكلاسيكي يلزمه أطقم تقديم تنتمي إلى الطراز ذاته، والأثاث الفينتاج يتطلب مفارش وقطع إكسسوار تحمل الطابع العتيق، الأمر الذي فتح الباب لخيال العديد من الفنانين والفنانات لإشباع ذلك الاحتياج، من بينهم المصرية مروة بوادي، والتي تقوم بإضفاء طابع عتيق للمزيد من القطع، سواء كانت ملابس أو إكسسوارا، وتتخصص في رسم الورود بطريقة مميزة.
وتذكر للجزيرة نت "تعد الورود جزءا أساسيا من ذاكرة الأثاث والديكور العتيق، فالورود كانت الرمز الرئيسي للجمال والزينة، هكذا كانت تحمل كل أغراض الأجداد ورودا، الجدران، المفارش، الملابس، حتى أواني الطعام" الشابة التي تخرجت في كلية الفنون التطبيقية، أرادت تطبيق الفن في صورة أغراض عملية يمكن استخدامها يوميا، وتقول "أرسم على الملابس، والحقائب، والأواني، والمفروشات، والأثاث، وأي شيء، باستخدام المواد المناسبة، وقد لاحظت حالة ميل إلى الأغراض العتيقة، حيث إن بعضا من التفاصيل البسيطة تضفي طابعا أكثر قيمة وجمالا للأشياء".
ترى مروة أن الميزة الأبرز لحالة الولع بالأثاث العتيق، ليس فقط فيما يحمله من عراقة، ولكن أيضا في قيم الاستدامة والحفاظ على البيئة التي يقدمها بشكل غير مباشر، وتضيف "الميل إلى تعتيق الأشياء يسمح بتجديد الأغراض القديمة بدلا من الاستغناء عنها، وهنا يأتي دوري في الرسم وإضفاء الطابع العتيق، عبر معالجات ودهانات معينة، حالة الحنين إلى الماضي تزداد ومعها محاولات استبقاء الأغراض القديمة والتمسك بها مع تجديدها بطريقة مبتكرة، حقائب، أكواب، أطباق، ملابس، مفارش، وغير ذلك الكثير".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إلى الماضی
إقرأ أيضاً:
ارتفاع معدل جرائم القتل المروعة في صنعاء خلال يوليو الماضي
تصاعدت وتيرة الجرائم الدموية في العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، في مشهد يعكس انهياراً غير مسبوق للمنظومة الأمنية والقانونية، وتفكك الضوابط المجتمعية، وسط توسع رقعة الفقر وانتشار عصابات الإجرام.
وخلال شهر يوليو الماضي فقط، شهدت صنعاء سلسلة من الجرائم الوحشية التي هزّت الشارع اليمني، في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية وحرمان الموظفين من رواتبهم للعام العاشر على التوالي، ما أسهم في تفشي الفوضى والسطو المسلح والاتجار بالبشر.
أحدث الجرائم تمثلت في مقتل مسن سبعيني يدعى الحاج قاسم ملهي، مساء أول من أمس، في حي شيراتون، على يد طليق ابنته مراد أحمد يحيى الجلة، الذي تربص به عقب خروجه من مسجد الأمير الصنعاني بعد صلاة العشاء.
وبحسب مصادر محلية، فقد باغت الجاني الضحية داخل العمارة التي يقطنها، وطعنه في خاصرته، قبل أن ينهال عليه بطعنات متفرقة في جسده، بينها عينه ورقبته، ثم أقدم على ذبحه بطريقة وحشية على خلفية خلافات أسرية، ليغادر المكان والدماء تغطي ملابسه.
جريمة أخرى صادمة أودت بحياة الشاب أحمد منصور السلطان، الذي اختفى لأيام قبل أن تُكشف تفاصيل مقتله على يد عصابة مكوّنة من ستة أشخاص. الجناة وهم أصدقاؤه استدرجوه إلى منزل أحدهم، ثم أقدموا على قتله وفصل رأسه عن جسده، ودفن الرأس في حي "العشاش"، واليد في "البليلي"، فيما صبوا الخرسانة على بقية الجثمان داخل منزل أحد القتلة. وتشير التحقيقات الأولية إلى أن الجريمة ارتُكبت بدافع السرقة.
كما شهدت صنعاء مطلع يوليو الماضي جريمة مروعة أُعدم فيها الشاب أمجد جمال الهمداني (18 عاماً) غدراً برصاصة في صدره أطلقها صديقه المقرّب، على متن سيارته، والذي استدرجه بحجة تقديم "الفزعة"، قبل أن يتخلص من جثته برميها في مكب نفايات بمنطقة الأزرقين شمال صنعاء.
وفي الأسبوع الأول من يوليو، هزت العاصمة حادثتان تقشعر لهما الأبدان: الأولى حين عُثر في حي الفليحي على أشلاء فتاة مجهولة الهوية، بعد أن قطعها القاتل إبراهيم شريم، ووزع أوصالها بين مجاري الصرف وبيت مهجور، بعد استدراجها وقتلها بوحشية بذريعه تقديمه مبالغ مالية لزوجها السجين.
وقبل أن يفيق الناس من هول الصدمة، اكتُشفت جريمة ثانية في حي بيت الوشاح قرب المطار، حيث وُجدت طفلة تبلغ (12 عاماً) مقطعة الأوصال داخل كيس بلاستيكي، بعد أن حمل كلب إحدى قدميها في فمه، في مشهد صادم أعاد التذكير بمدى الانهيار الأمني الذي تعيشه صنعاء.
وتزايدت في الآونة الأخيرة معدلات الجريمة المروعة في صنعاء والمناطق الخاصعة بقوة السلاح تحت سيطرة ميليشيا الحوثي، في ظل انفلات أمني غير مسبوق وتراخي الحوثيين عن ضبط الجناة وإنفاذ القانون، الأمر الذي فاقم من حالة الرعب المجتمعي.