تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

هل يمكن أن يدخل الناتو فى «بيات شتوى» طويل؟

خيار وحيد أمام القارة الأوروبية: إما الاستيقاظ في وضع مشحون للغاية أو الاضطراب المزمن

دول الاتحاد الأوروبى أثبتت عدم نضجها بعد أن أخرج الأوروبيون رءوسهم من الرمال الدافئة وصرخوا: «أصبحنا وحدنا فى العراء»!

الخوف يتصاعد فى شمال أوروبا.

. ورئيس وزراء السويد: مستعدون لكل السيناريوهات.. ولكن على قارتنا أن تفعل المزيد من أجل سيادتها 

دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية - صورة أرشيفيه

 

كل الدلائل فيما يبدو تشير إلى أن الأوروبيين أثبتوا عدم استعدادهم في مواجهة انتخاب ترامب،. وأثبتت دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة عدم نضجها المأساوي، وعدم قدرتها على الاتفاق على القضايا الكبرى والتحضير لإعادة انتخاب ترامب، على الرغم من أنه كان يمكن التنبؤ به، مما يعيد خلط أوراق العالم.

وفى تحليل متكامل، ترى الكاتبة الفرنسية ماريون فان رينتيرجيم أن زمنًا طويلًا مر منذ أن كان الفيل في الغرفة وكانت النعام تنظر في الاتجاه الآخر أو تدفن رأسها فى الرمال.. حتى جاء 6 نوفمبر 2024، حيث تم الإعلان عن فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الأمريكية، فأخرج الأوروبيون فجأة رءوسهم التي ظلت مغمورة في الرمال الدافئة وصرخوا: «أوه، لكننا جميعًا وحدنا فى العراء»! ومن حولهم الصحراء.. لقد فقد الغرب هيمنته واحتكاراته لصالح دول الجنوب الصاعدة. وتمثل دول البريكس 45% من سكان العالم، كما أن حصتها في الناتج المحلي الإجمالي العالمي أعلى من حصة أوروبا في دول مجموعة السبع. لم يتنبه الأوروبيون إلى أن الهندسة المعمارية للعالم الذي بُني بعد عام 1945 آخذة في التلاشي، والقانون الدولي آخذ في الاختفاء. إن العدوان الكارثي على العراق عام 2003 دون ضوء أخضر من الأمم المتحدة أفقد الولايات المتحدة مصداقيتها على المسرح العالمي، وصدم الأمريكيين الذين تراجعوا تدريجيًا منذ ذلك الحين إلى الانعزالية.

كل الرؤساء سواء

سواء كان اسمه باراك أوباما، أو دونالد ترامب فى ولايته الأولى، أو حتى جو بايدن، فإن الفيل الذي لم يرغب الأوروبيون في رؤيته ظل يحاول إخفاء نفسه منذ فترة طويلة من دون أن يحذرهم.. وتخفى جو بايدن مهندس مدرسة الحرب الباردة فى شكلها الجديد، وراء دعم أوكرانيا، حيث لم تعد أوروبا أولوية بالنسبة للولايات المتحدة. كما كان أوباما قد أعلن بالفعل عن «التوجه نحو آسيا».

ومع إعادة انتخاب دونالد ترامب، المرشد العالمي للقوميين الشعبويين الذي يعلن أن «الاتحاد الأوروبي عدو»، والذي ينوي التفاوض لإنهاء الحرب فى أوكرانيا والذي يهدد بإضعاف التحالف الأطلسي، فإن الولايات المتحدة ستواجه تحديات جديدة.. لقد تضاعف حجم الفيل ثلاث مرات ولم يعد لدى النعامة ما يكفي من الرمال لإخفاء عينيها.

منذ فترة، رأى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون كل شيء على حقيقته، عندما وصف حلف شمال الأطلسي بـ«الميت دماغيًا». وكانت خطاباته في جامعة السوربون في عامي 2017 و2024 أو في براتيسلافا في عام 2023، من بين خطابات أخرى، تؤكد على ضرورة قيام الاتحاد الأوروبي بتأسيس سيادته الاستراتيجية. من المؤكد أن الاتحاد قطع خطوات عملاقة في مواجهة أزمة كوفيد أو من خلال دعمه لأوكرانيا. لكن الأمور ليست على ما يرام فى أوروبا. إن فرنسا، التي أضعفتها ميزانيتها الهشة وبرلمانها الذي لا يمكن السيطرة عليه، لا تملك القدرة على النطق بكلماتها، ولا يملك رئيسها السلطة اللازمة لإسماع صوته. وتضع ألمانيا، القوة الاقتصادية الرائدة، مصالحها التجارية قبل الجغرافيا السياسية، ويتراجع مستشارها أولاف شولتز، الذي أصيب بالشلل بسبب ائتلافه الحكومي الذي انهار رسميًا الآن، إلى الوراء. ويظل اعتماد الدفاع الأوروبي على الولايات المتحدة كاملًا، على الرغم من التحذيرات.

