صحف أوروبية: هكذا يغير فوز ترامب قواعد اللعبة لحلفاء أميركا
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
"نتيجة مزلزلة" و"كارثة وجودية للديمقراطيين"، هكذا خرجت أبرز عناوين الصحف الأوروبية اليوم الأربعاء في تحليلها لفوز المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في السباق إلى البيت الأبيض.
وكتبت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن "ترامب لديه تفويض لإصلاح الولايات المتحدة بطريقة راديكالية للغاية.
واعتبرت الصحيفة أنه لو انسحب الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن "قبل 6 أشهر، لكان لدى الديمقراطيين وقت أطول لاختيار مرشح أفضل من هاريس، التي أظهرت أداء يمكن وصفه -في أحسن الأحوال- بأنه متواضع عندما انتقل البحث إلى الاقتصاد، وهو موضوع بذلت قصارى جهدها لتجنبه".
ومن جانبها، رأت صحيفة تايمز البريطانية أن "الحزب الديمقراطي أخطأ في تقدير الفارق في الحماسة (بين أنصار الحزبين المتنافسين) وبالغ في تقدير موقفه على الأرض. ويبدو أن هذه الثقة بحماسة النساء لصالح هاريس كانت في غير محلها"، مذكّرة "بأن وضعا مماثلا حدث مع هيلاري كلينتون عام 2016".
ورأت تلغراف، وهي صحيفة بريطانية أخرى، أن "كامالا هاريس قادت أسوأ حملة رئاسية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث"، قائلة إن "نائبة الرئيس لا يمكنها أن تلوم إلا نفسها". وأشارت إلى أن "العرض الذي قدّمته للشعب الأميركي كان فارغ المضمون تماما، وقام على أساس أي شخص إلا ترامب".
وفي فرنسا، وصفت صحيفة لوموند ترامب -في افتتاحيتها- بأنه "عائد إلى السلطة مدفوعا بغريزته السياسية ورغبته في الانتقام"، معتبرة أن "الملياردير الجمهوري حقق عودة تاريخية إلى القضايا التاريخية في سن 78 عاما، رغم انتكاساته القانونية وطروحاته المتهورة".
أما في إسبانيا، فكتبت صحيفة إلباييس اليسارية أن فوز ترامب مرده إلى "طريقة عدوانية وذكورية خالية من العقد في التفاعل مع الآخرين، تحل فيها الإهانات الفظة أو الألقاب الجارحة محل الحجج"، وأضافت أن "الفائز هو الوحش الموجود داخلنا جميعا".
ورأت الصحيفة أن ترامب "نجح في تحديد هذه الغرائز الأساسية، وتمثيلها في شخصه، وتغذية تعطشه للانتقام، وتوليد أقوى آلة من المعتقدات والمعلومات والمشاعر الكاذبة في تعبئة انتخابية غير مسبوقة".
رهان محفوف بالمخاطر
كتبت صحيفة "تريبون دو جنيف" السويسرية في افتتاحيتها أنه "بسبب ضياعهم في خليط التقدمية المنفتحة على كل الاتجاهات، بما يشمل الفئات الأكثر تجذرا في الأقليات أو الأكثر طائفية، خسر الديمقراطيون الاشتراكيون، بالمعنى الواسع للمصطلح، ما كان سبب قوتهم: أي الشعبية".
كما اعتبرت صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ" اليومية الناطقة بالألمانية في سويسرا أن "الأميركيين قاموا برهان محفوف بالمخاطر بانتخاب دونالد ترامب للبيت الأبيض، وهو أمر لا يمكن التنبؤ به".
وأضافت أنه "من المؤكد أن الضوابط والتوازنات التي ينص عليها الدستور الأميركي تنطبق أيضا على ترامب، لكن من المحتمل أن يتجاهلها الجمهوري ويسبب الفوضى في واشنطن وعلى الساحة الدولية".
في بولندا، كتبت صحيفة جيتشوسبوليتا أن "المشكلة الكبرى، من وجهة نظرنا، هي أن أوروبا غير مستعدة تماما لترامب. ليس ثمة زعيم في أوروبا في الوقت الحالي قادر على أخذ زمام المبادرة في المجتمع الغربي (… ) تمر فرنسا وألمانيا بأزمة سياسية خطيرة".
وأضافت "على أوروبا أن تؤدي واجبها بسرعة كبيرة على صعيد قيادة الغرب، قبل أن يتولى المسؤولية شخص مثل (رئيس الوزراء المجري) فيكتور أوربان أو (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين نفسه".
وفي ألمانيا، رأت صحيفة "دير شبيغل" أن "انتصار ترامب يشكل نقطة تحول سياسية، ليس فقط بالنسبة إلى الولايات المتحدة، بل للعالم أجمع أيضا".
