ايران مستعدة لالتعاوناو المواجهة بشأن مستقبل ملفها النووي
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
طهران"أ ف ب": اعتبر وزير الخارجية الإيراني اليوم أن هناك فرصة لمعالجة قضية البرنامج النووي لبلاده عبر الدبلوماسية، لكنها "محدودة".
وصرح عباس عراقجي للتلفزيون الرسمي بعد زيارة لإيران أجراها مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، "لا تزال هناك فرصة للدبلوماسية، رغم أن هذه الفرصة ليست كبيرة جدا.
وزار غروسي الجمعة موقعين نوويين رئيسيين في إيران، في حين يؤكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أنه يسعى لإزالة "أي شكوك أو غموض" بشأن البرنامج النووي لبلاده.
وتعتبر المحادثات في طهران مع مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة، إحدى الفرص الأخيرة للدبلوماسية قبل عودة دونالد ترامب في يناير المقبل إلى البيت الأبيض.
وقال عراقجي إن ملف النووي الإيراني "سيكون في السنة المقبلة حساسا ومعقدا، لكننا جاهزون لمواجهة أي سيناريو وظروف".
وأضاف أن إيران ستكون مستعدة لكل من "المواجهة" أو "التعاون"، وفق المسار الذي يقرر الطرف الآخر اتباعه.
وانتهج ترامب خلال ولايته الأولى بين عامي 2017 و2021 سياسة "ضغوط قصوى" حيال إيران وأعاد فرض عقوبات مشددة عليها أبقت عليها لاحقا إدارة جو بايدن.
وفي العام 2018، أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.
وأبرم الاتفاق النووي بين طهران وست قوى كبرى في العام 2015 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وأتاح رفع عقوبات عن إيران في مقابل تقييد نشاطاتها النووية وضمان سلميتها.
وتنفي طهران أن تكون لديها طموحات كهذه على الصعيد العسكري وتدافع عن حقها بامتلاك برنامج نووي لأغراض مدنية ولا سيما في مجال الطاقة.
وردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، بدأت طهران التراجع تدريجا عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو برنامجها النووي وتوسّعه إلى حد كبير.
ومن أبرز تلك الخطوات رفع مستوى تخصيب اليورانيوم من 3,67 بالمئة، وهو السقف الذي حدّده الاتفاق النووي، إلى 60 بالمئة، وهو مستوى قريب من 90 بالمئة المطلوب لتطوير سلاح ذري.
وتأتي زيارة غروسي قبل مشروع قرار حساس قد تطرحه لندن وبرلين وباريس على مجلس محافظي الوكالة التابعة للأمم المتحدة خلال الشهر الحالي.
وحذّر عراقجي السبت من أنه "إذا تم تبني قرار ضدنا، ستتّخذ إيران تدابير بالمقابل، كما سنتّخذ تدابير جديدة تتصل ببرنامجنا النووي بالتأكيد لن تروق لهم".
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الخميس أن الملياردير إيلون ماسك، حليف ترامب، التقى السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة في محاولة لنزع فتيل التوتر مع طهران.
ونفى عراقجي في مقابلته السبت أن يكون لقاء مماثل قد تم. وقال "لم يكن هناك أي اجتماع بين ممثل إيران وإيلون ماسك. الآن ليس الوقت المناسب لاجتماعات كهذه. ليس هذا من الحكمة، ولا توجد إرادة لذلك".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
خطاب خامنئي.. رسائل لكل الأطراف بشأن الملف النووي وفرصة للاتفاق
طهران- في توقيت بالغ الحساسية بشأن برنامج طهران النووي، حسم المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي موقف بلاده حيال الملف وتخصيب اليورانيوم، مؤكدا رفضه المواقف الأميركية تجاه نووي بلاده كونها تتعارض مع المصالح الوطنية الإيرانية.
وفي خطاب وصف بأنه محمّل بالرموز والرسائل للداخل والخارج، اختار خامنئي الذكرى الـ36 لرحيل سلفه آية الله الخميني لتوجيه رسالة صريحة مفادها أن "لا تنازل عن التخصيب المحلي وأن امتلاك الوقود النووي أصبح واقعا".
وربط -خلال خطابه- الملف النووي بهوية ثورة عام 1979 واستقلالها في اتخاذ القرار، مما يجعل من التراجع عن التخصيب "انتهاكا للمبادئ التي أسسها سلفه الخميني".
التقدم بخطواتجاء خطاب خامنئي بينما تتأرجح المواقف الأميركية بين الرفض القاطع لتخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية وتقديم مخطط يسمح لإيران بمواصلة التخصيب لكن بمستويات منخفضة.
ويأتي أيضا بعد يومين فقط من تسريبات الصحافة الغربية عن "مرونة أميركية محدودة" تجاه تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة داخل إيران، إذ نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية -الثلاثاء- أنه بموجب هذا المقترح ستساعد الولايات المتحدة في بناء مفاعلات نووية للطاقة في إيران.
إعلانكما جاء في المقترح الأميركي أن واشنطن ستتفاوض بشأن إنشاء منشآت للتخصيب يديرها اتحاد يضم دولًا إقليمية، وبمجرد أن تبدأ إيران بالحصول على فوائد من هذه الترتيبات، سيتعين عليها التوقف عن أي تخصيب داخل أراضيها.
