وزير خارجية بريطانيا الأسبق: علينا الإقرار بدور لندن في الانقلاب ضد محمد مصدق
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
16 أغسطس، 2023
بغداد/المسلة الحدث: شدد وزير الخارجية البريطاني الأسبق اللورد ديفيد أوين، خلال ثورة 1979 في إيران، على ضرورة اعتراف بلاده بدورها القيادي في انقلاب عام 1953 الذي أطاح رئيس الوزراء محمد مصدق، وذلك من أجل تعزيز مصداقية بريطانيا ودعم الحركة الإصلاحية في إيران، حسبما أوردت صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وتتزامن هذه الأيام مع الذكرى الـ70 لإسقاط محمد مصدق، وكانت الولايات المتحدة قد رفعت السرية عن وثائق استخباراتية قبل 10 سنوات تشير إلى دور المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بالتعاون مع الاستخبارات البريطانية (إم آي 6).
وقال ديفيد أوين، الذي تولى منصب وزير الخارجية من 1977 إلى 1979، لصحيفة “الغارديان”: هناك أسباب وجيهة للاعتراف بدور المملكة المتحدة مع الولايات المتحدة عام 1953 في الإطاحة بالتطورات الديمقراطية. من خلال الاعتراف بأننا كنا مخطئين في القيام بذلك، وألحقنا الضرر بالخطوات التي كانت تدفع باتجاه إيران ديمقراطية، فإننا نزيد احتمالية نجاح الإصلاحات اليوم”.
وخلال فترة عمل أوين، سقط نظام الشاه الذي كان مدعوماً من أميركا وبريطانيا. وقال أوين للصحيفة في هذا الصدد: «لقد حذرت بشكل علني للغاية على شاشات التلفزيون في خريف عام 1978 من أن حكم الملالي القادم سيكون أسوأ بكثير من حكم الشاه من حيث حقوق الإنسان والسعادة الشخصية». وأضاف: «للأسف، ثبتت صحة ذلك».
وكشف أوين عن تحذيرات وتوصيات وجهها لشاه إيران السابق، وقال في هذا الصدد: أوضحت للشاه أن أسلوب حكمه يجب أن يفسح المجال لإصلاحات ديمقراطية، لكنني كنت أتمنى لو أنني علمت بمرضه الخطير، فكان بإمكاني الضغط عليه قبل ذلك بكثير عام 1978 للبقاء في سويسرا لتلقي العلاج الطبي، والسماح بصعود حكومة أكثر ديمقراطية في إيران.
ويلقي كثيرون باللوم على ثورة 1953 التي أطاحت حكومة مصدق في تعثر مسار الديمقراطية بإيران، سواء في آخر سنوات حكم الشاه، أو في ظل المؤسسة الحاكمة التي تتحكم بمفاصل الحكم على مدى 43 عاماً.
وكانت وكالة “إم آي 6” هي من تولى وضع المخطط الأصلي، الذي حمل اسم “عملية التمهيد”، بعد تولي مصدق رئاسة الوزراء وإصداره قراراً بتأميم شركة النفط البريطانية المهيمنة على البلاد.
ونجح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وينستون تشرشل، في إقناع الرئيس الأميركي حينذاك دوايت أيزنهاور، إطاحة مصدق. وجاءت موافقة أيزنهاور بعد رفض سلفه الرئيس الأميركي هاري ترومان، الذي كان يرى في مصدق حصناً ضد الشيوعية.
وفي ربيع 1953، شرعت سي آي إيه في التخطيط المشترك مع “إم آي 6″، وجرت إعادة تسمية العملية لتصبح «أياكس”.
وعن تأثير تلك الأيام على الأوضاع الحالية في إيران، قال أوين: اليوم، يجري الإنصات إلى واحترام حجج النساء القوية للإصلاح في إيران، لأنها وفية لروح سياسية لها تاريخ طويل داخل إيران.
وأضاف: بمقدور الحكومة البريطانية اليوم دعم قضيتهم، وتعزيز احتمالات نجاحها وعدم إهمالها، إذا اعترفنا بأخطاء سابقة وقعت عام 1953، والأخطاء التي ارتكبتها في الفترة من 1977 إلى 1979.