ماكرون وشولتز رعيما أكبر اقتصادين فى أوروبا

لقد أثبتت دول الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين، المقسمة بطبيعتها والتي أفسدتها الموجة القومية الشعبوية، عدم نضجها المأساوي، وعجزها عن الاتفاق على القضايا الكبرى والاستعداد لإعادة انتخاب ترامب، مهما كان متوقعًا. في الوقت الذي يجد فيه الاتحاد الأوروبي نفسه في مواجهة تحديات لم يسبق لها مثيل في تاريخه، فهو محاط من الشرق بالحرب في أوكرانيا، ومن الجنوب بالحرب في الشرق الأوسط. 

وفي بودابست، حيث اجتمع أيضًا زعماء الجماعة السياسية الأوروبية، وهي المنظمة التي من المفترض أن تعزز الروابط بين الاتحاد الأوروبي وأولئك الذين يشاركونه قيمه، كرر إيمانويل ماكرون: «نحن، الأوروبيين، لا يتعين علينا أن نفوض أمننا إلى الأبد للأمريكيين». وحتى دونالد تاسك، أول أنصار الأطلسي، يعترف بأن «عصر التعاقد من الباطن الجيوسياسي قد انتهى».

شمال أوروبا 

وإذا كانت أصوات عديدة بدأت تعلو داخل القارة العجوز لتحذير دول الإتحاد الأوروبى مما هو قادم بعد نجاح الشعبوى ترامب، فإن الخوف يتصاعد بشكل واضح فى شمال أوروبا، ويحاول الزعماء أن يظهروا بمظهر جيد في مواجهة فوز دونالد ترامب.. واحدًا تلو الآخر، هنأوا الرئيس الجمهوري الجديد، لكن وراء هذه الرسائل المهذبة يكمن القلق من رؤية الولايات المتحدة تنسحب من حلف شمال الأطلسي، مما يعرض أمن المنطقة للخطر، وفقًا لرؤيتهم.

على سبيل المثال، فإن ليتوانيا تخصص حاليًا 3.5% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع وستواصل زيادة استثماراتها، وأصبح يسود اعتقاد بأن أوروبا يتعين عليها تنمية عضلاتها الخاصة ولا يمكن أن تظل معتمدة على الولايات المتحدة فقط من أجل أمنها.

نفس القصة في ريجا، حيث تؤكد رئيسة وزراء لاتفيا، إيفيكا سيلينا، أن أولوية بلادها هي الاستمرار في تعزيز العلاقات عبر الأطلسي، كما ترغب في التأكيد على أن لاتفيا تخصص أكثر من 3% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، كما دعت رئيسة الحكومة الإستونية كريستين ميشال، الرئيس المقبل للولايات المتحدة إلى تعزيز العلاقة عبر الأطلسي.

وفي فنلندا، يعتقد رئيس الحكومة المحافظ بيتري أوربو أيضًا أن أوروبا يجب أن تلعب دورًا أكثر أهمية، ولا يجب أن تعتمد كثيرًا على دعم الولايات المتحدة، وحذر على قناة Yle التليفزيونية من أخطار الوضع فى أوروبا، قائلًا: «لقد علمنا التاريخ أنه إذا اتفق الكبار على الآخرين، فإن هذا ليس في مصلحة دولة صغيرة أو مستقلة، ونأمل أن يؤخذ ذلك في الاعتبار بوضوح عند التوصل إلى اتفاق سلام فى أوكرانيا في نهاية المطاف».

قيمة وجودية

وفي مؤتمر صحفي في ستوكهولم، تحدث رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، الذي أكد أن بلاده مستعدة لكل السيناريوهات، بما فى ذلك مخاطر فك الارتباط مع الولايات المتحدة، وشدد على أنه لا يوجد موضوع آخر له مثل هذه القيمة الوجودية بالنسبة لهذا الجزء من العالم، معتقدًا أن أوروبا يجب أن تفعل المزيد من أجل سيادتها. كما أعرب عن قلقه بشأن مخاطر الحمائية المتزايدة من جانب واشنطن، والتي يمكن أن تكون مدمرة للاقتصاد السويدي، الذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات.

ومن جانبهم، شجب زعماء البيئة في الدول الاسكندنافية بالإجماع فوز دونالد ترامب، وأعربوا عن قلقهم بشأن عواقبه على المناخ. وبصوت مخالف، أشاد زعيم اليمين المتطرف السويدي، جيمي أكيسون، بفوز ترامب واعتبره رسالة قوية إلى الغرب.

