عُشَّاقُ الشهادة.. كيف نكونُ منهم؟
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
منصور البكالي
مع إطلالةِ الذِّكرى السنوية، على قُلُوبِ العاشقين لنهجِهم، المقتفين أثرَهم، المتاجرين برؤوسِ أموالهم، في أعظم تجارة مربِحة، وعندَ كُـلِّ شُعَاعٍ يسقُطُ بضوئه الساطع على محاورهم وأسواقهم المنتعشة، تتبدَّدُ أمام تجارتهم كلُّ التجارات الأُخرى، بمختلف علاماتها، وأسمائها القابضة والمحدودة، وتصير لا شيء، بل إذَا ما أدخلتها في مجال المقارنة، تنهار أمامها مختلف البورصات، والأسهم والاستثمارات، معلنة الإفلاس.
في المقابل تتمدد تجارتهم وتعلو قيمتها، كسلعة نادرة، ذات جودة وفائدة ومردود للمجتمع البشري ككل، وترتفع بورصة أرباحها، وتعلو أسهمها؛ لتمنح المستثمرين فيها الغنى الذي لا فقر فيه، والحياة المطلقة والخلود الأبدي، والنعيم الدائم، وقبلها الشجاعة والقوة والإرادَة والعزيمة والبأس، والعدل والقسط، والحلول السحرية لكل مشكلات العالمين.
أتدرون ما هي هذه التجارة المتاحة لكل عباد الله؟ لا بأس، لقد فهمتم، نعم، ولكن سنخبركم عمن هم أهلُها؟، وماذا كانت رؤوسُ أموالهم التي استثمروها؟ وكيف حصلوا عليها؟ ومَن يُديرُها؟ وما موقفُهم من الأحداث الجارية اليوم؟ رغم أنهم كانوا معنا ومنا وفينا وبين أظهرنا على المدى القريب.
هم من أخذوا الكتاب بقوة، من قرنائه؛ فعرفوا اللهَ حَقَّ المعرفة، ووثقوا به، وبوعده لهم، حَــقَّ الثقة، واستشعروا مسؤوليتهم، تجاه كُـلّ مفردات وآيات قرآنه، وتوجيهاته وأوامره ونواهيه، الحسية والغيبية، فباعوا منه حياتهم ومماتهم، على الفور، مقدمين بين يديه أرواحَهم وأجسادهم، ودماءَهم الزكية، ومشاعرهم ووجدانهم، وهذا كُـلُّ رأس مالهم؛ في صفقة رابحة لا نظير لها في عالم التجارة، المسؤول عن إدارتها هو الكريم الرحيم، من لا مستشار له ولا ندَّ له، الذي منح عباده المجاهدين الكرامة هنا، والفوز بالفضل العظيم، والنعيم المقيم هناك.
الآن عرفنا من هم بكل تأكيد، إنهم عُشَّاقُ الشهادة، ولكن هل نحن منهم؟
إن كنا كذلك فالمطلوب منا التحَرّك والمسارعة والمبادرة، كما تحَرّكوا وسارعوا وبادروا وجادوا بدمائهم وأرواحهم في سبيل الله، وفق ما وجَّههم به هو، ولم ينظروا إلى الدنيا ومتاعها وزخرفها، ولم يغوِهم الشيطان بمناصبها ورغباتها ومصالحها، ولم يسلِّموا أنفسَهم الغالية لملذاتها وشهواتها المحدودة، بل تحَرّكوا وباعوها منه، وسلَّموه بضاعتَه التي أودعها أمانةً عندهم، وهؤلاء هم من عرفوا قيمة أنفسهم وأرواحهم ودمائهم العزيزة، التي لا يليق بها إلا أن تكونَ بين يدَيه عائدة إليه.
فسخّروها لما خُلقت مِن أجلِه، وباعوها منه، ويقدِّمونها اليوم بكل تسليم ورضا وعِشقٍ وشغفٍ في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا وإيران، وحيثُ أراد لها خالقُها أن تكون، كما قدَّمها أمثالُهم الأولون، تحت رايات أنبيائه ورسله؛ فكانت في رِفقةِ من قال الله عنهم: “وَحَسُنَ أُولئك رَفِيقًا”، ونسألُه أن يجعلَنا وإياكم ممن يقتلون في سبيله، ونحن ندافعُ عن عباده المستضعفين.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
«الإحصاء الفلسطيني»: أكثر من 157 ألف شهيد منذ نكبة 1948
كشف رئيس قسم الديموجرافيا بالجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حاتم قرارية، عن عدد الشهداء الفلسطينيين منذ النكبة عام 1948 حتى اليوم، داخل وخارج فلسطين، حيث بلغ أكثر من 157 ألف شهيد، منهم 57 ألفا في قطاع غزة وحدها، 70% منهم من النساء والأطفال، بواقع 18 ألف طفل وأكثر من 12 ألف امرأة.
وأشار «قرارية» - خلال اتصال هاتفي مع قناة "القاهرة الإخبارية" مساء اليوم الجمعة، إلى أن عدد المفقودين في قطاع غزة تجاوز عددهم 11 ألف مفقود، غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما لا تقل أعداد الضحايا في الضفة الغربية عن ألف شهيد منذ أحداث السابع من أكتوبر، نتيجة التصعيد المتواصل من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأعلن أن عدد سكان غزة انخفض إلى حوالي 2.1 مليون نسمة، في حين بلغ عدد سكان الضفة الغربية نحو 3.4 مليون، ليصبح إجمالي عدد سكان دولة فلسطين حوالي 5.5 مليون نسمة، شارحا أن عدد الفلسطينيين حول العالم في منتصف العام الجاري، بلغ نحو 15.2 مليون نسمة، منهم 7.4 مليون يعيشون في فلسطين التاريخية، و7.8 مليون في الشتات، 6.5 مليون منهم في الدول العربية.
واعتبر أن ما يشهده قطاع غزة من نزوح داخلي واسع النطاق هو الأسوأ في التاريخ الفلسطيني الحديث، حيث اضطر نحو مليوني فلسطيني من أصل 2.2 مليون إلى مغادرة منازلهم، فيما استشهد 203 عمال من الموظفين بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي، يمارس حملة شرسة وممنهجة تستهدف الوجود الفلسطيني، معلنا أن التقديرات السكانية الأخيرة تشير إلى تراجع عدد سكان قطاع غزة بنسبة 10% مقارنة بتوقعات بداية عام 2025، نتيجة ارتفاع أعداد الشهداء والمفقودين، بالاضافة إلى موجات النزوح والهجرة القسرية.
وأكمل مسئول جهاز الإحصاء الفلسطيني أن هذا النزوح يمثل تهديدا مباشرا للهوية الوطنية الفلسطينية، معتبرا أن ما يجري من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي هو محاولة ممنهجة لتفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين.
وأضاف أن الاستيطان الإسرائيلى في الضفة الغربية، والاعتداءات على مخيمات اللاجئين خاصة في جنين وطولكرم، أدى إلى تهجير جماعي واسع، حيث نزح أكثر من 42 ألف فلسطيني من مخيماتهم، بينهم 21 ألفا من مخيم جنين فقط، بما يعادل 30% من سكان المدينة والمخيم.
وتابع، إنه بالرغم من كل محاولات الإبادة والتهجير القسري للشعب الفلسطيني، إلا أنه سوف يظل متمسكا بحقه في أرضه ووطنه ولا توجد قوة في العالم تستطيع انتزاع هذا الحق الأصيل، مطالبا بضرورة التوثيق والتصدي لهذه الجرائم الإسرائيلية وفقا للقوانين والمواثيق الدولية.