وكتبت أنه "من المتوقع حدوث تغييرات هائلة في السياسة الخارجية والأمنية الأميركية، التي من المرجح أن تكون لها تداعيات سلبية، خصوصا بالنسبة للأوروبيين. يرى ترامب العالم بمثابة غابة لا ينطبق فيها إلا قانون الأقوى".
وفي أوكرانيا كتب موقع "كييف بوست" مقال رأي للكاتبة يوليا مينديل رأت فيه أنه مع إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالدراما بشكل متوقع، خصوصا في ما يتعلق بمستقبل أوكرانيا. كان عديد من الخبراء والصحفيين مقتنعين بأن رئاسة دونالد ترامب ستكون كارثة لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن الواقع أكثر هدوءا من هذه الدراما على وسائل التواصل، إذ لم يقدم أي من المرشحين مكسبا واضحا لأوكرانيا.
وتقول الكاتبة إنه بعد متابعتها الدقيقة لحملتي المرشحين، لاحظت أن موقف ترامب الأكثر وضوحا تجاه أوكرانيا كان دعوته إلى "إنهاء الحرب". وفسر كثيرون هذا كدعوة مبطنة للاستسلام، لكن الحقيقة أكثر تعقيدا. هذه الرسالة "تلامس شريحة أقل صخبا من الأوكرانيين– أولئك الذين يعيشون تحت القصف اليومي، الذين تحولت حياتهم إلى دورة مستمرة من الدمار منذ الغزو الروسي الشامل".
واعتبرت الكاتبة أن الدعوات إلى وقف الحرب، ولو مؤقتا، للحفاظ على الأمة غالبا ما يتم رفضها بوصفها ساذجة، خاصة من قبل أولئك البعيدين عن خطوط المواجهة. يجادل المنتقدون بأن "بوتين سيهاجم مرة أخرى". ومع ذلك، يبدو أن هذا المنطق يتطلب منا تبرير الخسائر البشرية الهائلة واحتمالية فناء أوكرانيا بناء على تهديد مستقبلي افتراضي. وقالت إن ذلك مفاده باختصار "نموت الآن لتجنب الموت المحتمل لاحقا".
وترى الكاتبة أن الحل العسكري البحت لم يكن يوما طريقا قابلا لتحقيق النصر لأوكرانيا، حتى مع الدعم المالي والعسكري غير المحدود من الغرب، "لكن علينا مواجهة الحقيقة المؤلمة: تكلفة هذه الحرب تستنزف تدريجيا الأساس الذي تقوم عليه الأمة الأوكرانية".
وفي المقابل، نشرت صحيفة إزفيستيا الروسية مقالا للكاتب الروسي ديمتري سولونيكوف، عالم السياسة ومدير معهد تطوير الدولة المعاصرة، قال فيه إنه من الصعب التنبؤ بخطوات دونالد ترامب المقبلة، ورأى أنه شخص غريب الأطوار وله أحيانا أفكار متناقضة تماما. بناء على خطابه الانتخابي، يمكننا استنتاج أنه سيتبع سياسة عدائية من موقع القوة، من موقع السيد المتحكم في العالم.
ويضيف سولونيكوف أن ترامب سيحاول وقف الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وسيضغط على كلا الجانبين لتحقيق ذلك.
من جانبه، يعتقد دينيس دينيسوف، مدير معهد مبادرات حفظ السلام وعلم الصراعات، وخبير في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، أن ترامب سيركز في المقام الأول على قضايا التوظيف والسياسة الداخلية.
ويقول: "من المنطقي تماما أن لا يهتم بالشؤون الخارجية خلال الأسابيع والأشهر الأولى من توليه. ومع ذلك، سيصبح أكثر نشاطا على الصعيد الخارجي بمرور الوقت. خلال الحملة الانتخابية، أدلى بعدة تصريحات، لكني لا أعتقد أن هناك كثيرا من التغيير في سياسة واشنطن. ستواصل أوكرانيا تلقي الأسلحة والتمويل، كما لا يوجد سبب لانتظار أي مقترحات تفاوضية حقيقية تناسب روسيا. لذلك أعتقد أن الصراع سيستمر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
ظلال الإبادة في غزة تثير جدلا بشأن دور أميركا في صناعة السلام بأفريقيا
يأتي ذلك في ظل سعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لترسيخ سمعتها كصانعة سلام عالمي من خلال إنجازات دبلوماسية متتالية، وكان آخرها اتفاق السلام الذي أشرفت عليه وبوساطة قطرية بين جمهوريتي رواندا والكونغو الديمقراطية، مما يثير تساؤلات بشأن التناقض بين دورها في أفريقيا ومواقفها من الصراع في الشرق الأوسط.