ولدى تطرقه إلى المطالب الأميركية في المفاوضات النووية المتواصلة بوساطة عُمانية، ذكّر المرشد الإيراني مسؤولي بلاده بضرورة مقاومة إرادة القوى العظمى وعدم الخضوع لها انطلاقا من التجارب السابقة، مستشهدا بتجربة العقود الماضية حين نقضت واشنطن تعهداتها لتوريد وقود مفاعل طهران للأبحاث الطبية.
ولمن يبرر داخل إيران ضرورة التوصل إلى اتفاق مع الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في المرحلة الراهنة بغية دفع الخطر عن البلاد من جهة والاستفادة من التقنيات النووية الأميركية من جهة أخرى، رد خامنئي بقوله إن "بلاده تمكّنت من امتلاك دورة وقود نووي كاملة"، ليقلل بذلك من أهمية الضغوط الغربية في المفاوضات النووية، ويؤكد أن طهران لم تعد بحاجة لاستيراد الوقود النووي.
وفي حين اعتبر التخصيب بمنزلة "المفتاح للبرنامج النووي" الذي تُدار عليه المعركة بين طهران والجانب الأميركي لما يمثّل من أهمية للسيادة التقنية، وصف خامنئي المطلب الأميركي بتصفير التخصيب على أراضي بلاده بأنه "عبثي"، مجددا موقفه من الخط الأحمر الذي سبق ورفض المساومة عليه.
وفي قراءته لخطاب المرشد الأعلى، يرى السفير الإيراني الأسبق لدى ليبيا جعفر قناد باشي في مواقف خامنئي رسالة مفادها أن البرنامج النووي لم يعد أداة تفاوض مع القوى الغربية، بل تحول إلى رمز سيادي لا رجعة عن مكتسباته التي دفعت إيران فيها ثمنها باهظا.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول قناد باشي إن خطاب المرشد الأعلى رسم خريطة طريق لمفاوضات حكومة الرئيس مسعود بزشكيان مع الإدارة الأميركية، طالب فيها الطرف المقابل بتقديم تنازلات إذا كان راغبا في التوصل إلى اتفاق حول النووي الإيراني بدلا من إصراره على مواقف عبثية لن تجدي نفعا مع إيران، حسب وصفه.
إعلانوتابع أن وصف خامنئي الصناعة النووية بأنها صناعة محورية تسهم في عديد من المجالات العلمية وتدل على الطموح الإيراني في استثمار التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية وعلمية، وعدم النظر إليها بوصفها مولدا للطاقة فحسب.
وتعكس إشارة المرشد أن "المقاومة تعني عدم الاستسلام أمام إرادة القوى الكبرى"، وأن الرؤية الإيرانية ثابتة في مواجهة الضغوط الخارجية، كما يضيف قناد باشي، لافتا إلى أن خامنئي يريد أن تتصرف إيران وفقا لمعتقداتها وأسس استقلالها الوطني.
وخلص إلى أن المرشد خاطب شعبه بالقول إن "الحرف الأول من المطالب الأميركية هو عدم وجود صناعة نووية في إيران"، مما يعكس قلق طهران من الضغوط الغربية التي تهدف إلى تقويض قدرتها النووية.
فرصة لتعزيز الاتفاقفي المقابل، يعتقد محمد علي أبطحي، رئيس مكتب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، أن المسار الدبلوماسي أضحى أقل تعقيدا في ظل مواقف خامنئي صباح هذا اليوم، إذ فتح نافذة جديدة لوضع حد للجدل المتواصل منذ عقود بشأن الملف النووي.
وفي تصريحه للجزيرة نت، يقول أبطحي إن كلمة المرشد اشتملت على خط أحمر واحد بشأن تخصيب اليورانيوم داخل إيران، وإنه إذا تفاعل الجانب الأميركي بإيجابية مع هذ الشرط قد نقترب من التوصل إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني.
وعلى النقيض من قراءة المتحدث السابق، يعتقد أبطحي أن مواقف المرشد إزاء تخصيب اليورانيوم كانت واقعية وموضوعية، إذ شرح أسباب إصرار طهران على التمتع بحقوقها الوطنية في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، وأنه لا نية لديها لعسكرة برنامجها النووي.
ومع اقتراب جولة جديدة من المفاوضات النووية مقررة نهاية الأسبوع الجاري في الشرق الأوسط، يعتقد المتحدث نفسه أن مواقف خامنئي اليوم لن تؤثر سلبا على سير المفاوضات النووية المتواصلة فحسب، بل أخرجت الجدل النووي من الثنائية التي كانت قائمة بين الحصول على السلاح النووي أو الحرب، وركزت على استخداماته السلمية والعلمية.
إعلانورأى أبطحي أن المرشد الأعلى يرفض استمرار عسكرة البرنامج النووي، وأن كلمته اليوم أكدت أنه قد تكون هناك فرصة للتوصل إلى توافق إذا ما تم التعامل مع القضايا بشكل يضمن حقوق إيران في تخصيب اليورانيوم.
ويرى مراقبون في إيران أن النبرة الصلبة في كلمة خامنئي تقلل من احتمالات تقديم تنازلات إيرانية في الجولة القادمة، خاصة في ظل إشارته إلى أن "الرد على أميركا معلوم" وأن إصراره على التخصيب يعكس قناعة طهران بأن واشنطن لم تعد قادرة على حشد تحالف دولي فعّال ضدّ برنامجها النووي.