العرض العسكري.. دلالات القوة والمنعة
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
عاشت عُمان اليوم يوما آخر من أيامها الماجدة التي يفخر بها العمانيون ويراكمونها فـي سجلاتهم الوطنية التي تتحول إلى نياشين يعلقونها على صدورهم؛ فتزيد جباههم رفعة نحو السماء. وعبّر العمانيون فـي كل مكان عن صادق حبهم وولائهم للوطن وللقائد وتعاهدوا،كما فـي كل عام، على استمرار العطاء من أجل مستقبل أكثر إشراقا وبناء أكثر رسوخا، فـيما أكدت روح الوطن التي تنبض فـي كل مكان أن عُمان باقية على العهد فـي تحقيق التقدم والازدهار فـي كل مسارات الحياة وبناء إنسانها معرفـيا وأخلاقيا وقيميا.
ورغم أن روح الاحتفال ومظاهره كانت فـي كل مكان اليوم، فـي وجوه البشر الباسمة والمستبشرة وفـي الطرقات التي ترفرف بأعلام الوطن وتزدهي حوافها بمنجزاته، وفـي أعماق الناس الذين يفخرون بوطنهم وأمجاده ومساراته الراسخة نحو المستقبل إلا أن الأعين كانت ترنو إلى ميدان العرض العسكري بمعسكر الصمود التابع لقوات السلطان الخاصة حيث كانت ذروة الاحتفال ومركز دلالاته ورمزياته الكبيرة التي جمعت الحاضر بالماضي، جمعت أمجاد عُمان العسكرية عبر التاريخ بمنعتها واستقرارها فـي هذا العهد الزاهر فـي امتداد للقوة وإن اختلفت أدواتها. وفهم هذه الدلالة مهم جدا لفهم سر استقرار عُمان. والعمانيون رغم كل ما حققوه من منجزات ثقافـية وفكرية عبر التاريخ، وما زالوا، إلا أنهم جبلوا على حب العسكرية والنظر إليها باعتبارها الممكِّن الأهم لاستقرار البلاد وتأمين مسارات البناء والتعمير وحماية المكتسبات التي يحققها الوطن بأيدي أبنائه الكرام. وجسدت الوحدات الرمزية لقوات السلطان المسلحة التي شاركت فـي الاستعراض العسكري اليوم روح عُمان التي حافظت على هويتها، وعلى قوة الإرادة التي لا تحدها أي حدود ولا يقف فـي وجهها أي سد مهما كان منيعا. ويمكن هنا أن نستذكر مقولة الفـيلسوف الصيني صن تزو: «القوة ليست فقط فـي السلاح، بل فـي إرادة الشعوب». ولعلّ العمانيين هم خير من يجسد هذه النظرة الفلسفـية الثاقبة، هم شعب يملك إرادة من حديد خاصة فـي لحظة الحقيقة التي تعادل الوجود، وفـي اللحظة التي يكون فـيها عليهم أن يحموا وطنهم ويدافعوا عن مكتسباته. ويعرف العمانيون جيدا لماذا تحتفل بلادهم فـي كل عام فـي عيدها الوطني باستعراض عسكري رغم العدد الكبير من المشاريع التي يعلن عن تدشينها كل عام والتي يصلح أي منها أن يكون هو مركز الاحتفال وذروته لكن العرض العسكري يبقى مجاورا لكل المنجزات وكل المشاريع الكبرى.. وهذا الربط يحمل دلالات ورمزيات واضحة فهي تذكر العمانيين والعالم أن ما وصلت له عُمان من ازدهار ما كان ليكون لولا منعتها التي تصنعها قوة جيشها الذي هو درعها الحصين وحامي مكتسباتها، وتصنعها أيضا إرادة شعبها التي لا تلين أبدا. ومنذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- مقاليد عرش عُمان وعجلة التقدم مستمرة لا تتوقف وفق رؤية واضحة المعالم شارك فـي وضعها أبناء عُمان فـي كل مكان هي اليوم خارطة طريق نحو المستقبل.. وأثبتت السنوات الأربع التي توشك على الاكتمال من عمر رؤية عُمان أن مستهدفاتها تسير من نجاح إلى آخر.. وأن أهم ركيزة من ركائز هذه الرؤية أنها تؤسس لفكرة الاستدامة فـي كل القطاعات: الصحة والتعليم والاقتصاد والتنمية الاجتماعية وكذلك فـي الجوانب المالية فـي لحظة ما زالت غير واضحة المعالم بالنسبة للعالم أجمع. وتسعى سلطنة عُمان لترسيخ مجتمع معرفـي متمسك بقيمه ومبادئه ومنطلق من هُويته الأصيلة، ومثل هذه الرؤية لا تنفصل عن القيم الإنسانية الراسخة فـي وجدان العمانيين مثل قيم العدل والمساواة والتسامح التي تشكل جوهر الاستقرار والتعايش. وبهذا المعنى وبكل هذه القيم التي يشعر بها العمانيون ويستحضرونها فـي عيدهم الوطني كل عام لا يبقى العيد مجرد ذكرى عابرة بل مناسبة تتجدد فـيها الوطنية وتحب التضحية من أجل عمان والتطلع الآمن لمستقبل أكثر إشراقا.. وقد يكون هذا أحد أهم أسرار الفرحة العميقة التي كانت حاضرة اليوم فـي وجوه العمانيين، ومثل تلك الفرحة يعول عليها كثيرا فـي فهم قدرة أي شعب من الشعوب فـي التضحية من أجل وطنه وأمجاده. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فـی کل مکان کل عام
إقرأ أيضاً:
مراسلو الجزيرة: هذه دلالات رفع الراية الحمراء في قم وهذا شكل الرد الإيراني
تتجه الأنظار إلى إيران ورد فعلها على الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق الذي استهدف قادة بارزين وعلماء نوويين ومنشآت إستراتيجية، في وقت قالت فيه وكالة أنباء فارس إن راية الانتقام الحمراء رفعت على قمة مسجد جمكران في قم جنوبي العاصمة الإيرانية.