وقال ريتشارد نورتون تيلور، مؤلف كتاب “دولة السرية”، الذي يتناول الاستخبارات البريطانية ووسائل الإعلام، إنه «من المحزن والسخيف والسلبي حقاً أن تستمر الحكومة البريطانية في الاختباء خلف شعارها العتيق: (لا تؤكد ولا تنفي)، ولا تزال ترفض الاعتراف بالدور الرائد لـ(إم آي 6) في إسقاط مصدق، في وقت جرى كشف الكثير للغاية من الوثائق خلال العديد من السنوات بخصوص الأمر، بما في ذلك وثائق تخص (سي آي إيه)، حسبما أوردت الغارديان.
وليست هذه المرة الأولى التي يطرح فيها دور بريطانيا في أهم حدث سياسي شهدته إيران قبل ثورة 1979، في النصف الثاني من القرن العشرين، ففي صيف 2020، بثت القناة الرابعة في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) فيلماً وثائقياً تحت عنوان “الملكة والانقلاب”، حسبما أوردت قناة «بي بي سي» الفارسية حينها.
وحسب “الوثائقي” الذي استند على الوثائق الأميركية التي رفعت عنها درجة السرية في عام 2017، فإن “خطأ في نقل رسالة دبلوماسية تسبب في نقل السفير الأميركي لوي هندرسون رسالة خاطئة من الملكة إليزابيث إلى محمد رضا شاه بهلوي”.
وتقول الوثائق إن المسؤولين الأميركيين تلقوا رسالة من وزير الخارجية البريطاني إلى نظيره الأميركي، وفسروها عن طريق الخطأ بأنها من الملكة إليزابيث. وكتب في الرسالة: “أعلنت وزارة الخارجية البريطانية، عصر اليوم، تلقي وزير الخارجية البريطاني رسالة من الملكة، تعرب فيها عن قلقها إزاء آخر التطورات المتعلقة بالشاه، وتعرب عن أملها في إقناعه بعدم مغادرة البلاد”.
ونقل السفير الأميركي لوي هندرسون الرسالة التي اعتقد المسؤولون الأميركيون أنها من الملكة البريطانية، وتم نقلها إلى الشاه الذي كان ينوي توديع رئيس الوزراء ومغادرة البلاد، لكن الرسالة دفعته للتراجع. وبعد ذلك بيوم اكتشفت السفارة الأميركية الخطأ في رسالة وزير الخارجية البريطاني لكنها لم ترسل تعديلاً إلى طهران، حسب الرواية التي قدمها الوثائقي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: وزیر الخارجیة البریطانی من الملکة فی إیران إم آی 6
إقرأ أيضاً:
وزير الإعلام المصري الأسبق لـعربي21: الكاميرا يجب أن ترافق البندقية.. والبعض خان فلسطين (شاهد)
أعادت حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خلال العامين الماضيين تشكيل وعي الشعوب العربية والإسلامية، وخلقت تحولا غير مسبوق في الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية، بعدما كشفت مشاهد الإبادة والدمار حجم الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
وفي الوقت نفسه، وضعت هذه الحرب الإعلام العربي والدولي أمام اختبار تاريخي، فبرزت مؤسسات وطاقات إعلامية أدت دورا محوريا في فضح الرواية الإسرائيلية وكشف الزيف، فيما اختارت جهات أخرى الصمت أو الانحياز، لتصبح المعركة الإعلامية جزءا أصيلا من معركة الوجود على أرض فلسطين.
في لقاء خاص مع "عربي21"، قدم وزير الإعلام المصري الأسبق صلاح عبد المقصود قراءة معمقة لدور الإعلام في حرب غزة، وتحليلا لتأثيرها الواسع على وعي الشعوب العربية والعالمية، مؤكدا أن هذه الحرب أعادت تثبيت أن قضية فلسطين ليست مجرد ملف سياسي، بل قضية إنسانية ووجودية تحرك الضمير الحر في كل مكان.