ويبقى السؤال الذى يردده الأوروبيون: هل فات الأوان؟.. ليس أمام الأوروبيين إلا خيار واحد: فإما أن يستيقظوا في وضع مشحون، أو يتفككوا. إذا لم يشكلوا ركيزة أوروبية لحلف شمال الأطلسي، وإذا لم يصبحوا ذوي سيادة في شئون الدفاع، بما في ذلك النووية، فإن الدول الكبرى في القارة الأوروبية سوف تظل مجرد ألعاب صغيرة في أيدي الأقوياء العالم.. فهل يمكن أن يدخل الناتو فى «بيات شتوى» طويل؟.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي ترامب الأوروبيون الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة دونالد ترامب فی مواجهة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

عاجل. بسبب تدويل الأزمة مع إسرائيل.. الولايات المتحدة تعلن عن عقوبات ضد السلطة الفلسطينية

"بسبب تدويل الأزمة مع إسرائيل".. الولايات المتحدة تعلن عن عقوبات ضد السلطة الفلسطينية اعلان

فرضت الولايات المتحدة الخميس عقوبات على مسؤولين في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينيتين، متهمة إياهما باتخاذ خطوات "لتدويل نزاعهما مع إسرائيل"، بحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية.

كما اتهمتهما واشنطن بـ"مواصلة دعم الإرهاب، بما في ذلك من خلال التحريض على العنف وتمجيده"، مشيرة إلى أن العقوبات تتمثل في رفض منح التأشيرات لأعضاء منظمة التحرير والسلطة الفلسطينيتين.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة أخبار اعلان اعلان اخترنا لك بين خطاب رئيس الجمهورية وتمسّك حزب الله بالسلاح.. هل دخل لبنان مسار المواجهة الداخلية؟ وزير الخارجية السوري عقب لقائه نظيره الروسي في موسكو: لا نية عدوانية لدينا تجاه إسرائيل وسط دعوات حصر السلاح.. ما هي القدرات العسكرية للجيش اللبناني وهل يمكنه مواجهة التهديدات الخارجية؟ "يولكا" في حماية بوتين.. تعرّف على التقنية الروسية الجديدة المضادة لتهديدات الطائرات المسيّرة عاجل. "ضم الضفة قد يُسرّع الاعتراف بفلسطين".. الخارجية الألمانية: إسرائيل تزداد عزلة على الصعيد الدبلوماسي اعلان اعلان الاكثر قراءة 1 بعد إعلان نيتها الاعتراف بدولة فلسطين.. ترامب: خطوة كندا تجعل التوصل إلى اتفاق تجاري معها صعبا جدا 2 شراكة مع مؤسسة إسرائيلية.. الممثل العالمي ليوناردو دي كابريو يستعد لبناء فندق شمال تل أبيب 3 مركز استراتيجي للجيش الأوكراني.. الجيش الروسي يعلن السيطرة على مدينة تشاسيف يار في دونيتسك 4 "اليوم قبل الغد".. الرئيس اللبناني يدعو حزب الله لتسليم سلاحه للجيش ويحذر من حروب الآخرين "العبثية" 5 موجات تسونامي تصل إلى اليابان وهواي عقب زلزال قوي بقوة 8.8 درجة قبالة روسيا اعلان اعلان

Loader Search

ابحث مفاتيح اليوم

إسرائيل روسيا غزة حزب الله الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب لبنان حركة حماس إيران المساعدات الإنسانية ـ إغاثة تسونامي زلزال الموضوعات أوروبا العالم الأعمال Green Next الصحة السفر الثقافة فيديو برامج خدمات مباشر نشرة الأخبار الطقس آخر الأخبار تابعونا تطبيقات تطبيقات التواصل الأدوات والخدمات Africanews عرض المزيد حول يورونيوز الخدمات التجارية الشروط والأحكام سياسة الكوكيز سياسة الخصوصية اتصل العمل في يورونيوز صحفيونا لولوجية الويب: غير متوافق تعديل خيارات ملفات الارتباط تابعونا النشرة الإخبارية حقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

مقالات مشابهة

  • ترامب يجدد التأكيد على اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء
  • 1300 شخص يوميًا.. الولايات المتحدة تُسجل أعلى معدل ترحيل منذ سنوات
  • ترامب: على إيران تغيير نبرة تصريحاتها بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة
  • صراع المال الذي سيشكل مستقبل أوروبا
  • علام اتفق ترامب مع الاتحاد الأوروبي؟ وهل خرج رابحا؟
  • عاجل. بسبب تدويل الأزمة مع إسرائيل.. الولايات المتحدة تعلن عن عقوبات ضد السلطة الفلسطينية
  • رئيس وزراء ماليزيا: ترامب يؤكد حضوره قمة آسيان
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على أكثر من 100 شخص وشركة مرتبطة بإيران
  • بعد البعثة الأممية.. أوروبا تعترف بالرئاسة الجديدة للمجلس الأعلى للدولة
  • ماكرون يقرّ: صفقة ترامب مع الاتحاد الأوروبي أفقدت أوروبا هيبتها