وفي هذا السياق، قال مدير شبكة الجزيرة في إيران عبد القادر فايز إن هذه الراية للثأر وفق التقليد في المذهب الشيعي الرسمي في البلاد، مؤكدا أن الأمر يحمل دلالات سياسية أيضا.
ورفعت هذه الراية قبل عمليتي "الوعد الصادق 1 و2" التي شنتهما إيران على إسرائيل، وكذلك رفعت بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية وقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني.
ووفق فايز، فإن هذه الراية ترفع عندما تقرر إيران الأخذ بالثأر، واصفا الخطوة بأنها تبقى "رمزية"، بعد استيعاب ما وقع وسد الفراغات التي حدثت في المناصب العسكرية العليا.
أما مراسل الجزيرة في طهران نور الدين الدغير فقال إن العادة جرت على رفع راية الانتقام الحمراء بعد مراسم التشييع والدفن.
لكن إيران لم تنتظر هذه اللحظة -حسب الدغير- وترى الأولوية في تنفيذ عمل عسكري بانتظار الترتيبات العملية على مستوى القيادات والأدوات والآليات.
إعلانوشنت إسرائيل -فجر اليوم الجمعة- ضربات واسعة النطاق على إيران، وقالت إنها استهدفت منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية ومنظومات الدفاع الإيرانية وقادة عسكريين بارزين، مؤكدة أنها "بداية عملية مطولة لمنع طهران من صنع سلاح نووي".
وقال الجيش الإسرائيلي قال إن عشرات المقاتلات نفذت ضربة افتتاحية في قلب إيران، تلتها هجمات وضربات أخرى.
الرد الإيراني
وبناء على ذلك، فإن إيران تذهب باتجاه الاستعداد الكامل للرد، مشيرا إلى أن إرسال طائرات مسيّرة يفهم منه بأنه "إشغال المجال الجوي الإسرائيلي، واختبار مسارات معينة للرد الإيراني"، حسب فايز.
وشدد على أن رد إيران آت ولكن "توقيته ومضمونه ومساراته مسألة تبقى قابلة للنقاش"، إذ توجد الولايات المتحدة كحاجز دفاعي في الطريق، لافتا إلى أن الساعات المقبلة قد تشهد مظاهرات شعبية في البلاد تطالب بالرد على إسرائيل.
ووصف الهجوم الإسرائيلي "بالتهديد الحقيقي والوجودي"، وأنه يعد اختراقا للسيادة الإيرانية، مما يشير إلى استهداف إسرائيلي لمراكز قوة إيران.
ومن ثم، فإن "إيران مطالبة برد واضح وصريح لكي تعدل في موازين القوى والخسائر التي تكبدتها"، وفق فايز.
ولفت إلى أن إيران متعودة على سد الفراغات بشكل سريع على مستوى القيادة، رغم التأثير المعنوي لاغتيالهم، لكنه أشار إلى أن إيران تحدثت سابقا أن لديها سيناريوهات تتعلق بغياب جزء من القادة "لكنه لن يكون مؤثرا على الرد الإيراني في الميدان".
وكشف التلفزيون الإيراني عن تعيين المرشد الإيراني علي خامنئي قائد الجيش عبد الرحيم موسوي رئيسا لهيئة الأركان، واللواء محمد باكبور قائدا عاما للحرس الثوري، واللواء علي شادماني قائدا لمقر خاتم الأنبياء التابع لهيئة الأركان.
وجاءت هذه التعيينات "الدائمة" -حسب فايز- بعد ساعات قليلة من تعيين حبيب الله سياري بالوكالة رئيسا للأركان وأحمد وحيدي قائدا للحرس الثوري بعد اغتيال إسرائيل سلفيهما محمد باقري وحسين سلامي.
إعلان
بدوره، قال مراسل الجزيرة في إيران نور الدين الدغير إن السلطات أغلقت الممر الذي توجد فيه منشأة نطنز النووية ومجمع لتخصيب اليورانيوم تفاديا لأي تلوث بيئي في المنطقة.
ووصف المواقع العسكرية التي استهدفت "بالحيوية"، خاصة المقرات الحدودية الإستراتيجية، إذ تم استهداف مواقع الرادارات ومنظومات الصواريخ والمسيّرات، بما يؤثر على الرصد والمراقبة.
ووفق الدغير، فإن هناك حراكا سريعا داخل هيئة الأركان الإيرانية والمواقع القيادية الأخرى من أجل لملمة تبعات الهجوم الإسرائيلي.
وقال إن الهجوم الإيراني قد يكون "مركبا، ولا يقتصر على المسيّرات والصواريخ الباليستية".
ولفت إلى أن قراءات عسكرية تقول إن إيران "قد تخترق الداخل الإسرائيلي وتربك القدرات العسكرية الإسرائيلية"، مستفيدة من الوثائق التي حصلت عليها مؤخرا بشأن أهداف عسكرية نووية في إسرائيل.