وقال عبد المقصود إن ما جرى في غزة خلال الحرب الأخيرة كشف بوضوح حجم الانقسام داخل المنظومة الإعلامية العربية والدولية، مشيرا إلى أن "جزءا من الإعلام العربي، ومعه مراسلون دوليون أصحاب ضمائر حية، لعبوا دورا حاسما في كشف الحقيقة وفضح الزيف الصهيوني، خاصة الادعاءات التي روجها الاحتلال عن أن المجاهدين قتلوا الأطفال أو اعتقلوا النساء والشيوخ".
وأوضح بعد المقصود أن "الرواية الصهيونية سقطت لأن الإعلام الصادق فضحها بالصورة والحقائق"، مشددا على أن هذا الدور لم يكن بشكل عام، بل كان نتاج جزء من الإعلام العربي "بينما كان هناك أيضا إعلام عربي منبطح، موال للعدو، يطعن الفلسطينيين والمقاومين في ظهورهم ويبرر جرائم الاحتلال".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وتحدث الوزير السابق بتأثر عن الدور الذي أداه الصحفيون في غزة خلال الحرب، قائلا: "أشدّ على أيدي زملائي الإعلاميين، وأترحم على زملاء الصحفيين والمصورين وأطقم العمل الذين ارتقت أرواحهم في غزة وهم يجاهدون بالكاميرا"، مؤكداً أن معركتهم لم تكن أقل قيمة من معركة المقاتلين في الميدان.
وأضاف عبد المقصود أن العديد من المؤسسات الإعلامية "أدت دورها الكامل، ولولاها لما عرف العالم حقيقة ما يجري في فلسطين"، وأضاف: "الحمد لله، هناك كتائب إعلامية أدت دورها، ودورها لا يقل عن المجاهدين في الميدان".
وأكد أن المعركة الإعلامية أصبحت جزءا أصيلا من معركة المقاومة نفسها، قائلا: "لا بد للكاميرا أن ترافق البندقية، ولا بد للقنوات التلفزيونية أن ترافق الخنادق والأنفاق، وإلا فلن نستطيع التغلب على هذا العدو الفاجر الذي يستخدم كل الوسائل ليقضي على مقاومتنا وعلى أهلنا في غزة والضفة والقدس".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
ودعا عبد المقصود إلى تكامل الجهود بين الإعلاميين والمثقفين والفنانين والكتّاب في دعم القضية، قائلا: "هذا واجبنا اليوم، ولا ينبغي أن نتأخر عنه، وإلا لحقنا العار في حياتنا وبعد موتنا".
قضية فلسطين تعيد الأمل وتفضح أوهام التسوية
وفي حديثه عن تأثير الحرب على وعي الشعوب، أكد الوزير الأسبق أن القضية الفلسطينية أثبتت أنها قضية كل عربي ومسلم، وكل إنسان يؤمن بالحرية والعدالة، لافتا إلى أن مشاهد غزة "حركت ضمير العالم".
وقال: "إذا كانت آلمتنا في بلادنا العربية والإسلامية، فقد آلمت أيضا أحرار العالم، وجدنا المظاهرات تتحرك في أوروبا وأمريكا، وتمنع من الخروج للأسف في بعض البلاد العربية".
وأشار إلى أن الحرب الأخيرة أعادت الأمل للشعوب بأن التحرير ممكن، قائلا: "طوفان الأقصى أذل العدو وأظهر أنه نمر من ورق، أثبت أن المقاومة هي الحل ولا يفل الحديد إلا الحديد. هذا عدو لا يعرف إلا لغة القوة".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
فشل المفاوضات ومأزق التطبيع
وفي تقييمه لمسار التسويات السياسية الممتد منذ عقود، قال عبد المقصود إن التجارب أثبتت بلا شك أن هذا الطريق لم يقدم أي نتيجة، مضيفا: "المفاوضات منذ زيارة السادات للقدس عام سبعة وسبعين، ثم كامب ديفيد، ثم مسار التطبيع، ثم الاتفاق الإبراهيمي… كل هذا لم يحقق إلا مزيداً من التوسع الصهيوني، والهيمنة على أرض فلسطين، وتهويد الحجر والشجر والمقدسات".
وختم قائلاً: "لا جدوى من وراء هذه المسارات هذا عدو لا يعرف إلا لغة القوة، ولا حل معه إلا بالمقاومة".