وسلطت حلقة (2025/7/3) من برنامج "من واشنطن" الضوء على أوجه الشبه والاختلاف بين الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في تسعينيات القرن الماضي وما يحدث حاليا في قطاع غزة، حيث تدعم واشنطن إسرائيل علانية، ليس بالمواقف السياسية فحسب، بل وبالسلاح والمال.
الناشط في مجال حقوق الإنسان والناجي من الإبادة الجماعية في رواندا كلود جاتي بوكي رسم في حديثه لـ"من واشنطن" مقارنات صادمة بين المأساتين.
وأكد بوكي أن ما يجري اليوم في غزة مشابه بشكل كبير لما حدث في رواندا، مشيرا إلى القتل العشوائي للناس في غزة والنية الواضحة "لمحو جميع الموجودين هناك أو جزء كبير منهم".
وأوضح أن أوجه الشبه بين الحالتين تشمل عدم وجود رحمة حتى تجاه الأطفال ولا للمصابين والمستشفيات وأماكن العبادة، مؤكدا أن هذه الأمور حدثت في رواندا أيضا.
ولفت الناشط الرواندي إلى تشابه موقف المجتمع الدولي في الحالتين، واصفا إياه بـ"التواطؤ الكامل في الأعمال الوحشية، إما بالصمت أو بتسليح المعتدين".
وانتقد الدعم الأميركي لإسرائيل، مشيرا إلى أن أموال الضرائب تذهب إلى إسرائيل لارتكاب الإبادة الجماعية في غزة.
وكان ترامب قد وقّع قبل أيام على اتفاقية سلام بين جمهورية رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية في البيت الأبيض، منهيا بذلك حربا استمرت نحو 30 عاما وأزهقت ملايين الأرواح في منطقة البحيرات الكبرى بأفريقيا.
وجاءت هذه الخطوة في إطار جهود دبلوماسية متسارعة تهدف إلى ترسيخ سمعة الإدارة الأميركية الجديدة كصانعة سلام عالمي.
إعلانواعتبر ترامب خلال مراسم التوقيع أن هذا الاتفاق يمثل "انتصارا مجيدا لقضية السلام"، مشيرا إلى أن الحرب التي وصفها بأنها "الأكبر على الكوكب منذ الحرب العالمية الثانية" قد قتلت 6 ملايين شخص على الأقل.
وتابع "اليوم ينتهي العنف والدمار، وتبدأ المنطقة بأكملها فصلا جديدا من الأمل والفرص والوئام والازدهار والسلام".
وفي ظل الاختلاف بالموقف الأميركي بين الحالتين في رواندا وغزة أثيرت تساؤلات بشأن التوصيف الحقيقي للإدارة الأميركية الحالية، هل هي صانعة سلام فعل، أم أن الأمر يختلف عندما يكون أحد طرفي الصراع أبرز حليف لها بالعالم.
ومن وجهة نظر المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو فإن ترامب "رئيس يسعى إلى السلام".
لكن هذا التوصيف لا يروق للخبير في شؤون الأمم المتحدة الدكتور عبد الحميد صيام، فترامب شارك في حرب ضد إيران بدون أن يكون هناك عدوان إيراني على الولايات المتحدة، واصفا ذلك بأنه "جريمة عدوان" وفقا للقانون الدولي.
كما أن الولايات المتحدة جزء من حرب غزة منذ اليوم الأول إلى الآن من خلال التسليح والأموال والاستخبارات والطائرات.
لذلك، فإن الامتحان الحقيقي لترامب -بحسب صيام- سيكون في قدرته على إحلال السلام العادل والدائم الذي يعيد إلى الفلسطينيين حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وإيقاف الحرب في أوكرانيا، مؤكدا أن هذا هو المعيار الحقيقي لتقييم إدارة ترامب كإدارة سلام.
الدور القطري
بدوره، تحدّث وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي عن الدور الذي لعبته بلاده في التوصل إلى اتفاق سلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية، حيث عقدت جولات من المباحثات في الدوحة بعد اجتماع ثلاثي ضم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي في مارس/آذار الماضي.
وأشار الوزير القطري إلى أن هذا الاتفاق جاء بعد أيام قليلة من نجاح الوساطة القطرية في التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، مؤكدا أن "النجاح يولّد نجاحات أخرى".
وأعرب عن تفاؤله بإمكانية تطبيق هذا النموذج على ملف غزة، مشددا على أن "وقف الحرب العدوانية على أشقائنا في غزة يتربع على رأس أولويات الدبلوماسية القطرية".
3/7/2025-|آخر تحديث: 22:31 (توقيت مكة)